الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرح فيه مختصر التفريع لابن الجلاب، "وكتبه كلها في غاية الجودة والإتقان"(1).
(28) مؤلفات خليل بن إسحاق الجندي، (ت 776 ه
ـ) (2).
" له تآليف مفيدة، دالة على فضل، وسعة إطلاع"(3) منها:
(1) الديباج المذهب (1/ 457 - 458).
(2)
تقدمت ترجمته، والخلاف في سنة وفاته، وترجيح صاحب نيل الابتهاج أن وفاته كانت (776 هـ). انظر (ص 35) من البحث.
ولمزيد من المعلومات عن المترجم له، انظر:
1 -
الدرر الكامنة (2/ 86).
2 -
توشيح الديباج (ص 92 - 98).
3 -
البستان (ص 96 - 100).
4 -
درة الحجال (1/ 257 - 258).
5 -
نيل الابتهاج (ص 112 - 115).
6 -
شجرة النور الزكية (ص 223).
7 -
الفكر السامي (2/ 243 - 245).
(3)
شجرة النور الزكية (ص 223).
1 -
التوضيح:
شرح فيه جامع الأمهات لابن الحاجب شرحاً حسناً (1)، "انتقاه من شرح ابن عبد السلام، وزاد عليه عزو الأقوال، وإيضاح ما فيه من الإشكال"(2)، "وقد اعتمد اختياراته وأنقاله، لعلمه وفضله، وكثيراً ما يرد الفرع لأصله"(3).
"وضع الله عليه القبول، وعكف الناس على تحصيله، ومطالعته"(4)، "فهو كتاب الناس شرقاً وغرباً، ليس من شروحه [جامع الأمهات] على كثرتها ما هو أنفع منه ولا أشهر"(5)، "وهو شرح مبارك، .... دليل على حسن طويته"(6)(7).
2 -
المختصر:
"له مختصر في الفقه مفيد"(8)، "قصد فيه إلى بيان المشهور،
(1) انظر الديباج المذهب (1/ 357).
(2)
الدرر الكامنة (2/ 86).
(3)
الفكر السامي (3/ 243).
(4)
الديباج المذهب (1/ 357 - 358).
(5)
نيل الابتهاج (ص 114).
(6)
المرجع السابق (ص 113).
(7)
(*) عن مخطوطات الكتاب، انظر:
فهرس مخطوطات خزانة القرويين (1/ 396 - 397)، (4/ 341 - 365، 388).
(8)
الدرر الكامنة (2/ 86).
مجرداً عن الخلاف، وجمع فيه فروعاً كثيرة جداً، مع الإيجاز البليغ" (1)، "أجاد فيه كل الإجادة، وأكب الناس على فهمه وحفظه" (2)، فهو "من أفضل نفائس الأعلاق
…
؛ إذ هو عظيم الجدوى، بليغ الفحوى، مبين لما به الفتوى، .... ، قد جمع الاختصار في شدة الضبط والتهذيب وأظهر الاقتدار في حسن المساق والترتيب، فما نعلم أحداً نسج على منواله، ولا سمحت قريحة بمثاله (3)، "اختصر [فيه] ابن الحاجب، وسلك فيه طريق الحاوي (4) عند الشافعية، فجمع الفروع الكثيرة من كتب المذهب؛ حتى قالوا: إنه حوى مائة ألف مسألة منطوقاً، ومثلها مفهوماً، وإنما ذلك تقريب، وإلا ففيه أكثر من ذلك بكثير، بل قال الهلالي (5): فيه المسألة الواحدة التي تجمع ألف ألف مسألة، مع أن مختصر ابن الحاجب - قال ابن دقيق العيد (6) -: إنه جمع أربعين ألف مسألة، وقال في المنح
(1) الديباج المذهب (1/ 358).
(2)
درة الحجال (1/ 257).
(3)
توشيح الديباج (ص 96)؛ وانظر نيل الابتهاج (ص 114).
(4)
يريد الحاوي الصغير لنجم الدين عبد الغفار بن عبد الكريم بن عبد الغفار القزويني (ت 665 هـ).
(5)
أحمد بن عبد العزيز الهلالي، السجلماسي (ت 1175 هـ).
(6)
ابن دقيق العيد، محمد بن علي القشيري، المصري (ت 702 هـ).
