الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تكرار المفعول (إياك) للاختصاص والتفخيم
.
قال تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة 5].
• قال السمعاني رحمه الله: " وأما قوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} إنما كرره لأنه لو اقتصر على قوله: إياك نعبد ونستعين، ليعلم أنه المعبود، وأنه المستعان، وعلى أن العرب قد تتكلم بمثل هذا، وقد يدخل الكلام تجريدا أو تفخيما وتعظيما، ولا يعد ذلك عيبا، كما تقول العرب: هذا المال بين زيد وبين عمرو، وإن كان يفيد قولهم: المال بين زيد وعمرو، ما يفيد الأول، ولا يعد ذلك عيبا في الكلام بل عد تفخيما وتجزيلا في الكلام ".
(1)
الدراسة:
استنبط السمعاني من هذه الآية استنباطاً بلاغياً في تكرار لفظ إياك بأن المراد من التكرار هنا هو الحصر وذلك بحصر الاستعانة له سبحانه، وذلك لأنه لو اقتصر سبحانه على ضمير واحد لتوهم أن العبادة لله والاستعانة لغيره، واستنبط بأن التكرار عند العرب يعد من تفخيم الشيء وأنه من جزالة الكلام.
قال القرطبي مؤيدا هذا الاستنباط: " وكرَّر الاسم لئلا يتوهم إياك نعبد ونستعين غيرك ".
(2)
(1)
تفسير السمعاني (1/ 37).
(2)
الجامع لأحكام القرآن (1/ 146).
وقد ذكر ذلك الكرماني
(1)
في أسراره
(2)
، وممن وافقه أيضاً من المفسرين: الثعلبي، وأبو حيان، وابن كثير، وحقي، ومحمد رشيد رضا.
(3)
وزاد الثعلبي استنباطا آخر في سبب التكرار فقال: " وانما كرر إياك ليكون أدل على الإخلاص والإختصاص والتأكيد، لقول الله تعالى خبرا عن موسى: {كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا} ولم يقل: (كي نسبحك ونذكرك كثيرا) ".
(4)
وقد ذكر الألوسي وجها آخر في سبب تكرار المفعول إياك بتبيينه أنه في حال الاقتصار على مفعول واحد يفهم منه أنه لا يتقرب إليه سبحانه إلا بالجمع بين العبادة والاستعانة معا، بمعنى أنه لا يعبد بلا استعانة ولا يستعان بلا عبادة وإنما يعبد على وجه الاستقلال ويستعان على وجه الاستقلال، وقد يجتمعان، لذا وجب التكرار، بمعنى أن التكرار للضمير هنا قطع الاشتراك بين العبادة والاستعانة.
(5)
(1)
الكرماني: هو محمود بن حمزة بن نصر الكرماني، يعرف بتاج القراء، برهان الدين، أبو القاسم، مقرئ، مفسر، فقيه، نحوي، صرفي، قال ياقوت: هو تاج القراء، وأحد العلماء الفهماء النبلاء، صاحب التصانيف والفضل، كان عجبا في دقة الفهم وحسن الاستنباط، لم يفارق وطنه ولا رحل، صنّف: لباب التفسير، والإيجاز في النحو اختصره من الإيضاح، والنظامي في النحو اختصره من اللمع، والإفادة في النحو، والعنوان، وغير ذلك. توفي سنة 505 هـ. انظر: الأعلام (7/ 168)، وبغية الوعاة (2/ 277).
(2)
انظر: أسرار التكرار من القرآن للكرماني (1/ 20).
(3)
انظر: الكشف والبيان (1/ 118)، والبحر المحيط (1/ 11)، وتفسير القرآن العظيم (1/ 134)، وروح البيان (1/ 10)، وتفسير المنار (1/ 50).
(4)
الكشف والبيان (1/ 118).
(5)
انظر: روح المعاني (1/ 90).