المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌4 - الموازنة بينهما في البحث عن علل الأحكام: - الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري

[عبد المجيد محمود]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدِّمَةٌ:

- ‌تَمْهِيدٌ:

- ‌البَابُ الأَوَّلُ: المَدْرَسَةُ الفِقْهِيَّةُ لِلْمُحَدِّثِينَ:

- ‌الفَصْلُ الأَوَّلُ: أَهْلُ الحَدِيثِ وَأَهْلُ الرَّأْيِ:

- ‌(تَتَبُّعٌ وَتَحْدِيدٌ):

- ‌فِي القَرْنِ الثَّانِي:

- ‌فِي القَرْنِ الثَّالِثِ:

- ‌اضْطِرَابُ المُؤَرِّخِينَ فِي تَعْيِينِ أَهْلِ الرَّأْيِ وَأَهْلِ الحَدِيثِ:

- ‌الفَصْلُ الثَّانِي: الخُصُومَةُ بَيْنَ المُحَدِّثِينَ وَغَيْرِهِمْ، أَسْبَابُهَا وَنَتَائِجُهَا:

- ‌الخُصُومَةُ بَيْنَ المُحَدِّثِينَ وَالفُقَهَاءِ:

- ‌مِنْ نَتَائِجِ صِرَاعِ المُحَدِّثِينَ مَعَ الفُقَهَاءِ وَالمُتَكَلِّمِينَ:

- ‌الفَصْلُ الثَّالِثُ: فُقَهَاءُ المُحَدِّثِينَ وَمَذْهَبُ أَهْلِ الحَدِيثِ:

- ‌الفَصْلُ الرَّابِعُ: رُوَّاةُ الحَدِيثِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَتَأْثِيرُهُمْ فِي أَهْلِ الحَدِيثِ:

- ‌حَدُّ الصَّحَابِيِّ:

- ‌تَفَاوُتُ الصَّحَابَةِ فِي العِلْمِ:

- ‌المُحَدِّثُونَ مِنَ الصَّحَابَةِ:

- ‌1 - المُوَازَنَةُ بَيْنَ المَجْمُوعَتَيْنِ فِي كَمِّيَّةِ الفَتْوَى:

- ‌2 - المُوَازَنَةُ بَيْنَهُمَا فِي المَلَكَةِ الفِقْهِيَّةِ:

- ‌3 - المُوَازَنَةُ بَيْنَهُمَا فِي نَقْدِ الحَدِيثِ:

- ‌[أ] نَقْضُ الوُضُوءِ بِمَا مَسَّتْ النَّارُ:

- ‌[ب] الوُضُوءُ مِنْ حَمْلِ الجَنَازَةِ:

- ‌[ج] قَطْعُ الصَّلَاةِ إِذَا مَرَّ أَمَامَ المُصَلِّي امْرَأَةٌ أَوْ كَلْبٌ أَوْ حِمَارٌ:

- ‌[د] تَعْذِيبِ المَيِّتِ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ:

- ‌[هـ] مُتْعَةُ النِّسَاءِ:

- ‌[و] تَحْرِيمُ أَكْلِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ:

- ‌[ز] نَفَقَةُ المُبَانَةِ وَسُكْنَاهَا:

- ‌4 - المُوَازَنَةُ بَيْنَهُمَا فِي البَحْثِ عَنْ عِلَلِ الأَحْكَامِ:

- ‌البَابُ الثَّانِي: الاِتِّجَاهُ إِلَى الآثَارِ:

- ‌تَمْهِيدٌ:

- ‌الفَصْلُ الأَوَّلُ: السُنَّةُ وَعَلَاقَتُهَا بِالقُرْآنِ:

- ‌1 - السُنَّةُ وَعَلَاقَتُهَا بِالقُرْآنِ:

- ‌2 - عَرْضُ السُّنَّةِ عَلَى القُرْآنِ:

- ‌3 - وُرُودِ السُنَّةِ بِحُكْمٍ زَائِدٍ عَلَى مَا فِي القُرْآنِ:

- ‌4 - نَسْخُ السُنَّةِ بِالقُرْآنِ وَالعَكْسِ:

- ‌فمن أمثلة نسخ السنة بالقرآن:

- ‌5 - تَخْصِيصُ القُرْآنِ بِالسُنَّةِ:

- ‌الفَصْلُ الثَّانِي (*): خَبَرُ الوَاحِدِ بَيْنَ المُحَدِّثِينَ وَغَيْرِهِمْ:

- ‌المُرْسَلُ:

- ‌أَقْوَالُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ:

- ‌المَوْضُوعِيَّةُ بَيْنَ المُحَدِّثِينَ وَغَيْرِهِمْ:

- ‌الفَصْلُ الثَّالِثُ (*): نَتَائِجُ الاِتِّجَاهِ إِلَى الآثَارِ:

- ‌[أ] التَّوَقُّفُ فِيمَا لَا أَثَرَ فِيهِ:

- ‌[ب] كَرَاهِيَةُ الفِقْهِ التَّقْدِيرِيِّ:

- ‌[ج] كَرَاهِيَةُ إِفْرَادِ الفِقْهِ بِالتَّدْوِينِ:

- ‌[د] كَرَاهِيَةُ القِيَاسِ:

- ‌[هـ] تَأْلِيفُ الجَوَامِعِ وَالسُّنَنِ:

- ‌مَنْهَجُ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ:

- ‌مَنْهَجُ البُخَارِيِّ:

- ‌مَنْهَجُ التِّرْمِذِيِّ:

- ‌مَنْهَجُ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ:

- ‌مَنْهَجُ الدَّارِمِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ:

- ‌مَنْهَجُ مُسْلِمٍ:

- ‌مَنْهَجُ المُحَدِّثِينَ فِي الأَحَادِيثِ المُخْتَلِفَةِ:

- ‌فِي نَوَاقِضِ الوُضُوءِ:

- ‌المَاءُ مِنَ المَاءِ:

- ‌نِكَاحُ المُحْرِمِ بِالحَجِّ وَالعُمْرَةِ:

- ‌البَابُ الثَّالِثُ: الاِتِّجَاهُ إِلَى الظَّاهِرِ:

- ‌الفَصْلُ الأَوَّلُ: بَيْنَ أَهْلِ الحَدِيثِ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ:

- ‌مَظَاهِرُ هَذَا الاِتِّجَاهِ فِي فِقْهِ المُحَدِّثِينَ:

- ‌1 - غَسْلُ اليَدَيْنِ عِنْدَ الاِسْتِيْقَاظِ مِنَ النَّوْمِ:

- ‌2 - حُكْمُ السِّوَاكِ وَتَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ:

- ‌3 - حُكْمُ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ:

- ‌4 - إِذَا أَدْرَكَ المَأْمُومِ إِمَامَهُ وَهُوَ رَاكِعٌ، فَرَكَعَ مَعَهُ، لَا يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ:

- ‌5 - إِذَا صَلَّى المَأْمُومُ وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ بَطُلَتْ صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ الإِعَادَةِ:

- ‌6 - التَّفْرِيقُ بَيْنَ المُفْطِرِ بِالوِقَاعِ عَمْدًا فِي رَمَضَانَ، وَالمُفْطِرُ عَمْدًا بِالأَكْلِ وَالشُّرْبِ:

- ‌7 - حُكْمُ الكِتَابَةِ:

- ‌8 - وُجُوبُ الوَلِيمَةِ عِنْدَ الزَّوَاجِ:

- ‌9 - النَّهْيُ عَنْ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ:

- ‌المَذْهَبُ الظَّاهِرِيُّ وَأَثَرُ المُحَدِّثِينَ فِي نَشْأَتِهِ:

- ‌الفَرْقُ بَيْنَ المُحَدِّثِينَ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ:

- ‌الفَصْلُ الثَّانِي: أُصُولُ الظَّاهِرِيَّةِ:

- ‌مَفْهُومُ الأَمْرِ وَالنَّهْيِ عِنْدَ الظَّاهِرِيَّةِ:

- ‌نَقْلُ النُّصُوصِ فِي المِيزَانِ الظَّاهِرِي:

- ‌مَفْهُومُ الإِجْمَاعِ عِنْدَ الظَّاهِرِيَّةِ:

- ‌أَقْسَامُ الدَّلِيلِ:

- ‌مَوْقِفُ الظَّاهِرِيَّةِ مِنَ الرَّأْيِ:

- ‌القِيَاسُ الذِي يُنْكِرُهُ دَاوُدُ:

- ‌الفَصْلُ الثَّالِثُ: عَلَاقَةُ الظَّاهِرِيَّةِ بِالمَذَاهِبِ الأَرْبَعَةِ، وَنَقْدِ المَذْهَبَ الظَّاهِرِيَّ:

- ‌نَقْدُ ابْنِ القَيِّمِ لِلْظَّاهِرِيَّةِ:

- ‌نَقْدُنَا لِلْظَّاهِرِيَّةِ:

- ‌البَابُ الرَّابِعُ: الاِتِّجَاهُ الخُلُقِيُّ النَّفْسِيُّ:

- ‌مَعْنَى هَذَا الاِتِّجَاهِ:

- ‌[أ] تَأْثِيرُ هَذَا الاِتِّجَاهِ عَلَى سُلُوكِ المُحَدِّثِينَ عِنْدَ الاِسْتِنْبَاطِ:

- ‌[ب] تَأَثُّرُ المُحَدِّثِينَ بِهَذَا الاِتِّجَاهِ عِنْدَ عِلَاجِ المَوْضُوعَاتِ الفِقْهِيَّةِ:

- ‌[ج] النَّظَرُ إِلَى المَقَاصِدِ وَمَآلَاتِ الأَفْعَالِ:

- ‌مَوْقِفُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيَّ مِنْ اعْتِبَارِ المَقَاصِدِ:

- ‌التَّوَافُقُ وَعَدَمُهُ بَيْنَ النِيَّةِ وَالعَمَلِ:

- ‌نَتَائِجُ هَذَا الاِتِّجَاهِ:

- ‌مَوْقِفُ المُحَدِّثِينَ مِنْ سَدِّ الذَّرَائِعِ:

- ‌اعْتِبَارُ أَحْمَدُ بْنِ حَنْبَلَ لِلْذَّرَائِعِ:

- ‌مَوْقِفُ البُخَارِيِّ مِنَ الذَّرْائِعِ:

- ‌الاِتَّجَاهُ العَقْلِيُّ:

- ‌البَابُ الخَامِسُ: مَوْضُوعَاتُ الخِلَافِ بَيْنَ أَهْلِ الحَدِيثِ وَأَهْلِ الرَّأْيِ:

- ‌تَمْهِيدٌ:

- ‌الفَصْلُ الأَوَّلُ: بَيْنَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبِي حَنِيفَةَ:

- ‌1 - طَهَارَةُ المَاءِ:

- ‌2 - وُجُوبُ الإِنْقَاءِ فِي الاِسْتِجْمَارِ:

- ‌3 - غَسْلُ اليَدِ قَبْلَ إِدْخَالِهَا فِي الإِنَاءِ:

- ‌4 - الرَّشُّ عَلَى بَوْلِ الصَّبِيِّ:

- ‌5 - شُرْبُ أَبْوَالِ الإِبِلِ:

- ‌6 - نَضْحُ مَكَانِ الاِحْتِلَامِ فِي الثَّوْبِ:

- ‌7 - سُؤْرُ السِّنَّوْرِ:

- ‌8 - وُلُوغُ الكَلْبِ:

- ‌9 - تَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ:

- ‌10 - المَسْحُ عَلَى العِمَامَةِ:

- ‌11 - المَسْحُ عَلَى الجَوْرِبَيْنِ:

- ‌12 - كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ:

- ‌المَسَائِلُ المُنْتَقَدَةُ فِي الصَّلَاةِ:

- ‌1 - الصَّلَاةُ فِي أَعْطَانِ الإِبِلِ:

- ‌2 - الصَّلَاةُ بَيْنَ القُبُورِ:

- ‌3 - صَلَاةُ المُؤْتَمِّ مُنْفَرِدًا خَلْفَ الصَّفِّ:

- ‌4 - إِمَامَةُ القَاعِدِ:

- ‌5 - الجَهْرُ بِآمِينْ:

- ‌6 - زِيَادَةُ رَكْعَةٍ خَامِسَةٍ سَهْوًا:

- ‌7 - سُجُودُ السَّهْوِ بَعْدَ الكَلَامِ:

- ‌8 - رَدُّ السَّلَامِ بِالإِشَارَةِ فِي الصَّلَاةِ:

- ‌9 - التَّصْفِيقُ لِلْنِّسَاءِ:

- ‌10 - الجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ:

- ‌11 - وَقْتُ العِشَاءِ:

- ‌12 - اقْتِدَاءُ المُتَنَفِّلِ بِالإِمَامِ فِي الفَجْرِ:

- ‌13 - طُلُوعُ الشَّمْسِ أَثْنَاءَ الصُّبْحِ:

- ‌14 - صَلَاةُ المُسْتَيْقِظِ فِي أَوْقَاتِ الكَرَاهَةِ:

- ‌15 - تِكْرَارُ الجَمَاعَةِ:

- ‌16 - الطُّمَأْنِينَةُ وَتَعْدِيلِ الأَرْكَانِ:

