الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 - الموطأ:
توفي مالك رضي الله عنه وترك للمالكية كنزاً حقيقياً، جمع العلم أصولاً وفروعاً، ذلك هو الموطأ، "فقد قصد مالك رحمه الله من هذا الكتاب - أي الموطأ - تبيين أصول الفقه وفروعه"(1)، ولم يشتهر كتاب من كتب مالك، أو المالكية في كل العصور اشتهار الموطأ، "ولم يعتن بكتاب من كتب الفقه والحديث، اعتناء الناس بالموطأ"(2).
كاد الموطأ يصبح "الدستور المذهبي الموحّد" لكل الأمة الإسلامية في أوائل القرن الثاني الهجري في خلافة المنصور؛ إذ يقول لمالك: "إني عزمت أن آمر بكتبك هذه التي وضعت - يعني الموطأ - فتنسخ نسخاً، ثم أبعث إلى كل مصر من أمصار المسلمين منها نسخة، وآمرهم أن يعلموا بما فيها، وألا يتعدوها إلى غيرها، ويدعوا ما سوى ذلك من هذا العلم المحدث، فإني رأيت أصل العلم: رواية أهل المدينة، وعلمهم"(3). ولكن ألمعية مالك، وبعد نظره، وفهمه العميق لأسرار الشريعة، ومقاصدها، وطبيعة التشريع الإسلامي وأصوله أبى عليه أن يقبل هذا الرأي أو بتبناه" (4).
(1) كشف المغطى (ص 30).
(2)
ترتيب المدارك (2/ 80).
(3)
الانتقاء (ص 41).
(4)
المرجع السابق.
ولست هنا بصدد تقويم "الموطأ" من حيث كونه كتاباً يجمع بين دفتيه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ يكفي أنه كان يعد "أصح كتاب بعد كتاب الله"، حتى ألف الإمام البخاري صحيحه (1)، ولم ينقص لذلك من قدر الموطأ عند أرباب العلم بالحديث إلى زماننا هذا؛ "فإن الموافق والمخالف أجمع على تقديمه، وتفضيله، وروايته، وتقديم حديثه، وتصحيحه"(2)، وإنما الذي يهم الباحث هنا هو تقويم:"ما استنبطه الإمام مالك رحمه الله من الفقه المستند إلى العمل، أو إلى القياس أو إلى قواعد الشريعة"(3).
"كتاب الموطأ أصبح كتب الفقه، وأشهرها، وأقدمها، وأجمعها، وقد اتفق السواد الأعظم من الملة المرحومة على العمل به، والاجتهاد في روايته"(4).
"ومن اليقين أنه ليس بيد أحد اليوم كتاب في الفقه أقوى من الموطأ؛ لأن أفضل الكتاب: إما أن يكون باعتبار المؤلف، أو من جهة
(1) انظر: المقدمات الممهدات (1/ 44)، ترتيب المدارك (2/ 70)، مجموعة فتاوى ابن تيمية (20/ 320 - 323)، تنوير الحوالك (1/ 7).
(2)
ترتيب المدارك (2/ 80).
(3)
كشف المغطى (ص 19).
(4)
الدهلوي، الإمام ولي الله، أحمد بن عبد الرحيم، المسوى من أحاديث الموطأ (ص 4 - 5).
التزام الصحة، أو باعتبار الشهرة، أو من جهة القبول، أو باعتبار حسن الترتيب، واستيعاب المقاصد ونحو ذلك، وكل ذلك يوجد في الموطأ" (1).
وأستطيع التأكد بأن المكانة المتميزة التي حظي بها كتاب الموطأ من قبل العلماء والحكام، هي أنه استطاع أن يقدم الفقه الإسلامي مدعماً بأدلته من السنة النبوية .... " (2). "فقد أثبت مالك رحمه الله من خلال تأليفه الموطأ أن منهج التأليف الفقهي يجب أن يعتمد أولاً على النصوص من قرآن، وسنة، وأن السنة النبوية قادرة على إمداد الفقهاء بجميع الأدلة التي يحتاجون إليها لاستنباط الأحكام الفقهية" (3).
اعتمدت المدرسة المالكية في فقهها على الموطأ فـ "عمل المالكية على ما في الموطأ، فأصول المذهب هي المدونة، والموطأ"(4)، إلا أن "الموطأ مقدمة في الفقه على المدونة"(5)، فالموطأ "عدة مذهب مالك، وأساسه"(6).
(1) أوجز المسالك (1/ 30)، وانظر أيضاً: تسهيل دراية الموطأ (ص 14).
(2)
ندوة الإمام مالك (النبهان، أثر الإمام مالك في تدعيم مكانة السنة النبوية في المنهج الفقهي العام 2/ 172).
(3)
المرجع السابق.
(4)
الموطأ برواية ابن زياد (مقدمة المحقق، ص 55).
(5)
الفكر السامي (1/ 336)، وانظر: المقدمات الممهدات (1/ 44).
(6)
المسوى (ص 5).