الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ظلت مدرسة المدينة نشطة في أداء رسالتها إلى أن أصابها ما أصاب المدارس السنية الأخرى تحت سيطرة الشيعة على المدينة (1)، ثم عاد إليها نشاطها بظهور قاضي المدينة المالكي: ابن فرحون (2).
2 - المدرسة العراقية:
بدأ ظهور مذهب المالكية بالبصرة على يد بعض تلاميذ مالك (3)، كابن مهدي (4)،
(1) الجاسر، حمد، رسائل في تاريخ المدينة (السمهودي، الوفا بما يجب لحضرة المصطفى، ص 141).
(2)
ابن فرحون: "إبراهيم بن علي بن محمد
…
ابن فرحون، مدني المولد
…
، تولى القضاء بالمدينة في ربيع الآخر سنة ثلاث وتسعين فسار فيها سيرة حسنة، ولم تأخذه في الله لومة لائم، وأظهر مذهب مالك بها بعد خموله". من مؤلفاته:"تسهيل المهمات في شرح جامع الأمهات، تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام، والديباج المذهب في أعيان المذهب، وكشف النقاب الحاجب من مصطلح ابن الحاجب، وغيرها. توفي عاشر ذي الحجة سنة تسع وتسعين وسبعمائة (سنة 799 هـ) ". نيل الابتهاج (ص 30 - 32).
(3)
انظر: ترتيب المدارك (1/ 24).
(4)
ابن مهدي، عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري، أبو سعيد، كان خياراً، ثقة، قال ابن المديني:"لم أر أحداً أعلم بالحديث من ابن مهدي"، سمع مالكاً، شعبة، وغيرهما، كان يذهب إلى قول مالك، توفي بالبصرة (سنة 198 هـ). انظر: ترتيب المدارك (3/ 2002 - 209).
والقعنبي (1)، وانتشر بعد ذلك في العراق على يد من درسوا على كبار أصحاب مالك من المدنيين، وعلى رأس أولئك الذين نشروا المذهب في العراق ابن المعذّل (2).
وعلى الرغم من جهود تلاميذ مالك الأولين - ومنهم من تولى القضاء ببغداد كأبي أيوب سليمان بن بلال (3) - إلا أن جهود الطبقة
(1) القعنبي: عبد الله بن مسلمة بن قعنب، مدني سكن البصرة، روى عن الليث، والدراوردي، وروى عن مالك كثيراً، كان يجلس على يمين مالك، من أثبت الناس في مالك، قال فيه مالك: "قوموا بنا إلى خير أهل الأرض نسلم عليه
…
"، (توفي سنة 221/ 222 هـ).
انظر: ترتيب المدارك (3/ 198 - 201)؛ الانتقاء (ص 61 - 62).
(2)
ابن المعذل: "أحمد بن المعذل - بذال معجمة مفتوحة مشددة - من أصحاب عبد الملك بن الماجشون، ومحمد بن مسلمة -[تلميذ مالك]- فقيه بمذهب مالك
…
، من العلماء الفصحاء النظار
…
، كان أهل البصرة يسمونه لفقهه ونسكه "الراهب"، لم يكن بالعراق أرفع منه، ولا أعلى درجة، ولا أبصر بمذاهب أهل الحجاز، وعنه أخذ إسماعيل بن إسحاق .... (ت: ؟ ، لم تعرف سنة وفاته) ".
(3)
"سليمان بن بلال، أبو أيوب
…
، من الطبقة التي صار إليها الفقه بالمدينة بعد طبقة مالك، وشرك مالكاً في كثير من رجاله، وكان من أجل أصحابه، وأخصهم به
…
، ولي القضاء ببغداد للرشيد، وتوفي وهو عليه، وصلى عليه الرشيد، وذلك في سنة ست وسبعين ومائة قبل وفاة مالك بثلاث سنين
…
". ترتيب المدارك (3/ 30/32).
التالية لهم من المالكيين كانت أكثر ظهوراً، وأقوى تأثيراً، فقد بلغ المذهب المالكي ذروته في بغداد أيام قضاء آل حماد بن زيد (1)(2)، وظهر منهم إسماعيل القاضي أحد الذين شهد لهم بالاجتهاد بعد مالك (3).
والمدرسة العراقية هي وليدة مدرسة المدينة، غير أن منهجها الفقهي تأثر بالبيئة الفقهية في العراق، والتي كان منهج مدرس "أهل الرأي" السائد فيها والمتغلب. ونتيجة لهذا التأثر تميزت مدرسة العراق المالكية بميلها إلى التحليل المنطقي للصور الفقهية، والاستدلال الأصولي، وذلك بـ "إفراد المسائل، وتحرير الدلائل على رسم الجدليين، وأهل النظر من الأصوليين"(4)، وهو المنهج الذي يشار إليه عند المالكية المتأخرين
(1) انظر: ترتيب المدارك (1/ 24).
(2)
(*) آل حماد بن زيد: "كانت هذه البيئة على كثرة رجالها، وشهرة أعلامها، من أجل بيوت العلم بالعراق، وأرفع مراتب السؤدد في الدين والدنيا، وهم نشروا هذا المذهب هناك، ومنهم اقتبس ..... ، روى عنهم في أقطار الأرض، وانتشر ذكرهم ما بين المشرق والمغرب، وتردد العلم في طبقاتهم وبيئتهم نحو ثلاثمائة عام، من زمن جدهم الإمام حماد بن زيد .. ، إلى وفاة آخر من وصف منهم بعلم، المعروف بابن أبي يعلى، ووفاته قرب أربعمائة عام".