- ‌17 - وُجُوبُ الوِتْرِ:

- ‌18 - صَلَاةُ الوِتْرِ عَلَى الرَّاحِلَةِ:

- ‌19 - الوِتْرُ بِرَكْعَةٍ:

- ‌20 - القِرَاءَةُ فِي الوِتْرِ:

- ‌21 - صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى:

- ‌22 - قَضَاءُ سُنَّةِ الفَجْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ:

- ‌23 - قَضَاءُ الأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ:

- ‌24 - صَلَاةُ الطَّوَافِ بَعْدَ صَلَاةِ الفَجْرِ، وَبَعْدَ صَلَاةِ العَصْرِ:

- ‌25 - الأَذَانُ وَالإِقَامَةُ عِنْدَ قَضَاءِ الفَائِتَةِ:

- ‌26 - كَلَامُ الإِمَامِ فِي أَثْنَاءِ خُطْبَتِهِ لِلْجُمُعَةِ:

- ‌27 - تَحِيَّةُ المَسْجِدِ لِمَنْ دَخَلَ المَسْجِدَ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ:

- ‌28 - القِرَاءَةُ فِي الجُمُعَةِ وَالعِيدَيْنِ:

- ‌29 - صَلَاةُ العِيدِ فِي اليَوْمِ الثَّانِي:

- ‌30 - الجِلْسَتَانِ فِي خُطْبَةِ الجُمُعَةِ:

- ‌31 - الصَّلَاةُ فِي خُسُوفِ القَمَرِ:

- ‌32 - صَلَاةُ الاِسْتِسْقَاءِ:

- ‌33 - الصَّلَاةُ عَلَى المَقْبُورِ:

- ‌34 - الصَّلَاةُ عَلَى الشَّهِيدِ:

- ‌المَسَائِلُ المُنْتَقَدَةُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي الصَّوْمِ:

- ‌1 - صَوْمُ الوَلَدِ عَنْ وَالِدَيْهِ:

- ‌2 - كَفَّارَةُ الصَّوْمُ:

- ‌مَا انْتَقَدَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي الزَّكَاةِ:

- ‌1 - الصَّدَقَةُ عَلَى الفَقِيرِ الصَّحِيحِ:

- ‌2 - حُكْمُ الأَوْقَاصِ فِي الزَّكَاةِ:

- ‌3 - زَكَاةُ الخَيْلِ وَالرَّقِيقِ:

- ‌4 - حُكْمُ الخَرْصِ فِي التَّمْرِ:

- ‌5 - لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ:

- ‌6 - حُكْمُ التَّصَدُّقِ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم

- ‌المَسَائِلُ المُنْتَقَدَةِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي الحَجِّ:

- ‌1 - إِشْعَارُ الهَدْيِ:

- ‌2 - وُجُوبُ الدَّمِ عَلَى المُحْرِمِ، إِذَا لَبِسَ السَّرَاوِيلَ بِعُذْرٍ:

- ‌3 - الأَكْلُ مِنَ الهَدْيِ:

- ‌4 - رُكُوبُ الهَدْيِ:

- ‌5 - المَرْأَةُ تُهِلُّ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ تَحِيضُ:

- ‌6 - حُكْمُ مَنْ أَخَّرَ المَنَاسِكَ بَعْضَهُ عَنْ بَعْضٍ:

- ‌7 - تَخْمِيرُ رَأْسَ مَنْ مَاتَ مُحْرِمًا:

- ‌8 - حَرَمُ المَدِينَةِ:

- ‌المَسَائِلُ المُنْتَقَدَةُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ:

- ‌1 - النِّكَاحُ بِوَلِيٍّ:

- ‌2 - أَقَلُّ المَهْرِ:

- ‌3 - هَلْ يَكُونُ العِتْقُ صَدَاقًا

- ‌4 - الطَّلَاقُ قَبْلَ النِّكَاحِ:

- ‌5 - زَوَاجُ المُحَلِّلِ:

- ‌6 - المُلَاعَنَةُ بِالحَمْلِ:

- ‌7 - نِكَاحُ المُلَاعَنِ بَعْدَ المُلَاعَنَةِ:

- ‌8 - اخْتِيَارُ الأَرْبَعِ مِنَ الزَّوْجَاتِ:

- ‌9 - اسْتِئْنَافُ النِّكَاحِ بَعْدَ إِسْلَامِ زَوْجَتِهِ:

- ‌مَا انْتَقَدَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي البُيُوعِ:

- ‌1 - بَيْعُ المُدَبَّرِ:

- ‌2 - حُكْمُ بَيْعِ المُصَرَّاةِ:

- ‌3 - بَيْعُ الثَّمَرِ قَبْلَ بَدْوِ صَلَاحِهِ:

- ‌4 - ثَمَنُ الكَلْبِ:

- ‌5 - بَيْعُ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ:

- ‌6 - تَلَقِّي البُيُوعِ:

- ‌7 - النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ حَاضِرٍ لِبَادٍ:

- ‌8 - حُكْمُ العَرَايَا:

- ‌9 - مَالُ العَبْدِ عِنْدَ البَيْعِ:

- ‌10 - خِيَارُ الشَّرْطِ:

- ‌11 - خِيَارُ المَجْلِسِ:

- ‌12 - النَّهْيُ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ:

- ‌13 - اشْتِرَاطُ الوَلَاءِ لِلْبَائِعِ فِي البَيْعِ:

- ‌14 - الوَكَالَةُ فِي الشِّرَاءِ:

- ‌15 - البُرُّ بِالبُرِّ مِثْلاً بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ:

- ‌16 - شِرَاءُ السَّيْفِ المُحَلَّى بِنَوْعِ حِلْيَتِهِ:

- ‌17 - الاِنْتِفَاعُ بِالمَرْهُونِ:

- ‌المَسَائِلُ المُنْتَقَدَةُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي القَضَاءِ وَالقَصَاصِ وَالحُدُودِ:

- ‌1 - قَضَاءُ القَاضِي بِشَهَادَةِ الزُّورِ:

- ‌2 - شُهُودُ الرَّضَاعَةِ:

- ‌3 - القَسَامَةُ:

- ‌4 - القَضَاءُ بِيَمِينِ الشَّاهِدِ:

- ‌5 - قَتْلُ الحُرِّ بِالعَبْدِ:

- ‌6 - فَقْءُ عَيْنِ المُتَطَلِّعِ:

- ‌7 - مَا تُتْلِفُهُ المَاشِيَةُ بِاللَّيْلِ:

- ‌8 - كَسْرُ القَصْعَةِ وَضَمَانُهَا:

- ‌9 - مَنْ وُجِدَ مَتَاعُهُ عِنْدَ مُفْلِسٍ:

- ‌10 - قَتْلُ نَاكِحِ المَحَارِمِ:

- ‌11 - نَفْيُ الزَّانِي وَالزَّانِيَةِ:

- ‌12 - جَلْدُ السَّيِّدِ أَمَتَهُ إِذَا زَنَتْ:

- ‌13 - رَجْمُ اليَهُودِيِّ وَاليَهُودِيَّةِ:

- ‌14 - نِصَابُ قَطْعِ اليَدِ فِي السَّرِقَةِ:

- ‌15 - هِبَةُ المَسْرُوقِ لِلْسَّارِقِ:

- ‌16 - قَتْلُ مَنْ يَسُبَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

- ‌17 - قَتْلُ المَرْأَةِ إِذَا ارْتَدَّتْ:

- ‌المَسَائِلُ المُنْتَقَدَةُ فِي الكَرَاهِيَة:

- ‌1 - اقْتِنَاءُ الكَلْبِ:

- ‌2 - إِنْفَاقُ الأَبِ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ:

- ‌3 - حُكْمُ انْتِبَاذِ الخَلِيطَيْنِ:

- ‌4 - تَخْلِيلُ الخَمْرِ:

- ‌5 - وَضْعُ الخَشَبَةِ عَلَى جِدَارِ الجَارِ:

- ‌6 - أَكْلُ لَحْمِ الخَيْلِ:

- ‌7 - التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الأَوْلَادِ فِي العَطِيَّةِ:

- ‌8 - الجُلُوسُ عَلَى جُلُودِ السِّبَاعِ:

- ‌الآثَارُ المُنْتَقَدَةُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي أَبْوَابٍ مُخْتَلِفَةٍ:

- ‌1 - نَذْرُ الجَاهِلِيَّةِ:

- ‌2 - العَقِيقَةُ:

- ‌3 - الأُضْحِيَةِ عَلَى المُسَافِرِ:

- ‌4 - ذَكَاةُ الجَنِينِ:

- ‌5 - سِنُّ البُلُوغِ:

- ‌6 - اللُّقَطَةُ:

- ‌7 - القُرْعَةُ فِي العِتْقِ:

- ‌8 - الوَقْفُ:

- ‌9 - المُزَارَعَةُ:

- ‌10 - مَنْ زَرَعَ أَرْضَ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ:

- ‌11 - سَهْمُ الفَارِسِ مِنَ الغَنِيمَةِ:

- ‌12 - السَّفَرُ بِالمُصْحَفِ إِلَى أَرْضِ العَدُوِّ:

- ‌تَعْقِيبٌ:

- ‌الفَصْلُ الثَّانِي: بَيْنَ البُخَارِيِّ وَأَهْلِ الرَّأْيِ:

- ‌رَفْعُ اليَدَيْنِ عِنْدَ الرَّكُوعِ وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ:

- ‌القِرَاءَةُ خَلْفَ الإِمَامِ:

- ‌المَسَائِلُ التِي انْتَقَدَهَا البُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ " عَلَى أَهْلِ الرَّأْيِ:

- ‌الرِّكَازُ: حَقِيقَتُهُ، وَحُكْمُهُ:

- ‌فِي الهِبَةِ:

- ‌شَهَادَةُ القَاذِفِ بَعْدَ التَّوْبَةِ:

- ‌إِقْرَارُ المَرِيضِ لِوَارِثِهِ بِدَيْنٍ:

- ‌لِعَانُ الأَخْرَسِ، وَحَدُّهُ إِذَا قَذَفَ:

- ‌مَفْهُومُ النَّبِيذِ بَيْنَ البُخَارِيِّ وَأَهْلِ الرَّأْيِ:

- ‌فِي الإِكْرَاهِ:

- ‌الحِيَلُ وَالمَسَائِلُ التِي نَقَدَ البُخَارِيُّ أَهْلَ الرَّأْيِ بِسَبَبِهَا:

- ‌تَقْسِيمُ الشَّاطِبِيِّ:

- ‌أَدِلَّةُ المُجِيزِينَ لِلْحِيَلِ:

- ‌أَدِلَّةُ المَانِعِينَ مِنَ الحِيَلِ:

- ‌لَمْ يَنْفَرِدْ الأَحْنَافُ بِإِجَازَةِ الحِيَلِ:

- ‌الحِيَلُ بَيْنَ البُخَارِيِّ وَأَهْلِ الرَّأْيِ:

- ‌ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌فِي الزَّكَاةِ:

- ‌فِي النِّكَاحِ:

- ‌تَأْثِيرُ شَهَادَةِ الزُّورِ فِي النِّكَاحِ:

- ‌فِي الغَصْبِ:

- ‌فِي الهِبَةِ وَالشُّفْعَةِ:

- ‌الحِيَلُ فِي إِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ:

- ‌تَعْقِيبٌ:

- ‌خَاتِمَةٌ:

- ‌قَائِمَةُ المَرَاجِعِ:

- ‌تَصْحِيحُ الأَخْطَاءِ:

- ‌الفَهَارِسُ العَامَّةُ لِلْكِتَابِ:

- ‌فَهْرَسْ المَوْضُوعَاتِ:

- ‌فَهْرَسْ الآيَاتِ:

- ‌ الهمزة

- ‌ الباء

- ‌ التاء

- ‌ الحاء

- ‌ الخاء

- ‌ الزاي

- ‌ الصاد

- ‌ الفاء

- ‌ القاف

- ‌ الكاف

- ‌ اللام

- ‌ الميم

- ‌ الهاء

- ‌ الواو

- ‌ الياء

- ‌ اللام ألف

- ‌فَهْرَسْ الأَحَادِيثِ القَوْلِيَّةِ وَالفِعْلِيَّةِ:

- ‌ الهمزة

- ‌ الباء

- ‌ التاء

- ‌ الثاء

- ‌ الجيم

- ‌ الحاء

- ‌ الخاء

- ‌ الدال

- ‌ الذال

- ‌ الراء

- ‌ الزاي

- ‌ السين

- ‌ الشين

- ‌ الصاد

- ‌ الطاء

- ‌ الظاء

- ‌ العين

- ‌ الغين

- ‌ الفاء

- ‌ القاف

- ‌ الكاف

- ‌ اللام

- ‌ الميم

- ‌ النون

- ‌ الهاء

- ‌ الواو

- ‌ الياء

- ‌ اللام ألف

- ‌فهرس الآثار والأقوال:

- ‌1 - الأسماء

- ‌ الهمزة

- ‌ الآمدي:

- ‌ أبان بن عثمان:

- ‌ إبراهيم بن محمد الفزاري:

- ‌ إبراهيم التيمي:

- ‌ إبراهيم النخعي:

- ‌ أبي بن كعب:

