الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والصحيح والله أعلم أن ما ذكره الألوسي فيه نظر، بحيث أنه لا يمكن البتة من أي عبد كائنا من كان أن يعبد الله بغير معونة منه سبحانه، وأنه لا يطلب عون منه سبحانه إلا وهو في الوقت نفسه في عبادة محضة.
ويتبين مما سبق أن ما ذكره السمعاني وممن وافقوه في سبب تكرار المفعول - إياك - هو اختصاصه سبحانه أيضا بالاستعانه وقصرها وإخلاصها له سبحانه وتفخيم لذاته سبحانه، وما زاده الثعلبي في أن من أسرار التكرار هو التأكيد، يتبين بعد ذلك أن هذا هو عين الصواب، والله أعلم.
تخصيص المتقين بالذكر للتشريف ولانتفاعهم دون سواهم
.
قال تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة 2].
• قال السمعاني رحمه الله: " فإن قال قائل: لم خص المتقين بالذكر وهو هدى لجميع المؤمنين؟ قيل: إنما خصهم بالذكر تشريفا، أو لأنهم هم المنتفعون بالهدى، حيث نزلوا منزل التقوى دون غيرهم، فلهذا خصهم به ".
(1)
الدراسة:
استنبط السمعاني رحمه الله في سبب تخصيص المتقين بالذكر مع أن هذا القرآن هدى للعالمين أجمع، وذلك لشرف المتقين على من سواهم، أو لكونهم منتفعون من هذا الهدى دون غيرهم ممن ضل عن هذا النور المبين.
(1)
تفسير السمعاني (1/ 42).
قال القرطبي: " وخص الله تعالى المتقين بهدايته وإن كان هدى للخلق أجمعين تشريفا لهم لأنهم آمنوا وصدقوا بما فيه ".
(1)
وقد أشار إلى ذلك الاستنباط جل المفسرين لوضوحه وعدم الاختلاف فيه أمثال: السمرقندي، والقشيري
(2)
، والكيا الهراسي
(3)
، وابن الجوزي، وأبو حيان، وأبو السعود وغيرهم.
(4)
وزاد الرازي بأن سبب التخصيص لأنهم في معرض المدح والتشريف ولاعتبار سياق الآيات التي تلي هذا الوصف كانت في وصف بعض صفات هؤلاء المتقين، ليقتدى، ويتأسى بهم.
(5)
وقد ذكر بعض المفسرين لفتة رائعة بأن تخصيص الشيء بالذكر لا يدل على نفي ما عداه، وفائدة التخصيص في هذه الآية إنما هي التشريف لا التفرد بالهدى دون من سواهم.
(6)
مما سبق يتبين أن هذا التخصيص تشريف لهذه الطائفة المباركة ولانتفاعهم من نهل القرآن والتأسي بما فيه من خلق كريم، والندب والشروع بأوامره، والانتهاء عن زواجره، جعلنا الله وإياكم من أوليائه وأصفيائه وأتقيائه، إنه ولي ذلك والقادر عليه سبحانه.
(1)
الجامع لأحكام القرآن (1/ 161).
(2)
القشيري: هو عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة النيسابوري القشيري، من بني قشير ابن كعب، أبو القاسم، زين الاسلام، شيخ خراسان في عصره، زهدا، وعلما بالدين، ولد سنة 376 هـ، من كتبه: التيسير في التفسير، ولطائف الاشارات، والرسالة القشيرية، توفي في نيسابور سنة 456 هـ. انظر: طبقات المفسرين للسيوطي (1/ 61)، والأعلام للزركلي (4/ 57).
(3)
الكيا الهراسي: هو أبو الحسن علي بن محمد بن علي الطبري، الملقب بعماد الدين، المعروف بالكيا الهراسي، الفقيه، الشافعي، توفي سنة 504 هـ. انظر: وفيات الأعيان لابن خلكان (3/ 289).
(4)
انظر: بحر العلوم (1/ 8)، ولطائف الإشارات للقشيري (1/ 474)، وأحكام القرآن للكيا الهراسي (1/ 56)، وزاد المسير (1/ 10)، والبحر المحيط (1/ 161)، وإرشاد العقل السليم (1/ 28).
(5)
انظر: مفاتيح الغيب (2/ 30)، وقد بين ابن عاشور وصفه للمتقين في معانيه الثلاثة للماضي والحاضر والمستقبل، انظر التحرير والتنوير (1/ 238)، وأيضا انظر معاني التقوى عند ابن الجوزي، زاد المسير (1/ 10).
(6)
انظر: مفاتيح الغيب (2/ 142)، واللباب غي علوم الكتاب (1/ 487).