البادية (1): إن ابن الحاجب جمع ستاً وتسعين ألف مسألة" (2)، "فربما تقع المسألة ولا توجد إلا فيه، مع تحريره المسائل، وإتقانه، وتبيينه للمشهور المعتمد من القولين، والأقوال" (3)، "فما تكون مسألة في الفقه إلا وحكمها يؤخذ من مختصر خليل رحمه الله تعالى، إما من منطوقه، وإما من مفهومه" (4)، فهو "أجمع كتاب في الفقه المالكي، مع الاختصار
…
، ولا مرية أنه أجمع كتاب في الفقه المالكي؛ ففيه خلاصة ابن الحاجب، مع جمعه لما تركه مما احتوت عليه الكتب الأمهات" (5)، "كتاب صغر حجمه، وكثر علمه، وجمع فأوعى، وفاق أضرابه جنساً ونوعاً
…
لم تسمح قريحة بمثاله، ولم ينسج أحد على منواله" (6)، اعتنى الناس به "شرحاً ودرساً، وتركوا كل شيء سواه، غير الرسالة للشيخ ابن أبي زيد
…
ومما دعا إلى الإقبال عليه أنه ترك الذي اعتنى به ابن الحاجب، وابن عرفة، واقتصر على ما به الفتوى، فطرح على قارئه كلفة تحرير
(1)(*) المنح البادية في الأسانيد العالية، لأبي عبد الله محمد (المعروف بالصغير)، ابن عبد الرحمن بن عبد القادر الفاسي، (ت 1134 هـ).
(2)
الفكر السامي (2/ 343 - 344).
(3)
المرجع السابق (2/ 402).
(4)
فتح الشكور (ص 125).
(5)
تراجم خليل لعظوم (ص 114).
(6)
مواهب الجليل (1/ 2).
تلك الأقوال، وما ذكره في الخلاف إنما هو إذا تساوى التشهير أو لم يطلع على ترجيح قول، وكذلك دعاهم إلى الإقبال عليه أن ما حرره من المسائل كان صواباً؛ بحيث أنه لا خلل فيه، وسبب ذلك أنه أفنى في تحريره زهرة حياته، حيث أقام في تأليفه خمساً وعشرين سنة" (1).
يقول المؤلف في مقدمته:
"
…
سألني جماعة أبان الله لي ولهم معالم التحقيق
…
مختصراً على مذهب مالك بن أنس رحمه الله تعالى مبيناً لما به من الفتوى
…
" (2).
وقد اعتمد رحمه الله للوصول إلى هذا الهدف: المدونة وفهم شارحيها، كما اعتمد في ترجيحاته واختياراته أربعة من كبار علماء المالكية وهم:
اللخمي، وابن يونس، وابن رشد، والمازري "مشيراً بـ (فيها) للمدونة، وبـ (أول) إلى اختلاف شارحيها في فهمها، وبـ (الاختيار) للخمي، إن كان بصيغة الفعل فذلك لاختياره هو في نفسه،
(1) تراجم خليل لعظوم (ص 114).
والمختصر "لم يخرج من المسودة إلا ثلثه الأول إلى النكاح، والباقي أخرجه تلاميذه"، الفكر السامي (2/ 244).
(2)
المالكي، خليل بن إسحاق، مختصر العلامة خليل (ص 8).
وبالاسم فذلك لاختياره من الخلاف، وبـ (الترجيح) لابن يونس كذلك، وبـ (الظهور) لابن رشد كذلك، وبـ (القول) للمازري كذلك" (1).
"واعلم أنه يذكر اختيار هؤلاء الشيوخ تارة لكونه مخالفاً لما رجحه، وتارة لكونه هو الراجح؛ وذلك حيث لم يذكر غيره، وكذا يفعل في اختيار غيرهم المشار إليه بصحيح، والأصح، واستحسن
…
، وخصهم بالتعيين؛ لكثرة تصرفهم في الاختيار" (2)؛ و"لأنه لم يقع لأحد من المتأخرين ما وقع لهم من التعب في تحرير المذهب، وتهذيبه" (3)، "وبدأ باللخمي لأنه أجرؤهم؛ ولذا خصه بمادة الاختيار" (4)، وقدمه "علي ابن يونس، وإن كان ابن يونس أقدم منه؛ لأنه أكثر إقداماً على الاختيار، فإنه كثيراً ما ينقل كلام الفقهاء، ويقول بأثره وأنا أختار كذا" (5)، "وخص ابن يونس بالترجيح، لأن أكثر اجتهاده في الميل مع بعض أقوال من سبقه، وما يختار لنفسه قليل، وخص ابن رشد بالظهور، لاعتماده كثيراً على ظاهر الروايات
…
، وخص المازري بالقول؛
(1) مختصر العلامة خليل (ص 8).
(2)
مواهب الجليل (1/ 35).
(3)
العذب السلسبيل (ص 90).
(4)
مواهب الجليل (1/ 35).
(5)
العذب السلسبيل (ص 90).
لأنه لما قويت عارضته في العلوم، وتصرف فيها تصرف المجتهدين كان صاحب قول يعتمد عليه" (1).
