الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنية الخطبة لصلاة الجمعة في وضع القيام
.
قال تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة 11].
• قال السمعاني رحمه الله: " وقوله: {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} لأنه كان يخطب، وفيه دليل على أن السنة أن يخطب قائما ".
(1)
الدراسة:
استنبط السمعاني استنباطًا فقهيًا، وهو القول بسنِّية القيام حال الخطبة، ووجه استنباطه من هذه الآية وصفُ حالِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وقت خطبته بحال القيام، وذلك عندما رأوا الصحابة القافلة التي قدمت للتجارة فتركوا النبي صلى الله عليه وسلم قائما وهو يخطب.
قال ابن العربي: " في هذه الآية دليلٌ على أن الإمام يخطب قائمًا، كذلك كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
(2)
وممن قال بسنية القيام حال الخطبتين من الفقهاء وأهل التفسير: أبو إسحاق
(3)
، والكيا الهراسي، والجصاص، والقرطبي، وابن كثير، وابن جزي، والسيوطي، وغيرهم
(4)
.
(5)
(1)
تفسير السمعاني (5/ 436).
(2)
أحكام القرآن لابن العربي (7/ 349).
(3)
هو: إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد البغدادي المالكي، أبو إسحاق، مفسر مقرئ محدث، فقيه، نشأ ببغداد وولي القضاء بها، ولد سنة 199 هـ، من تصانيفه: أحكام القرآن، والمسند، وكتاب القراءات، توفي سنة 282 هـ، انظر: تذكرة الحفاظ (2/ 149)، ومعجم المؤلفين (2/ 261).
(4)
انظر: أحكام القرآن لأبي إسحاق (1/ 209)، وأحكام القرآن للكيا الهراسي (4/ 416)، وأحكام القرآن للجصاص (5/ 344)، والجامع لأحكام القرآن (18/ 109)، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (8/ 124)، والتسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي (1/ 2387)، والإكليل للسيوطي ص 263.
(5)
وقد أثر أن أول من استراح أثناء الخطبة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وأول من خطب قاعدا معاوية رضي الله عنهما، وقد ثبت أن جلوسهم رضي الله عنهم إنما لكبر سنهم وعجزهم عن القيام وليس استهانة في فعل هذه السنة، بل فيها دليل على عدم الوجوب، لأننا لو قلنا بالوجوب لقام بأداء الخطبة من يستطيع على القيام لعجز من لا يقدر على ذلك. انظر: البحر المحيط لأبي حيان (8/ 265)، وروح المعاني للألوسي (14/ 300).
وقد اشترط الشافعية القيام عند القدرة لصحة الخطبة مستدلين بظاهر الآية من ذكر القيام، والصحيح أن ظاهر الآية ليس فيه دليل على الاشتراط وإنما هو كما ذكر السمعاني والموافقون له بأنه سنة، والمخالف لها مخالف لفعل ما أثر عنه عليه السلام عند أداء هذه الشعيرة الدينية، ولعدم وجود دليل يقتضي الأمر في ذلك، وقد ذكر الإمام أحمد ومالك وأبو حنيفة أنه لا يشترط القيام ولا القعود في الخطبتين، وإنما هو سنة.
(1)
ومما يدل على قيامه عليه السلام عند خطبتيه، ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائما يوم الجمعة).
(2)
وما قد رواه مسلم في صحيحه أيضاً، عن جابر بن سمرة قال:" كانت للنبي صلى الله عليه وسلم خطبتان يجلس بينهما، يقرأ القرآن ويذكر الناس "
(3)
. فدليل جلوسه بين الخطبتين أنه كان قائما، والله أعلم.
(1)
انظر: لباب التأويل (4/ 294)، وروح المعاني (14/ 300).
(2)
أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الجمعة - باب تفسير قوله تعالى (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما) - حديث 863 (2/ 590).
(3)
أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الجمعة - باب ذكر الخطبتين قبل الصلاة وما فيهما من الجلسة - حديث 862 (2/ 589).