الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والإمام الشافعي: محمد بن إدريس (1) يتخذ من روايته عن مالك أساساً لفقهه واستنباطاته في كتابه الأم، فـ "أصل مذهب الشافعي ومادة اجتهاده هو الموطأ، إنما تعقبه في بعض المواضع، وخالفه في ترجيح الروايات"(2). وكلا الإمامين: ابن الحسن، والشافعي لم يشتهرا بالحديث اشتهارهما بالفقه والنبوغ فيه.
منهجه في التدريس:
أما الحديث: فقد كان يعقد له مجلساً خاصاً مهيباً، وقد كانت طريقته في تدريس الحديث طريقة أساتذته، يخالف بها طريقة العراقيين، فقد كان يأبى أن يقرأ هو على أحد؛ بل كان له في حلقته
(1) محمد بن إدريس الشافعي: قري، سمع الموطأ من مالك وقرأه عليه، واضع علم أصول الفقه، من تلاميذه الإمام أحمد بن حنبل، ألف كتاب الأم، وهو مؤسس المذهب المشهور المنسوب إليه ثالث المذاهب السنية (ت سنة 204 هـ).
انظر: الانتقاء (ص 66 - 103)؛ ابن حجر العسقلاني، توالى التأسيس لمعالي محمد بن إدريس.
(2)
تسهيل دراسة الموطأ (ص 23).
قارئ خاص ينصت له الجميع، ولا يقاطعه إلا مالك (1)، فقد كان رحمه الله "ينكر أشد الإنكار على من يقول: لا يجوز العرض، بل كان مالك يرى العرض خيراً من السماع (السماع من فم الشيخ) إذا كان الذي يقرأ متثبتاً، فكان أكثر رواية أصحاب مالك عنه هي طريقة القراءة عليه، فيقوم أحد الرواة وافقاً يقرأ من كتاب مالك، ومالك يسمع" (2). وهو منهج اختاره لنفسه حتى لو غضب منه بعض من جاء يطلب السماع فيشتكيه إلى القاضي (3).
أما الفقه: فكان يجيب على ما يلقى عليه، ولم يكن يعجبه الاستطراد في المسائل الفرضية، ولا كثرة الأسئلة، فمالك في فقهه واقعي (4)، فهذا أسد ابن الفرات (5) - تلميذ علي بن زياد، ناقل
(1) انظر: الانتقاء (ص 41 - 42)؛ ترتيب المدارك (2/ 13 - 14).
(2)
كشف المغطى (ص 14 - 15)؛ وانظر: ترتيب المدارك (2/ 28).
(3)
انظر: كشف المغطى (ص 15).
(4)
انظر: ترتيب المدارك (1/ 191)؛ وانظر منهج مالك في الإفتاء: الموافقات (4//286 - 290).
(5)
أسد بن الفرات: فاتح صقلية، وتلميذ مالك، وابن القاسم، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن، صاحب الأسدية، أساس مدونة سحنون، جمع في أسديته بين منهج الحنفية وآراء المالكية في الفقه (ت 154 هـ).
انظر: طبقات علماء إفريقية (ص 163 - 165)؛ طبقات الفقهاء (ص 160)؛ رياض النفوس (1/ 254 - 273)؛ ترتيب المدارك (3/ 291 - 309).
حديث مالك إلى المغرب - تأثر بمنهج أستاذه ابن زياد (1)(2)، وهو منهج قريب إلى منهج أهل الرأي. يأتي أسد إلى مالك يسأله ويتابع الأسئلة فينصحه مالك:"سلسلة بنت سليسلة: إذا كان كذا وكذا، كان كذا وكذا. إن أدرت هذا فعليك بالعراق"(3).
مالك في فقهه صريح لا يخشى لومة لائم، لا يميل إلى المناقشة ولا يتردد أن يقول: لا أدري، حتى لو كان السائل قد تحمل المشقة من أقصى البلاد (4).
(1) انظر: أعلام الفكر الإسلامي (ص 25، 26، 27).
(2)
(*) علي بن زياد: من أهل تونس، سمع من مالك بن أنس، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، ولم يكن في عصره بإفريقية أفقه منه، روى عن سفيان الكثير من الآثار، والتزم مذهب مالك مع تأثره منهجياً بمذهب الحنفية الذي كان منتشراً في تونس، والغالب عليها، وهو أول من أدخل الموطأ، وجامع سفيان المغرب، ما أنتجت إفريقيا مثل علي بن زياد (ت 183 هـ).
انظر: طبقات علماء إفريقية (ص 220 - 223)؛ طبقات الفقهاء (ص 156)؛ رياض النفوس (1/ 234 - 237)؛ ترتيب المدارك (1/ 25)، (3/ 80 - 84)؛ وانظر أيضاً مقدمة فضيلة الشيخ محمد الشاذلي النيفر لموطأ مالك (قطعة منه برواية ابن زياد)؛ إذ هي دراسة فريدة وافية للنواحي العلمية في حياة ابن زياد.
(3)
رياض النفوس 01/ 256 - 257)؛ وانظر: ترتيب المدارك (1/ 190 - 191)، (3/ 292).
(4)
انظر: الانتفاء (ص 38)؛ ترتيب المدارك (1/ 180 - 181)، (2/ 35 - 36)؛ الموافقات (4/ 286 - 290).
وانظر أيضاً في منهج مالك في التلقين: المملكة المغربية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ندوة الإمام مالك، (التواتي، المنهجية في مدرسة مالك بن أنس
…
2/ 304).