الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منظومة "عديمة المثال في الاختصار، وكثرة الفوائد، والتحقيق، وموافقة المشهور"(1)، وهي من الكتب المعتمدة (2).
26 - مؤلفات الشيخ علي الأجهوري (ت 1066 ه
ـ) وتلاميذه على المختصر:
يحظى الشيخ علي الأجهوري بكل التقدير والثناء من علماء المالكية، فقد "حرر كثيراً من المسائل اتم تحرير، وقررها أوضح تقرير، وحصل كثيراً من النقول أحسن تحصيل، وفصل مجملات أبين تفصيل
…
" (3)، كما ينال تلاميذه المشهورون، وعلى رأسهم عبد الباقي الزرقاني، (ت 1099 هـ)، ومحمد الخرشي، (ت 1101 هـ)، وإبراهيم الشبرخيتي، (ت 1106 هـ)، ما ناله أستاذهم من اعتبار لعملهم ورسوخ قدمهم في ميدان الفقه المالكي.
أما من حيث اعتماد مؤلفاتهم، واعتبار ترجيحاتهم وتحريراتهم، واختياراته ممثلة للرأي الراجح المعتمد، فقد وقف المالكية منها موقفين متغايري، وإن اتفقا مقصداً: وهو الوصول إلى الراجح المعتمد في المذهب.
يصور موقف علماء مصر الشيخ محمد الأمير؛ إذ يقول في
(1) خلاصة الأثر (3/ 97).
(2)
الفكر السامي (2/ 433).
(3)
نور البصر (ص 128).
شرحه لكتابه المجموع، بعد أن ذكر الكتب التي اعتمد عليها:
"أما (عج) (1) فقد لخص كلامه تلامذته كالشيخ (عب) (2)، و (شب) (3) وليس وراء من ذكرنا في شراح الكتاب كبير مهم"(4).
مع الاعتراف الكامل برسوخ قدم الشيخ علي الأجهوري في المذهب المالكي، إلا أن علماء المغرب اتخذوا من شرحه وشروح تلاميذه موقفاً يختلف عن الموقف الذي صرح به الأمير، إذ يقول الهلالي: "ومن الكتب التي لا يعتمد على ما انفردت به، شرح العلامة الشهير
…
نور الدين الشيخ علي الأجهوري على المختصر
…
وما قيل فيه يقال في شرح تلامذته وأتباعه من المشارقة: كالشيخ عبد الباقي، والشيخ إبراهيم الشبرخيتي، والشيخ محمد الخرشي، لأنهم يقلدونه غالباً
…
، فشرحه كثير الفوائد لمن يميز حصباه من دره ولا يطويه على غره.
وقد سئلت بالجامع الأزهر من القاهرة عن شرح تلميذه الشيخ عبد الباقي الزرقاني، فقيل لي: ما رأيك فيه؟ فقلت لهم: لا ينبغي للطالب أن يترك مطالعته؛ لكثرة فوائده، ولا أن يقلده في كل ما
(1)(عج) الشيخ علي الأجهوري.
(2)
(عب) الشيخ عبد الباقي الزرقاني.
(3)
(شب) الشيخ إبراهيم الشبرخيتي.
(4)
الأمير، محمد، شرح مجموع الأمير (1/ 11).
يقول أبو ينقل لكثرة الغلط في مقاصده" (1).
هدف علماء المذهب هو الوصول إلى الرأي الراجح الذي ينبغي اعتماده للفتوى والقضاء؛ ولذا فاختلاف موقف علماء المالكية من آراء الشيخ الأجهوري وتلامذته، لا يعني التسليم المطلق باعتماد تلك الآراء من العلماء المصريين، أو الرفض المطلق لها من العلماء المغاربة، إذ كل يرغب الوصول إلى الهدف في ضوء القواعد والضوابط الترجيحية المعتمدة في المذهب، ولكن اختلفت مناهجهم في التعالم مع آراء الأجهوري.
فعلماء مصر اعتمدوا كتب الأجهوري وتلامذته (2)، ولكنهم حرروا ما جاء فيها من آراء وترجيحات بمنهج غير مباشر، وميزوا الراجح المعتمد في المذهب وافق رأي الأجهوري وتلاميذه أو خالفه، منوهين أحياناً بمخالفتهم لتلك الآراء والترجيحات، فعلى سبيل
(1) نور البصر (ص 127 - 128)؛ وانظر: العذب السلسبيل (ص 66 - 67)؛ الطليحة (ص 81).
(2)
انظر:
1 -
العدوي، علي، حاشية العدوي على الخرشي (بهامش الخرشي على مختصر خليل 1/ 3).
2 -
الدسوقي، محمد عرفة، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير لأحمد الدردير (1/ 5).
3 -
الأمير، محمد، شرح مجموع الأمير (1/ 11).
