الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتقيد مطلقه وتبين إجماله، وتنسخ من أحكامه، وينسخ القرآن من أحكامها، بل جعلوا أخبار الآحاد مفيدة للعلم، لا للظن الراجح كما هو مذهب الجمهور، وقد خالفوا أيضًا في اعتبارهم دلالة العام قطعية لا ظنية، وإن كان المؤدى واحدًا من حيث إنهم يتفقون مع الجمهور في قدرة السنة على تخصيص القرآن، وإن كان الطريق مختلفًا فالجمهور يعتبر العام ظنيًا، وأخبار الآحاد ظنية، فجاز تخصيص القطعي بالقطعي.
مَفْهُومُ الأَمْرِ وَالنَّهْيِ عِنْدَ الظَّاهِرِيَّةِ:
وسلوك الظاهرية في فهم الأوامر والنواهي التي تتضمنها النصوص أحد المظاهر الهامة في الفقه الظاهري، وقد اختلف العلماء في موجب الأمر وما وضع له، وينص ابن حزم على رأي الظاهرية في هذا، مع إشارته للآراء الأخرى. فيقول:«الذِي يُفْهَمُ مِنَ الأَمْرِ أَنَّ الآمِرَ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مَا أَمَرَ، وَأَلْزَمَ المَأْمُورَ ذَلِكَ الأَمْرَ. وَقَالَ بَعْضُ الحَنَفِيِّينَ وَبَعْضُ المَالِكِيِّينَ وَبَعْضُ الشَّافِعِيِّينَ: إِنَّ أَوَامِرَ القُرْآنِ وَالسُّنَنِ وَنَوَاهِيهُمَا عَلَى الوَقْفِ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى حَمْلِهَا: إِمَّا عَلَى وُجُوبٍ فِي العَمَلِ أَوْ فِي التَّحْرِيمِ وَإِمَّا عَلَى نَدْبٍ وَإِمَّا عَلَى إِبَاحَةٍ» .
فدلالة الطلب على وجوب الفعل أو الترك، ليست مما انفرد به أهل
(1)" الإحكام "، لابن حزم: ج 3 ص 2؛ وانظر " النبذ " له: ص 27، 29.
الظاهر - كما رأينا في كلام ابن حزم - فليست إذن مما يميزهم. لكن الذي عنيناه بأنه من المظاهر الهامة في فقههم هو أنهم يضيقون من الأدلة التي تخرج نصوص الأوامر والنواهي عن موجبها، على حين يوسع غيرهم من الفقهاء في ذلك، ويبدو هذا في الفروع، ولذلك يتبين مدى الأخذ بظاهر الأمر والنهي في الفروع، لا في أصل القاعدة (1).
ومن أمثلة الفروع التي حمل الظاهرية فيها الأمر على الوجوب، مخالفين الجمهور - وجوب الإشهاد على البيع، للأمر في قوله تعالى:{وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282]. ذهب إلى ذلك داود بن علي. وقد حكى وجوب الإشهاد عن بعض السلف، كأبي موسى الأشعري، وابن عمر، وسعيد بن المسيب، وعطاء، وهو مذهب الطبري (2).
وكذلك وجوب مكاتبة العبد، إذا طلب مكاتبة سيده على قيمته. وكان العبد قادرًا على الوفاء. ووجوب معاونة المكاتب بشيء من المال، امتثالاً لظاهر الأمر في قوله تعالى:{فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} (3)، وقد سبق أن ذكرنا أن بعض المحدثين مال إلى ذلك أيضًا.
ومن الأمثلة أيضًا: وجوب ترك البيع وقت النداء لصلاة الجمعة، لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} (4)، فإذا خالف أحد هذا الأمر، وباع في الوقت فبيعه باطل.
(1) انظر " ابن حزم "، لأبي زهرة: ص 346.
(2)
انظر " أسباب الاختلاف " للخفيف: ص 118، 119.
(3)
[النور: 33].
(4)
[الجمعة: 9].
وهل هذا الحكم ينطبق على العقود الأخرى، كالنكاح والإجارة وغيرهما - إذا تمت وقت النداء لصلاة الجمعة!. إن الظاهرية الذين يتمسكون بالألفاظ، ولا يعترفون بالقياس، ولا يبحثون عن العلل - قد وقفوا عند حدود الأمر بترك البيع. فالبيع وقت النداء هو المحرم فقط، أما العقود الأخرى فلا يوجد نص بتحريمها في هذا الوقت، فهي باقية على حكم الإباحة.
