المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌169 - باب النظر في الصلاة - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ٥

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌155 - باب الدُّعاءِ في الصَّلاةِ

- ‌158 - باب في الرَّجُلِ يُدْرِكُ الإِمام ساجِدًا كيْفَ يصْنعُ

- ‌156 - باب مِقْدارِ الرّكُوعِ والسُّجُودِ

- ‌157 - باب أَعْضاءِ السُّجُودِ

- ‌159 - باب السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ والجَبْهَةِ

- ‌160 - باب صِفة السجودِ

- ‌161 - باب الرُّخْصَةِ فِي ذَلِك لِلضَّرُورةِ

- ‌162 - باب فِي التَّخَصُّرِ والإِقْعاءِ

- ‌163 - باب البُكاءِ فِي الصَّلاةِ

- ‌164 - باب كَراهِيَةِ الوَسْوَسَةِ وَحَدِيثِ النَّفْسِ فِي الصَّلاةِ

- ‌165 - باب الفَتْحِ علَى الإِمامِ فِي الصَّلاةِ

- ‌166 - باب النَّهْي عَنِ التَّلْقِينِ

- ‌167 - باب الالتِفاتِ فِي الصَّلاةِ

- ‌168 - باب السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ

- ‌169 - باب النَّظَر فِي الصَّلاةِ

- ‌170 - باب الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ

- ‌171 - باب العَمَلِ فِي الصَّلاةِ

- ‌172 - باب رَدِّ السَّلامِ فِي الصَّلاةِ

- ‌173 - باب تَشْمِيتِ العاطِسِ في الصَّلاةِ

- ‌174 - باب التَّأْمِينِ وراءَ الإِمامِ

- ‌175 - باب التَّصْفِيقِ فِي الصَّلاةِ

- ‌176 - باب الإِشارَةِ فِي الصَّلاةِ

- ‌177 - باب فِي مسْح الحَصَى فِي الصَّلاةِ

- ‌178 - باب الرَّجُلِ يُصَلِّي مُخْتَصِرًا

- ‌179 - باب الرَّجُلِ يَعْتَمِدُ فِي الصَّلاةِ عَلَى عَصًا

- ‌180 - باب النَّهْي عَن الكَلامِ فِي الصَّلاة

- ‌181 - باب في صَلاةِ القاعدِ

- ‌182 - باب كَيْفَ الجُلُوس فِي التَّشَهُّدِ

- ‌183 - باب منْ ذَكَر التَّوَرُّكَ فِي الرّابِعَةِ

- ‌184 - باب التَّشَهُّدِ

- ‌185 - باب الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ التَّشَهُّدِ