- ‌ الأثرم:

- ‌ أحمد أمين:

- ‌ أحمد بن حنبل:

- ‌ أحمد شاكر:

- ‌ إسحاق بن إبراهيم بن هانئ:

- ‌ إسحاق بن راهُويه:

- ‌ أسماء بنت أبي بكر:

- ‌ إسماعيل بن أبي خالد:

- ‌ الأعمش:

- ‌ أنس بن سيرين:

- ‌ أنس بن مالك:

- ‌ الأوزاعي:

- ‌ الباء

- ‌ الباقلاني:

- ‌ البخاري (محمد بن إسماعيل):

- ‌ البراء بن عازب:

- ‌ بشر بن الحارث الحافي:

- ‌ بلال بن رباح:

- ‌ البلخي:

- ‌ البيهقي:

- ‌ التاء

- ‌ الترمذي:

- ‌ الجيم

- ‌ جابر بن زيد (أبو الشعثاء):

- ‌ جابر بن سمرة:

- ‌ جابر بن عبد الله الأنصاري:

- ‌ جرير بن عبد الله البجلي:

- ‌ الجصاص:

- ‌ الحاء

- ‌ الحجوي الثعالبي:

- ‌ حذيفة بن اليمان:

- ‌ حسان بن عطية:

- ‌ الحسن البصري:

- ‌ الحسن بن صالح بن حي الهمداني:

- ‌ الحسن بن علي بن أبي طالب:

- ‌ الحسين بن علي بن أبي طالب:

- ‌ حفصة بنت عمر بن الخطاب (أم المؤمنين):

- ‌ الحكم بن عتيبة:

- ‌ حماد بن أبي سليمان:

- ‌ حماد بن سلمة:

- ‌ حمزة بن عبد المطلب:

- ‌ حميد بن هلال:

- ‌ الخاء

- ‌ الخرباق السلمي:

- ‌ الخضري (محمد الخضري بك):

- ‌ الخطابي:

- ‌ الخطيب البغدادي:

- ‌ خنساء بنت خدام:

- ‌ الدال

- ‌ الدارمي:

- ‌ داود الظاهري:

- ‌ الذال

- ‌ الذهبي:

- ‌ الراء

- ‌ رافع بن خديج:

- ‌ الرامهرمزي:

- ‌ ربيعة الرأي:

- ‌ رجل من الأنصار:

- ‌ الزاي

- ‌ الزرقاني (محمد بن عبد الباقي):

- ‌ زُفر بن الهذيل:

- ‌ زوجة قيس بن صرمة الأنصاري:

- ‌ زيد أبو عياش:

- ‌ زيد بن أرقم:

- ‌ زيد بن ثابت:

- ‌ زيد بن خالد الجهني:

- ‌ الزيلعي (جمال الدين):

- ‌ السين

- ‌ سارة (زوجة إبراهيم الخليل عليه السلام

- ‌ سالم بن عبد الله بن عمر:

- ‌ السرخسي:

- ‌ سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف:

- ‌ سعد بن أبي وقاص:

- ‌ سعد بن عُبادة الأنصاري:

- ‌ سعيد بن جبير:

- ‌ سعيد بن المسيب:

- ‌ سفيان بن حسين الواسطي:

- ‌ سفيان بن عيينة:

- ‌ سفيان الثوري:

- ‌ سلمان الفارسي:

- ‌ سمرة بن جندب:

- ‌ سليمان بن موسى:

- ‌ سليمان بن يسار:

- ‌ السندي:

- ‌ سهل بن أبي حثمة:

- ‌ سهل بن حنيف:

- ‌ سهل بن سعد الساعدي:

- ‌ سهيل بن أبي صالح:

- ‌ سيرين (غُلَامُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ):

- ‌ الشين

- ‌ الشاطبي:

- ‌ الشافعي:

- ‌ شريح:

- ‌ شريك:

- ‌ الشعبي:

- ‌ الشعراني:

- ‌ شمس الحق العظيم آبادي:

- ‌ شهر بن حوشب:

- ‌ الشهرستاني:

- ‌ الصاد

- ‌ صالح بن كيسان:

- ‌ صالح بن مسلم:

- ‌ صفوان بن أمية:

- ‌ صهيب الرومي:

- ‌ الضاد

- ‌ الضحاك بن مزاحم الخرساني:

- ‌ الطاء

- ‌ طاووس بن كيسان:

- ‌ الطحاوي:

- ‌ طلحة بن عبيد الله:

- ‌ العين

- ‌ عائشة (أم المؤمنين):

- ‌ عامر بن سعد البجلي الكوفي:

- ‌ عامر بن شراحيل:

- ‌ عبادة بن الصامت:

- ‌ عبد الله بن أبي أوفى:

- ‌ عبد الله بن أحمد بن حنبل:

- ‌ عبد الله بن الزبير:

- ‌ عبد الله بن عباس:

- ‌ عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة:

- ‌ عبد الله بن عتبة بن مسعود:

- ‌ عبد الله بن عمر:

- ‌ عبد الله بن عمرو بن العاص:

- ‌ عبد الله بن المبارك:

- ‌ عبد الله بن مسعود:

- ‌ عبد الجبار المعتزلي:

- ‌ عبد الرحمن بن أذينة:

- ‌ عبد الرحمن بن حاطب:

- ‌ عبد الرحمن بن عوف:

- ‌ عبد الرحمن بن مهدي:

- ‌ عبد الفتاح أبو غدة:

- ‌ عبيد الله بن عمر:

- ‌ عبيد بن عبد الله بن عتبة:

- ‌ عبيد بن جريج:

- ‌ عثمان بن عفان:

- ‌ عروة بن الزبير:

- ‌ عطاء بن أبي رباح:

- ‌ عطاء بن السائب:

- ‌ عقبة بن الحارث:

- ‌ عقبة بن عامر:

- ‌ عكرمة (مولى عبد الله بن عباس):

- ‌ علي بن أبي طالب:

- ‌ علي بن حسين (زين العابدين):

- ‌ علي بن المديني:

- ‌ عمار بن ياسر:

- ‌ عمران بن حصين:

- ‌ عمر بن الخطاب:

- ‌ عمر بن عبد العزيز:

- ‌ عمرو بن دينار:

- ‌ عمرو بن عبيد:

- ‌ عمرو بن النضر:

- ‌ عمرو بن هرم الأزدي:

- ‌ عياض اليحصبي (القاضي عياض):

- ‌ عيسى عليه السلام

- ‌ عيسى بن أبان:

- ‌ العيني (بدر الدين):

- ‌ الغين

- ‌ غايثة (عمة سنان بن عبد الله الجهني):

- ‌ الغزالي (أبو حامد):

- ‌ غُندر:

- ‌ غيلان بن سلمة:

- ‌ الفاء

- ‌ فاطمة بنت قيس:

- ‌ فضالة بن عبيد:

- ‌ الفضل بن عباس:

- ‌ القاف

- ‌ القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود:

- ‌ القاسم بن محمد بن أبي بكر:

- ‌ قتادة بن دعامة السدوسي:

- ‌ قتيبة بن سعيد:

- ‌ القسطلاني:

- ‌ قيس بن صرمة الأنصاري:

- ‌ الكاف

- ‌ كبشة بنت كعب:

- ‌ الكرماني:

- ‌ كعب بن مالك:

- ‌ الكوثري (محمد زاهد):

- ‌ اللام

- ‌ لقمان الحكيم:

- ‌ لقيط بن صبرة:

- ‌ الليث بن سعد:

- ‌ الميم

- ‌ المأمون:

- ‌ مالك بن أنس:

- ‌ مجاهد بن جبر:

- ‌ محارب بن دثار الكوفي:

- ‌ محمد أبو زهرة:

- ‌ محمد بن إسحاق بن يسار:

- ‌ محمد بن الحسن الشيباني:

- ‌ محمد بن عبد الله الصيرفي الشافعي:

- ‌ محمد بن عبد الرحمن الصيرفي:

- ‌ محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (أبو جعفر):

- ‌ محمد بن كعب القرظي:

- ‌ محمد بن مسلمة:

- ‌ محمد بن وضاح:

- ‌ محمد الشطي:

- ‌ المرغيناني:

- ‌ مروان بن الحكم:

- ‌ المُزني:

- ‌ مسروق بن الأجدع:

- ‌ مسلم بن الحجاج النيسابوري:

- ‌ المسور بن مخرمة:

- ‌ مصطفى زيد:

- ‌ مطر الوراق:

- ‌ معاذ بن جبل:

- ‌ معاوية بن أبي سفيان:

- ‌ معاوية بن قرة بن إياس البصري:

- ‌ معمر بن راشد:

- ‌ المغيرة بن شعبة:

- ‌ مغيرة بن مقسم الضبي:

- ‌ المقداد بن الأسود:

- ‌ مكحول الشامي:

- ‌ موسى بن أنس:

- ‌ موسى بن طلحة:

- ‌ ميمون بن مهران:

- ‌ ميمونة بنت الحارث (أم المؤمنين):

- ‌ النون

- ‌ نافع (مولى عبد الله بن عمر):

- ‌ نافع بن جبير بن مطعم:

- ‌ النسائي:

- ‌ النظام (إبراهيم بن سيار):

- ‌ النعمان بن بشير:

- ‌ النووي:

- ‌ الهاء

- ‌ هشام بن إسماعيل:

- ‌ هشام بن عروة:

- ‌ هشام الدستوائي:

- ‌ هلال الرأي:

- ‌ الواو

- ‌ وابصة بن معبد:

- ‌ واصل بن عطاء:

- ‌ وكيع بن الجراح:

- ‌ ولي الله الدهلوي:

- ‌ الياء

- ‌ يحيى بن آدم:

- ‌ يحيى بن أبي كثير:

- ‌ يحيى بن سعيد القطان:

- ‌ يحيى بن محمد العنبري:

- ‌ يحيى بن معين:

- ‌ يحيى بن يحيى الليثي:

- ‌ يزيد بن هارون بن زاذان السلمي:

- ‌2 - الكنى

- ‌ من الرجال

- ‌ أبو إسحاق:

- ‌ أبو الأسود الأسدي:

- ‌ أبو أُسيد الساعدي:

- ‌ أبو بكر الأبهري:

- ‌ أبو بكر الإسماعيلي:

- ‌ أبو بكر الأثرم (أحمد بن محمد بن هانئ):

- ‌ أبو بكر بن حزم:

- ‌ أبو بكر الصديق:

- ‌ أبو بكر بن عبد الرحمن:

- ‌ أبو بكر محمد بن عبد العزيز:

- ‌ أبو بكرة الثقفي:

- ‌ أبو ثور:

- ‌ أبو جعفر الطحاوي:

- ‌ أبو جمرة:

- ‌ أبو حاتم الرازي:

- ‌ أبو حامد الغزالي:

- ‌ أبو الحسن الكرخي:

- ‌ أبو الحسين البصري:

- ‌ أبو حميد الساعدي:

- ‌ أبو حنيفة النعمان:

- ‌ أبو داود السجستاني:

- ‌ أبو الدرداء:

- ‌ أبو ذر الغفاري:

- ‌ أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ أبو زرعة الرازي:

- ‌ أبو الزناد:

- ‌ أبو السائب (مولى هشام بن زهرة):

- ‌ أبو سعيد الخدري:

- ‌ أبو سلمة بن عبد الرحمن:

- ‌ أبو طالب المكي:

- ‌ أبو الطفيل:

- ‌ أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي:

- ‌ أبو العلاء بن الشخير:

- ‌ أبو قتادة الأنصاري:

- ‌ أبو مجلز:

- ‌ أبو مقاتل السمرقندي:

- ‌ أبو موسى الأشعري:

- ‌ أبو هريرة:

- ‌ أبو الوفاء بن عقيل:

- ‌ أبو يوسف القاضي:

- ‌ من النساء

- ‌ أم سلمة (أم المؤمنين):

- ‌ أم عطية (نسيبة بنت كعب الأنصارية):

- ‌ أم قيس بنت محصن:

- ‌ أم ولد زيد بن أرقم:

- ‌3 - من نسب إلى أبيه أو جده

- ‌ ابن أبي حاتم الرازي:

- ‌ ابن أبي ليلى:

- ‌ ابن أبي مليكة:

- ‌ ابن بطال:

- ‌ ابن جريج:

- ‌ ابن جرير الطبري:

- ‌ ابن الجوزي:

- ‌ ابن الحاجب المالكي:

- ‌ ابن حبيب:

- ‌ ابن حجر العسقلاني:

- ‌ ابن حزم الظاهري:

- ‌ ابن راهويه:

- ‌ ابن رجب الحنبلي:

- ‌ ابن رشد الحفيد:

- ‌ ابن السبكي (تاج الدين):

- ‌ ابن سيرين:

- ‌ ابن شبرمة:

- ‌ ابن شهاب الزهري:

- ‌ ابن الصلاح:

- ‌ ابن عبد البر:

- ‌ ابن عبد الشكور (محب الله الهندي):

- ‌ ابن العربي المالكي:

- ‌ ابن عقيل الحنبلي:

- ‌ ابن عون (عبد الله):

- ‌ ابن فورك:

- ‌ ابن القاسم:

- ‌ ابن قتيبة:

- ‌ ابن قدامة:

- ‌ ابن القيم:

- ‌ ابْنُ المُنَيِّرِ:

- ‌ ابن الهُمام السيواسي:

- ‌ ابن هرمز:

- ‌ ابن وهب:

الفصل: ‌4 - الموازنة بينهما في البحث عن علل الأحكام:

وإنكار من أنكر هذا الحديث مبني على أنه معارض للأمر بالإسكان في قوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق: 6]، فذهب بعض الصحابة إلى رد ما روته فاطمة وأوجب للبائنة النفقة والسكنى، وذهب بعضهم إلى ما قرره حديث فاطمة فلم يوجب لها نفقة ولا سكنى، وذهب بعض العلماء منهم مالك والليث والشافعي، إلى وجوب السكنة لها دون النفقة لأن الآية أوجبت السكنى دون النفقة، ولأن بعض روايات الحديث أثبتت أن النبي صلى الله عليه وسلم أسكنها دار ابن أم مكتوم مدة العدة، لأنها كانت تخشى على نفسها إن سكنت دار زوجها الذي كان غائبًا باليمن ولم يكن بينها وبين أهله مودة، بل كانت تتطاول عليهم بلسانها (1).

