الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قد لا يتجاوز الباحث الصواب أن يتبنى الرأي القائل بأن هذه التآليف نمط من أنماط التقنين، ذلك أنها "مختصرات محررة، على طريقة الاكتفاء بأقوال تثبت: هي الراجحة المشهورة، وأقوال تلغى: هي التي ضعفها النظر في الدور الماضي باعتبار أسانيدها، أو اعتبار مداركها، أو باعتبار قلة وفائها بالمصلحة التي تستدعيها مقتضيات الأحوال"(1)، وهو النهج الذي يطلق عليه فضيلة الشيخ ابن عاشور "تقنيناً"(2).
المنهج الثاني:
إذا كانت المختصرات والشروح والحواشي هي سمة غالب مؤلفات الفقه النظري في هذا الدور، فإن الفقه التطبيقي بفروعه اتجه اتجاهاً عكسياً بالتوسع فيه في مؤلفات تابعت تنزيل الأحكام الشرعية على واقعات المشاكل، قضاء، وفتوى، متبعة في ذلك "منهج التفاصيل في الصور العملية لمسائل الأحكام والتوثيق، ودراستها من حيث الوفاء بتحقيق المصالح الشرعية المنوط بها على حسب مقتضيات الأحوال، وقد ظهرت على هذا المنهج الثاني كتب الأحكام والتوثيق
…
، وتبعها ازدهار التحقيق الفقهي في جزئيات المسائل العملية، الذي طفحت به الفتاوى والرسائل" (3).
(1) أعلام الفكر الإسلامي (ص 70).
(2)
المرجع السابق.
(3)
ومضات فكر (2)(ص 72).
أما من حيث المضوع فتكاد كتب الفقه النظري، اختصاراً، وشروحاً، وحواشي، تدور حول مؤلفات معينة، اشتهرت واعتمدت: كالمدونة، والتهذيب، والرسالة، وجامع الأمهات، ومختصر خليل، وكان لمختصر خليل الحظ الأوفر من هذه المؤلفات شروحاً وحواشي، ونظماً، بل واختصاراً.
كما اهتم علماء هذه الفترة بالفقه التطبيقي بفروعه: الفتاوى، والأحكام، والتوثيق، وما جرى به العمل، ونالت هذه الموضوعات حظاً وفيراً، وحيزاً كبيراً من مؤلفات هذا الدول، وبخاصة ما يتعلق بالأحكام والتوثيق، وجريان العمل، فقد جمع المعتنون بفقه القضاء، المسائل التي جرى عليها العمل بنوعيه: المطلق والمحلي، "ونظموا فيها أراجيز عرفت باسم كتب العمليات، وألفت عليها شروح، فأصبحت العمليات وشروحها مادة لأسماء ومصطلحات كثيرة لا توجد إلا في القرون والأقطار التي جرى فيها العمل بتلك الأحكام"(1).
(1) ومضات فكر (2) ص 73).