المثال لا الحصر، خالف الأمير في مجموعة ترجيحات الأجهوري وتلاميذه في عدد من المسائل (1). فـ"الشيخ الأمير لم يكن بالنسبة إلى هؤلاء الأئمة والمشايخ مجرد محاك أوناقل، لكنه كان محققاً، ومدققاً، ومرجحاً فيما يتصل بشروح هؤلاء وحواشيهم على المختصر"(2).
أما علماء المغرب فقد سلكوا في تحرير ما انفرد به الأجاهرة من نقول وترجيحات منهجاً مباشراً؛ حيث أخضعوا هذه الآثار، والنقول للنقد والتمحيص المباشر "وكم في شروح
…
الأجهوري، والزرقاني، والخرشي من ذلك [الغلط] حتى التجأ المغاربة لإصلاح غلطهم" (3)، وانصب جل اهتمامهم على شرح عبد الباقي الزرقاني للمختصر، إذ هو تلخيص لآراء أستاذه الأجهوري (4)، ثم هو كتاب
(1) انظر: شلبي، د/ حمدي عبد المنعم، الشيخ محمد الأمير وأثره في الفقه المالكي (رسالة ماجستير، كلية الشريعة والقانون، جامعة الأزهر 1983، لم تطبع، ص 116، 119 - 121).
أورد بعض المسائل التي خالف فيها الأمير المشايخ الذين اعتمد عليهم ومنهم الأجهوري وتلاميذه.
(2)
الشيخ محمد الأمير وأثره في الفقه المالكي (ص 116).
(3)
الفكر السامي (2/ 399).
(4)
انظر: الزرقاني، عبد الباقي، شرح الزرقاني على مختصر خليل (1/ 2 - 3).
"لا ينبغي للطالب أن يترك مطالعته لكثرة فوائده"(1).
ألف الشيخ محمد البناني كتاب: الفتح الرباني فيما ذهل عنه الزرقاني، وعنوان الكتاب جلي في القصد منه؛ إذ أن الزرقاني "كثيراً ما ينزل النقل في غير محله، ويلحق الفرع بغير أصله"(2)، ثم ألف الشيخ محمد التاودي حاشية على الزرقاني ذكر فيها "أموراً نبه عليها مما يحتاج إلى التنبيه عليه، مما أغفله الشيخ بناني ولم يشر إليه"(3).
وبهذين الكتابين حرر المغاربة آراء مدرسة الأجاهرة وترجيحاتهم وأصبح من الضوابط المسلم بها عند علماء المغاربة بعام أنه:
ولا يتم نظر الزرقاني
…
إلا مع التاودي أو البناني (4)
وأصبحت الآراء والترجيحات والنقول التي انفرد بها الزرقاني -
(1) نور البصر (ص 128).
(2)
البناني، محمد، حاشية البناني على الزرقاني (بهامش شرح الزرقاني على مختصر خليل 1⁄2).
(3)
الروهوني، محمد بن أحمد، حاشية الرهوني على شرح الزرقاني على مختصر خليل (1/ 4).
(4)
انظر: التواتي الليبي، أبو القاسم محمد، كتاب مرجع المشكلات شرح نوازل العلوي (ص 17)؛ الطليحة (ص 81).
الممثل الرئيس لمدرسة الأجاهرة - معتمدة؛ شريطة تأييدها وإقرارها - نصاً أو سكوتاً - من البناني أو التاودي، فـ"تعرضا رضي الله عنهما لتتبع كلامه [الزرقاني] بما أراحا الناظر فيه من تعب، وأوقافه من كنوزه الخفة على ما طلب، وأبديا من التنبيهات والفروع والفوائد ما لا ينكره إلا جاهل أو معاند. لكنه بقيت فيه مواضع يحتاج إلى التنبيه عليها لم تقع منهما إشارة إليهما، اعتقدها الطلبة من كلامه صحيحة؛ لأنه سكت عنها من ميز سقيمه وصحيحه، كما أنهما رضي الله عنهما اعترضا كثيراً من مسائله الصحاح، ونسباه إلى الخطأ الصراح"(1)، ولتحرير ذلك ألف الشيخ محمد الرهوني حاشية على شرح الزرقاني يذكر فيها "تنبيهات أكيدة، وأطرزة بفروع غريبة، ومسائل مفيدة"(2).
"بيد أنها، [حاشية الرهوني]، كثيرة الإطناب والإسهاب، متداخلة النقول في كثير من المواضع الرحاب"(3)، ولذلك اختصرها
(1) حاشية الرهوني على شرح الزرقاني لمختصر خليل (1/ 3).
(2)
المرجع السابق (1/ 4).
وقد سمى الحاشية: أوضح المسالك وأسهل المراقي إلى سبك إبريز الشيخ عبد الباقي، واشتهر الكتاب بحاشية الرهوني على الزرقاني.
(3)
كنون، محمد بن المدني علي، حاشية كنون على الرهوني (بهامش حاشية الرهوني على شرح الزرقاني 1/ 5).