الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وممن أشار إلى ذلك من المفسرين أيضا: الماوردي.
(1)
جواز موافقة الهوى للحق
.
قال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [القصص 50]
• قال السمعاني رحمه الله: " وفي الآية دلالة على أنه يجوز أن يكون الهوى
(2)
موافقًا للحق، وإن كان نادرًا ".
(3)
الدراسة:
استنبط السمعاني من تقييد إتباع الهوى المسبب للضلال حال كون الهوى على غير هدى من الله، بأن هذا يدل على أنه قد يكون الهوى أحيانًا موافقًا للحق، لأن الله قيَّد في الآية ونسب الضلال عندما يكون الهوى على غير الهدى، وقد كان استنباط السمعاني بدلالة مفهوم المخالفة من نوع الاشتراط.
(1)
ذكر الماوردي هذا الاستنباط وزاد عليه، قال رحمه الله:" وإنما خص إجابة المضطر لأمرين: أحدهما: لأن رغبته أقوى وسؤاله أخضع، والثاني: لأن إجابته أعم وأعظم لأنها تتضمن كشف بلوى وإسداء نعمى ". النكت والعيون (4/ 222).
(2)
الهوى: ميل النفس إلى الشهوة. ويقال ذلك للنفس المائلة إلى الشهوة، وقيل: سمي بذلك لأنه يهوي بصاحبه في الدنيا إلى كل داهية، وفي الآخرة إلى الهاوية. انظر: مفردات القرآن للراغب الأصفهاني (1/ 849).
(3)
تفسير السمعاني (4/ 146).
الموافقون:
وافق السمعاني بعض المفسرين، على القول بأن سبب تقييد إتباع الهوى بأنه يكون على غير هدى من الله أن في ذلك احتراز في أنه يكون الهوى في بعض الأحيان موافقًا للحق.
قال الألوسي: " وتقييد الإتباع للاحتراز عما يكون فيه هدى منه تعالى فإن الإنسان قد يتبع هواه ويوافق الحق ".
(1)
وممن ذكر ذلك من المفسرين: البيضاوي، والشربيني.
(2)
المخالفون:
خالف السمعاني بعض المفسرين على من قال أنه قد يكون هناك هوى موافقا للحق، وقالوا أن هذا يستحال أبدا، وذكروا بأن ما ورد في الآية من التقييد إنما هو على سبيل التقريع والتشنيع، وإلا فليس ذلك دالا على وجود هوى موافق لهداية الله.
قال أبو السعود: " وتقييد إتباع الهوى بعدم الهدى من الله لزيادة التقريع والإشباع في التشنيع والتضليل وإلا فمقارنته لهدايته تعالى بينة الاستحالة ".
(3)
وممن أشار إلى ذلك وأيده: القرطبي، وابن عاشور.
(4)
(1)
روح المعاني (10/ 300).
(2)
انظر: أنوار التنزيل (4/ 297)، والسراج المنير (3/ 104).
(3)
إرشاد العقل السليم (5/ 237).
(4)
انظر: الجامع لأحكام القرآن (16/ 167)، والتحرير والتنوير (21/ 46)، وروح البيان (6/ 299).
النتيجة:
يخلص الأمر على سلامة استنباط السمعاني بدلالة الآية المستنبط منها هذا الاستنباط، وبما دلت عليه بعض النصوص الشرعية، فالآية تدل على ماهية الحالة التي يكون فيها الهوى ضالا وهو متى ما كان مخالفا للحق والهدى، وأما القائلون بأن الهوى لا يوافق الحق فيرد عليهم بما ورد في الأثر من حديث عبد الله ابن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به)
(1)
. فذلك من أقوى الأدلة على جواز أن يكون الهوى موافقا للحق متى ما كان على هدي الله وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
(1)
الأربعين للطوسي (1/ 51) - باب التشديد في مخالفة السنة، قال عنه ابن رجب حديث حسن صحيح، انظر: جامع العلوم والحكم (1/ 386).