الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الظن والشك في دين الله موجب للكفر
.
قال تعالى: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ} [سبأ 54].
• قال السمعاني رحمه الله: " وفي الآية دليل على أن الشاك كافر بخلاف ما قاله بعض الناس، وهو غلط عظيم في الدين، وقد دلت هذه الآية على أن الشاك كافر وهو في النار، وكذلك دل على هذا قوله تعالى:{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} فقد أوجب لهم الكفر والنار بالظن
(1)
."
(2)
الدراسة:
استنبط السمعاني في هذه الآية استنباطا عقديا، بأن من شك في شيء من دين الله فهو كافر، سواء شك في بعث الله له، أو ثوابه، أوعقابه، أو ما قد قضى الله له، وقدر من خلق السموات والأرض وغير ذلك من الآيات التي لم توجد إلا لحكمة، واستشهد السمعاني بآية أخرى وهو أن ظن المشركين أن خلق السماوات والأرض ليس لحكمة، قد أودى بهم هذا الظن أن حكم عليهم بالكفر ومن ثم إلى التخليد في النار.
(1)
والمراد بالظن هنا هو الشك، وليس اليقين، وقد ذكر ابن جرير المراد بأنواع الظن وفرق بينها مستشهدا بالآيات المؤيدة لما يقول. للاستزادة انظر: جامع البيان (1/ 17).
(2)
تفسير السمعاني (4/ 434).
قال النسفي عند تفسيره لهذه الآية: " .. وفي هذا رد على من زعم أن الله لا يعذب على الشك ".
(1)
وقد ذكر جمع من أهل العلم أن للكفر أنواع ومن جملة أنواعه كفر الشك والذي أصله يقوم على التردد وعدم الجزم بصدق الرسول صلى الله عليه وسلم، وما جاء به واستشهدوا بقصة صاحب الجنة المذكورة في سورة الكهف عند قوله تعالى:{وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا (36) قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا (37) لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا}
(2)
.
وقد ذكر الشنقيطي بعد سوقه لهذه الآيات ونظائرها، بأن الشاك كافر، فقال رحمه الله: "
…
وهذه النصوص القرآنية تدل على أن الكافر لا ينفعه ظنه أنه على هدى، لأن الأدلة التي جاءت بها الرسل لم تترك في الحق لبسا ولا شبهة، ولكن الكافر لشدة تعصبه للكفر لا يكاد يفكر في الأدلة التي هي كالشمس في رابعة النهار لجاجا في الباطل، وعنادا، فلذلك كان غير معذور ".
(3)
وممن ذكر هذا الاستنباط أيضا: الرازي، وابن عادل الحنبلي، والسيوطي، والشوكاني، وابن عاشور، والعثيمين.
(4)
(1)
مدارك التنزيل (3/ 159).
(2)
للاستزادة انظر: الوجيز في عقيدة السلف الصالح للأثري (1/ 103)، وأصول الإيمان لنخبة من العلماء (1/ 85).
(3)
أضواء البيان (2/ 13).
(4)
انظر: مفاتيح الغيب (21/ 107)، واللباب في علوم الكتاب (1/ 3426)، والإكليل ص 215، وفتح القدير (6/ 241)، والتحرير والتنوير (23/ 146)، وتفسير القرآن العظيم لابن عثيمين (6/ 56).