‌4 - المُوَازَنَةُ بَيْنَهُمَا فِي البَحْثِ عَنْ عِلَلِ الأَحْكَامِ:

ومما يميز السيدة عائشة وابن عباس عن ابن عمر وأبي هريرة، دأبهما على البحث عن علل الأحكام، وتحري غايات الشريعة، وعدم الوقوف عند ظاهر النصوص في أغلب الأحوال.

وقد سبق ذكر رأي السيدة عائشة رضي الله عنها في حكم أكل الحمر الأهلية وميلها إلى الحل مستندة إلى عموم القرآن، وكان ابن عباس يميل نفس الميل، إلا أن مستنده فيما ذهب إليه أن النهي عن أكل لحم الحمر الأهلية مُعَلَّلٌ بِعِلَّةٍ يجب البحث عنها، ومقتضى ذلك أنه إذا زالت العلة زال النهي وعادت الإباحة.

وإذا كان ابن حزم قد اعتذر عن السيدة عائشة بأن النهي لم يبلغها ولو

(1)" الترمذي ": 5/ 140، 146 وذكر ابن رشد أن الأولى إما أن يقال بأن لها الأمرين جميعًا أي السكنى والنفقة أخذًا بظاهر الكتاب وأما أَنْ يُخَصَّصَ العُمُومُ بحديث فاطمة فلا يكون لها سكنى ولا نفقة، أما أن يكون لها السكنى دون النفقة فهو ضعيف الدليل (انظر " بداية المجتهد ": 2/ 79).

ص: 160

فإنه لا يستطيع أن يعتذر بمثل ذلك عن ابن عباس الذي قد بلغه النهي، فلم يقف عند ظاهره، بل نظر إلى الدواعي التي دعت إليه، وإلى العلة التي كانت عليها مداره: فقد روي عنه أنه قال: «لَا أَدْرِي أَنَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ حَمُولَةَ النَّاسِ، فَكَرِهَ أَنْ تَذْهَبَ حَمُولَتُهُمْ، أَوْ [حَرَّمَهُ] فِي يَوْمِ خَيْبَرَ لَحْمَ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ» ويعلق ابن حزم بأن هذا ظن من ابن عباس ووهلة - أي غلط وسهو - لأن النبي صلى الله عليه وسلم بَيَّنَ وجه النهي عنها، وكان ابن حزم قد روى من طريق " البخاري "، «إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، فَإِنَّهَا رِجْسٌ» (1).

وكان البحث عن علة النهي عن أكل لحم الحمر الأهلية سببًا لاختلاف الصحابة، فمن قائل: حرمت لأنها كانت تأكل العذرة، ومن قائل: لأنها لم تخمس، وقائل: إنه خشي فناء الظهر، وقال بعضهم حرمت البتة (2) بدون نظر إلى العلل.

وقد تأثر بابن عباس في هذه المسألة تلميذه سعيد بن جبير، فقد ذهب أيضًا إلى أن لحم الحمر حلال، فَقَدْ رَوَى أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ:«أَصَبْنَا حُمُرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِخَيْبَرَ وَطَبَخْنَاهَا، فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَكْفِئُوا القُدُورَ بِمَا فِيهَا» . قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ: إِنَّمَا نَهَى عَنْهَا، لأَنَّهَا كَانَتْ تَأْكُلُ الجِلَّة (3).

ومما يُؤْثَرُ عن السيدة عائشة مندرجًا تحت هذا الاتجاه ما قالته خاصًا بخروج النساء إلى المساجد: «لَوْ أَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ

(1) انظر " المحلى ": 7/ 407.

(2)

انظر " الأحكام " لابن حزم: 7/ 17، 18.

(3)

" بداية المجتهد ": 1/ 381.

ص: 161

لَمَنَعَهُنَّ المَسَاجِدَ» (1). وهذا يعني أنها تأخذ في اعتبارها عامل الزمن، وَرُجْحَانَ المصلحة في ضوء المقصود العام من التشريع.

وأيضًا ما روي عنها في هدي التطوع إذا عطب منه شيء قبل أن يبلغ محله، فإن هذا الهدي يجب حينئذٍ أن ينحر ويخلي بينه وبين الناس ولا يأكل منه، لِمَا ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ بِالهَدْيِ مَعَ نَاجِيَةَ الأَسْلَمِيِّ وَقَالَ لَهُ:«إِنْ عَطِبَ مِنْهَا شَيْءٌ فَانْحَرْهُ، ثُمَّ اصْبُغْ نَعْلَيْهِ فِي دَمِهِ، وَخَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ» . وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [هَذَا الحَدِيثُ]، فَزَادَ فِيهِ:«وَلَا تَأْكُلْ مِنْهُ أَنْتَ، وَلَا أَهْلُ رُفْقَتِكَ» . وَقَالَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ دَاوُدُ وَأَبُو ثَوْرٍ» (2). ولكن الهدي إذا عطب في الطريق ولا يوجد فقراء يخل بينهم وبينه، أيمتنع المهدي من أكله أخذًا بظاهر النص النبوي الكريم، فيترك حينئذٍ للسباع، أم يأكله هو ومن معه تجنبًا لإضاعة المال وحذرًا من الإسراف المذموم؟ إن السيدة عائشة رضي الله عنها تقول في ذلك:«أَكْلُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ تَرْكِهِ لِلسِّبَاعِ» (3).

ويوضح هذا الاتجاه إلى التعليل أيضًا ما روي من نزول الرسول صلى الله عليه وسلم بالأبطح عند النفر من الحج - والنفر: هو الرجوع من مِنَى إلى مكة بعد رمي الجمرات - فقد ذهب أبو هريرة وابن عمر إلى أن ذلك من النسك فجعلاه من سنن الحج، وذهب ابن عباس وعائشة إلى أنه كان اتفاقيًا وليس من السنن ويحكي ابن قدامة هذا الخلاف فيقول: «قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يُسْتَحَبُّ لِمَنْ

(1) انظر " المحلى ": 3/ 129، 149. 4/ 200 وقد ناقش ابن حزم قول عائشة وَبَيَّنَ أنه لا حجة فيه من جهات كثيرة.

(2)

انظر " بداية المجتهد ": 1/ 106؛ و" الترمذي بشرح ابن العربي ": 4/ 144.

(3)

" النكت الطريفة "، للكوثري: ص 161، 162.

ص: 162

نَفَرَ أَنْ يَأْتِيَ الْمُحَصَّبَ، وَهُوَ الأَبْطَحُ، وَحَدُّهُ مَا بَيْنَ الجَبَلَيْنِ إلَى المَقْبَرَةِ، فَيُصَلِّيَ بِهِ الظُّهْرَ وَالعَصْرَ وَالمَغْرِبَ وَالعِشَاءَ، ثُمَّ يَضْطَجِعَ يَسِيرًا، ثُمَّ يَدْخُلَ مَكَّةَ.

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرَى التَّحْصِيبَ سُنَّةً

وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةُ، لَا يَرَيَانِ ذَلِكَ سُنَّةً، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: التَّحْصِيبُ لَيْسَ بِشَيْءِ، إنَّمَا هُوَ مَنْزِلٌ نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ نُزُولَ الأَبْطَحِ لَيْسَ بِسُنَّةٍ، إنَّمَا نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَكُونَ أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ إذَا خَرَجَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا (1).

وهكذا الرمل في الطواف: كان ابن عباس يراه اتفاقيًا، لقول المشركين حطمتهم حمة يثرب، وقد ذهب حكمه لزوال سببه من النسك إذن فقد روى الإمام أحمد بإسناده عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ رَمَلَ بِالبَيْتِ، وَأَنَّهَا سُنَّةٌ، قَالَ:«صَدَقُوا وَكَذَبُوا» ، قُلْتُ: كَيْفَ صَدَقُوا وَكَذَبُوا؟ قَالَ: «قَدْ رَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالبَيْتِ، وَلَيْسَ بِسُنَّةٍ، قَدْ رَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ، وَالمُشْرِكُونَ عَلَى جَبَلِ قُعَيْقِعَانَ، فَبَلَغَهُ أَنَّهُمْ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ بِهِمْ هَزْلاً، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا لِيُرِيَهُمْ أَنَّ بِهِمْ قُوَّةً» (2).

والحق أن ابن عباس رضي الله عنه كان أكثر هؤلاء الصحابة الأربعة الذين ذكرناهم إعمالاً للرأي، وأشدهم عناية بالمعنى، وكان علمه باللغة والشعر وتمرسه بأساليب العرب خير معين له على الفهم والتذوق وإدراك المقصود من الألفاظ وما وراء الألفاظ، سواء في القرآن أو في الحديث، ولقد اشتهر

(1)" المغني ": 3/ 457؛ وانظر "الفكر السامي ": 2/ 62.

(2)

" المسند ": ج 3 حديث رقم 2029.

ص: 163

بين الصحابة بغوصه على معاني القرآن وحسن تفسيره له وبراعة استنباطه منه حتى لقب بترجمان القرآن. ومن أمثلة استنباطه من القرآن أنه سئل عن السجدة التي في (سورة ص) عند قوله تعالى: {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: 24]، فأجاب ابن عباس بقوله: أَتَقْرَأُ هَذِهِ الآيَةَ: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} وَفِي آخِرِهَا: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90] قَالَ: «أُمِرَ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْتَدِيَ بِدَاوُدَ» (1).

وسأله رجل عن معنى قوله تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا المَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23]- فَأَجَابَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: قَرَابَةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «عَجِلْتَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ، إِلا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِمْ قَرَابَةٌ، فَنَزَلَتْ: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23]: إِلَاّ أَنْ تَصِلُوا قَرَابَةَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ» (2).

وقد جاءت روايات مختلفة في التيمم، بعضها يأمر بمسح الكفين والوجه، وبعضها الآخر يأمر بمسح اليدين إلى المرفقين مع الوجه. ولما سئل ابن عباس عن ذلك لَمْ يُحَاوِلْ أَنْ يُرَجِّحَ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ المُخْتَلِفَةِ عَنْ طَرِيقِ الأَسَانِيدِ بل اتجه إلى القرآن مستنبطًا منه إجابته، مدعمًا به رأيه فقال:«إِنَّ اللَّهَ قَالَ فِي كِتَابِهِ حِينَ ذَكَرَ الوُضُوءَ: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ} [المائدة: 6]، وَقَالَ فِي التَّيَمُّمِ: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [النساء: 43]، وَقَالَ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38]، فَكَانَتِ السُّنَّةُ فِي القَطْعِ الكَفَّيْنِ، إِنَّمَا هُوَ الوَجْهُ وَالكَفَّانِ: «يَعْنِي التَّيَمُّمَ» (3).

وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ نَذَرَ ذَبْحَ ابْنَهُ فَقَالَ: «لَا يَنْحَرِ ابْنَهُ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ» ،

(1)" المسند " لابن حنبل: ج 5 الحديث رقم 3388 وسجدة (سورة ص) في الآية رقم 24 واستدلال ابن عباس بآيات سورة الأنعام من 84 إلى 90.

(2)

" المسند ": 3/ 321 حديث رقم 2024 والآية من سورة الشورى رقم 23.

(3)

" سنن الترمذي "، تحقيق الشيخ أحمد شاكر: 1/ 272، 273.

ص: 164

فَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ يَكُونُ فِي طَاعَةِ الشَّيْطَانِ كَفَّارَةُ [اليَمِينِ]؟ فَقَالَ: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3]، ثُمَّ جَعَلَ فِيهِ مِنَ الكَفَّارَةِ مَا قَدْ رَأَيْتَ» (1).

