الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والواضحة: (معتمداً المدرسة الأندلسية المالكية).
(49) مؤلفات الباجي: أبو الوليد سليمان بن خلف، (ت سنة 747 ه
ـ).
" كان أبو الوليد رحمه الله فقيهاً، نظاراً، محققاً، راوية، محدثاً، يفهم صنعة الحديث ورجاله. متكلماً. أصولياً. فصيحاً .... حسن التأليف. متفنن المعارف. له في هذه الأنواع تصانيف مشهورة جليلة"(1)، فقد كتب في الحديث والرجال والعقائد، "لكن أبلغ ما كان فيها في الفقه وإتقانه على طريقة النظار البغداديين، وحذاق القرويين"(2)، فالباجي برز في علم الرواية والدراية، وفي كتبه الفقهية امتزجت مناهج العراقيين في البحث الفقهي مع طرائق الأندلسيين والقرويين المحققين، فكان ثمرة ذلك علماً جماً، وكتباً طار صيتها في الآفاق، وتلقاها بالقبول أهل المشرق والمغرب على حد سواء.
وأهم هذه الكتب الفقهية:
1 -
المنتقى في شرح الموطأ:
"أحسن كتاب ألف في مذهب مالك؛ لأنه شرح فيه أحاديث الموطأ، وفرَّع عليها تفريعاً حسناً"(3). "ذهب فيه مذهب الاجتهاد،
(1) ترتيب المدارك (8/ 119).
(2)
المرجع السابق.
(3)
نفح الطيب (2/ 274، 282).
وإيراد الحجج، وهو مما يدل على تبحره في العلوم والفنون" (1)، والكتاب "لم يؤلف مثله، وكان ابتدأ كتاباً بلغ فيه الغاية سماه الاستيفاء
…
، لم يصنع منه غير الطهارة في مجلدات" (2).
يقول المؤلف في مقدمة المنتقى: "إنك ذكرت أن الكتاب الذي ألفت في شرح الموطأ المترجم بكتاب الاستيفاء يتعذر على أكثر الناس جمعه، ويبعد عنهم درسه، لا سيما لمن لم يتقدم له في هذا العلم نظر، ولا تبين له فيه بعد أثر، فإن نظره فيه يبلد خاطره ويحيره، ولكثرة مسائله ومعانيه يمنع تحفظه وفهمه، وإنما هو لمن رسخ في العلم، وتحقق بالفهم"(3).
ذلك هو كتاب الاستيفاء أصل المنتقى، الذي يقول مؤلفه عن منهجه فيه: "
…
اقتصر فيه على الكلام في معاني ما يتضمنه الكتاب من الأحاديث، والفقه. وأصل ذلك من المسائل بما يتعلق بها في أصل كتاب الموطأ؛ ليكون شرحاً له، وتنبيهاً على ما يستخرج من المسائل منه، ويشير إلى الاستدلال على تلك المسائل والمعاني التي يجمعها، وينصها ما يخف ويقرب؛ ليكون ذلك حظ من ابتداء بالنظر في هذه الطريقة من كتاب الاستيفاء إن أراد الاقتصار عليه، وعوناً له
(1) نفح الطيب (2/ 274 - 282).
(2)
ترتيب المدارك (8/ 124).
(3)
المنتقى (1/ 2).
إن طمحت همته إليه، فأجبتك إلى ذلك، وانتقيته من الكتاب المذكور، على حسب ما رغبته، وشرطته، وأعرضت فيه عن ذكر الأسانيد، واستيعاب المسائل، والدلالة، وما احتج به المخالف، وسلكت فيه السبيل الذي سلكت في كتاب الاستيفاء من إيراد الحديث والمسألة من الأصل، ثم أتبعت ذلك ما يليق به من الفرع، وأثبته شيوخنا المتقدمون رضي الله عنهم من المسائل
…
" (1).
