الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
171 - باب العَمَلِ فِي الصَّلاةِ
917 -
حَدَّثَنا القَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنا مالِكٌ، عَنْ عامِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي قَتادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كانَ يُصَلِّي وَهُوَ حامِلٌ أُمامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذا سَجَدَ وَضَعَها، وَإذا قامَ حَمَلَها (1).
918 -
حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ -يَعْنِي: ابن سَعِيدٍ- حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبا قَتادَةَ يَقُولُ: بَيْنا نَحْنُ فِي المَسْجِدِ جُلُوسٌ خَرَجَ عَلَيْنا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَحْمِلُ أُمامَةَ بِنْتَ أَبِي العاصِ بْنِ الرَّبِيعِ -وَأُمُّها زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ صَبِيَّةٌ يَحْمِلُها عَلَى عاتِقِهِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ عَلَى عاتِقِهِ يَضَعُها إِذا رَكَعَ وَيُعِيدُها إِذا قامَ حَتَّى قَضَى صَلاتَهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِها (2).
919 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ المرادِيُّ، حَدَّثَنا ابن وَهْبٍ، عَنْ مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ قال: سَمِعْتُ أَبا قَتادَةَ الأَنْصارِيَّ يَقُولُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي لِلنّاسِ وَأُمامَةُ بِنْتُ أَبِي العاصِ عَلَى عُنُقِهِ فَإِذا سَجَدَ وَضَعَها.
قال أَبُو داوُدَ: وَلَمْ يَسْمَعْ مَخْرَمَةُ مِنْ أَبِيهِ إِلا حَدِيثًا واحِدًا (3).
920 -
حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنا مُحَمَّدٌ -يَعْنِي: ابن إِسْحاقَ- عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِي قَتادَةَ صاحِبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: بَيْنَما نَحْنُ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلصَّلاةِ فِي الظُّهْرِ أَوِ العَصْرِ وَقَدْ دَعاهُ بِلالٌ لِلصَّلاةِ إِذْ خَرَجَ إِلَيْنا وَأُمامَةُ بِنْتُ أَبِي العاصِ بِنْتُ ابنتِهِ عَلَى عُنُقِهِ فَقامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مُصَلَّاهُ وَقُمْنا خَلْفَهُ وَهِيَ فِي مَكانِها الذِي هِيَ فِيهِ قال:
(1) رواه البخاري (516) ومسلم (543).
(2)
رواه البخاري (5996)، ومسلم (543/ 43).
(3)
رواه مسلم (543/ 43).
فَكَبَّرَ فَكَبَّرْنا قال حَتَّى إِذا أَرادَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يَرْكَعَ أَخَذَها فَوَضَعَها، ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ حَتَّى إِذا فَرَغَ مِنْ سُجُودِهِ، ثُمَّ قامَ أَخَذَها فَرَدَّها فِي مَكانِها فَما زال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ بِها ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلاتِهِ (1).
921 -
حَدَّثَنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْراهِيمَ، حَدَّثَنا عَلِيُّ بْن المُبارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ جَوْسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اقْتُلُوا الأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلاةِ الحَيَّةَ والعَقْرَبَ"(2).
922 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمُسَدَّدٌ - وهذا لَفْظُهُ - قال: حَدَّثَنا بِشْرٌ -يَعْنِي ابن المفَضَّلِ - حَدَّثَنا بُرْدٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عائِشَةَ قالتْ: كانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال أَحْمَدُ: يُصَلِّي والبابُ عَلَيْهِ مُغْلَقٌ فَجِئْتُ فاسْتَفْتَحْتُ، قال أَحْمَدُ: فَمَشَى فَفَتَحَ لِي ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُصَلَّاهُ. وَذَكَرَ أَنَّ البابَ كانَ فِي القِبْلَةِ (3).
* * *
باب العمل في الصلاة
[917]
(حدثنا) عبد الله بن مسلمة (القعنبي) قال: (حدثنا مالك، عن عامر بن عبد الله بن الزبير) بن العوام الأسدي المدني (عن عمرو بن سليم) الزرقي (عن أبي قتادة) الحارث بن ربعي الأنصاري (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
(1) رواه البغوي في "شرح السنة"(743) من طريق المصنف، وأصله في مسلم (543).
وقال الألباني في "ضعيف أبي داود"(163): إسناده ضعيف.
(2)
رواه الترمذي (390)، والنسائي 3/ 10، وابن ماجه (1245)، وأحمد 2/ 233، وابن خزيمة (869) وقال الترمذي: حسن صحيح.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(854).
(3)
رواه الترمذي (601)، والنسائي 3/ 11، وأحمد 6/ 234.
قال الترمذي: حسن غريب.
وحسن الألباني إسناده في "صحيح أبي داود"(855).
