الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كراهية قتل النمل
.
قال تعالى: {قَالَتْ نَمْلَةٌ يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} [النمل 18]
• قال السمعاني رحمه الله: " وقوله: {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} في الآية دليل على أن النمل يكره قتلها".
(1)
الدراسة:
استنبط السمعاني من اعتذار النملة لسليمان وجنوده حين أخبرت بأحسن ما تقدر عليه بأن سليمان عليه السلام وجنوده لا يشعرون إن حطموكم، ولا يفعلون ذلك عن عمد منهم، ونفيها عنهم تسلطهم عليهم، بأنه ينهى عن قتل النمل. ووجه الاستنباط هنا، أن النملة نفت الجور عن سليمان والعمد على قتلهم ما لو قدر ذلك، بقولها {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} فثبت من ذلك أنه منهي عن قتل النمل لو كانوا يشعرون ويعلمون، وذلك لعدم وجود الأذى من النمل، وإنما كانوا في طريقه عليه السلام.
قال ابن عاشور: " .. وأنها قالت {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} فوسمته وجنده بالصلاح والرأفة وأنهم لا يقتلون ما فيه روح لغير مصلحة، وهذا تنويه برأفته وعدله الشامل بكل مخلوق لا فساد منه أجراه الله على نملة ليعلم شرف العدل ولا يحتقر مواضعه".
(2)
(1)
تفسير السمعاني (4/ 86).
(2)
التحرير والتنوير (19/ 240). وانظر: الكشف والبيان (7/ 198)، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (6/ 188)، والدر المنثور (9/ 77)، وغرائب القرآن (5/ 300).
وقد اتفق العلماء من الفقهاء والمفسرين على عدم جواز قتل النمل لما استنبط من هذه الآية ولما ورد في الصحيح من حديث أبي هريرة: " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل أربع من الدواب: الهدهد، والصرد،
(1)
والنملة، والنحلة
(2)
".
(3)
وذلك النهي يتحقق في حال كون النمل وغيره من الحشرات لم يصدر منها أذى، لكن أجاز العلماء قتل النمل لو كان يبدر منه أذى من قرص أو إتلاف لطعام أو ملابس أو غير ذلك من أنواع الأذى المعروف.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله حينما سئل عن قتل بعض الحشرات وذكر منها النمل فأجاب رحمه الله بقوله: " هذه الحشرات إذا حصل منها الأذى تقتل لكن بغير النار من أنواع المبيدات. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (خمس من الدواب كلهن فواسق يقتلن في الحل والحرم الغراب والحدأة والفأرة والعقرب والكلب العقور)
(4)
يدل على شرعية قتل هذه الأشياء المذكورة وما في معناها من المؤذيات كالنمل والصراصير والبعوض والذباب والسباع دفعا لأذاها، أما إذا
(1)
الصرد: هو طائر ضخم الرأس والمنقار له ريش عظيم نصفه أبيض ونصفه أسود. انظر: عون المعبود (14/ 119). والتيسير بشرح الجامع الصغير للمناوي (2/ 917).
(2)
رواه ابن حبان في صحيحه - كتاب الحظر والإباحة - باب قتل الحيوان وغيره - حديث 5646 (12/ 462)، قال شعيب الأرنؤوط حديث صحيح، انظر: المصدر السابق.
(3)
انظر: شرح السنة للبغوي (12/ 198)، وشرح عمدة الفقه لشيخ الإسلام (3/ 148)، وشرح النووي عل مسلم (14/ 239)، ونيل الأوطار للشوكاني (8/ 199)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (13/ 172)، وأضواء البيان للشنقيطي (1/ 541).
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب ما يقتل المحرم من الدواب، حديث رقم 1731، (2/ 649).
كان النمل لا يؤذي فإنه لا يقتل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل النملة والنحلة والهدهد والصرد، وذلك إذا لم يؤذ شيء منها. أما إذا حصل منه أذى فإنه يلحق بالخمس المذكورة في الحديث. والله ولي التوفيق. "
(1)
يخلص الأمر على سلامة ما استنبطه السمعاني، من كراهة وعدم جواز قتل النمل لنص النهي الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولأن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يجد ما يخالفه، بل ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم يؤيد ذلك ويقويه.
(1)
مجموع فتاوى ابن باز (7/ 145). وقد ذكر هذا الحكم شيخ الإسلام في شرحه لعمدة الفقه (3/ 148)، والقرطبي في تفسيره للآية المستنبط منها (13/ 172).