وفق الباجي توفيقاً كبيراً في تطبيق منهجه "فهو في المنتقى يورد حديث الموطأ ويشرحه، وكثيراً ما يورد مسائل وفروعاً متعلقة به، مع عرض أقوال الأئمة، ومناقشتها أحياناً، ودعم الاتجاه المالكي بدليله، مع ذكر مختلف الروايات، والبناء على القاعدة، وتوجيه الحكم في الغالب، كل ذل مع حسن ترتيب منتظم في العرض"(2).
لا يسع الناظر في المنتقى إلا أن يقدر للباجي توفيقه في أن يقدم لنا في شرحه هذا فقهاً مقارناً مستنبطاً من الدليل، مبنياً "على منهج النظر، والاستدلال، والإرشاد إلى الطريق الاختيار والاعتبار"(3).
ظهرت ملكة الباجي الحديثية والفقهية واضحة متميزة في هذا السفر الضخم، كما برزت قدرته الفذة على الجمع بين الطريقتين
(1) المنتقى (1/ 3 - 2).
(2)
فصول الأحكام (مقدمة المحقق، ص 63).
(3)
المنتقى (1/ 3).
الفقهيتين المالكيتين: العراقية، والقيروانية، موظفاً ملكاته توظيفاً قديراً في عرض آراء المذهب المالكي بمدارسه المختلفة جنباً إلى جنب، يظهر ذلك في استشهاداته بنصوص، وآراء، وتخريجات أبي إسحاق إسماعيل القاضي في مبسوطه، والقاضي عبد الوهاب في تلقينه، وإشرافه، ومعونته، وشرحه للرسالة، وابن الجلاب في تفريعه، وابن القصار في عيونه، وأبو الفرج في حاويه، ممزوجة مع آراء أبي محمد بن أبي زيد في نوادره، ومختصره، ورسالته، مع الاعتماد على المدونة، والواضحة، والعتبية، بالإضافة إلى كتب المذهب الأخرى كالمجموعة، والثمانية، والمدنية، والزاهي، ومختصر ما ليس في المختصر. ولكم يكتف الباجي باستيعاب آراء أمهات الكتب المالكية بل قدم لنا آراء المذاهب الأخرى شارحاً وموجهاً.
2 -
فصول الأحكام وبيان ما مضى عليه العمل عند الفقهاء من الأحكام:
موضوع الكتاب "شرح فصول الأحكام، وبيان ما مضى عليه العمل عند الفقهاء والحكام"(1).
ولتحقيق ذلك يقول مؤلفه: "تخرجت غرر المحاضرة، ورؤوس مسائل المناظرة، مما لا يستغني الفقيه ولا الحاكم عن مطالعتها،
(1) فصول الأحكام (ص 273).
والوقوف على أصولها، وقصدت في ذلك إلى الطريق المعتاد من الإيجاز والاختصار، وتركت التطويل والإكثار" (1)، فالكتاب يندرج "ضمن صنف المؤلفات في الأقضية والأحكام التي اهتم بها فقهاء الأندلس، وأثراها علماؤهم بمدوناتهم التي اختلف أسلوبها بسطاً، وإيجازا" (2)، و"ليس هذا الكتاب من الأمهات المطولة المستوعبة، بل هو مختصر في موضوعه، توخى مؤلفه فيه سبيل الإيجاز" (3)، كما نوه هو بنفسه في مقدمته، ومع ذلك فهو "يجمع
…
كثيراً من مسائل القضاء وأحكامه التي رويت عن الإمام مالك، وأعلام مذهبه كابن القاسم، وأشهب، وابن الماجشون، ومطرف، وابن وهب، وسحنون
…
، كما يورد شيئاً من المأثور عن الصحابة، والتابعين، وتابعيهم في مجال القضاء، وقد أخذ المؤلف عن بعض الأمهات كالمدونة، وكتاب ابن شعبان، وثمانية أبي زيد، وعن شيوخ البغداديين وغيرهم، ونقل مما انتشر من روايات الأندلسيين
…
" (4).
