‌سؤال الله من فضله يوجب حرمة الحسد - استنباطات السمعاني في كتابه «تفسير القرآن» ومنهجه فيها

‌

‌سؤال الله من فضله يوجب حرمة الحسد

.

قال تعالى: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [النساء 32]

• قال السمعاني رحمه الله: " قوله تعالى: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} في هذا دليل على أن الحسد حرام، والحسد: هو أن يتمنى زوال النعمة عن صاحبه، ويتمناها لنفسه، والغبطة: هو أن يتمنى لنفسه مثل ما لصاحبه، فالحسد حرام، والغبطة لا بأس بها".

(1)

الدراسة:

استنبط السمعاني بدلالة الالتزام، من أن سؤال الله من فضله فيه تحريم للحسد، بمعنى أنه يلزم من سؤال الله عدم تمني ما عند المخلوقين الذي هو عين الحسد، لأن الله المتكرم على من فضلهم عليهم، وهذا يدل عليه صدر هذه الآية في قوله تعالى:{وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} ، فهذا العطف {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} جاء بعد النهي {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} ، وقد وافقه على ذلك جمع من المفسرين، قال الألوسي: " قوله تعالى: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} عطف على النهي بعد تقرير الانتهاء بالتعليل كأنه قيل: لا تتمنوا نصيب غيركم ولا تحسدوا من فضل عليكم واسألوا الله تعالى من إحسانه الزائد

وإنعامه المتكاثر فإن خزائنه مملوءة لا تنفد أبدا ".

(1)

وزاد الشوكاني: " وهذا الأمر يدل على وجوب سؤال الله سبحانه من فضله".

(2)

وقال العثيمين: "واعلم أن الواجب على المرء إذا رأى أن الله أنعم على غيره نعمة أن يسأل الله من فضله، ولا يكره ما أنعم الله به على الآخرين، أو يتمنى زواله".

(3)

وممن قال به أيضا من المفسرين القرطبي، والبيضاوي، وأبو السعود، وابن عاشور، وحقي.

(4)

يؤيد هذا الاستنباط سبب نزول الآية

(5)

، وأيضا يؤيده قوله تعالى في آية أخرى:{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} ، ففيها دلالة على أن تمني ما عند الناس دون سؤال الله من فضله هو عين الحسد. والله أعلم.