الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنوع الكسب إلى طيب وخبيث وأن الطيب هو الحلال، والخبيث هو الحرام
.
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: 267]
• قال السمعاني رحمه الله: " قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} أي: من حلال ما كسبتم، وفي هذا دلالة على أن الكسب يتنوع إلى الطيب، والخبيث ".
(1)
الدراسة:
استنبط السمعاني من هذه الآية عند أمر الله بالإنفاق من الطيب أنه يكون هناك أيضا كسب من ضده وهو الخبيث، وهذا الاستنباط عن طريق دلالة الالتزام، بمعنى أنه إذا كان هناك أمر بالإنفاق من الطيب لزم أن يكون هناك خبيث، قال البغوي:"وفيه دلالة على إباحة الكسب وأنه ينقسم إلى طيب وخبيث "
(2)
، وقال القرطبي:"ودلت الآية على أن المكاسب فيها طيب وخبيث "
(3)
. وممن قال به أيضا وأقره الخازن، والشربيني.
(4)
لكن بقي الكلام هنا ما لمراد بالطيب وما المراد بالخبيث حتى يعلم الفرق بين المكاسب؟
(1)
تفسير السمعاني (1/ 272).
(2)
معالم التنزيل (1/ 329).
(3)
الجامع لأحكام القرآن (3/ 325).
(4)
انظر: لباب التأويل (1/ 202)، والسراج المنير (1/ 149).
هناك قولان مشهوران لأهل العلم:
القول الأول: وهو قول ابن عباس والجمهور: المراد بالطيب: جياده وخياره، أما الخبيث فالمراد رديئه.
(1)
ووافقه على ذلك جل المفسرين كالطبري، وابن القيم، والبيضاوي، والخازن، والنسفي، وحقي، وابن عثيمين، وغيرهم.
(2)
والقول الثاني: وهو قول ابن مسعود ومجاهد: أن الطيب هو الحلال، والخبيث هو الحرام.
(3)
مما سبق يرجح القول الأول، يؤيد هذا القول تتمة الآية {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ} أي تأبى أنفسكم أن تقبله وتأخذه لردائته، ولما أثر عن عوف بن مالك الأشجعي أنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده عصا وأقناء معلقة في المسجد قنو منها حشف فطعن بذلك العصا في ذلك القنو ثم قال: (لو شاء رب هذه الصدقة فتصدق بأطيب منها إن صاحب هذه الصدقة ليأكل الحشف يوم القيامة).
(4)
وبالقول الأول الراجح يتبين رجاحة استنباط السمعاني في القول بأن المكاسب تتنوع إلى طيب وخبيث. والله أعلم.
(1)
انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (1/ 697) وزاد المسير لابن الجوزي (1/ 276).
(2)
جامع البيان (5/ 555)، طريق الهجرتين (1/ 552)، أنوار التنزيل (1/ 569)، لباب التأويل (1/ 202)، مدارك التنزيل (1/ 135)، روح البيان (2/ 87)، تفسير القرآن العظيم (5/ 268).
(3)
انظر: تفسير القرآن العظيم (1/ 697)، فتح القدير (1/ 394)، تفسير المنار (3/ 60).
(4)
أخرجه ابن حبان في صحيحه - كتاب التاريخ - باب إخباره صلى الله عليه وسلم عما يكون في أمته من الفتن والحوادث - حديث 6774 (15/ 177)، قال شعيب الأرنؤوط: حديث إسناده حسن، انظر: المصدر السابق، قال الألباني حديث حسن، انظر: صحيح الترغيب والترهيب (1/ 214)، وبنحوه رواه ابن خزيمه في صحيحه - باب كراهية الصدقة من الحشف من الثمار (4/ 109).