- ‌186 - باب ما يَقُولُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ

- ‌187 - باب إِخْفاءِ التَّشَهُّدِ

- ‌188 - باب الإِشارَةِ فِي التَّشَهُّدِ

- ‌189 - باب كراهِيَةِ الاعْتِمادِ عَلَى اليَدِ فِي الصَّلاةِ

- ‌190 - باب فِي تَخْفِيفِ القُعُودِ

- ‌191 - باب فِي السَّلامِ

- ‌192 - باب الرَّدِّ على الإِمامِ

- ‌193 - باب التَّكْبِيرِ بَعْدَ الصَّلاةِ

- ‌194 - باب حَذْفِ التَّسْلِيمِ

- ‌195 - باب إِذا أَحْدَثَ فِي صَلاتِهِ يسْتَقْبِلُ

- ‌196 - باب فِي الرَّجُلِ يَتَطَوَّع فِي مَكانِهِ الذِي صلَّى فِيهِ المكْتوبَةَ

- ‌197 - باب السَّهْوِ فِي السَّجْدَتيْنِ

- ‌198 - باب إِذا صلَّى خَمْسًا

- ‌199 - باب إِذَا شَكَّ فِي الثِّنْتيْنِ والثَّلَاثِ مَنْ قَال يُلْقِي الشَّكَّ

- ‌200 - باب مَنْ قَال: يُتِمُّ عَلَى أَكْبْرِ ظَنِّهِ

- ‌201 - باب مَنْ قال: بَعْدَ التَّسلِيمِ

- ‌202 - باب مَنْ قام مِنْ ثِنْتيْنِ وَلَمْ يَتشَهَّدْ

- ‌203 - باب منْ نَسيَ أَنْ يَتَشَهَّدَ وَهُوَ جالِسٌ

- ‌204 - باب سجْدَتَي السَّهْوِ فِيهِما تشَهُّدٌ وَتسْليمٌ

- ‌205 - باب انصِرافِ النِّساءِ قَبْل الرِّجالِ مِنَ الصَّلاةِ

- ‌206 - باب كَيْفَ الانصرافُ مِنَ الصَّلاة

- ‌207 - باب صلاةِ الرَّجُل التَّطَوُّعَ في بَيْتِهِ

- ‌208 - باب مَنْ صَلَّى لِغَيْرِ القِبْلَةِ ثُمَّ علِمَ

- ‌209 - باب فَضْلِ يَوْمِ الجُمُعَةِ وَلَيْلَةِ الجُمُعَةِ

- ‌210 - باب الإِجابَةِ أَيَّةُ ساعَةٍ هي فِي يوْمِ الجُمُعةِ

- ‌211 - باب فَضْلِ الجُمُعَةِ

- ‌212 - باب التَّشْدِيد فِي ترْكِ الجُمُعَةِ

- ‌213 - باب كفّارَةِ مَنْ ترَكَها

- ‌214 - باب مَنْ تَجِبُ علَيْهِ الجُمُعَةُ

- ‌215 - باب الجُمُعَةِ فِي اليَوْمِ المَطِيرِ

- ‌216 - باب التَّخلُّفِ عنِ الجَماعةِ فِي اللَّيْلَةِ البارِدَةِ

- ‌217 - باب الجُمُعَةِ لِلْممْلُوكِ والمَرْأةِ

- ‌218 - باب الجُمُعَةِ فِي القُرَى

- ‌219 - باب إِذا وافَقَ يوْمُ الجُمُعَةِ يوْمَ عِيدٍ

- ‌220 - باب ما يُقْرَأُ في صلاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ الجُمُعَةِ

- ‌221 - باب اللُّبْسِ للجُمُعَةِ

- ‌222 - باب التَّحَلُّقِ يَوْمَ الجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلاةِ

- ‌223 - باب فِي اتِّخاذِ المِنْبَرِ

- ‌224 - باب مَوْضِعِ المِنْبَرِ

- ‌225 - باب الصَّلاةِ يَوْمَ الجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ

- ‌226 - باب فِي وَقْتِ الجُمُعَةِ

- ‌227 - باب النِّدَاءِ يَوْمَ الجُمُعَةِ

- ‌228 - باب الإِمَامِ يُكَلِّمُ الرَّجُلَ فِي خُطْبَتِهِ

- ‌229 - باب الجُلُوسِ إِذا صَعِدَ المِنْبَرَ

- ‌230 - باب الخُطْبَةِ قائِمًا

- ‌231 - باب الرَّجُلِ يَخْطُبُ علَى قَوْسٍ

- ‌232 - باب رَفْعِ اليَدَيْنِ عَلَى المِنْبَرِ

- ‌233 - باب إِقْصارِ الخُطَبِ

- ‌234 - باب الدُّنُوِّ مِنَ الإِمامِ عِنْدَ المَوْعِظَةِ

- ‌235 - باب الإِمامِ يَقْطَعُ الخُطْبَةَ لِلأَمْرِ يَحْدُثُ

- ‌236 - باب الاحْتِباءِ والإِمامُ يَخْطُبُ

- ‌237 - باب الكَلامِ والإِمامُ يَخْطُبُ

- ‌238 - باب اسْتِئْذانِ المُحْدِثِ الإِمامَ

- ‌239 - باب إِذا دَخَل الرَّجُلُ والإِمامُ يَخْطُبُ

- ‌240 - باب تَخَطِّي رِقابِ النَّاسِ يَوْمَ الجُمُعَةِ

- ‌241 - باب الرَّجُلِ يَنْعَسُ والإِمامُ يَخْطُبُ

- ‌242 - باب الإِمامِ يَتَكَلَّمُ بَعْدَما يَنْزِلُ مِنَ المِنْبَرِ

- ‌243 - باب مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الجُمُعَةِ رَكْعَةً