ولفهمه القرآن ولدقته وعمقه في هذا الفهم كان محل إعجاب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان يدخل عليه وهو فتى في جملة المشيخة من أهل بدر، ولما استكثروا عليه ذلك أراد عمر أن يعطيهم صورة من فهم ابن عباس وفطنته، فسألهم عمر عن هذه السورة:{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1]. فَقَالُوا: أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ إذَا فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَغْفِرَهُ وَيَتُوبَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لابْنِ عَبَّاسٍ مَا تَقُولُ أَنْتَ؟ فَقَالَ: لَيْسَتْ كَذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ أَخْبَرَ نَبِيَّهُ بِحُضُورِ أَجَلِهِ، فَقَالَ:{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1]، فَتْحُ مَكَّةَ، {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} [النصر: 2]، فَذَلِكَ عَلَامَةُ مَوْتِكَ {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: 3]، فَتَوَجَّهُ عُمَرُ إِلَى مَنْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ تَقْدِيمَ ابْنَ عَبَّاسٍ قَائِلاً:«كَيْفَ تَلُومُونِي عَلَى مَا تَرَوْنَ؟» (2).

إن ابن عباس كان عنده اتجاه أصيل للتعليل، والتنقيب عن المعاني والغوص وراءها، ولذلك لم يكن غريبًا أن يعرف بكثرة القياس والرأي تبعًا لما قدمناه عنه من كثرة الفتوى، مع جرأة في الإفتاء بمقتضى فهمه حتى ولو كانت فتواه مخالفة للرأي الشائع المعمول به.

(1)" المحلى " لابن حزم: 8/ 15. ويشير ابن عباس إلى آيات الظهار من سورة المجادلة وقد وصف الله الظهار بأنه منكر من القول وزور، ومع ذلك أوجب فيه الكفارة وهي طاعة وعبادة.

(2)

" المسند " للإمام أحمد: 5/ 50 حديث رقم 3127؛ وانظر " إعلام الموقعين " مع " حادي الأرواح ": 2/ 45، 46 حيث بسط ابن القيم أسباب دقة هذا الاستنباط.

ص: 165

وسنعرض هنا أمثلة موجزة تبين أصالة هذا الاتجاه عنده.

فمن ذلك ما روي «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ القَبْضِ» . فهل هذا النهي مقصور على الطعام، فيصح بيع غيره قبل القبض، أم أن المقصود هو النهي عن بيع كل شيء قبل القبض؟ وتخصيص الطعام بالذكر لكونه هو البيع الشائع الذي تكثر فيه المخاصمة؟ وإذا قيس على الطعام غيره في النهي، فهل يقتصر في هذا القياس على المنقول فقط، أم يقاس عليه كل بيع، منقولاً وغير منقول؟ إن ابن عباس رضي الله عنه قَدْ رَوَى عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَوْلَهُ:«مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا، فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ» . ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «وَأَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ» (1).

ومن ذلك ما رواه الإمام أحمد بإسناده عن جابر بن زيد (*)، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ، فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ» قِيلَ لابْنِ عَبَّاسٍ وَمَا أَرَادَ إِلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: «أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ» (2).

(1)" المسند ": 5/ 161؛ وانظر " المغني ": 4/ 107، 111.

(2)

" المسند ": 3/ 292 وقد صحح المرحوم الشيخ أحمد شاكر إسناد هذا الحديث وذكر أن الرواية تبين خطأ ظن الإمام مالك في تعليق له على هذا الحديث في " الموطأ " بقوله: «أَرَى ذَلِكَ [كَانَ] فِي مَطَرٍ» لأن هذه الرواية فيها فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ» وقد رواها الجماعة إلا البخاري. وفي حديث رقم 1918 روى جابر بن زيد عن ابن عباس: «صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثَمَانِيًا جَمِيعًا، وَسَبْعًا جَمِيعًا» ، فَقِيلَ لِجَابِرٍ: يَا أَبَا الشَّعْثَاءِ، أَظُنُّهُ أَخَّرَ الظُّهْرَ، وَعَجَّلَ الْعَصْرَ، وَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ، وَعَجَّلَ الْعِشَاءَ؟ قَالَ:«وَأَنَا أَظُنَّ ذَلِكَ» . وذهب الشيخ شاكر إلى أن هذا الجمع الصوري من تأويل أبي الشعثاء، ولا حجة له فيه. ورجح أن الحديث ترخيص لمن يحال بينه وبين الصلاة في وقتها.

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:

(*) ورد في " مسند الإمام أحمد " تحقيق الشيخ أحمد شاكر: (سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ

)، حديث رقم 1953، 2/ 461، الطبعة الأولى: 1416 هـ - 1995 م، نشر دار الحديث القاهرة.

ورجح الشيخ شعيب الأرناؤوط (سعيد بن جبير)، انظر تعليق الشيخ شعيب الأرناؤوط على ذلك:" مسند الإمام أحمد "، تحقيق الشيخ شعيب الأرناؤوط وعادل مرشد، حديث رقم 1953، 3/ 420، الطبعة الأولى: 1416 هـ - 1995 م، نشر مؤسسة الرسالة. بيروت - لبنان.

ص: 166

وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى الرِّجَالَ عَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ، وهو نهي يتناول القليل والكثير. ولكن ابن عباس يرى أن المنهي عنه أن يكون الثوب كله حريرًا، ويقول:«إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ مِنْ قَزٍّ» . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «أَمَّا السَّدَى وَالعَلَمُ فَلا نَرَى بِهِ بَأْسًا» (1). ولا يقف ابن عباس عند هذا الحد، بل يحاول أن يتلمس العلة في النهي عن لبس الحرير، ليربط بين العلة والحكم، فَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ المِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ يَعُودُهُ فِي مَرَضٍ مَرِضَهُ، فَرَأَى عَلَيْهِ ثَوْبَ إِسْتَبْرَقٍ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ كَانُونٌ عَلَيْهِ تَمَاثِيلُ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ، مَا هَذَا الثَّوْبُ الذِي عَلَيْكَ؟ قَالَ:[وَمَا هُوَ؟] قَالَ: إِسْتَبْرَقٌ، قَالَ:«وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ بِهِ، وَمَا أَظُنُّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهُ إِلَاّ لِلتَّجَبُّرِ، وَالتَّكَبُّرِ، وَلَسْنَا بِحَمْدِ اللَّهِ كَذَلِكَ» قَالَ: فَمَا هَذَا الكَانُونُ الذِي عَلَيْهِ الصُّوَرُ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «أَلَا تَرَى كَيْفَ أَحْرَقْنَاهَا بِالنَّارِ؟» (2).

فهو يعلل النهي عن لبس الحرير لما يبعثه على التجبر والخيلاء، كما أن النهي عن التماثيل واتخاذ الصور لما قد يكون من تعظيمها وما يؤدي إلى معاملتها بما يشعر بالاحترام والتقديس.

أما جرأته على الإفتاء بما يؤديه إليه اجتهاده حتى ولو خالف الرأي الشائع المعمول به بين الصحابة، فقد أثر عنه في ذلك ما لم يؤثر عن زملائه المكثرين من رواية الحديث. وليست الجرأة أن يفتي بما يخالف الحديث عن جهل به، فَإِذَا بَلَغَهُ عَدَلَ عَنْ رَأْيِهِ - كصنيع أبي هريرة في إبطاله صوم الجنب إذا أصبح من غير طهارة، ثم عدوله عن ذلك عندما بلغه حديث عائشة «أَنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا [مِنْ غَيْرِ حُلُمٍ]، ثُمَّ يَصُومُ» (3) - ولكننا نعني بالجرأة أن

(1)" المسند " لابن حنبل: 2/ 267.

(2)

" المسند " لابن حنبل: ج 3 حديث رقم 3307.

(3)

انظر " الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ": ص 124، 126.

ص: 167

يبلغه الحديث بما يخالف فتواه فلا يتزحزح عن رأيه، إما لترجيحه دخول الوهم والخطأ في روايته وإما لتأويله، وفي الحالتين يستلهم القرآن، ويستند إلى ما فهمه منه في موضوع النزاع، وقد كان من منهجه - كما قررنا فيما سبق - نقد الحديث وعرضه على القرآن، ولعله في ذلك متأثر بعمر بن الخطاب في رفضه لحديث فاطمة ورفضه لحديث الجنب كما تأثر به في ذلك ابن مسعود.

وقد سبق أن ذكرنا رأي ابن عباس في نكاح المتعة ومخالفته لكثير من الصحابة في القول بحليته مستندًا إلى ما فهمه من القرآن، ولم ير فيما روى في تحريم المتعة من الأحاديث ما يجعلها مُحَرَّمَةً عَلَى التَّأْبِيدِ، كما ذهب غيره، بل رأى أن المتعة حلال إذا دعت الضرورة، حرام عند عدم وجود الداعي إليها.

ورأي ابن عباس في الربا قريب من رأيه في نكاح المتعة، فقد كان يذهب إلى أن الربا المحرم هو ربا النسيئة، أما الزيادة في البيع [الحلال]، فلا ربا فيها، الذهب والفضة وغيرهما في ذلك سواء.

فَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، قَالَ: الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ، مِثْلاً بِمِثْلٍ، مَنْ زَادَ، أَوِ ازْدَادَ، فَقَدْ أَرْبَى، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ غَيْرَ هَذَا، فَقَالَ: لَقَدْ لَقِيتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ: أَرَأَيْتَ هَذَا الذِي تَقُولُ؟ أَشَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ وَجَدْتَهُ فِي كِتَابِ اللهِ عز وجل؟، فَقَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ أَجِدْهُ فِي كِتَابِ اللهِ، وَلَكِنْ حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ» (1).

وروى الترمذي حديث أبي سعيد الخدري فِي «نَهْيِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم

(1)" صحيح مسلم ": 5/ 123.

ص: 168

عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالفِضَّةِ بِالفِضَّةِ إِلَّا مِثْلاً بِمِثْلٍ»، ثم قال:«وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ إِلَاّ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُبَاعَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مُتَفَاضِلاً، وَالفِضَّةُ بِالفِضَّةِ مُتَفَاضِلاً، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ، وقَالَ: " إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ "، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ حِينَ حَدَّثَهُ أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» (1).

ومما أشار إليه الترمذي من رجوع ابن عباس عن قوله قد فَصَّلَهُ ابن حزم بما رواه عن حيان بن عبيد الله، عن أبي مجلز، لكنه ضعف ما روي في ذلك ووصفه بأنه قول باطل، ثم قال:«وَرَوَى عَنْهُ طَاوُوسٌ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّوَقُّفِ. وَرَوَى الثِّقَةُ المُخْتَصُّ بِهِ خِلَافَ هَذَا» . ثُمَّ رَوَى بِسَنَدِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: «مَا كَانَ الرِّبَا قَطُّ فِي هَاءٍ وَهَاتٍ. وَحَلَفَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: بِاَللَّهِ مَا رَجَعَ عَنْهُ حَتَّى مَاتَ» . ثم ذكر ابن حزم أن ذلك كان رأي ابن مسعود أيضًا وعليه كان عطاء وأصحاب ابن عباس وفقهاء أهل مكة (2).

ومن ذلك رأيه في عدة الحامل المتوفى عنها زوجها: هل تنتهي بوضع الحمل، أو لا بد من أقصى الأجلين: وضع الحمل وأربعة أشهر وعشر؟.

يبين لنا الترمذي موقف ابن عباس وأبي هريرة من هذه المسألة بِمَا رَوَاهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ تَذَاكَرُوا المُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا الحَامِلَ تَضَعُ عِنْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:" تَعْتَدُّ آخِرَ الأَجَلَيْنِ "، وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ:" بَلْ تَحِلُّ حِينَ تَضَعُ "، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ:" أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِي "، - يَعْنِي أَبَا سَلَمَةَ -، فَأَرْسَلُوا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ

(1)" الترمذي بشرح ابن العربي ": 5/ 250.

(2)

انظر " المحلى ": 8/ 479، 494.

ص: 169

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ:" قَدْ وَضَعَتْ سُبَيْعَةُ الأَسْلَمِيَّةُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِيَسِيرٍ، فَاسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ "» (1).

ومن ذلك ما ذهب إليه ابن عباس من أن الأخت لا ترث أصلاً مع البنت ولا مع بنت الابن، لقوله تعالى:{إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: 176]، ولفظ الولد يقع على المذكر والمؤنث، ولقوله صلى الله عليه وسلم:«أَلْحِقُوا الفَرَائِضَ [بِأَهْلِهَا]، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» .

وَرَأْيُ ابن عباس هنا مخالف لما ذهب إليه معظم الفقهاء من اعتبار الأخوات عصبة مع البنات، مستندين إلى ما روي مِنْ أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ سُئِلَ عَنْ [بِنْتٍ] وَابْنَةِ ابْنٍ وَأُخْتٍ، فَقَالَ: لِلْبِنْتِ النِّصْفُ، وَلِلأُخْتِ النِّصْفُ،

فَسُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَأُخْبِرَ بِقَوْلِ أَبِي مُوسَى فَقَالَ: لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ المُهْتَدِينَ، أَقْضِي فِيهَا بِمَا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لِلاِبْنَةِ النِّصْفُ، وَلِابْنَةِ ابْنٍ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، وَمَا بَقِيَ فَلِلأُخْتِ» .

ولكن يبدو أن ابن عباس لا يعترف بصحة هذا الحديث لمخالفته ظاهر الآية السابقة، مع معارضته لحديث:«أَلْحِقُوا الفَرَائِضَ [بِأَهْلِهَا]» ، فقد روى ابن حزم عنه أنه قال: قال الله تعالى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176]، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:«فَقُلْتُمْ أَنْتُمْ: لَهَا النِّصْفُ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ» .

