الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وُجُوبِ الغُسْلِ إِذَا الْتَقَى الخِتَانَانِ) (1)، ويفهم من الترجمة الأخيرة أنه يذهب إليها.
نِكَاحُ المُحْرِمِ بِالحَجِّ وَالعُمْرَةِ:
روى البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ» ، وذلك في موضعين من كتابه في (بَابُ تَزْوِيجِ المُحْرِمِ) و (بَابُ نِكَاحِ المُحْرِمِ)(2)، ولم يرو ما يعارض ذلك.
ولكن أبا داود مال إلى تحريم زواج المحرم، وروى في ذلك عَنْ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، مَرْفُوعًا «لَا يَنْكِحُ المُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحُ» . كما روى عَنْ مَيْمُونَةَ، قَالَتْ:«تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ حَلَالَانِ بِسَرِفَ» ، ثم روى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ» . ولكنه أعقبه بما رواه عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ:«وَهِمَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فِي تَزْوِيجِ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ» (3).
وترجم الترمذي لحديث عثمان وغيره مما يفيد النهي عن تزويج المحرم، بقوله:(بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ تَزْوِيجِ المُحْرِمِ)، ثم ذكر أن العمل على هذا عند بعض الصحابة والتابعين، وبه يقول مالك والشافعي وأحمد وإسحاق، لا يرون أن يتزوج المحرم، فإن نكح فنكاحه باطل.
ثم أتبع هذا الباب بباب آخر، روى فيه حديث ابن عباس السابق، وقال عنه:«حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ» ، وترجم له بقوله:(بَابُ مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ)(4).
(1)" ابن ماجه " بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله: 1/ 199.
(2)
" البخاري ": 1/ 207 و 3/ 246 في كتابي الحج والنكاح.
(3)
" أبو داود ": 2/ 230، 231.
(4)
" الترمذي ": 4/ 71، 74؛ وانظر " اختلاف الحديث "، للشافعي على هامش " الأم ": 7/ 238، 241؛ و" معاني الآثار ": 1/ 441، 443.
ونكتفي بما ذكرناه من أمثلة لكيفية تناول المحدثين لمختلف الحديث، وهي تدل على غيرها، فعلى نهج ما قدمناه يسيرون، وتختلف أنظارهم في التوفيق بين الأحاديث، وإن كانوا يتلاقون جميعًا في أنهم لا يقلدون ولا يتعصبون، ولكنهم يجتهدون وينظرون، فما غلب على ظنهم أنه الحق أخذوا به، وعبروا عنه في تراجمهم وتعقيباتهم على تفاوت بينهم في إبراز الجوانب الفقهية من شخصياتهم، وعلى اختلاف بينهم في إيداع كتبهم مذاهب الصحابة والتابعين وتابعيهم.
وقد اتضح مما تقدم أن البخاري فقيه وأي فقيه، وأنه - من زاوية الفقه - مقدم على كتاب السنن في القرن الثالث كما هو مقدم عليهم من حيث صناعة الحديث، إذ هو أعمقهم استنباطًا، وأكثرهم استقلالاً، وأصرحهم رأيًا، وأشدهم في مناقشة أهل الرأي وغيرهم.
ثم يأتي بعده في العمل الفقهي الترمذي، ثم أبو داود والنسائي ثم الدارمي وابن ماجه، ثم مسلم، وأخيرًا يأتي ابن أبي شيبة.