‌تخصيص الأوقات الثلاثة بالاستئذان لتكشف الناس فيها - استنباطات السمعاني في كتابه «تفسير القرآن» ومنهجه فيها

‌

‌تخصيص الأوقات الثلاثة بالاستئذان لتكشف الناس فيها

.

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ} [النور 58]

• قال السمعاني رحمه الله: " خص هذه الأوقات الثلاثة بالأمر بالاستئذان، لأنها أوقات ينكشف فيها الناس، ويبدو منهم ما لا يحبون أن يراه أحد، فإن قبل الفجر ينتبهون من النوم فينكشفون، وعند الظهيرة يلقون ثيابهم ليقيلوا، وبعد العشاء الأخير ينكشفون للنوم، فأمر الله تعالى بالاستئذان في هذه الأوقات الثلاثة لهذا المعنى".

(1)

الدراسة:

استنبط السمعاني من هذه الآية الحكمة من تخصيص وقت ما قبل صلاة الفجر، ووقت الظهيرة، ووقت ما بعد صلاة العشاء دون غيرها حال الاستئذان من الصبيان والعبيد، وذلك لأنها ساعات الخلوة ووضع الثياب، وربما يبدو من الإنسان ما لا يحب أن يراه فيه أحد.

قال البقاعي: " وخص هذه الأوقات لأنها ساعات الخلوة، ووضع الثياب، وأثبت "من" في الموضعين - أي ما بعد صلاة الفجر وبعد صلاة العشاء - دلالة

على قرب الزمن من الوقت المذكور لضبطه، وأسقطها في الأوسط دلالة على استغراقه لأنه غير منضبط - أي وقت الظهيرة - ".

(1)

وممن أشار إلى ذلك من المفسرين: الثعلبي، والكيا الهراسي، وابن العربي، والبغوي، والخازن، وابن جزي، ومحمد أبو زهرة.

(2)

فيتضح بعد ذلك وجاهة وسلامة استنباط السمعاني، والله أعلم.