الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الابتداء بالرجال قبل النساء عند ذكر حد السرقة لقوتهم، وجراءتهم
.
قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة 38]
• قال السمعاني: " بدأ في حد السرقة بالرجل، لأن القوة والجراءة في الرجال أكثر، والسرقة نتيجة القوة والجراءة ".
(1)
الدراسة:
استنبط السمعاني أن السبب في تقديم الرجل قبل المرأة عند ذكر حدهما، أن الرجال أقوى وأجرأ في تعديهم على حقوق الناس بسرقتهم واختلاسهم، فقدموا حتى يتأكد في حقهم أنهم سيقام عليهم الحد إن لم يرتدعوا. قال القاسمي:" ولما كانت غلبة السرقة في الرجال، لقوتهم بدأ بالسارق ".
(2)
واستنبط بعض المفسرين استنباطا آخر، وذكروا أن سبب تقديم الرجل على المرأة، أن حب الرجال للمال أكثر من حب النساء لرغبتهم فيه، فلهذا قدموا، قال الماوردي:"إنما بدأ الله تعالى في السرقة بالسارق قبل السارقة، وفي الزنى بالزانية قبل الزاني، لأن حب المال على الرجال أغلب، وشهوة الاستمتاع على النساء أغلب ".
(3)
(1)
تفسير السمعاني (3/ 498).
(2)
محاسن التأويل (2/ 38).
(3)
النكت والعيون (2/ 35).
وممن أشار إلى ذلك من المفسرين: السمرقندي، والقرطبي، وابن عادل الحنبلي، والزحيلي.
(1)
والمتأمل في كلا الاستنباطين، يلحظ أنهم يتفقون في كثرة السرقة عند الرجال، بيد أن استنباط السمعاني يقول كثرة سرقتهم لجراءتهم وقوتهم، والآخرون يقولون كثرة سرقتهم لشدة حبهم للمال ورغبتهم فيه، وهذان الأمران متحققان في الرجال، والسببان مكملان لبعضهم، فلو كان هناك قوة وجراءة دون حب ورغبة في المال لما وقعت السرقة، ولو كان هناك رغبة في المال وحب له، دون قوة وجراءة، لما وقعت السرقة، فيتبين بعد ذلك سلامة استنباط السمعاني، وأنه لا منافاة بين الاستنباطين. والله اعلم.
(1)
انظر: بحر العلوم (1/ 437)، والجامع لأحكام القرآن (6/ 175)، واللباب في علوم الكتاب (7/ 324)، والتفسير المنير (6/ 189).