الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جواز الرهن في الحضر وعند وجود الكاتب
.
قال تعالى {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة 283].
• قال السمعاني رحمه الله: " وحكم الرهن معلوم، وليس ذكر السفر، وعدم الكاتب على سبيل الشرط في جواز الرهن، وإنما خرج الكلام على الأعم الأغلب".
(1)
الدراسة:
استنبط السمعاني من هذه الآية ردًا على من استنبطوا بدلالة مفهوم المخالفة بأن الرهن لا يجوز في الحضر، وقد أبطل ذلك لأن من موانع اعتبار مفهوم المخالفة أن لا يكون الكلام خرج مخرج الغالب، وذلك متحققٌ في هذه الآية، لأنه يكون الغالب والأعم في السفر أنه لا يوجد فيه من يكتب أو يشهد.
(2)
الموافقون:
وافق السمعاني جمهور العلماء من الفقهاء وأهل التفسير على جواز الرهن في السفر والحضر وأنه لم يكن تخصيصه هنا في حال السفر، إلا لأنّه خرج مخرج الغالب، وإلا فليس شرطًا، قال الرازي:" اتّفق الفقهاء اليوم على أن الرهن في السفر والحضر سواءً في حال وجود الكاتب وعدمه، ولا يعمل بقوله اليوم وإنما تقيدت الآية بذكر السفر على سبيل الغالب ".
(3)
وقال الجصّاص: " ولا خلاف
(1)
تفسير السمعاني (1/ 286).
(2)
للاستزادة من معرفة موانع مفهوم المخالفة انظر: الباب الأول - الفصل الثالث - المبحث الثاني (مفهوم المخالفة)، من هذه الرسالة.
(3)
مفاتيح الغيب (7/ 104).
بين فقهاء الأمصار وعامّةِ السلف في جوازه في الحضر"
(1)
. وممن قال به أيضاً، الكيا الهراسي، والقرطبي، وأبو حيان، والطوفي، والسيوطي، والعثيمين.
(2)
المخالفون:
احتج الظاهرية على أن الرهن لا يجوز في الحضر بمفهوم قوله عز وجل {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ} . وكان استنباطهم الخاطئ عن طريق مفهوم المخالفة من قبيل المفهوم بالشرط، ووجه استنباطهم هذا أن الله علق جواز الرهن بوجود السفر فدل على أنه لا يجوز في الحضر. بل وقد استنبط أيضًا استنباطًا باطلًا من هذه الآية بالقول بأن الرهن لا يجوز إلا في السفر شريطة أن لا يوجد كاتب قاله الظاهرية، وقد وافقوا بذلك ابن مجاهد والضحاك.
(3)
النتيجة:
بعد تتبع أقوال الفريقين يكون ما ذهب إليه السمعاني ومن وافقوه هو عين الصواب، وأما قول المخالفين فيبطله أيضا إضافةً لما سبق الحديثُ الصحيحُ المرويُ عن عائشةَ رضي الله عنها قالت:" تُوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير ".
(4)
وما كان ذلك إلا في دار إقامة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي المدينة، ولم يكن ذلك في سفره، والله أعلم.
(1)
أحكام القرآن للجصاص (2/ 258).
(2)
انظر: أحكام القرآن للكيا الهراسي (2/ 262)، والجامع لأحكام القرآن (3/ 407)، والبحر المحيط (2/ 742)، والإشارات الإلهية في المباحث الأصولية (1/ 370)، والإكليل في استنباط التنزيل للسيوطي ص 65، وتفسير القرآن العظيم لابن عثيمين (5/ 536).
(3)
انظر: مفاتيح الغيب (7/ 104)، وانظر: الإكليل للسيوطي ص 65.
(4)
رواه البخاري في صحيحه (مع الفتح) في الجهاد والسير: باب ما قيل في درع النبي صلى الله عليه وسلم والقميص في الحرب (6/ 116).