الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعلى الرغم من أن الثوري مع أبي حنيفة في ذلك، إلا أن دليله في مخالفة الحديث ليس بمقنع.
7 - سُجُودُ السَّهْوِ بَعْدَ الكَلَامِ:
رَوَى أَبُو بَكْرٍ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدِهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ الكَلَامِ» ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَكَلَّمَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ» ، وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى العَصْرَ فَسَلَّمَ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ ثُمَّ انْصَرَفَ» ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الخِرْبَاقُ ، فَقَالَ:«يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَنَقَصَتْ الصَّلَاةُ؟» قَالَ: «وَمَا ذَاكَ؟» ، قَالَ «صَلَّيْتَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ» ، «فَصَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ ثُمَّ سَلَّمَ» .
- «وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: " إِذَا تَكَلَّمَ فَلَا يَسْجُدُهُمَا "» .
وفي الحقيقة أن رأي أبي حنيفة هذا هو رأي مالك والشافعي أيضًا، ويقول النووي إنه رأى الجمهور من السلف والخلف والذين ذهبوا إلى تحريم الكلام في الصلاة مطلقًا، لحاجة أو لغير حاجة، ولمصلحة الصلاة أو لغير مصلحتها، لحديث:«إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ القُرْآنِ» . وقد استدلوا بهذا الحديث الذي رواه مسلم عن معاوية بن الحكم على نسخ الأحاديث السابقة لأن إسلام معاوية متأخر، وقد شرح الطحاوي هذا الموضوع فأوفى على الغاية (1).
8 - رَدُّ السَّلَامِ بِالإِشَارَةِ فِي الصَّلَاةِ:
وَبِسَنَدِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
(1) انظر " شرح النووي على مسلم ": 5/ 56 وما بعدها؛ و" شرح معاني الآثار ": 1/ 257، 262 وقد نقل النووي أن رأي مالك مع أبي حنيفة، ولكن الذي في " المدونة ":(1/ 133) يفيد أن مالكًا مع أهل الحديث في هذه المسألة.
مَسْجِدَ [بَنِي عَمْرِو بْنِ] عَوْفٍ يُصَلِّي فِيهِ ، [وَدَخَلَتْ] عَلَيْهِ رِجَالٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَدَخَلَ مَعَهُمْ صُهَيْبٌ ، فَسَأَلْتُ صُهَيْبًا:" كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ حَيْثُ كَانَ يُسَلَّمُ عَلَيْهِ؟ "، قَالَ:" كَانَ يُشِيرُ بِيَدِهِ "».
- «وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: " لَا يَفْعَلُ "» .
جاء الأمر برد السلام في قوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} (1)، وصح الأمر بمنع المصلي من الكلام في الصلاة، بما ذكرناه في المسألة السابقة.
وقد اختلفوا في رد السلام في الصلاة، هل هو من التكلم المنهي عنه، أو لا؟ فمن العلماء من رأى أن رد السلام ليس من الكلام المنهي عنه فرخصوا في رد السلام في الصلاة بالألفاظ، ومن هؤلاء ابن المسيب، والحسن، وقتادة. ومنهم من منع من رد السلام باللفظ، ورخص في رده بالإشارة. لما روي في ذلك من الأحاديث. ومن هؤلاء: مالك والشافعي وأصحاب الحديث فيما عدا البخاري. ومنهم من منع من رد السلام مطلقًا في الصلاة: بالإشارة أو باللفظ، ومن هؤلاء أبو حنيفة والبخاري، وإن لم يمنعا من الإشارة في الصلاة لأمر ينزل بالمصلي، لِمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ أُنَاسًا سَلَّمُوا عَلَى النَّبِيِّ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ لَا بِالإِشَارَةِ وَلَا بِغَيْرِهَا، وَقَالَ لَهُمْ بَعْدَ الفَرَاغِ مِنْ صَلَاتِهِ:«إِنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلاً» ، وعن ابن مسعود:«كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ، سَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا» . يعني في الصلاة.
وأحاديث ابن أبي شيبة في هذه المسألة، ليست نَصًّا في أن الإشارة
(1)[النساء: 86].