لا شك أن مما يلفت نظر الباحث اعتماد خليل لاختيارات اللخمي وترجيحاته في كتابه التبصرة مع أن "أهل المائة السادسة، وصدر السابعة لا يسوغون الفتيا من تبصرة اللخمي"(2)، وذلك لأمرين:
1 -
أن اللخمي "مغرى بتخريج الخلاف في المذهب، واستقراء الأقوال، وربما تبع نظره فخالف المذهب فيما ترجح عنده، فخرجت اختياراته في الكثير من قواعد المذهب"(3).
2 -
إن التبصرة "لم تصحح على مؤلفها، ولم تؤخذ عنه"(4)، بمعنى آخر: حيث لم يتلق الكتاب عن مؤلفه تلقياً مباشراً بالرواية المعتمدة، فاحتمال الخطأ في النقل، وفي عزو القول إلى المؤلف والخطأ فيه، احتمال قوي دفع العلماء إلى التحذير من اعتماده للفتوى.
هذان الأمران لا يقفان حجة قوية لرفض اختيارات اللخمي واجتهاداته وذلك في ضوء الحقيقتين الآتيتين:
(1) مواهب الجليل (1/ 35).
(2)
نيل الابتهاج (ص 247).
(3)
ترتيب المدارك (8/ 109).
(4)
نيل الابتهاج (ص 247).
1 -
الأولى: أن المؤلف اعترف له بالاجتهاد في المذهب، فلا غرو وقد بلغ هذه الدرجة العلمية، أن يجمع الأقوال، ويخرج الخلاف، ولا مانع أن يقوده اجتهاده إلى تبني ترجيحات، واختيار آراء قد لا يسلم لها بها غيره، بل تعتبر عند الغير خارجة عن قواعد المذهب.
2 -
أما الثانية: فالكتاب وإن لم يصحح على مؤلفه ولم يؤخذ عنه أخذاً مباشراً إلا أن كتاب التبصرة خضع لدراسة من جاء بعده من العلماء المالكية بل ومن معاصر اللخمي، وهو ابن بشير، الذي تعقب في كتابه (التنبيه) اختيارات اللخمي، وكثيراً ما ردها (1).
أضف إلى ذلك أنه "قد عول من بعدهم [علماء السادسة، وصدر السابعة] عليها [التبصرة]، وأكثر من نقل نصوصها المحققون: كالمؤلف، وابن عرفة، وغيرهما"(2)، واعتماد هؤلاء العلماء لنصوص التبصرة وتعويلهم عليها، يبعد عنها احتمال الخطأ في نقل النصوص، وقبولهم لاختياراته تسليم له بحقه في الاجتهاد مع ما قد يتضمن هذا الاعتماد والنقل من الاعتراف بصحة رأيه، وتصويب اجتهاده، "ولا يضرها ما لا يسلم منه غير المعصوم؛ لأن ذلك نادر، والحكم للغالب"(3).
(1) انظر: الديباج المذهب (1/ 265 - 266).
(2)
نور البصر (ص 200).
(3)
المرجع السابق.
يقول الهلالي: "وحاصل الأمر في الكتب التي يعتمد عليها في الفتاوى والأحكام في العبادات والمعاملات، أنها يطلب فيها أن يثبت عند العامل بها، والمفتي، والحاكم أمران:
أحدهما: صحة نسبتها إلى مؤلفها، وثانيهما: صحتها في نفسها.
أما الأول: فيثبت بروايته سماعاً بسند صحيح، وهو الأصل، وربما ينزل منزلته وهو اشتهار الكتاب بين العلماء معزواً للمؤلف وتواطؤ نسخه شرقاً وغرباً.
وأما الثاني: فيثبت بموافقته لما يجب به العمل
…
وتعرف الموافقة عند المجتهد في المذهب بالاجتهاد" (1).
وهذا ينطبق تماماً على كتاب التبصرة، فقد اشتهر عزوها إلى مؤلفها، أما موافقتها لما يجب به العمل، فيشهد به اعتماد العلماء المحققين لها ولنصوصها وما فيها من اختيارات.
شروح مختصر خليل وتعددها:
اعتنى علماء المالكية بمختصر خليل عناية نادرة المثال، لم يحظ بها إلا القليل القليل من ما سبقه من مؤلفات، ومن أبسط الأدلة على مدى عناية العلماء بهذا المختصر ما كتبوا عليه من شروح،
(1) نور البصر (ص 124 - 125).
وحواشي، وطرر، بل واختصار ونظم، منذ ظهوره إلى وقتنا الحاضر (1).
إن أسلوب الكتاب ومنهجه يحتمان الحاجة إلى شروح، وحواشي، تتعدد وتتجدد بتعدد النابهين من علماء المالكية، وتجدد نظراتهم الاجتهادية في أقوال المذهب في ضوء القواعد والضوابط التي نُوه عنها سابقاً، والتي منها، بل أكثرها تأثيراً في تطور الآراء المذهبية، ما جرى به العمل.
