الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تخصيص البنان بالذكر فيه دلالة على أن ماسواها أولى بالقدرة على التسوية والجمع
.
قال تعالى: {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} [القيامة 4]
• قال السمعاني رحمه الله: " وقوله: {عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} أي: على تسوية بنانه، وهي أطراف الأصابع، وفيها عظام صغار، وخصَّها بالذكر، لأنه تعالى إذا قدر على جمع العظام الصغار فعلى الكبار أقدر على جمعها وإحيائها ".
(1)
الدراسة:
استنبط السمعاني في هذه الآية بدلالة مفهوم الموافقة من نوع فحوى الخطاب أن السبب في تخصيص ذكر البنان دون سائر أعضاء الجسد من الأطراف والعظام وغيرها، أن في ذلك دلالة على أن جمع وإحياء ما سواها من العظام أقدر وأيسر، وذلك لدقتها ولطافتها وصغرها مع ما تشتمله من المفاصل والعروق والأظافر.
قال الشوكاني: " فنبه سبحانه بالبنان وهي الأصابع على بقية الأعضاء، وأن الاقتدار على بعثها وإرجاعها كما كانت أولى في القدرة من إرجاع الأصابع الصغيرة اللطيفة المشتملة على المفاصل والأظافر والعروق اللطاف والعظام الدقاق، فهذا وجه تخصيصها بالذكر ".
(2)
وممن أشار إلى ذلك أيضاً: البغوي، والزمخشري، والقرطبي، وأبو حيان، والبيضاوي، والنسفي، وأبو السعود، وغيرهم.
(3)
(1)
تفسير السمعاني (6/ 102).
(2)
فتح القدير (7/ 362).
(3)
انظر: معالم التنزيل (8/ 280)، والكشاف (4/ 659)، والجامع لأحكام القرآن (19/ 94)، والبحر المحيط (8/ 289)، وأنوار التنزيل (5/ 420)، ومدارك التنزيل (3/ 489)، وإرشاد العقل السليم (6/ 414).
وقد أشار بعض المفسرين إلى لفتة أخرى تدل على معنى رائع، وهو القول بأن تسوية البنان الذي هو آخر الجسد فيه دليل على تسوية ما قبله من خلق الإنسان، واستنباطهم هذا بدلالة الالتزام، بمعنى أنه يلزم من خلق وتسوية وإعادة البنان سبق خلق سائر الجسد، قال ابن عاشور:" وإذا كانت هي أصغر الأعضاء الواقعة في نهاية الجسد كانت تسويتها كناية عن تسوية جمع الجسد لظهور أن تسوية أطراف الجسد تقتضي تسوية ما قبلها ".
(1)
وقد أيد هذا المعنى النيسابوري، والسعدي.
(2)
والصحيح أنه لا تعارض بين هذين الاستنباطين، لأن من قدر على خلق وتسوية البنان مع دقته ولطافته فهو لما سواه أقدر، ومع ذلك فخلق وإحياء هذا البنان دليل على أن الله قد أحيا وأعاد تسوية ما قبله من العظام وسائر الجسد، والله أعلم.
(1)
التحرير والتنوير (29/ 316).
(2)
انظر: رغائب القرآن (6/ 400)، وتفسير السعدي ص 898.