يصلي وهو حامل) وفي رواية لمسلم: كان يصلي بالناس وهو حامل (1)،
وفي رواية له: كان يؤم الناس (2)، وفي الرواية الآتية كان يصلي للناس (أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم) وكانت زينب أكبر بناته رضي الله عنهن، وقال ابن الكلبي (3): أول أولاده أسلمت وهاجرت حين أبى زوجها أبو (4) العاص أن يسلم.
وفيه دليل على كثرة تواضعه صلى الله عليه وسلم وكمال شفقته، وجواز حمل ما لا يشغل في الصلاة شغلًا كثيرًا (فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها) قال الخطابي: يشبه أن يكون هذا كان منه صلى الله عليه وسلم عن غير قصد وتعمد، لكن لعل الصبية تعلقت به فحملها عن غير قصد لطول إلفها له (5).
قال القرطبي: وهذا باطل لقوله في الحديث: خرج علينا حاملا أمامة على عنقه، والأشبه أنه كان لضرورة وأنه لم يقدر على (6) أن ينفك عنها (7).
[918]
(حدثنا قتيبة بن سعيد) قال: (حدثنا الليث، عن سعيد بن أبي سعيد) كيسان المقبري، كان جار المقبرة (عن عمرو بن سليم الزرقي أنه سمع أبا قتادة) الأنصاري (يقول: بينما نحن في المسجد جلوس) بالرفع
(1)"صحيح مسلم"(543/ 41).
(2)
"صحيح مسلم"(543/ 42).
(3)
انظر: "أسد الغابة" 7/ 130.
(4)
في النسخ الخطية: أبي. والمثبت الجادة.
(5)
"معالم السنن" 1/ 217.
(6)
من (م).
(7)
"المفهم" 2/ 153.
خبر "نحن" وبالنصب على الحال، و"في المسجد" الخبر، وكان جلوسهم ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي بهم (إذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل أمامة بنت أبي العاص) مقسم بكسر الميم وسكون القاف وفتح السين، وقيل: اسمه لقيط. وقيل: ياسر، وقيل غير ذلك.
(ابن الربيع) بن عبد العزى بن عبد شمس [القرشي العبشمي](1) صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرف بجرو البطحاء هو وأخوه يقال لهما جروا البطحاء، وأمه هالة بنت خويلد (وأمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم محبًا لها معظمًا لشأنها.
(وهي صبية) أي (2): صغيرة (يحملها) استدل به الرافعي على أن رجحان أحد قولي الشافعي أن ما غلبت نجاسة مثله ولا يتيقن نجاسته، أن الظاهر استصحاب الأصل المتيقن فيه وهو الطهارة فإنه أصدق وأظهر وأضبط من القول الثاني بأن الغالب في مثله النجاسة فيعمل بغلبة الظن، وجعل الحديث يعضد هذا الظاهر الذي يختلف باختلاف الأزمان والأحوال (3)، ووجه كونه عاضدًا أن النبي صلى الله عليه وسلم حملها في الصلاة مع أن الغالب في ثياب الأطفال النجاسة، وكذا ثياب أمهاتهم، وبهذا يترجح طهارة [ماء أحد](4) الإناءين، بكونه من مياه مدمني الخمر أو الكفار المتدينين بإستعمال النجاسة فهو كاستيقان
(1) في (ص، س): المقدسي العبسي.
(2)
سقط من (م).
(3)
في (ص، س): الأحمال.
(4)
في (م): ما أخذ.
النجاسة، وعليه ينبني منع صحة الصلاة في المقابر المنبوشة، ومع طين الشارع، وكل ما الغالب فيه النجاسة (1).
(على عاتقه) وهو ما بين العنق والكتف، فيه استحباب حمل الصبي على العاتق والظهور به إلى المساجد والأسواق والطرق، وأنه ليس فيه من إسقاط المروءة بل هو من (2) أعظم أبواب (3) التواضع والشفقة بالأطفال.
(فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي على عاتقه) فيه أن حمل الطير وجميع الحيوانات الطاهرة في الصلاة لا يبطلها، وإن كانت النجاسة في باطنه فمعفو عنها لكونها في معدتها.
(يضعها) على الأرض (إذا ركع) قال شارح "المصابيح"(4): أي: إذا فرغ من القراءة وأراد الركوع وضعها (ويعيدها) أي: يرفعها ويحملها (إذا) رفع رأسه من السجود الثاني و (قام) إلى القراءة (حتى قضى صلاته) كلها (يفعل ذلك بها) في كل ركعة.
استدل به على أن الأفعال الكثيرة وهي ثلاث فما فوقها إذا كانت متفرقة لا تؤثر في بطلان الصلاة، بل تصح الصلاة معها كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في أمامة حين حملها. ومثل أصحابنا (5) التفرق بما إذا خطا مثلًا خطوة، ثم بعد زمان خطوة أخرى وهلم جرا، وكذا لو خطا
(1)"الشرح الكبير" 1/ 74 - 75.
(2)
من (ل، م).
(3)
في (ص، س، ل): باب.
(4)
"مرعاة المفاتيح" 3/ 351.