وَرُوِيَ عَنْهُ أيضًا أنه قال: «أَمْرٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: وَلَا فِي قَضَاءِ

(1)" الترمذي بشرح ابن العربي ": 5/ 170، 171 ولا أدري هل رجع ابن عباس إلى الحديث في هذه المسألة، أو اكتفى بما رآه في الجمع بين قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234]، وقوله تعالى:{وَأُولَاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4].

ص: 170

رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَتَجِدُونَهُ فِي النَّاسِ كُلِّهِمْ: مِيرَاثُ الأُخْتِ مَعَ الْبِنْتِ؟» (1). وقد أخذ بقول ابن عباس في ذلك داود الظاهري.

ومن ذلك أيضًا رأي ابن عباس في ميراث الجدة، فقد ذهب الجمهور إلى إعطاء الجدة السدس، على اختلاف بينهم في توريث الجدات إذا اجتمعن وفي حجبهن، يستندون في ذلك إلى ما روي مِنْ «أَنَّ الجَدَّةَ جَاءَتِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه تَسْأَلُهُ عَنْ مِيرَاثِهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل [شَيْءٌ] وَمَا عَلِمْتُ لَكِ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا، فَارْجِعِي حَتَّى أَسْأَلَ النَّاسَ، فَقَالَ لَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهَا السُّدُسَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَلْ مَعَكَ غَيْرُكَ؟ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ المُغِيرَةُ، فَأَنْفَذَهُ أَبُو بَكْرٍ لَهَا، ثُمَّ جَاءَتِ الجَدَّةُ الأُخْرَى إِلَى عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا، فَقَالَ لَهَا: مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل شَيْءٌ، وَمَا كَانَ القَضَاءُ الذِي قَضَى بِهِ إِلَاّ لِغَيْرِكَ، وَمَا أَنَا بِزَائِدٍ فِي الفَرَائِضِ، وَلَكِنَّهُ ذَلِكَ السُّدُسُ، فَإِنِ اجْتَمَعْتُمَا فِيهِ فَهُوَ لَكُمَا، وَأَيَّتُكُمَا انْفَرَدَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا» (2).

أما رأي ابن عباس فهو رأي مخالف لما ذهب إليه الجمهور، ولذلك وصفه ابن رشد بأنه «رَأْيٌ شَاذٌّ عِنْدَ الجُمْهُورِ، وَلَكِنْ لَهُ حَظٌّ مِنَ القِيَاسِ» (3)، وهو متلائم مع منهجه في تحكيم القرآن، فكما أن الأب في عرف القرآن

(1) انظر " المحلى " لابن حزم: 9/ 256، 258؛ و" إعلام الموقعين " مع " حادي الأرواح ": 2/ 193، 214.

(2)

" بداية المجتهد " لابن رشد: 2/ 293، 294.

(3)

" بداية المجتهد " لابن رشد: 2/ 293.

ص: 171

يطلق على الجد {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} (1)، {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} (2) فكذلك الأم تطلق على الجدة، قال تعالى:{كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ} (3). فإذا كان أبو بكر رضي الله عنه يرى أن نصيب الجدة غير مذكور في القرآن فإن ابن عباس يرى أنه مذكور في القرآن، داخل في قوله تعالى:{وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: 11]، وعلى ذلك فالجدة أم عند عدم الأم، لها السدس عند وجود جمع من الإخوة أو وجود أولاد للمتوفى، ولها الثلث فيما عدا ذلك، وقد روى ابن حزم بسنده عن ابن عباس قال:«الجَدَّةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ إذَا لَمْ تَكُنْ أُمٌّ» ، وبسنده عن طاووس مثل ذلك، وبقوله في ذلك أخذ ابن حزم الظاهري (4). وإعطاء الجدة الثلث قول انفرد به ابن عباس وهو مصدر وصف رأيه في ذلك بالشذوذ، هذا مع عدم أخذه بما روى من الحديث في ذلك.

ويدعونا الكلام في الفرائض والمواريث إلى أن نشير إلى ظاهرة هامة عند ابن عباس، هي أنه - على الرغم من اتجاهه إلى التعليل، وأصالة هذا الاتجاه عنده كما سبق أن قررناه - كان يبدو أحيانًا متمسكًا بظاهر اللفظ، مناظرًا من يخالفه في ذلك ولعل آراءه في الفرائض هي أبرز الأمثلة على هذا الجانب من فقهه. وجدير بالذكر أن كثيرًا من آرائه في الفرائض أخذ بها أهل الظاهر، كما ظهر في المثالين السابقين، وكما سيتبين مما يأتي، وهذا يؤكد ما سبق أن ذكرناه في بداية الفصل من أن عصر الصحابة هو الملتقى الذي تتجمع عنده معظم الاتجاهات أو تتفرع منه معجم التيارات الفقهية.

(1)[الحج: 78].

(2)

[يوسف: 38].

(3)

الأعراف: 27].

(4)

انظر " المحلى ": 9/ 272، 273.

ص: 172

وقد لاحظ ابن القيم هذه العلاقة التي بين عصر الصحابة وبين الاتجاهات التي ظهرت فيما تلاه من عصور، وضرب لذلك مثلاً باجتهاد الصحابة عِنْدَمَا أَمَرَهُمْ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الأَحْزَابِ بِأَنْ يُصَلُّوا العَصْرَ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، «فَاجْتَهَدَ بَعْضُهُمْ وَصَلَّاهَا فِي الطَّرِيقِ، وَقَالَ: لَمْ يُرِدْ مِنَّا التَّأْخِيرَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ سُرْعَةَ النُّهُوضِ، فَنَظَرُوا إلَى الْمَعْنَى، وَاجْتَهَدَ آخَرُونَ وَأَخَّرُوهَا إلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَصَلَّوْهَا لَيْلًا، نَظَرُوا إلَى اللَّفْظِ، وَهَؤُلَاءِ سَلَفُ أَهْلِ الظَّاهِرِ، [وَهَؤُلَاءِ] سَلَفُ أَصْحَابِ الْمَعَانِي وَالْقِيَاسِ» (1).

فمن مسائل الميراث التي مال فيها ابن عباس إلى ظاهر اللفظ:

1 -

أنه ذهب إلى أن الاثنين من الإخوة أو الأخوات لا يحجبان الأم من الثلث إلى السدس، واشترط لتأثيرهم في نصيبها أن يكونوا ثلاثة فصاعدًا، تمسكًا بظاهر اللفظ في قوله تعالى:{فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11].

وقد روى ابن حزم بسنده أَنَّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَقَالَ لَهُ: «إنَّ الأَخَوَيْنِ لا يَرُدَّانِ الأُمَّ إلَى السُّدُسِ، إنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} [النساء: 11] وَالأَخَوَانِ فِي لِسَانِ قَوْمِك لَيْسُوا بِإِخْوَةٍ؟» . فَقَالَ عُثْمَانُ: «لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَنْقُضَ أَمْرًا كَانَ قَبْلِي، تَوَارَثَهُ النَّاسُ وَمَضَى فِي الأَمْصَارِ» (2) وإلى هذا ذهب ابن حزم.

وجمهور الصحابة - كما أشار سيدنا عثمان في مناظرته لابن عباس - على أن الاثنين لهما حكم الجمع في الميراث، فيدخلان في لفظ (الإِخْوَةِ)، فإن قاعدة الفرائض المستنبطة من آيات المواريث - أن كل حكم اختص به الجماعة عن الواحد فإن الاثنين يشتركان فيه، فالإخوة لأم مثلاً: بين الله سبحانه نصيب

(1)" إعلام الموقعين " مع " حادي الأرواح ": 2/ 244، 245.

(2)

انظر " المحلى " لابن حزم: 9/ 258 و 260، وانظر احتجاج ابن القيم لرأي الجمهور في " إعلام الموقعين ": 2/ 53، 55، وانظر في الاختلاف في أقل الجمع:" الإحكام " لابن حزم: 4/ 1، 8.

ص: 173

الواحد والواحدة عند الانفراد ثم نص على نصيبهم عندما يكونون أكثر من واحد، فقال تعالى:{فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12]، فإن قوله:{أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ} أي أكثر من أخ أو أخت، أي أكثر من واحد أو واحدة، فيدخل فيه الاثنان، وكوضعه تعالى نصيب الأختين فما فوقهما في مقابلة نصيب الواحدة المنفردة {

فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ} [النساء: 176]، وقد قال ابن القيم في الموازنة بين رأي ابن عباس ورأي الجمهور في هذه المسألة:«وَنَظَرُهُ أَقْرَبُ إلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَنَظَرُ الصَّحَابَةِ أَقْرَبُ إلَى المَعْنَى» (1).

ومن المسائل التي خالف ابن عباس فيها الجمهور بسبب ميله إلى الظاهر - نصيب الأم إذا انحصرت التركة في الأبوين وأحد الزوجين: فقد ذهب الجمهور إلى أن لها حينئذٍ ثلث الباقي بعد نصيب أحد الزوجين، إذ لو أعطيت ثلث الكل لكان نصيبها ضعف نصيب الأب في وجود الزوج، وقريبًا من نصيبه في وجود الزوجة، مع أن الملاحظ في نظام التوريث أنه إذا اجتمع ذكر وأنثى في طبقة واحدة كالابن والبنت، والجد والجدة، والأب والأم، والأخ والأخت، فإما أن يأخذ الذكر ضعف ما تأخذه الأنثى، أو يساويها. فأما أن تأخذ الأنثى ضعف الذكر فهذا خلاف قاعدة الفرائض التي أوجبها شرع الله وحكمته، وقد عهدنا الله سبحانه أعطى الأب ضعف ما أعطى الأم إذا انفرد الأبوان بميراث ابنهما، وساوى بينهما عند وجود ولد له، ولم يفضلها عليه في موضع واحد، ولهذا ذهب الجمهور إلى أن لها ثلث الباقي بعد نصيب أحد الزوجين.

أما ابن عباس فقد ذهب إلى أن نصيب الأم هو ثلث التركة كلها، وجد أحد الزوجين أو لم يوجد، تَمَسُّكًا بظاهر قوله تعالى:{وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11].

(1)" إعلام الموقعين ": 2/ 52.

ص: 174

وتسفر مناظرته في هذه المسألة لزيد بن ثابت عن ميله الواضح لظاهر اللفظ فيها، فقد أرسل ابن عباس إلى زيد بن ثابت: أَتَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ لِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ؟. فَقَالَ زَيْدٌ: «إِنَّمَا أَنْتَ رَجُلٌ تَقُولُ بِرَأْيِكَ، وَأَنَا رَجُلٌ أَقُولُ بِرَأْيِي» (1).

وقد روى الدارمي عن إبراهيم النخعي قال: «خَالَفَ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَهْلَ القِبْلَةِ فِي امْرَأَةٍ وَأَبَوَيْنِ: جَعَلَ لِلأُمِّ الثُّلُثَ مِنْ جَمِيعِ المَالِ» (2).

ومذهب ابن عباس في هذه المسألة هو ما ذهب إليه بعده أهل الظاهر، كداود وابن حزم (3).

ومن رأي ابن عباس أيضًا رفض العول، مخالفًا بذلك جمهور الصحابة، وقد أخذ برأيه في رفض العول داود وابن حزم وغيرهما من أهل الظاهر، تَشَبُّثًا منهم بأن مجموع الأنصبة يجب ألا يزيد على الواحد الصحيح، فالتركة تستوعب نصفين، فإذا وجد من له الثلث معهما لم يصادف هذا الثلث مقابلاً له من التركة، وهذا أمر بديهي، وإذا كان بعض الورثة حينئذٍ لن يكون له حظ من التركة، وجب أن ينظر فيمن يقدم منهم ليكون أولى بأخذ نصيبه، وقد رأى ابن عباس أن التركة إذا تزاحمت فيها الفروض قدم من الورثة من ينتقل من فرض مقدر إلى فرض آخر مقدر، فإذا بقي منها شيء أخذه من ينتقل من فرض مقدر إلى نصيب غير مقدر. فمثلاً إذا كان الورثة زوجًا وأختًا شقيقة وَأُمًّا، فللزوج النصف، وللأخت النصف، وللأم الثلث، فابن عباس يقدم الزوج والأم، فيأخذان نصيبهما كاملاً، لأنهما ينتقلان من فرض مقدر هو النصف للزوج والثلث إلى فرض مقدر وهو الربع للزوج والسدس للأم وما بقي بعد نصيبهما تأخذه الأخت لأنها تنتقل من فرض

(1) و (2)" سنن الدارمي ": 2/ 346.

(3)

انظر " المحلى ": 9/ 261، 262؛ و" بداية المجتهد ": 2/ 287، 288؛ و" إعلام الموقعين ": 2/ 5، 59.

ص: 175

مقدر هو النصف إلى نصيب غير مقدر عندما تكون عصبة بالغير أو مع الغير، فإذا لم يبق من التركة شيء لم تأخذ شيئًا.