أسلوب الكتاب اختصار مركز تركيزاً يكاد يصل إلى مستوى الألغاز؛ إذ بظهوره "بلغ الاختصار غايته؛ لأن مختصر خليل: مختصر مختصر المختصر (بتكرر الإضافة ثلاث مرات)
…
، وكاد جُلّ عبارته أن يكون لغزاً" (2)، فكل حرف وكلمة وجملة لها معناها مفهوماً، ومنطوقاً، يتبارى العلماء في تفسير منطوقها، واستخراج
(1)"ويكفي تدليلاً على عناية الناس به أن الكتابات عليه عدة كتابات، كما ذكر أحمد بابا في نيل الابتهاج أن الشروح والتعاليق عليه أكثر من ستين تأليفاً، والذي وقف عليه كاتبه بين مطبوع ومخطوط ومجرد أسماء ما يناهز المائة". تراجم خليل لعظوم (ص 115).
"ولم يشتغل علماء الصحراء المغربية بأهم ما عندهم من خليل
…
، حتى إنه تعرضوا لعد شراحه نظماً، ونثراً، مختصرات، ومطولات، فوجدت تنيف عن (1570) تأليفاً بغير عد السفر وحده". ندوة الإمام مالك (السالمي، الجيلاني لعبدا، خدمة المذهب المالكي في الصحراء المغربية 3/ 265).
(2)
الفكر السامي (2/ 398).
مفهومها، ويقضون في شرح ذلك وتدريسه أياماً وسنيناً، "وأشهر هؤلاء الأساتذة كانوا يقضون من خمسة عشر إلى عشرين عاماً ليفرغوا من شرح هذا النص
…
، وطول المدة التي يقضيها الأستاذ في تفسير هذا النص كان يعد دليلاً على سعة علمه" (1)، "وقد ختم المختصر بعض أشياخنا تدريساً في نحو أربعين سنة، ومع هذا فإنما يحرر الفروع ويسردها مسلمة" (2).
أما منهج المختصر: فقد نص المؤلف في مقدمته على أنه "حيث ذكرت قولين، أو أقوالاً فذلك لعدم اطلاعي في الفرع على أرجحية منصوصة
…
، وأشير
…
بـ (التردد) لتردد المتأخرين في النقل، أو لعدم نص المتقدمين، وبـ (لو) إلى خلاف مذهبي" (3).
فـ "في هذا المختصر كثير من التردد في النقول بغير بت في الحكم، ولم يكن عدم الترجيح في هذه الأقوال، ولا عدم البت في ما تردد من النقول قصوراً من المصنف عن درجة الترجيح والاختيار؛ وإنما كان ذلك منه استنهاضاً للهمم، وإحالة على النظر والبحث حتى يتدرب طالب الفقه على القول والتحقيق به من غير التزام
(1) بل، الفرد، الفرق الإسلامية في الشمال الإفريقي، ترجمه عن الفرنسية عبد الرحمن بدوي (ص 411 - 412).
(2)
الفكر السامي (2/ 401).
(3)
مختصر خليل (ص 9).
لترجيح المؤلف، حتى تتولد في نفس الطلاب الفقاهة والتمييز بين الأقوال بالدراية والنظر. وما هو إلا أمين جمع وتورع، ومرتبته في التخريج والترجيح تظهر في كتابه التوضيح، فقد أجال النظر، وأعمل الفكر، واستنبط، وخرج، ورجح، واختار، وانتقد، وجعل مختصره هذا واعية وراوية لأقوال العلماء في المذهب، وافياً بجميع أحكامه" (1).
هاتان الحقيقتان العلميتان - أسلوب الاختصار المركز الذي لم يسبق إليه، ومنهج التواضع العلمي بترك باب الاجتهاد الترجيحي مفتوحاً جزئياً ليتبارى من بعده من العلماء والدارسين في إبراز مواهبهم- تفسران الحاجة الملحة إلى التصدير لشرح الكتاب، وتفسيره، ووضع النقاط على حروفه، من كل من رأى في نفسه من علماء المالكية بعده - تلاميذه وغيرهم- قدرة علمية عالية، وموهبة اجتهادية، فتعددت من ثم الشروح، والحواشي، والتقاييد والطرر من أجيال العلماء بعده حتى القرن المعاصر، وكان منها ما حاز القبول وقصب السبق على غيره، فاعترف له علماء المالكية بالاعتماد المطلق، ومنها ما اعترف له بالاعتماد المشروط كما سيأتي بيانه في تقويم كتب هذا الدور إن شاء الله.
(1) الأمير، محمد، الإكليل شرح مختصر خليل (مقدمة الأستاذ عبد الوهاب عبد اللطيف (ص هـ).