الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البشارة الثانية بإسحاق عليه السلام تدل على أن المبشر به الأول هو إسماعيل عليه السلام
.
قال تعالى: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات 112].
• قال السمعاني رحمه الله: " وقوله: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} استدل به من قال إن إسماعيل كان هو الذبيح، فإنه ذكر قصة الذبيح بتمامه، ثم قال: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} دل أنه كان غير إسحاق ".
(1)
الدراسة:
لما أعقب الله بعد ذكره لقصة الذبيح بشارته لإبراهيم عليه السلام أن الله سيرزقه بإسحاق عليه السلام، استنبط السمعاني بأن الذبيح هو إسماعيل عليه السلام، ووجه الاستنباط أنه كيف يكون هناك تعقيب ببشارة وقد سبق ذكرها.
الموافقون:
وافق السمعاني جمهور العلماء والمفسرين وهو المروي عن ابن عباس رضي الله عنهما، والإمام أحمد بن حنبل بدليل الاستنباط السابق وهو احتجاجهم بأن الله
(1)
تفسير السمعاني (4/ 410).
تعالى ذكر البشارة بإسحاق بعد الفراغ من قصة المذبوح فقال: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} فدل على أن المذبوح غيره، وأيضًا قوله تعالى في سورة هود:{فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} فكما بشّره بإسحاق بشّره بابنه يعقوب، فكيف يأمره بذبح إسحاق وقد وعده بنافلة منه.
(1)
وممن أيَّد هذه الاستنباطات والتي مصبها يرجع إلى القول بأن الذبيح هو إسماعيل: ابن أبي حاتم، والقصّاب، وشيخ الإسلام، وابن القيم، وابن كثير، وابن حجر، والنووي، وابن عاشور، والشنقيطي، والسعدي، وغيرهم كثير.
(2)
المخالفون:
كان ابن جرير الطبري على رأس القائلين من المفسرين بأن الذبيح هو إسحاق، وهذا القول مروي عن عبد الله بن مسعود وعمر بن الخطاب وبعض الصحابة، وحجتهم ودليلهم أنه ليس في القرآن دليل واحد على أن الله بشَّر إبراهيم بإسماعيل، وإنما المُبشَّر في القرآن هو نبيُّنا إسحاق عليه السلام {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ} فكل القرآن يدل على أن الذي بُشِّر به بشارة هو إسحاق، فعلم أن الذبيح هو من هو المبشَّر به لأن الله قال {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} ، وقالوا أيضًا مما يؤيد أن
(1)
انظر: مجموع الفتاوى (4/ 331)، ومعالم التنزيل للبغوي (7/ 46)، تفسير القرآن العظيم لابن كثير (7/ 32).
(2)
انظر: تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم (10/ 3220)، ونكت القرآن للقصاب (2/ 736)، ومجموع الفتاوى (4/ 331)، وزاد المعاد (1/ 70)، وتفسير القرآن العظيم (7/ 32)، وفتح الباري (12/ 378)، وتهذيب الأسماء للنووي (1/ 147)، والتحرير والتنوير (23/ 70)، وأضواء البيان (2/ 281)، وتفسير السعدي ص 705.
الذبيح هو إسحاق أن الله يقول: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ} أي أنه عايش في كنف أبيه، وإسماعيل لم يعش في كنف أبيه، كان مع أمه في مكة.
(1)
النتيجة:
ما ذهب إليه السمعاني وجمهور العلماء هو الأقرب للصواب، لصراحة أدلتهم، أما ما ذكره المخالفون بأنه ليس هناك مبشر به في القرآن سوى إسحاق، فهذا ليس بدليل أن إسماعيل لا يُبشَّر به أيضًا، بل إن قواعد القرآن قضت بأنه لا يمكن أن يعيد الله البشارة مرة ثانية، فالمبَشَّر به الأول غير المبَشَّر به الثاني، وأما قولهم بأن إسماعيل كان في كنف أمه، فقد ثبت أن إبراهيم عليه السلام لقي ابنه إسماعيل في السن التي كتب الله وأمر أن يذبحه فيها، والله أعلم.
(2)
(1)
انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (7/ 35)، والدر المنثور (12/ 429).
(2)
انظر: أضواء البيان للشنقيطي (2/ 281). وما ورد في تعيين الذبيح من أقوال الصحابة سواء من قال بأنه إسماعيل أو إسحاق فقد حكم عليه علماء الحديث بأنه لا يعدو إلا أن يكون حديثا ضعيفا أو غريبا. انظر: مجمع الزوائد للهيثمي (8/ 371)، وأسنى المطالب للحوت (1/ 149)، والسلسلة الضعيفة للألباني (1/ 503).