- ‌244 - باب ما يُقْرَأُ بِهِ فِي الجُمُعَةِ

- ‌245 - باب الرَّجُلِ يأْتَمُّ بِالإِمامِ وَبَيْنهُما جِدارٌ

- ‌246 - باب الصَّلاةِ بَعْدَ الجُمُعَةِ

- ‌247 - باب صَلاةِ العِيدَيْنِ

- ‌248 - باب وَقْتِ الخُرُوجِ إِلَى العِيدِ

- ‌249 - باب خُرُوجِ النِّساءِ فِي العِيدِ

- ‌250 - باب الخُطْبَةِ يَوْمَ العِيدِ

- ‌251 - باب يَخْطُبُ عَلَى قَوْسٍ

- ‌252 - باب تَرْكِ الأَذَانِ فِي العِيدِ

- ‌253 - باب التَّكْبِيرِ فِي العِيدَيْنِ

- ‌254 - باب ما يُقْرَأُ فِي الأَضْحَى والفِطْرِ

- ‌255 - باب الجُلُوسِ لِلْخُطْبَةِ

- ‌256 - باب يَخْرُجُ إِلى العِيدِ فِي طَرِيقٍ وَيَرْجِعُ فِي طَرِيقٍ

- ‌257 - باب إِذا لَمْ يَخْرُجِ الإِمامُ لِلْعِيدِ مِنْ يَوْمِهِ يَخْرُجُ مِنَ الغَدِ

- ‌258 - باب الصَّلاةِ بَعْدَ صَلاةِ العِيدِ

- ‌259 - باب يُصَلَّى بِالنَّاسِ العِيدُ فِي المَسْجِدِ إِذا كَانَ يَوْمَ مَطَرٍ

الفصل: ‌169 - باب النظر في الصلاة

‌169 - باب النَّظَر فِي الصَّلاةِ

912 -

حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا أَبُو مُعاوِيَةَ ح، وحَدَّثَنا عُثْمانُ بْن أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا جَرِيرٌ -وهذا حَدِيثُهُ وَهُوَ أَتَمُّ- عَنِ الأَعْمَشِ عَنِ المُسَيَّبِ بْنِ رافِعٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ الطّائِيِّ، عَنْ جابِرِ بْنِ سَمُرَةَ -قال عُثْمانُ- قال: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المَسْجِدَ فَرَأَى فِيهِ ناسًا يُصَلُّونَ رافِعِي أَيْدِيهِمْ إِلَى السَّماءِ -ثُمَّ اتَّفَقا- فَقال: "لَيَنْتَهِيَنَّ رِجالٌ يَشْخَصُونَ أَبْصارَهُمْ إِلَى السَّماءِ -قال مُسَدَّدٌ: فِي الصَّلاةِ- أَوْ لا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ أَبْصارُهُمْ"(1).

913 -

حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا يَحْيَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتادَةَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مالِكٍ حَدَّثَهُمْ قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ما بال أَقْوامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصارَهُمْ فِي صَلاتِهِمْ". فاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ فَقال: "لَيَنْتَهُنَّ، عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصارُهُمْ"(2).

914 -

حَدَّثَنا عُثْمانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عائِشَةَ قالتْ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي خَمِيصَةٍ لَها أَعْلامٌ فَقال: "شَغَلَتْنِي أَعْلامُ هذِه اذْهَبُوا بِها إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَأْتُونِي بِأَنْبِجانِيَّتِهِ"(3).

915 -

حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعاذٍ، حَدَّثَنا أَبِي، حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ -يَعْنِي: ابن أَبِي الزِّنادِ- قال: سَمِعْتُ هِشامًا يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائِشَةَ بهذا الخَبَرِ قال وَأَخَذَ كُرْدِيًّا كانَ لأَبِي جَهْمٍ فَقِيلَ: يا رَسُولَ اللهِ، الخمِيصَةُ كانَتْ خَيْرًا مِنَ الكُرْدِيِّ (4).

* * *

(1) رواه مسلم (428).

(2)

رواه البخاري (750) ..