وقد وافق المالكية الظاهرية في بطلان البيع وقت النداء للجمعة، ولكنهم زادوا عليهم تحريم العقود الأخرى وبطلانها إذا وقعت في الوقت المذكور.
وقد قسم ابن حزم الأمر بالنسبة للزمان الواقع فيه، إلى أمر مرتبط بوقت لا فسحة فيه، مثل صيام شهر رمضان، فغير جائز تعجيل أدائه قبل وقته ولا تأخيره عن وقته، وإلى أمر مؤقت بوقت محدود الطرفين، مثل أوقات الصلاة، فلا يجوز فيها أيضًا أداء شيء قبل دخول وقته، ولا بعد خروج وقته. وبناء على ذلك ذهب ابن حزم إلى أن من تعمد ترك صلاة حتى خرج وقتها فإنه لا يقضيها، وكذلك لو تعمد ترك صيام رمضان
(1)" المحلى ": 9/ 26، 27.
أو بعضه فإنه لا يجزئه القضاء، وإنما كفارة الفرائض المتروكة الاستغفار والتوبة والإكثار من التطوع، أما قضاء المتروك فلا يجزئه، لأنه لا يفههم من قول الله عز وجل، ورسوله صلى الله عليه وسلم: اعملوا كذا في وقت كذا، وصلوا صلاة كذا من حين كذا إلى حين كذا - إلا أن الزمان المحدود هو الذي أمرنا فيه بالعمل المذكور، فإذا ذهب زمان للعمل فلا سبيل إلى العمل، إلا إذا جاء نص يبيح ذلك، كما في المريض والمسافر في رمضان، وكذا في النائم والناسي للصلاة، فليصلها إذا ذكرها، أو إذا استيقظ.
وقد يكون الأمر محدود الطرف الأول غير محدود الطرف الآخر، فإن الأمر به ثابت متجدد وقتًا بعد وقت، وهو ملوم في تأخيره، فإن أداه سقط عنه إثم الترك، وعليه إثم التأخير وعدم البدار، كوجوب الزكاة والحج (1).
ومن المميزات الهامة للفقه الظاهري أن كل فعل منهي عنه فإنه يقع باطلاً، لا يترتب عليه أثر ما، كما قدمناه بالنسبة لبعض المحدثين.
فرفع البصر إلى السماء في الصلاة يبطلها، لأن النهي عنه جاء في حديث جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ» ، وقد عنف ابن حزم المذاهب التي لا تبطل الصلاة بتعمد رفع الأبصار إلى السماء، مع أن النص قد صح بتحريمه وشدة الوعيد فيه.
وَكَذَلِكَ نَهَى عليه السلام عَنْ الصَّلَاةِ فِي مَبَارِكِ الإِبِلِ وَالحَمَّامِ وَالمَدَافِنِ،
(1) انظر " الإحكام "، لابن حزم: 3/ 52، 68.
فلا تصح الصلاة في هذه الأماكن ويلزم إعادتها، وكذلك لا تصح الصلاة في الأرض المغصوبة، بل إن من أكل ثومًا أو بصلاً ثم صلى في المسجد فإن صلاته باطلة لا تصح. وَقَدْ نَهَى عليه السلام عَنْ التَّخَتُّمِ فِي السَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى، فمن فعل ذلك عامدًا، وتعمد الصلاة فلا صلاة له.
والحديث يقول: «[مَنْ عَمِلَ] عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (1).
ويقرر ابن حزم مذهب الظاهرية في ذلك، فيقول: «وَكُلُّ أَمْرٍ عَلَقَ بِوَصْفٍ مَا لَا يَتِمُّ ذَلِكَ العَمَلُ المَأْمُورُ بِهِ إِلَّا بِمَا عَلَقَ بِهِ فَلَمْ يَأْتِ بِهِ المَأْمُورُ كَمَا أَمَرَ - فَلَمْ يَفْعَلْ مَا أَمَرَ بِهِ فَهُوَ بَاقٍ [عَلَيْهِ] كَمَا كَانَ، وَهُوَ عَاصٍ بِمَا فَعَلَ، وَالمَعْصِيَةُ لَا تَنُوبُ عَنْ الطَّاعَةِ وَلَا يُشَكِّلُ ذَلِكَ فِي عَقَلِ ذِي عَقْلٍ.
