الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عظمة النار كون وقودها الناس والحجارة
.
قال تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة 24].
• قال السمعاني رحمه الله: " وقوله تعالى {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} في هذا دليل على عظم تلك النار ".
(1)
الدراسة:
استنبط السمعاني من ظاهر الآية عظمة النار التي أمرنا الله باتقائها، وذلك كون هذه النار وقودها من جنس البشر والحجارة، التي هي سبب لتخميد النار فإذا هي هنا سبب لإيقاد نار جهنم أعاذنا الله منها.
قال الزمخشري في بيان عظمة هذه النار: " وأنها نارٌ ممتازةٌ من النيران بأنها لا تتقد إلا بالناس والحجارة، وذلك يدلّ على قوَّتِها من وجهين: الأول: أن سائر النيران إذا أريد إحراق الناس بها أو إجماء الحجارة أوقدت أولاً بوقود ثم طرح فيها ما يراد إحراقه أو إحماؤه، وتلك أعاذنا الله منها برحمته الواسعة توقد بنفس ما تحرق، والثاني: أنها لإفراط حرها تتقد في الحجر ".
(2)
وممن أشار إلى ذلك من المفسرين: الرازي، والنسفي، وابن عادل الحنبلي.
(3)
(1)
تفسير السمعاني (1/ 59).
(2)
الكشاف (1/ 103)
(3)
انظر مفاتيح الغيب (2/ 253)، ومدارك التنزيل (1/ 30)، واللباب في علوم الكتاب (1/ 96).
وذكر بعض المفسرين في هذه الآية استنباطاً آخر وهو أن سبب تخصيص الحجارة بالذكر هنا لما اعتقده الكفار في حجارتهم المعبودة من دون اللَّه أنها الشفعاء والشهداء الذين يستشفعون بهم ويستدفعون المضارّ عن أنفسهم بمكانهم، جعلها اللَّه عذابهم، فقرنهم بها محماة في نار جهنم، إبلاغا في إيلامهم وإغراقا في تحسيرهم مستنبطين هذا من قوله تعالى:{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} . قال بهذا ابن عادل الحنبلي، والنيسابوري
(1)
، والقاسمي، وابن عاشور.
(2)
مما سبق يتبين صواب استنباط السمعاني في القول بعظمة نار جهنم، كون وقودها الناس والحجارة، وذلك لموافقة المفسرين له بجميع استنباطاتهم والتي تصب كلها في تهويل أمر هذه النار التي نسأل الله أن يعيذنا ووالدينا والمسلمين عامة منها ومن حرِّها. والله أعلم.
(1)
النيسابوري: هو نظام الدين، الحسن بن محمد بن الحسين القمي النيسابوري، ويقال له الأعرج، أصله من بدلة (قم) ومنشأه وسكنه في نيسابور، مفسر، له اشتغال بالحكمة والرياضيات، له مؤلفات منها: غرائب القرآن ورغائب الفرقان، ولباب التأويل، توفي عام 850 هـ. انظر: الأعلام (2/ 216)، ومعجم المؤلفين (3/ 291).
(2)
انظر: واللباب في علوم الكتاب (1/ 96)، وغرائب القرآن ورغائب الفرقان (1/ 197)، ومحاسن التأويل (1/ 24)، والتحرير والتنوير (1/ 339).