(3)

رواه البخاري (752)، ومسلم (556).

(4)

رواه أحمد 6/ 46 بلفظ: (أنبجانية) بدلًا من (كردي). وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود"(841).

ص: 67

باب النظر في الصلاة

[912]

(حدثنا مسدد) قال (حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير، [ح] (وحدثنا عثمان بن أبي شيبة) قال:(حدثنا جرير) بفتح الجيم، ابن حازم الأزدي (1). (وهذا حديثه، وهو أتم) من حديث (2) أبي معاوية (عن) سليمان بن مهران (الأعمش، عن المسيب بن رافع) أبي (3) العلاء الأسدي الكاهلي الضرير.

(عن تميم بن طرفة) بفتح الراء والفاء (الطائي) أخرج له مسلم.

(عن جابر بن سمرة. قال: عثمان) بن أبي شيبة الراوي (قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فرأى فيه ناسًا يصلون) فيه أن الإمام إذا دخل المسجد يتفقد أحوال المصلين فيه.

(رافعي أيديهم) وفي بعض النسخ: رافعي أبصارهم. بسكون الياء قبل الهاء علامة للجر بالإضافة (إلى السماء) وأبصارهم (ثم اتفقا) يعني مسدد وعثمان (فقال: لينتهين)(4) بتشديد النون (رجال) فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يواجه أحدًا بمكروه، بل إن رأى أو سمع ما يكره قال:"ما بال أقوام يشترطون شروطًا ليست (5) في كتاب الله"(6)(يشخصون) بضم الياء

(1) كذا عند الشارح، ولعله وهم؛ فإن جريرًا هذا هو ابن عبد الحميد كما في "شرح سنن أبي داود" للعيني 4/ 135.

(2)

من (س، ل، م).

(3)

في (م): ابن.

(4)

في (ص): لينتهن.

(5)

سقط من (س، م).

(6)

سيأتي برقم (3929).

ص: 68

وكسر الخاء المعجمة، أي: يمدون (1)(أبصارهم) يقال: أشخص بصره مدَّه ولم يطرفه، وأصل الشخوص الرفع (إلى السماء).

(قال مسدد) في روايته (في الصلاة) رواية مسلم: "لينتهين أقوام عن رفع (2) أبصارهم إلى السماء عند الدعاء في الصلاة"(3)(أو) بإسكان الواو (لا ترجع إليهم أبصارهم) هذا وعيد شديد (4) يخوف من إعماء أبصارهم إذا رفعوا رؤوسهم وأبصارهم إلى السماء في الصلاة، وإطلاقه يقتضي أنه لا فرق بين أن يكون عند الدعاء أو عند غيره؛ لأن الوعيد إنما تعلق به من حيث أنه إذا رفع بصره إلى السماء أعرض (5) عن القبلة وخرج [عن سمتها](6) وعن هيئته في الصلاة.

وحكي عن شريح أنه قال لمن رأه يفعله: اكفف يدك، واخفض بصرك عن السماء، فإنك لن تراه ولن تناله (7).

[913]

(حدثنا مسدد) قال: (حدثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن سعيد أبن أبي عروبة) واسمه مهران العدوي، مولى بني عدي بن يشكر.

(عن قتادة أن أنس بن مالك] (8) حدثهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما

(1) في (ل، م): يمدونها. وفي (س): يحدونها.

(2)

في (س، ل، م): رفعهم.

(3)

"صحيح مسلم"(429).

(4)

في (م): بشديد.

(5)

في (م): عرض.

(6)

سقط من (م).

(7)

رواه ابن أبي شيبة 4/ 365 (6379).

(8)

من (ل، م).

ص: 69

بال أقوام يرفعون أبصارهم في صلاتهم؟ ! ) قال ابن المنير: نظر المأموم للإمام من مقاصد الائتمام، فإن تمكن من مراقبته بغير التفات أو رفع بصر إلى السماء فإن (1) ذلك من إصلاح صلاته (2). وإنما أبهم الفاعلين لئلا ينكسر خاطرهم، فإن النصيحة على رؤوس الأشهاد فضيحة.

