الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني:
مميزات الاستنباط عند أبي المظفر السمعاني في تفسيره
.
تميز السمعاني في تفسيره بالاهتمام بالاستنباط، يؤيد ذلك ما ذكره رحمه الله من النصوص في كتابه قواطع الأدلة من بيانه أن التفقه هو أصل الاستنباط، ومن ذلك ما ذكره أيضا عند باب إثبات القياس أن للقياس أربعة طرق ثم قال في الطريقة الرابعة وهي الاستدلال بالكتاب والسنة: " قال تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} فأمر بالاعتبار والاستنباط
…
وأما الاستنباط هو استخراج المعنى المودع من النص حتى يبرز ويظهر".
(1)
ومن هذا المنطلق كان السمعاني حريصا على الاستنباط وما أودعته الآية من معاني وحكم، وبهذا كان لاستنباطات السمعاني بعض المميزات، ومن أهم المميزات التي تميزت بها استنباطات السمعاني ما يلي:
- شمولية استنباطاته لجميع الفنون والموضوعات، فتارةً تجد أن استنباطه يختص بعلوم القرآن وبلاغته، وتارةً تجده يختص بالعقيدة أو الأصول، أو الفقه أو التربية والسلوك، أو نحو ذلك.
(2)
- التنوع في طرق الاستنباط وليس ذلك بغريب فهو إمام في الأصول، فقد يستنبط أحيانا بدلالة مفهوم الموافقة، أو المخالفة، أو بدلالة الاقتران أو دلالة الالتزام، ونحو ذلك.
(3)
(1)
قواطع الأدلة (2/ 92).
(2)
انظر: الباب الأول - الفصل الأول - من هذه الرسالة.
(3)
انظر: الباب الأول - الفصل الثالث - من هذه الرسالة.
- سلامة استنباطاته من التلوث العقدي، الذي قد يطرأ على بعض المفسرين خلال استنباطاتهم الفاسدة، بل قد تميزت استنباطات السمعاني العقدية، بالذب والذود عن عقيدة أهل السنة والجماعة، إضافة إلى ردوده القاصمة والقامعة بنصوص القرآن والسنة على القول المخالف من أصحاب البدع والأهواء خصوصاً القدرية والمعتزلة، حتى إنه قد قال عنه الذهبي " تعصب لأهل الحديث والسنة والجماعة، وكان شوكا في أعين المخالفين، وحجة لأهل السنة ".
(1)
- عدم تعصبه في استنباطاته لمذهبه الفقهي الشافعي، أو أي مذهب من المذاهب الفقهية الأخرى.
- أمانته العلمية عند عزوه لبعض الاستنباطات إلى من سبقه، رغم تقدم عصره، وليس في ذلك دلالة على عدم طروِّ الاستنباط له
(2)
.
- تفرد السمعاني وسبقه لبعض الاستنباطات، حتى إنني في كثير من الاستنباطات لم أجد من سبق السمعاني عليها، وإنما وجدت من تبعه عليها
(3)
.
- المتمعن في استنباطات السمعاني يجد أنها جمعت بين سهولة العبارة وجزالتها، فأصبحت مختصرة وافية، وإن دل فإنما يدل على بلاغته، وتمسكه بالمنهج الذي سار عليه في تفسيره وهو الاختصار وعدم الإسهاب.
- الاستشهاد أحياناً عند استنباطاته بالقرآن والسنة تأييداً لصحتها، وتقويةً لها
(4)
.
(1)
سير أعلام النبلاء (19/ 116).
(2)
انظر الاستنباط رقم (37، 67).
(3)
انظر الاستنباط رقم (11، 25، 26، 30، 65).
(4)
انظر الاستنباط رقم (36، 40، 100).