الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التكرار يدل على اختلاف المخاطبين في الهجرة
.
• قال السمعاني رحمه الله: " قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا}، فإن قيل: أي معنى في هذا التكرار؟ قلنا: المهاجرون كانوا على طبقات، وكان بعضهم أهل الهجرة الأولى، وهم الذين هاجروا قبل الحديبية، وبعضهم أهل الهجرة الثانية، وهم الذين هاجروا بعد الحديبية قبل فتح مكة، وكان بعضهم ذا هجرتين، وهما الهجرة إلى الحبشة والهجرة إلى المدينة، فالمراد من الآية الأولى الهجرة الأولى، والمراد من الثانية الهجرة الثانية".
(1)
الدراسة:
استنبط السمعاني من تكرار الحق تبارك وتعالى في خبره عن المهاجرين بأن الخبر في الآيتين يدل على أنهم ليسوا بأهل هجرة واحدة وإنما هم طبقات فالإخبار
(1)
تفسير السمعاني (2/ 283).
الأول لأهل الهجرة الأولى والإخبار الثاني لأهل الهجرة الثانية. وقد ذكر هذا القول بعض المفسرين كأمثال ابن العربي، والبغوي.
(1)
المخالفون:
خالف السمعاني جمع من المفسرين في القول بأن سبب التكرار ليس اختلاف المخاطبين، وإنما أراد في الآية الأولى إيجاب التواصل فيما بينهم، وفي الآية الثانية تعظيم شأنهم وبيان درجتهم لعلو قدرهم وشرف منزلتهم، وقالوا بأن التكرارا والإعادة تدل على مزيد من الاهتمام بحالهم. قال النسفي:" ولا تكرار، لأن هذه الآية واردة للثناء عليهم مع الوعد الكريم، والأولى للأمر بالتواصل ".
(2)
وممن قال بذلك من المفسرين: الزمخشري، والرازي، وابن عادل الحنبلي، والخازن، والبقاعي، وأبو السعود، ومحمد رشيد رضا.
(3)
النتيجة:
يتبين مما سبق أن ما استنبطه المخالفون هو الأقرب للصواب، لأنه ليس هناك ثمة دلالة على اختلاف المخاطبين في الآية أولا، ولأن الآيتين مختلفتان في خبرهما، فالأولى خبر تضمن أمرا فيما يتعلق بالولاية، والأخرى بينت نعيم وفضل من آمن بالله وهاجر وجاهد في سبيله، والله أعلم.
(4)
(1)
انظر: أحكام القرآن (4/ 185)، معالم التنزيل (3/ 380).
(2)
مدارك التنزيل (1/ 430).
(3)
انظر: الكشاف (2/ 240)، ومفاتيح الغيب (15/ 169)، واللباب في علوم الكتاب (1/ 2573)، ولباب التأويل (2/ 330)، ونظم الدرر (3/ 253)، وإرشاد العقل السليم (3/ 143)، وتفسير المنار (10/ 92).
(4)
وقد ذكر الخازن أوجه المدح عند الإعادة فقال: "وأعاد ذكرهم ثانيا دل ذلك على تعظيم شأنهم وعلو درجاتهم وهذا هو الشرف العظيم لأنه تعالى ذكر في هذه الآية من وجوه المدح ثلاث أنواع: أحدها: قوله أولئك هم المؤمنون حقا وهذا يفيد الحصر وقوله سبحانه وتعالى حقا يفيد المبالغة في وصفهم بكونهم محقين في طريق الدين وتحقيق هذا القول أن من فارق أهله وداره التي نشأ فيها وبذل النفس والمال كان مؤمنا حقا. النوع الثاني: قوله سبحانه وتعالى لهم مغفرة وتنكير لفظ المغفرة يدل على أن لهم مغفرة وأي مغفرة لا ينالها غيرهم والمعنى لهم مغفرة تامة كاملة ساترة لجميع ذنوبهم. النوع الثالث: قوله سبحانه وتعالى ورزق كريم فكل شيء شرف وعظم في بابه قيل له كريم والمعنى أن لهم في الجنة رزقا لا تلحقهم فيه غضاضة ولا تعب. انظر لباب التأويل (2/ 330)، ومفاتيح الغيب (15/ 169).