ترتيب المدارك (4/ 276 - 277)؛ وانظر: المرقبة العليا (ص 32 - 33).
(3)
قال الباجي: "ولم تحصل هذه الدرجة بعد مالك إلا لإسماعيل القاضي". ترتيب المدارك (4/ 282).
(4)
أزهار الرياض في أخبار عياض (3/ 32)؛ وانظر: أعلام الفكر الإسلامي (ص 51 - 61).
بطريقة العراقيين، ويمثلهم في ذلك القاضي إسماعيل، والقاضي أبو الحسن بن القصار (1)، وابن الجلاب (2)، والقاضي عبد الوهاب (3)،
(1) أبو الحسن بن القصار، علي بن عمر بن أحمد، أبو الحسن الفقيه المالكي المعروف بابن القصار، تفقه بالأبهري، له كتاب في مسائل الخلاف، كان أصولياً نظاراً، ولي قضاء بغداد، (توفي سنة 398 هـ، وقيل 397 هـ)، وفي الديباج:"أن اسمه علي بن أحمد البغدادي".
انظر: تاريخ بغداد (12/ 41 - 42)؛ طبقات الفقهاء (ص 170)؛ ترتيب المدارك (7/ 70 - 71)؛ الديباج المذهب (2/ 100).
(2)
ابن الجلاب، عبيد الله بن الحسين بن الحسن، أبو القاسم، بصري، تفقه بالأبهري، كان من أحفظ أصحاب الأبهري وأنبلهم (ت 378 هـ)؛ انظر: الديباج المذهب (1/ 461)؛ شجرة النور الزكية (ص 92).
في اسمه، واسم أبيه، وتاريخ وفاته خلاف. انظر: ابن الجلاب، التفريع (مقدمة التحقيق ص 102 - 106)؛ وانظر: ترتيب المدارك (7/ 67). ذكر في هذه الطبعة أن وفاته كانت سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة، في حين ذكر في الطبعة السابقة لها بتحقيق د. أحمد بكير أن وفاته كانت سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة، انظر: المجلد الثاني (ص 605).
(3)
القاضي عبد الوهاب بن علي بن نصر، أبو محمد الفقيه المالكي، بغدادي، كان ثقة "لم يلقَ من المالكيين أفقه منه"، حسن النظر، جيد العبارة، له كتب كثيرة في كل فن من الفقه، ألف في المذهب، والخلاف، والأصول تواليف مفيدة، خرج في آخر عمره إلى مصر، ومات بها سنة (422 هـ).
انظر: تاريخ بغداد (11/ 31 - 32)؛ طبقات الفقهاء (ص 170)؛ ترتيب المدارك (7/ 220 - 227)؛ الديباج المذهب (2/ 26 - 29)؛ المرقبة العليا (ص 40 - 42)؛ سير أعلام النبلاء (17 - 429 - 430).
والقاضي أبو الفرج (1)، والشيخ أبو بكر الأبهري (2)، ونظراؤهم (3) من أفذاذ العلماء المالكيين العراقيين.
ضعفت المدرسة العراقية، بل "انقطع [المذهب] ببغداد، فلم يبق بها إمام من نحو الخمسين والأربعمائة عند وفاة أبي الفضل
(1) القاضي أبو الفرج، عمر (عمرو) ابن محمد بن عمرو الليثي، البغدادي، نشأ ببغداد، صحب القاضي إسماعيل، وتفقه معه، ولي قضاء طرسوس، له الكتاب المعروف بالحاوي في مذهب مالك، وكتاب اللمع، روى عنه أبو بكر الأبهري (توفي سنة 330 هـ/331 هـ).
انظر: ترتيب المدارك (5/ 22 - 23)؛ الديباج المذهب (2/ 127)؛ شجرة النور الزكية (ص 79).
(2)
القاضي أبو بكر الأبهري، محمد بن عبد الله بن محمد بن صالح التميمي، الفقيه المالكي، سكن بغداد، وله تصانيف في شرح مذهب مالك بن أنس، والاحتجاج له، والرد على من خالفه، وكان إمام أصحابه في وقته، معظماً عند سائر علماء وقته، لم يعط أحد من العلم والرئاسة فيه ما أعطي الأبهري في عصره من الموافقين والمخالفين، لا قرين له وللقاضي إسماعيل بقطر من الأقطار إلا سحنون في طبقته، ثم أبو محمد بن أبي زيد القيرواني، كان أحد أئمة القرآن، والمتصدرين لذلك، والعارفين بوجوده القراءات (توفي سنة 375 هـ).
انظر: تاريخ بغداد (5/ 462 - 463)؛ طبقات الفقهاء (ص 168 - 169)؛ ترتيب المدارك (6/ 183 - 192)؛ الديباج المذهب (2/ 206 - 210)؛ شجرة النور الزكية (ص 91).
(3)
ابن فرحون، إبراهيم، كشف النقاب الحاجب من مصطلح ابن الحاجب (ص 176)، مواهب الجليل (1/ 40)؛ خرشي على خليل (1/ 49).