وقد روي عن ابن عباس أنه قال: «أَعَالَ الفَرَائِضَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَأَيْمُ اللَّهِ لَوْ قَدَّمَ مَنْ قَدَّمَ اللَّهُ، وَأَخَّرَ مَنْ أَخَّرَ اللَّهُ مَا عَالَتْ فَرِيضَةٌ» ، قِيلَ لَهُ: وَأَيُّهَا قَدَّمَ اللَّهُ، وَأَيُّهَا أَخَّرَ اللَّهُ؟. قَالَ:«كُلُّ فَرِيضَةٍ لَمْ يُهْبِطْهَا اللَّهُ عز وجل عَنْ مُوجَبِهَا إِلَاّ إِلَى فَرِيضَةٍ أُخْرَى، فَهِيَ مَا قَدَّمَ اللَّهُ، وَكُلُّ فَرِيضَةٍ إِذَا زَالَتْ عَنْ فَرْضِهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا إِلَاّ مَا بَقِيَ فَتِلْكَ التِي أَخَّرَ اللَّهُ فَالأَوَّلُ مِثْلُ الزَّوْجَةِ وَالأُمِّ، وَالمُتَأَخِّرُ مِثْلُ الأَخَوَاتِ وَالبَنَاتِ» . قَالَ: «فَإِذَا اجْتَمَعَ الصِّنْفَانِ بُدِئَ مَنْ قَدَّمَ اللَّهُ، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ فَلِمَنْ أَخَّرَ اللَّهُ، وَإِلَاّ فَلَا شَيْءَ لَهُ» ، قِيلَ لَهُ: فَهَلَاّ قُلْتَ هَذَا القَوْلَ لِعُمَرَ: قَالَ: «هِبْتُهُ» (1).

ورأي الجمهور أقرب للعدل والنظر من رأي ابن عباس، فالورثة أشبه بالغرماء في مال المدين إذا قصر عن الوفاء بكل حقوقهم. فإن المال حينئذٍ يقسم بقدر حصصهم من الدين، ولا يحق لبعضهم أن يستوفي حقه كاملاً على حساب حرمان الآخرين.

هذا هو ابن عباس، آثرناه بمزيد من البيان بعد أن أجملنا الخطوط العامة لرواة الحديث من الصحابة، ووصفنا الملامح الرئيسية لفقههم.

ونرى لزامًا علينا - لتتضح الصورة، وتتميز الفروق - أن نذكر ابن عمر من بين المجموعة الثانية كطرف مقابل لابن عباس -، فنختصه بكلمة تجلي لنا جوانب من شخصيته، وتكشف لنا عن بعض اتجاهاته في الفقه، لتسهل الموازنة بين المجموعتين.

وأول ما يطالعنا من سلوك ابن عمر وشخصيته هو حرصه على السنة وتمسكه بها، واقتداؤه بالرسول صلى الله عليه وسلم اقتداءً تامًا لا استثناء فيه حتى لقد رأى معاصروه أنه قد بالغ في ذلك، فقد «ذَكَرَ نَافِعٌ أنَّ عَبْدَ اللهِ تَتَبَّعَ

(1) انظر " المحلى " لابن حزم: 9/ 262، 276؛ و" بداية المجتهد ": 2/ 292.

ص: 176

أَمْرَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَآثَارَهُ، وَأَفْعَالَهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ خِيفَ عَلَى عَقْلِهِ» (1).

ومن أمثلة تحريه وحمله نفسه على أن يكون سلوكه مطابقًا سلوك الرسول صلى الله عليه وسلم ما يرويه مُجَاهِدٌ أَنَّهُ كَانَ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فِي سَفَرٍ، فَمَرَّ بِمَكَانٍ فَحَادَ عَنْهُ، فَسُئِلَ لِمَ فَعَلْتَ؟ قَالَ:«رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ هَذَا فَفَعَلْتُ» .

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ رحمه الله بِعَرَفَاتٍ، فَلَمَّا كَانَ حِينَ رَاحَ رُحْتُ مَعَهُ، حَتَّى أَتَى الإِمَامَ فَصَلَّى مَعَهُ الأُولَى وَالعَصْرَ، ثُمَّ وَقَفَ مَعَهُ وَأَنَا وَأَصْحَابٌ لِي حَتَّى أَفَاضَ الإِمَامُ فَأَفَضْنَا مَعَهُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى المَضِيقِ دُونَ المَأْزِمَيْنِ، فَأَنَاخَ وَأَنَخْنَا، وَنَحْنُ نَحْسَبُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُصَلِّيَ، فَقَالَ غُلَامُهُ الذِي يُمْسِكُ رَاحِلَتَهُ: إِنَّهُ لَيْسَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ، وَلَكِنَّهُ ذَكَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا انْتَهَى إِلَى هَذَا المَكَانِ قَضَى حَاجَتَهُ، فَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَقْضِيَ حَاجَتَهُ» (2).

وقد عرف ابن عمر بهذا الحرص الشديد على الاقتداء والتأسي، وذاعت شهرته بذلك في الأوساط المختلفة حتى غلب على ظن كثير من الناس، أن ما صدر عنه من أفعال وتصرفات تمثل صورة من أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم، ولها ارتباط بما صدر عنه عليه الصلاة والسلام، وقد كان ابن عمر يعلم أنه - لتأسيه بالرسول صلى الله عليه وسلم - صار قدوة، ولذلك، كان يحرص عندما يصدر منه فعل ليس متابعًا فيه للرسول، على أن ينبه الناس إلى ذلك، مثل ما روي أنه أمر أصحابه أن يمسحوا على خفافهم، ولكنه خلع نعليه، وغسل رجليه، ولما خشي أن يظن الناس أن غسل القدمين أفضل من المسح على الخفين وأن يتابعوه في فعله اضطر أن

(1)" تذكرة الحفاظ ": 1/ 27.

(2)

" مجمع الزوائد ومنبع الفوائد " لنور الدين بن علي بن أبي بكر الهيثمي: 1/ 137 و 174.

ص: 177

ينبههم إلى أنه غسل قدميه استجابة لميله الطبيعي إلى غسل القدمين وَقَالَ: «حُبِّبَ إلَيَّ الوُضُوءُ» . وَقَالَ: «إنِّي لَمُولَعٌ بِغَسْلِ قَدَمَيَّ، فَلَا تَقْتَدُوا بِي» (1).

وكما كان ابن عمر حريصًا على تتبع أمر الرسول صلى الله عليه وسلم وآثاره وأفعاله - كان حريصًا على حفظ حديثه ينقله بألفاظه، لا يزيد فيها ولا ينقص منها، وينقل لنا أبو جعفر محمد بن علي [بن الحسين بن علي] (*) بن أبي طالب هذا الجانب من شخصية ابن عمر فيقول: «لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ إِذَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثًا أَحْذَرَ أَلَاّ يَزِيدَ فِيهِ أَوْ يُنْقِصَ مِنْهُ، وَلَا، وَلَا

مِنْ ابْنِ عُمَر» (2)(*).

أما سرعة استجابته للحديث وأخذه به وقلة نقده له - فهي ظاهرة واضحة عند ابن عمر. وإذا كان ابن عباس يبلغه الحديث فيما يخالف اجتهاده، فيعلله أو يؤوله - كما سبق أن قدمنا - فإن ابن عمر على العكس من ذلك، متى يبلغه الحديث يرجع إليه دون معارضة، ودون ضرب الأمثال له، كما أخذ ذلك أبو هريرة على ابن عباس.

وقد ذكرنا من قبل رأي ابن عباس في ربا الفضل، وثباته على هذا الرأي رغم معارضته لحديث أبي سعيد الخُدري، وقد صح عن ابن عمر أنه كان يقول بقول ابن عباس في الربا (3)، ولكنه ما لبث أن رجع عنه عندما بلغه الحديث في ذلك. وهذا فرق هام بين ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم.

ولعل أوضح مثال يؤكد هذا الفرق بينهما هو ما أثر عنهما في حكم المزارعة، واختلاف موقفهما حيال ما روي فيها، فقد كان شائعًا بينهم إجارة الأرض ببعض ما يخرج منها حتى حديث بعض متأخري الصحابة أن النبي

(1) انظر " المغني ": 1/ 282.

(2)

" تذكرة الحفاظ ": 1/ 37؛ ورواه الدارمي في " سننه "(ج 1 ص 4) بلفظ: «كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثًا لَمْ يَعْدُهُ، وَلَمْ يُقَصِّرْ دُونَهُ» والمعنى يحتمل الحرص على السنة والامتثال لها كما يحتمل التقيد بألفاظ الحديث.

(3)

انظر: المحلى 8/ 491.

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:

(*) انظر " السنن " للإمام الدارمي (ت 255 هـ)، تحقيق حسين سليم أسد الداراني، المُقَدِّمَةُ، (31) بَابُ: مَنْ رَخَّصَ فِي الْحَدِيثِ إِذَا أَصَابَ الْمَعْنَى، حديث رقم 327، 1/ 348، الطبعة الأولى: 1421 هـ - 2000 م، دار المغني للنشر والتوزيع - المملكة العربية السعودية. وانظر تخريج الحديث فيه.

وانظر أيضًا " سنن ابن ماجه ": انظر: ابن ماجه: " السنن "، تحقيق وترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، المقدمة، (1) بَابُ اتِّبَاعِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حديث رقم 4، 1/ 4، طبعة سنة: 1395 هـ - 1975 م، نشر دار إحياء التراث العربي. بيروت - لبنان.

وانظر " تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف " لِلْمِزِّي، تحقيق الدكتور بشار عواد معروف، الطبعة الاولى:1999 م، حديث رقم 7442، 5/ 326، نشر دار الغرب الإسلامي. بيروت - لبنان.

و" الجامع المسند " للدكتور بشار عواد معروف ومن معه، حديث رقم 7184، 10/ 22، الطبعة الأولى: 1413 هـ - 1993 م، دار الجيل. بيروت - لبنان. والشركة المتحدة - الكويت.

ص: 178

- صلى الله عليه وسلم نهى عنها. فماذا كان موقف هذين الصحابيين الجليلين من هذا النهي؟ أما ابن عباس فقد نقد ما روي في المزارعة، وعلله بسهو الراوي أو بعدم إحاطته بالظروف التي قيل فيها الحديث، فلم يعمل بما روي فيها.

وأما ابن عمر، فمع تشككه في صحة الحديث فيها، لمناقضته لما مضى عليه العمل في عهد النبوة وفي عهد الخلفاء الراشدين، ولما كان يعلمه من أن الرسول صلى الله عليه وسلم أقر هذا التعامل، عندما عامل أهل خيبر على شطر ما يخرج من الأرض - فإنه لم يسعه إلا أن يأخذ به، ويمتثل له ويفضل أن يتهم نفسه ولا يتهم الرواية.

والأحاديث في المزارعة كثيرة لا تخلو من تعارض، ويهمنا هنا أن نذكر ما يوضح هذا الفرق الذي ذكرناه بين ابن عمر وابن عباس.

فَقَدْ رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ رَافِعِ بْنَ خَدِيجِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَمِّهِ ظُهَيْرِ بْنِ رَافِعٍ، قَالَ ظُهَيْرٌ:" لَقَدْ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَمْرٍ كَانَ بِنَا رَافِقًا "، قُلْتُ: مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَهُوَ حَقٌّ، قَالَ: دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«مَا تَصْنَعُونَ بِمَحَاقِلِكُمْ؟» ، قُلْتُ: نُؤَاجِرُهَا عَلَى الرُّبُعِ، وَعَلَى الأَوْسُقِ مِنَ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ، قَالَ:«لَا تَفْعَلُوا، ازْرَعُوهَا، [أَوْ أَزْرِعُوهَا]، أَوْ أَمْسِكُوهَا» قَالَ رَافِعٌ: قُلْتُ: سَمْعًا وَطَاعَةً (1).

وَرَوَى البُخَارِيُّ معنى ذلك عن جابر وأبي هريرة.

ثُمَّ رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، لَمْ يَنْهَ عَنْهُ وَلَكِنْ قَالَ:«أَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مَعْلُومًا» (2).

(1) و (2)" البخاري بحاشية السندي ": 2/ 30، 31.

ص: 179

وروى الترمذي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُحَرِّمِ المُزَارَعَةَ، وَلَكِنْ أَمَرَ أَنْ يَرْفُقَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ» (1).

أما ابن عمر فيتبين موقفه مما رواه البخاري عن نافع أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما: «كَانَ يُكْرِي مَزَارِعَهُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَصَدْرًا مِنْ إِمَارَةِ مُعَاوِيَةَ» ثُمَّ حُدِّثَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ كِرَاءِ المَزَارِعِ» فَذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى رَافِعٍ، فَذَهَبْتُ مَعَهُ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ:«نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ كِرَاءِ المَزَارِعِ» . فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «قَدْ عَلِمْتَ أَنَّا كُنَّا نُكْرِي مَزَارِعَنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بِمَا عَلَى الأَرْبِعَاءِ، وَبِشَيْءٍ مِنَ التِّبْنِ» (2).