فَمِنْ ذَلِكَ مَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ أَوْ مَغْصُوبٍ، وَهُوَ يَعْلَمُ ذَلِكَ، وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ الفِعْلُ أَوْ صَلَّى فِي مَكَانٍ نُهِيَ عَنْ الإِقَامَةِ فِيهِ، كَمَكَانٍ نَجِسٍ أَوْ مَكَانٍ مَغْصُوبٍ، أَوْ فِي عَطَنِ الإِبِلِ، أَوْ إِلَى قَبْرٍ أَوْ مَنْ ذَبَحَ بِسِكِّينٍ مَغْصُوبَةٍ أَوْ حَيَوَانِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ [صَاحِبِهِ] أَوْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ أَوْ بِآنِيَةِ فِضَّةٍ، أَوْ بِإِنَاءٍ ذَهَبٍ فَكُلُّ هَذَا لَا [يَتَأَدَّى] فِيهِ فَرْضٌ: فَمَنْ صَلَّى كَمَا ذَكَرْنَا فَلَمْ يُصَلِّ، وَمَنْ تَوَضَّأَ كَمَا ذَكَرْنَا فَلَمْ يَتَوَضَّأْ، وَمَنْ ذَبَحَ كَمَا ذَكَرْنَا فَلَمْ يَذْبَحْ وَهِيَ مَيِّتَةٌ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَكْلُهَا، لَا لِرَبِّهَا وَلَا لَغَيْرِهِ وَعَلَى ذَابِحِهَا ضَمَانُ مِثْلِهَا حَيَّةً، لِأَنَّهُ فَعَلَ كُلَّ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا أُمِرَ، وَقَالَ عليه السلام:" مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ "» (2).
وهذا الاتجاه في فهم النهي، وإبطال العمل المنهي عنه، أو المتلبس بما هو منهي عنه - مستمد من تصورهم وجود تناقض في فعل واحد
(1) انظر " المحلى " لابن حزم: 4/ 15، 17.
(2)
" الإحكام ": 3/ 59، 60. ويلاحظ [أَنَّ] ابن حزم يجعل النهي داخلاً في نطاق الأمر باعتبار أن النهي هو أمر بالترك، وانظر المصدر نفسه: ص 68 وما بعدها.
بعينه. فحركة المصلي في منزل مغصوب مثلاً، فعل واحد فلو صحت صلاته فيها لأدى القول بصحتها إلى أن يكون الفعل الواحد حرامًا واجبًا في وقت واحد، وهذا تناقض، لأن الصلاة واجبة، والكون في الشيء المغصوب حرام.
وهذا التصور مردود «هَذَا خِلَافُ إجْمَاعِ السَّلَفِ، فَإِنَّهُمْ مَا أَمَرُوا الظَّلَمَة عِنْدَ التَّوْبَةِ بِقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ الْمُؤَدَّاةِ فِي الدُّورِ الْمَغْصُوبَةِ [مَعَ كَثْرَةِ وُقُوعِهَا]
…
بَلْ نَقُولُ: الْفِعْلُ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فِي نَفْسِهِ فَإِذَا كَانَ لَهُ وَجْهَانِ مُتَغَايِرَانِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَطْلُوبًا مِنْ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، مَكْرُوهًا مِنْ الْوَجْهِ الْآخَرِ، وَإِنَّمَا الْمُحَالُ أَنْ يُطْلَبَ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يُكْرَهُ بِعَيْنِهِ، [وَفِعْلُهُ] مِنْ حَيْثُ إنَّهُ صَلَاةٌ مَطْلُوبٌ، وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ غَصْبٌ مَكْرُوهٌ، [وَالْغَصْبُ مَعْقُولٌ دُونَ الصَّلَاةِ وَالصَّلَاةُ مَعْقُولَةٌ دُون الْغَصْبِ]، وَقَدْ اجْتَمَعَ الْوَجْهَانِ فِي فِعْلٍ وَاحِدٍ، وَمُتَعَلَّقُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ الْوَجْهَانِ الْمُتَغَايِرَانِ» (1).
وهكذا رأينا الظاهرية يحكمون بالبطلان على كل فعل منهي عنه على أي وجه كان هذا النهي، لأنه وقع على خلاف ما يطلب الشارع، فكان بوضعه هذا غير مشروع، وإذا كان غير مشروع، فلا يترتب عليه أي أثر شرعي، ودليلهم في ذلك هو ما سبق أن استدل به البخاري «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (*).
