الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دلالة ورود البر والفاجر على النار
.
قال تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم 72].
• قال السمعاني رحمه الله: قوله تعالى {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا} استدل بهذا من قال: إن الورود
(1)
هو الدخول، لأن التنجية إنما تكون بعد الدخول. وقال أيضا:{وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} وهذا دليل على أن الكل قد دخلوها ".
(2)
الدراسة:
لما بين الله سبحانه الإنجاء للمتقين بعد الورود، استنبط السمعاني أن هذا الإنجاء إنما كان بعد دخول المؤمنين للنار، مرتضيا لهذا القول، وأيضا استنبط من بقاء الكفار فيها، أن المتقين كانوا معهم فأنجاهم الله، وأبقى الكافرين الظالمين فيها.
الموافقون:
وافق السمعاني على القول بالدخول بعض المفسرين أمثال: البغوي، والخازن، والألوسي، والشنقيطي
(3)
، وحجتهم ما ذكره السمعاني في استنباطه
(1)
اختلف المفسرون في تفسير الورود على أقوال خمسة: أحدها: الدخول، والثاني: المرور عليها، والثالث: الحضور، والرابع: أن ورود المسلمين عليها هو مرورهم على الصراط وورود المشركين: دخولهم النار، والخامس: أن ورود المؤمنين إليها: ما يصيبهم من الحمى في الدنيا. انظر: زاد المسير (4/ 287).
(2)
تفسير السمعاني (3/ 309).
(3)
انظر: معالم التنزيل (5/ 249)، ولباب التأويل (3/ 195)، وروح المعاني (8/ 439)، وأضواء البيان (3/ 479).
وتفسيره لهذه الآيات، ومستدلين أيضا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم:(لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها، فتكون على المؤمنين بردا وسلاما، كما كانت على إبراهيم، حتى إن للنار ضجيجا من بردهم، ثم ينجي الله الذين اتقوا، ويذر الظالمين فيها جثيا).
(1)
المخالفون:
خالف السمعاني جمع من علماء العقيدة والتفسير لمن قال بأن المراد بالورود هو الدخول، وقالوا بأن المراد بالورود إنما هو عبور الصراط الذي هو فوق متن جهنم، لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث حفصة أنه قال عليه السلام:(والذي نفسي بيده لا يلج النار أحد بايع تحت الشجرة) فقلت: يا رسول الله أليس الله يقول: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} فقال: ألم تسمعيه قال: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا}
(2)
، فأشار صلى الله عليه وسلم إلى أن ورود النار لا يستلزم دخولها وأن النجاة من الشر لا تستلزم حصوله بل تستلزم انعقاد سببه.
وهذا القول هو الذي رجحه الطبري في تفسيره، وابن كثير، وشيخ الإسلام، وابن القيم، وابن أبي العز، والشهاب الخفاجي، والزرقاني، وابن عاشور، وغيرهم كثير.
(3)
(1)
أخرجه الحاكم في مستدركه - كتاب الأهوال (4/ 630) حديث 8744. قال عنه الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
(2)
رواه ابن ماجه في سننه - كتاب الزهد - باب ذكر البعث - (2/ 1431) حديث 4281. قال عنه الألباني حديث صحيح. انظر: السلسلة الصحيحة (5/ 191).
(3)
انظر: جامع البيان (18/ 234)، وتفسير القرآن العظيم (5/ 254)، ومجموع الفتاوى (4/ 279)، والصواعق المرسلة (3/ 1054)، وشرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (1/ 404)، وحاشية الشهاب الخفاجي (6/ 175)، وشرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك (2/ 105)، والتحرير والتنوير (16/ 70).