"ومما يعطي لهذا الكتاب قيمة كبرى أن المؤلف عندما يورد المسائل التي اختلفت فيها آراء الفقهاء كثيراً ما يرجح بينها، ويندر أن
(1) فصول الأحكام _ص 116).
(2)
فصول الأحكام (مقدمة المحقق، ص 99).
(3)
المرجع السابق (مقدمة المحقق، ص 102).
(4)
المرجع السابق (مقدمة المحقق، ص 104 - 105).
لا يشير إلى ما جرى به العمل من الأحكام
…
" (1).
"وهكذا يساعد المؤلف قارئه على التمييز بين الأقوال المهجورة، والأقوال التي يأخذ بها لاقضاة والمفتون، ومعلوم أن جريان العمل على قول يسنده، ويعضده، وقد يكون مبنياً على مراعاة مصلحة، أو دفع حرج في اعتماده، والأخذ به دون غيره"(2)، ومن حيث وزنه في الميدان العلمي فقد "اعتمد بعض المؤلفين في الأحكام - بعد الباجي - كتابه فصول الأحكام، فنقلوا في مسائله مثل ابن سلمون (3) في العقد المنظم للحكام، وابن هشام في مفيد الحكام
…
" (4) وغيرهما.
ويكفي في تقويم الكتاب أنه من أقدم المؤلفات - التي وصلت إلينا - في موضوعه، وانصباب تركيزه على "ما جرى عليه العمل" في زمانه يجعل للكتاب - ولا شك - أهمية كبرى؛ إذ تَتَبُّع هذه القضايا ابتداءً من عصر الباجي إلى عصور ما بعده في دراسة فقهية، استقرائية، تحليلية تلقي الكثير من الضوء على أثر قاعدة العمل على آراء الفقه المالكي، وتطورها.
(1) فصول الأحكام (مقدمة المحقق، ص 104 - 105).
(2)
المرجع السابق.
(3)
ابن سلمون: "سلمون بن علي بن عبد الله بن سلمون الكتاني، كان رجلاً فاضلاً، عالماً بالأحكام، عارفاً بالشرط، صدر وقته في ذلك،
…
قل في الأندلس مكان شذ عن ولايته
…
، ألف في الوثائق كتاباً مفيداً جداً، عليه اعتماد القضاة"، ذكر صاحب شجرة النور أن وفاته كانت (سنة 767 هـ). الديباج المذهب (1/ 397 - 398)، شجرة النور الزكية (ص 214).
(4)
فصول الأحكام (مقدمة المحقق، ص 105 - 106).
3 -
الإيماء: في الفقه (1): اختصره من كتاب المنتقى. في خمس مجلدات (2) على قدر ربع المنتقى (3).
4 -
المهذب في اختصار المدونة (4).
ومنهجه في الكتاب "تنظير المسائل، وترتيبها على أصولها"(5). والكتاب "اختصار حسن"(6)، يدل على قيمته العلمية قول اللخمي:"اختصرت المدونة نحواً من اثنين وثلاثين اختصاراً ليس فيها أحسن من المهذب للباجي"(7).
5 -
السراج في عمل الحجاج: في مسائل الخلاف. كبير لم يتم (8).
(1) نفح الطيب (2/ 275).
(2)
ترتيب المدارك (8/ 124).
(3)
الديباج المذهب (1/ 384).
(4)
ترتيب المدارك (8/ 124).
(5)
أعلام الفكر الإسلامي (ص 54). وذكر أنه "توجد من هذا الكتاب قطعة في جامعة القروييين".
(6)
ترتيب المدارك (8/ 124).
(7)
فصول الأحكام (مقدمة التحقيق، ص 59 - 60).
(8)
نشر الكتاب تحت عنوان: كتاب المنهاج في ترتيب الحجاج، وهو العنوان الذي اعتمده محقق الكتاب الدكتور عبد المجيد التركي كما وضعه في مقدمته (ص 30 م).