أما الجمهور فقد قسم المنهي عنه لذاته، أو لصفة ملازمة له، فهو حينئذٍ باطل أو فاسد - على الخلاف بين الأحناف والشافعية
(1) انظر " المستصفى ": 1/ 76، 79.
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) هكذا صيغة الحديث، حيث ورد معلقًا، انظر " فتح الباري بشرح صحيح البخاري "، ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، (96) كِتَابُ الاِعْتِصَامِ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (20) بَابُ إِذَا اجْتَهَدَ العَامِلُ أَوِ الحَاكِمُ، فَأَخْطَأَ خِلَافَ الرَّسُولِ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ، فَحُكْمُهُ مَرْدُودٌ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ، 13/ 317، نشر دار المعرفة - بيروت، طبعة سنة 1379 هـ.
والصيغة التي ذكرها المؤلف - حَفِظَهُ اللهُ تَعَالَى -: «كُلُّ عَمَلٍ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا، فَهُوَ رَدٌّ» ، إنما وردت في كتب الشروح مثل " فتح الباري " لابن حجر، " شرح القسطلاني على البخاري "، و" التمهيد " و" الاستذكار " لابن عبد البر.
في ذلك (1)، وإلى منهي عنه لأمر خارج مجاور له، فإنه يقع صحيحًا، وتترتب عليه آثاره مع الإثم: كالوطء في الحيض، والذبح بسكين مغصوبة، لأن جهة المشروعية فيه تخالف جهة النهي، ولا تلازم بينهما، فترتب الآثار على الفعل أو القول باعتبار وقوعه كاملاً على الوجه المشروع فيه بحسب حقيقته، والإثم لازم، بسبب ما صاحبه من أمور خارجة عن تلك الحقيقة، فتعتبر الزوجة بالوطء في الحيض مدخولاً بها حقيقة وتحل لمن طلقها ثلاثًا، وإن كان الواطئ آثمًا. والذبح بسكين مغصوبة تذكى بها الذبيحة مع الإثم، وتصح الصلاة في الأرض المغصوبة، وتبرأ بها الذمة مع الإثم، والبيع وقت النداء لصلاة الجمعة يفيد آثاره مع الإثم (2).
وقد أغرق الظاهرية في تطبيق هذا الأصل، وأدى استمساكهم به
(1) لا فرق عند الشافعية بين معنى البطلان والفساد، فكلاهما يدل على أن الفعل وقع على خلاف ما يطلب الشارع، سواء كان النهي عنه لذاته، أو لصفة ملازمة. أما الصحة فتدل على أن للفعل وقع على وفق ما طلب الشارع، فرتب عليه آثاره.
أما الحنفية فيفرقون بينهما: فالصحيح عندهم هو ما كان مشروعًا بأصله ووصفه، والفاسد: ما كان مشروعًا بأصله دون وصفه، والباطل ما ليس مشروعًا، لا بأصله، ولا بوصفه. فالبيع الذي تجعل فيه الخمر ثمنًا بيع باطل أو فاسد عند الشافعية، للنهي عنه لوصف ملازم. وفاسد عند الحنفية، لا باطل: فيترتب عليه بعض آثار، كثبوت الملك إذا اتصل القبض بالبيع.
وقد اختار بعض العلماء التسوية بين البطلان والفساد في العبادات دون المعاملات، إذ ليس من المقبول أن يقع الفعل المنهي عنه قربة مجزئة عما وجب من العبادة، إذ لا يتقرب إلى الله بعصيانه، فكان النهي عن أفعال العبادة مستوجبًا بطلانها. لكن من الجائز بالنسبة للعقود أن يرتب الشارع آثارًا على عقد ما، ثم يرغب أن يقع العقد على وضع خاص، ومخالفة تلك الرغبة تستوجب الإثم، ولكن لا تستوجب عدم ترتب الأثر (وانظر " أسباب الاختلاف "، للأستاذ علي الخفيف: ص 125، 127؛ و" أصول التشريع " للأستاذ علي حسب الله: ص 190، 194).
(2)
انظر " فواتح الرحموت ": 2/ 398، 405؛ و" أصول التشريع "، للأستاذ علي حسب الله: ص 190 وما بعدها.