إن هذه الرواية توضح شك ابن عمر في صحة الحديث، وتشير إلى القلق الذي نشب في نفسه بين قبول هذا الحديث أو رفضه. فماذا كانت نتيجة هذا الصراع؟. إن الرواية التالية تبين أن هذا الصراع قد انتهى إلى ما يتسق مع شخصية ابن عمر ومنهجه، مِنْ أَخْذٍ بِالحَدِيثِ وَامْتِثَالٍ لَهُ، فحرم المزارعة على نفسه، رغم الظواهر التي تشكك في صحة الحديث، وترجح غلبه الوهم أو الخطأ في روايته، فَقَدْ رَوَى البُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ:«كُنْتُ أَعْلَمُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الأَرْضَ تُكْرَى» ، ثُمَّ خَشِيَ عَبْدُ اللَّهِ أَنْ

(1)" الترمذي بشرح ابن العربي ": 6/ 155؛ وانظر " مسند أحمد ": 4/ 210 وفيه: «لأَنْ يَمْنَحَ أَحَدُكُمْ [أَخَاهُ] أَرْضَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا كَذَا وَكَذَا» - لِشَيْءٍ مَعْلُومٍ -. قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «وَهُوَ الْحَقْلُ، وَهُوَ بِلِسَانِ الْأَنْصَارِ: الْمُحَاقَلَةُ» . ويؤيد ابن عباس ما رواه أبو داود عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، أَنَا وَاللَّهِ أَعْلَمُ بِالحَدِيثِ مِنْهُ إِنَّمَا أَتَاهُ رَجُلَانِ، [قَالَ مُسَدَّدٌ]: مِنَ الأَنْصَارِ، [ثُمَّ اتَّفَقَا]، قَدِ اقْتَتَلَا، فَقَالَ [رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم] (*):«إِنْ كَانَ هَذَا شَأْنَكُمْ فَلَا تُكْرُوا الْمَزَارِعَ» ، زَادَ مُسَدَّدٌ، فَسَمِعَ قَوْلَهُ:«لَا تُكْرُوا المَزَارِعَ» ، " سنن أبي داود ": 3/ 349؛ وانظر " بداية المجتهد ": 2/ 184، 186؛ و" أسباب اختلاف الفقهاء " للخفيف: ص 38، 40؛ و" المحلى ": 8/ 211، 224؛ و" المغني ": 5/ 360، 362، 378، 382.

(2)

" البخاري بحاشية السندي ": 2/ 21.

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:

(*) في الكتاب المطبوع قد يظن القارئ أنه حديث مقطوع (من قول مسدد)، لأنه لم يذكر (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، انظر " السنن "، لأبي داود السجستاني (ت 275هـ)، تحقيق عزت عبيد الدعاس وعادل السيد، (17) كِتَاب الْبُيُوعِ (31) بَابٌ فِي الْمُزَارَعَةِ، حديث رقم 3390، 3/ 442، الطبعة الأولى: 1418 هـ - 1997 م، نشر دار ابن حزم. بيروت - لبنان.

ص: 180

يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَحْدَثَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُهُ، «فَتَرَكَ كِرَاءَ الأَرْضِ» (1).

ولعل ورع ابن عمر وحيطته لدينه هي الدوافع في اتجاهه هذا بل هي الضوء الذي يفسر كثيرًا من تصرفاته.

وكان هذا الورع يحمله على أن يترك بعض الحلال مخافة أن يقترب من الحرام، وقد روى مالك عنه أنه قال:«إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ أَجْعَلَ بَيْنِي وَبَيْنَ الحَرَامِ سُتْرَةً مِنَ الحَلَالِ» (2).

كما كان هذا الورع يحمله على التشديد على نفسه وعلى غيره، فقد صح عنه «أَنَّهُ كَانَ يُدْخِلُ المَاءَ فِي بَاطِنِ عَيْنَيْهِ فِي الوُضُوءِ وَالغُسْلِ» (3)(*). وقد تميز ابن عمر بشدته هذه وعرف بها، وكانت موازنة أبي جعفر المنصور في ذلك بين ابن عمر وابن عباس موازنة صادقة صحيحة، عندما طلب من الإمام مالك أن يكتب للناس كتابًا يتجنب فيه «رُخَصَ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَشَدَائِدَ ابْنَ عُمَرَ» .

وإذا استعرضنا طرفًا من المسائل التي استدركتها السيدة عائشة على ابن عمر - وجدناه يميل في معظمها إلى جانب الشدة، أخذًا بالحيطة حتى يبلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ما ذهب إليه، فيترك قوله.

فمن ذلك أنه كان يقول: «فِي القُبْلَةِ الوُضُوءُ» ، فاستدركت عليه السيدة عائشة وَقَالَتْ:«كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ [ثُمَّ] لَا يَتَوَضَّأُ» (4).

(1)" البخاري بحاشية السندي ": 2/ 31.

(2)

" المحلى " لابن حزم: 1/ 201، وقد عَرَّفَ ابن حزم الورع بأنه تجنب ما لا يظهر فيه ما يوجب اجتنابه خوفًا من أن يكون ذلك فيه (" الإحكام ": 1/ 45). وفي ابن عمر يقول ابن مسعود: «إِنَّ مِنْ أَمْلَكِ شَبَابِ قُرَيْشٍ لِنَفْسهِ عَنِ الدُّنْيَا عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ» ، ويقول جابر:«مَا مِنَّا أَحَدٌ أَدْرَكَ الدُّنْيَا إلَاّ وَقَدْ مَالَتْ بِهِ إلَاّ ابْنُ عُمَرَ» . انظر " سير أعلام النبلاء ": 3/ 139، 140.

(3)

انظر " المحلى ": 2/ 76؛ وفي " المغني: 1/ 107 أنه عمي بسبب ذلك.

(4)

" الإجابة ": ص 118، 119.

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:

(*) قارن بالصفحة 270 من هذا الكتاب.

ص: 181

ومن ذلك أنه كان يمنع المحرم أن يتطيب قبل إحرامه، وكان يقول:«لَأَنْ أُصْبِحَ مُطَّلِيًا بِقَطِرَانٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصْبِحَ مُحْرِمًا أَنْضَخُ طِيبًا» ، ولما بلغ ذلك السيدة عائشة قالت:«طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَطَافَ عَلَى نِسَائِهِ، ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِمًا» ، وفي لفظ " البخاري ": قالت: «يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ، ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا يَنْضَخُ طِيبًا» (1).

ومن ذلك أنه كان يأمر بقطع الخفين للمرأة المحرمة إذا لم تجد نعلاً ثُمَّ حَدَّثَتْهُ صَفِيَّةُ بِنْتُ أَبِي عُبَيْدٍ، أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها حَدَّثَتْهَا، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانَ رَخَّصَ لِلنِّسَاءِ فِي الخُفَّيْنِ» فَتَرَكَ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ (2).

وهذا الورع ذاته كان من العوامل التي دفعت ابن عمر إلى الإقلال من الفتوى، وإلى كثرة إجابته بقوله:«لَا أَعْلَمُ» ، كما كان سببًا في ميله إلى الظاهر في أغلب الأحيان، وحرصه على ظاهر اللفظ، دون تأويل له أو نظر إلى المعنى، كما سبق أن رأينا صورة من ذلك في أخذه بظاهر ما روى في قطع الصلاة بالكلب والحمار والمرأة إذا مر أحدها أمام المصلي .. ويشاركه في هذا الاتجاه أبو هريرة (3).

لكن هذا الاتجاه إلى الظاهر لم يكن مذهبًا ملتزمًا لا يعدل عنه، بل كان الأمر مرتبطًا بمدى الاطمئنان النفسي والأخذ بالأحوط. فلو اقتضى الورع والأخذ بالأحوط أن تصرف الألفاظ عن ظاهرها، وأن تتجاوزه إلى المعاني المقصودة من ورائها - فإن الظاهر حينئذٍ يطرح ولا يلتزم.

(1)" الإجابة ": ص 114.

(2)

المصدر نفسه: ص 117، 118.

(3)

ومن أمثلة أخذ أبي هريرة بالظاهر أيضًا اعتباره غسل يوم الجمعة واجبًا (" الموطأ ": 1/ 101)، وجعله الضجعة التي بين سُنَّةِ الفَجْرِ وَصَلَاةِ الفَجْرِ فَرْضًا لروايته آثارًا في ذلك أخذها على ظاهرها، وتبعه فيها أهل الظاهر (انظر " المحلى ": 1/ 196).

ص: 182

ولعل أبرز مثال لذلك ينبئ عما وراءه، هو ما روي عنه في (الإيلاء) وهو في اللغة الحلف والقسم واليمين، ولكن معناه الفقهي مختلف فيه، لاختلافهم فيما يكون به المرء موليًا:

(أ) هل هو الحلف ألا يجامع الزوج زوجته على وجه الضرر والغضب؟

(ب) أو هو كل يمين حالت دون الجماع، دون فرق بين الرضا والغضب؟.

(ج) أو هو كل يمين يؤدي إلى الإضرار بالزوجة، سواء أكانت اليمين على ترك الجماع أو على عدم الكلام معها مثلاً؟

وقد التقت الأقوال الثلاثة السابقة حول ضرورة اليمين في اعتبار الإيلاء، فهي من أهم شروطه.

(د) أما الرأي الرابع فهو رأي ابن عمر، فقد ذهب إلى أن الزوج إذا هجر زوجته فهو إيلاء، ولو لم يذكر الحلف، ولو لم يكن هناك قسم: قال الجصاص تعليقًا على رأي ابن عمر: «وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِنْ أَنَّ الهِجْرَانَ يُوجِبُ الطَّلَاقَ، فَإِنَّهُ قَوْلٌ شَاذٌّ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ إذَا حَلَفَ ثُمَّ هَجَرَهَا مُدَّةَ الإِيلَاءِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ خِلَافُ الكِتَابِ، قَالَ اللَّهُ تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] وَالأَلِيَّةُ اليَمِينُ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَهِجْرَانُهَا لَيْسَ بِيَمِينٍ، فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ الكَفَّارَةِ» (1).

ولا شك أن ابن عمر قد علم أن الإيلاء معناه اليمين، إذ هو عربي يفهم ألفاظ القرآن ويحتج بفهمه ولغته وقد احتج الجصاص بفهم ابن عباس في قوله تعالى:{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ} [البقرة: 227]، حيث قال:«عَزِيمَةُ الطَّلَاقِ انْقِضَاءُ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ» قبل الفيء إليها. «لأَنَّهُ لَمْ يَخْلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ شَرْعًا أَوْ لُغَةً، وَأَيُّ الْوَجْهَيْنِ كَانَ فَحُجَّتُهُ ثَابِتَةٌ» (2).

(1)" أحكام القرآن " للجصاص ": 1/ 356، 360.

(2)

(*)

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:

(*) لم يذكر المؤلف المصدر في الكتاب المطبوع وإنما أشار إلى الترقيم (2)، وتبين أنه المصدر السابق.

انظر " أحكام القرآن " للجصاص "، تحقيق محمد صادق قمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف: 2/ 50، طبعة سنة 1412 هـ - 1992 م، نشر دار إحياء التراث العربي - بيروت

وانظر أيضًا " أحكام القرآن " للجصاص " تحقيق عبد السلام محمد علي شاهين: 1/ 436، الطبعة الأولى: 1415 هـ - 1994 م، نشر دار الكتب العلمية. بيروت - لبنان.

ص: 183

إن ابن عمر في هذه المسألة جاوز اللفظ ولم يقف عنده، وتوجه مباشرة إلى الغاية والمعنى المقصود من الإيلاء. ورأيه في ذلك له وزنه وقيمته. ويسد الطريق أمام من يهجرون زوجاتهم بقصد الإضرار، آمنين من تطبيق حكم الإيلاء عليهم، ما داموا لم يستكملوا المظهر الشكلي وهو القَسَمَ وَاليَمِينَ.

ومن ذلك أيضًا رأى ابن عمر في حكم المرأة الحامل في رمضان إذا خافت على ولدها وصعب عليها الصيام: فقد سئل عن ذلك فأجاب: «تُفْطِرُ، وَتُطْعِمُ، مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ بِمُدِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» .

ويعلق الإمام مالك على رأي ابن عمر بقوله: «وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَرَوْنَ عَلَيْهَا القَضَاءَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عز وجل: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] وَيَرَوْنَ ذَلِكَ مَرَضًا مِنَ الأَمْرَاضِ مَعَ الخَوْفِ عَلَى وَلَدِهَا» (1).

ولكن رأي ابن عمر في ذلك رأي سديد، فالله تعالى أوجب الصيام على المكلفين. ثم استثنى نوعين: أولهما: المريض والمسافر، بشرط أن يقضيا ما رخص لهما في فطره، وثانيهما: المطيق له، بشرط الفدية. وكأنه يذهب إلى أن معنى الإطاقة هي استطاعة الصوم مع شدة وجهد لا يخلو من ضرر أو خطر. والقول بنسخ هذا الحكم قول مرجوح (2).

وبهذا نكون قد أتينا على ما أردنا بيانه في هذا الكتاب من تحديد أهل الحديث وإثبات أن لهم مذهبًا فقهيًا مستقلاً، وإيضاح اتجاهات سلفهم مِنْ مُحَدِّثِي الصَّحَابَةِ. ونشرع الآن في بيان ملامح مذهب المحدثين ومنهجهم الفقهي.

(1)" الموطأ ": 1/ 308.

(2)

انظر " النسخ في القرآن الكريم "، للأستاذ الدكتور مصطفى زيد: ص 639، 644.

ص: 184