وقال ابن بطال: فيه حجة لمالك في أن نظر المصلي يكون إلى جهة القبلة، وقال الشافعي والكوفيون: يستحب له أن ينظر إلى موضع سجوده، لأنه أقرب إلى الخشوع (3). وورد ذلك في حديث أخرجه سعيد بن منصور من مراسيل محمد بن سيرين ورجاله ثقات، وأخرجه البيهقي موصولًا وقال: المرسل هو المحفوظ (4). ويمكن أن يفرق بين المأموم والإمام، فيستحب للمأموم النظر إلى موضع السجود إلا حيث يحتاج إلى مراقبة إمامه، وكذا الإمام والمنفرد، واستثنى بعض أصحابنا الصلاة في الكعبة فإنه ينظر إليها (5).

وروى ابن ماجه بإسناد حسن عن أم سلمة بنت أبي أمية زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: كان الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام المصلي يصلي لم يعد بصر أحدهم موضع [قدميه فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان الناس إذا قام أحدهم يصلي لم يعد بصر أحدهم موضع](6) جبينه، فتوفي أبو بكر فكان عمر،

(1) في (ل، م): كان.

(2)

نظر: "فتح الباري" 2/ 271

(3)

"شرح صحيح البخاري" 2/ 363.

(4)

"السنن الكبرى" 2/ 283، وانظر:"فتح الباري" 2/ 271.

(5)

انظر: "المقدمة الحضرمية" ص 66.

(6)

من (ل، م).

ص: 70

وكان الناس إذا قام أحدهم يصلي لم يعد بصر أحدهم موضع القبلة، وكان عثمان وكانت الفتنة فتلفت (1) الناس يمينًا وشمالًا (2). لكن في إسناده موسى بن عبد الله بن أبي أمية لم يخرج له من الكتب الستة غير ابن ماجه.

(فاشتد قوله في ذلك) إما بتكرير ذلك أو غيره من المبالغة فيه (فقال: لينتهين) اللام جواب قسم محذوف، وفيه روايتان للبخاري، فالأكثرون بفتح أوله وضم الهاء وحذف الياء وتشديد النون (3) على البناء للفاعل، والثانية: بضم الياء وسكون النون وفتح المثناة فوق والهاء والياء وتشديد النون للتأكيد على البناء للمفعول (عن ذلك، أو) للتخيير نظير قوله تعالى: {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} (4) أي: يكون أحد الأمرين إما المقاتلة أو الإسلام، وهو خبر في معنى الأمر (لتخطفن) بضم التاء وفتح الفاء على البناء للمفعول (أبصارهم) يعني: لا يخلو الحال من أحد الأمرين، إما الانتهاء عنه وإما العمى، وهو وعيد عظيم وتهديد شديد وعلى هذا فالفعل المذكور حرام.

والمشهور في المذهب أنه مكروه، وبالغ ابن حزم فقال: تبطل الصلاة (5). وقيل: المعنى في ذلك أنه يخشى على الأبصار من الأنوار التي تنزل بها الملائكة على المصلي كما في حديث أسيد بن حضير

(1) في (ص): فالتفتت. وفي (س، ل): فتلفتت.

(2)

"سنن ابن ماجه"(1634).

(3)

في (س، ل، م): الياء.

(4)

الفتح: 16.

(5)

"المحلى" 3/ 349.

ص: 71

في فضائل القرآن (1)، وأشار إلى ذلك الداودي ونحوه في "جامع حماد بن سلمة" عن أبي مجلز أحد التابعين.

وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء فنزلت {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (2) فطأطأ رأسه رواه الحاكم في "المستدرك" وقال: إنه على شرط البخاري ومسلم (3).

[914]

(حدثنا عثمان بن أبي شيبة) قال: (حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة) بن الزبير.

(عن عائشة رضي الله عنها قالت: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في خميصة) وهي ثوب خز أو صوف مربع معلم، وقيل: لا تسمى خميصة إلا أن تكون سوداء معلمة. وكانت من لباس الناس قديمًا، وجمعها الخمائص.

