الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إثبات صفة الكلام لله عز وجل، لأنها من خصائص الألوهية
.
قال تعالى: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ} [الأعراف 148].
• قال السمعاني رحمه الله: " وهذا دليلٌ على أن الله متكلم لم يزل ولا يزال، لأنّه استدلّ بعدم الكلام من العجل على نفيِ الإلهية ".
(1)
الدراسة:
استنبط السمعاني بدلالة الالتزام صفة الكلام لله عز وجل، ووجه استنباطه هنا إنكارُه ونفيُه سبحانه لإلهية العجل عند عدم قدرته على الكلام، فدلّ ذلك أن صفة الكلام من خصائص الألوهية، وفي هذا ردٌ على من أنكر صفة الكلام للرب سبحانه.
وقد وافق السمعاني على هذا الاستنباط علماء العقيدة والتفسير، قال شيخ الإسلام عندما تعرض لتفسير هذه الآية، مثبتاً هذه الصفة لله سبحانه " .. بيان أن الله غير عاجز عنه وأنه متكلمٌ وقائلٌ لأنه لم يكن ليعيب العجل بشيء هو موجود فيه "
(2)
،
…
وممن قال بهذا أيضًا: أبو حيّان، والبقاعي، وابن عادل الحنبلي، والشوكاني، وابن عاشور، وغيرهم.
(3)
(1)
تفسير السمعاني (2/ 216).
(2)
درء تعارض العقل والنقل (1/ 268).
(3)
انظر: البحر المحيط (4/ 317)، ونظم الدرر (3/ 109)، واللباب في علوم الكتاب (9/ 317)، وفتح القدير (2/ 247)، والتحرير والتنوير (8/ 293).
وبعد التمعّن في هذه الآية، وما قد اُستنبط منها يلحظ أنّ من صفات كماله سبحانه صفة الكلام، وأنّ بانتفاء هذه الصفة يكون الخلل والنقص، تعالى الله سبحانه عن النقائص والعيوب، فسبحان من له الأسماء الحسنى، والصفات العلى في ذاته، وأقواله، وأفعاله.
بل وفي هذا الرد الشافي والكافي لمن أنكر هذه الصفة التي أثبتتها نصوص القرآن والسنة.
(1)
(1)
وقد افترق الناس في مسألة الكلام على تسعة أقوال: أولها: أن كلام الله هو ما يفيض على النفوس من معاني، إما من العقل الفعال عند بعضهم، أو من غيره، وهذا قول الصابئة والمتفلسفة، وثانيها: أنه مخلوق خلقه الله منفصلا عنه، وهذا قول المعتزلة، والجهمية، وثالثها: أنه معنى واحد قائم بذات الله، هو الأمر والنهي والخبر والاستخبار، وإن عبر عنه بالعربية كان قرآنا، وإن عبر عنه بالعبريه كان توراة، وهذا قول ابن كلاب ومن وافقه، كالأشعري وغيره، ورابعها: أنه حروف وأصوات أزلية مجتمعة في الأزل، وهذا قول طائفة من أهل الكلام ومن أهل الحديث، وخامسها: أنه حروف وأصوات، لكن تكلم الله بها بعد أن لم يكن متكلما، وهذا قول الكرامية وغيرهم، وسادسها: أن كلامه يرجع إلى ما يحدثه من علمه وإرادته القائم بذاته، وهذا يقوله صاحب المعتبر، ويميل إليه الرازي في المطالب العالية، وسابعها: أن كلامه يتضمن معنى قائما بذاته هو ما خلقه في غيره، وهذا قول أبي منصور الماتريدي، وثامنها: أنه مشترك بين المعنى القديم القائم بالذات وبين ما يخلقه في غيره من الأصوات، وهذا قول أبي المعالي ومن تبعه، وتاسعها: أنه تعالى لم يزل متكلما إذا شاء ومتى شاء وكيف شاء، وهو يتكلم بصوت يسمع، وأن نوع الكلام قديم وإن لم يكن الصوت المعين قديما، وهذا المأثور عن أئمة الحديث والسنة، وهو الحق. انظر: شرح الطحاوية لابن أبي العز (1/ 173)، وانظر كذلك: مجموع الفتاوى (12/ 162).