(لها أعلام) جمع علم أي: علامة يقال: أعلمت الثوب جعلت له علمًا من طراز ونحوه (فقال) لما فرغ من صلاته (شغلتني أعلام هذِه)(4) وفي رواية مسلم: "ألهتني"(5). وفيه مع ما بعده الأمر بسد الذرائع والانتزاع عما يشغل الإنسان في الصلاة عن الخشوع، وكذا ما كان من واجبات الدين ومندوباته فإنه في معنى الصلاة وإخراجه

(1) مسلم (796)، والبخاري معلقًا (5018).

(2)

المؤمنون: 1 - 2.

(3)

"المستدرك" 2/ 393، ورواه البيهقي 2/ 283 مرة موصولا وأخرى مرسلا، ورجح المرسل وقال: وهو المحفوظ. وكذا قال الألباني في "الإرواء" 2/ 72.

(4)

سقط من (م).

(5)

(556/ 62).

ص: 72

عنه من فضائل الأعمال.

وروى الإمام مالك أن رجلًا من الأنصار كان يصلي في حائط له بالقف واد من أودية المدينة في زمان التمر والنخل قد ذللت وهي مطوقة بتمرها فنظر إليها فأعجبته، ثم رجع إلى صلاته فإذا هو لايدري كم صلى فقال: لقد أصابتني في مالي هذا فتنة. فجاء عثمان وهو يومئذ خليفة فذكر ذلك له وقال: هو صدقة فاجعله في سبيل الخير. فباعه بخمسين ألفًا (1)، فسمي ذلك المال الخمسين (2).

(اذهبوا بها إلى أبي جهم) عامر بن حذيفة بن غانم القرشي العدوي المدني الصحابي، وهو غير أبي جهيم بالتصغير المذكور في التيمم، وفي مرور المار بين يدي المصلي، وفيه دليل على صحة الصلاة في الثوب الذي له أعلام، وإن حصل منها فكر في تشاغل ونحوه مما ليس متعلقًا بالصلاة، وإن كان غيره أولى.

(وائتوني بأنبجانيته) وهو كساء غليظ لا علم له، وهو بفتح الهمزة وكسرها [وبفتح الباء الموحدة وكسرها](3) وبالوجهين ذكرهما ثعلب.

قال القرطبي: روي بتشديد الياء وكسرها في غير مسلم، قال ابن قتيبة: إنما هو منبجاني منسوب إلى منبج، وفتح الباء في النسب، وأبدلت الميم همزة؛ لأنه خرج مخرج مخبراني (4)، وقيل: إنها

(1) سقط من (م).

(2)

"الموطأ"(223).

(3)

من (ل، م).

(4)

"المفهم" 2/ 162 - 163.

ص: 73

منسوبة إلى موضع اسمه انبجان. قال الداودي (1): هو كساء سداه قطن أو كتان ولحمته صوف. وقال ثعلب: هو كل ما كثف (2). وإنما بعث (3) الخميصة لأبي جهم؛ لأنه كان أهدى الخميصة للنبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه الأنبجانية لئلا يؤثر رد الهدية في قلبه ولم يبعثها ليصل فيها بل لينتفع بها في غير الصلاة، وفي إرسالها إليه وطلب أنبجانيته تطييب لقلبه ومباسطة معه وهذا مع من يعلم طيب نفسه وصفاء وده ومحبته جائز مندوب لأن فيه سببًا لتأليف القلوب واستجلابها.

[915]

(حدثنا عبيد الله) بالتصغير (ابن معاذ)[قال: (حدثنا أبي)](4) معاذ بن معاذ، قال:(حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد قال: سمعت هشامًا يحدث عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوام (عن) خالته (عائشة رضي الله عنه بهذا الخبر) المذكور (قال) فيه (وأخذ كرديًّا) بضم الكاف وإسكان الراء لعله منسوب إلى الأكراد، ولكونه يعمل في بلادهم (5) أو لغير ذلك ولم أجد من تكلم عليه (فقيل: يا رسول الله، الخميصة كانت خيرًا من الكردي) فيه مكافأة الهدية بأحسن منها.

* * *

(1) في (م): الدراوردي.

(2)

انظر: "شرح النووي" 5/ 43.

(3)

في (م): بعثت.

(4)

في (م): بن.

(5)

في (ص، س، ل): بلاده.

ص: 74