(5)
من (س، ل، م).
خطوتين، ثم بعد زمان خطوتين، وضابط التفريق أن يعد الثاني منقطعًا (1) عن الأول (2) في العادة. قال البغوي في "التهذيب": وعندي أن يكون الضابط بينهما قدر ركعة كما في حديث أمامة، وهذا في المتفرق، أما ثلاثة أفعال متوالية فتبطل صلاته (3)(4).
[919]
(حدثنا محمد بن سلمة) بن عبد الله بن أبي فاطمة (المرادي) الجملي مولاهم المصري شيخ مسلم، قال:(حدثنا) عبد الله (ابن وهب، عن مخرمة) بن بكير، أخرج له مسلم.
(عن أبيه) بكير بن عبد الله بن الأشج، قال أحمد: مخرمة لم يسمع [من أبيه](5) شيئًا إنما يروي من كتاب أبيه (6)(عن عمرو بن سليم الزرقي قال: سمعت أبا قتادة الأنصاري يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي للناس) كذا لمسلم (7)(وأمامة) وُلدت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يحبها وأهديت له هدية فيها قلادة من جزع فقال: "لأدفعنها إلى أحب أهلي إلي" فقالت النساء: فازت بها ابنة أبي قحافة فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمامة بنت زينب فأعلقها في عنقها (8). وتزوجها علي بن أبي طالب بعد
(1) في (م): منقطعة.
(2)
في (م): الأولى.
(3)
في (ل، م): الصلاة.
(4)
"التهذيب" للبغوي 2/ 163.
(5)
سقط من (م).
(6)
"الجرح والتعديل" 8/ 363.
(7)
"صحيح مسلم"(543/ 43).
(8)
أخرجه أحمد 6/ 101 من حديث عائشة.
وقال الهيثمي في "المجمع" 9/ 411: إسناد أحمد حسن.
فاطمة، زوجها منه الزبير بن العوام، وكان أبوها أبو العاص أوصى بها إليه.
(بنت أبي العاص على عنقه) يحتمل أن يكون المراد على كتفه حذاء عنقه، ويحتمل أن تكون في حضنه ورأسها عند عنقه وهو واضع يده اليمنى على اليسرى عليها تمسكا بها، فإن هذِه الهيئة أفعالًا مما قبلها (فإذا سجد وضعها)(1).
(قال) المصنف: (مخرمة لم يسمع من أبيه) بكيرًا (إلا حديثًا واحدًا) وهو حديث الوتر، يعني ولكن أخذ من كتبه بعد موته، قال أحمد بن زهير عن ابن معين: وقع إلى مخرمة بن بكير كتاب أبيه ولم يسمعه (2). وقال (3) سعيد بن أبي مريم، عن خاله موسى بن (4) سلمة قال: أتيت مخرمة فقال: لم أدرك أبي، ولكن هذِه كتبه (5).
[920]
(حدثنا يحيى بن خلف) أبو سلمة الباهلي شيخ مسلم، قال:(حدثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى، قال:(حدثنا محمد بن إسحاق، عن سعيد بن أبي (6) سعيد المقبري، عن عمرو بن سليم الزرقي، عن أبي قتادة) الأنصاري (صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بينما نحن ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) رواه مسلم (543)(43) من طريق ابن وهب به.
(2)
"تاريخ ابن أبي خيثمة" 2/ 334 السفر الثالث، وانظر:"تاريخ ابن معين" برواية الدوري 3/ 254.
(3)
في (ص، س، ل): كان.
(4)
زاد في (س، ص): أبي.
(5)
"الجرح والتعديل" 8/ 364.
(6)
سقط من (م).
للصلاة (1) في الظهر أو العصر) وفي رواية للطبراني: أنه كان في الصبح (2).
وفي هذا الحديث التصريح بأن هذِه الصلاة كانت فريضة، ورد على ما رواه ابن القاسم، عن مالك أنه كان في صلاة النافلة (3)، ومما يدل على أنها لم تكن نافلة قوله في الرواية السابقة: بينما نحن في المسجد جلوس ننتظره (4). وهي رواية مسلم (5)؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يتنفل في بيته، ثم يخرج لصلاة الفريضة، فإذا رآه بلال خارجًا أقام الصلاة.
(وقد دعاه بلال للصلاة) فيه أن المؤذن يأتي إلى الإمام ليعلمه باجتماع الناس.
(إذ خرج) فيه أن المؤذن إذا أعلم الإمام باجتماع المصلين يخرج على الفور، ويدل على هذا إذ التي للمفاجأة.
(إلينا وأمامة بنت أبي العاص بنت ابنته على عنقه) فيه دليل على أن من حمل حيوانًا جازت صلاته، وإن كان (6) باطنه نجسًا، إذا كانت النجاسة [مستورة خلقة](7)، بخلاف حمله قارورة مصممة (8) الرأس فيها نجاسة.
(1) من (س، ل، م).
(2)
"المعجم الكبير" 22/ 442 (1079).
(3)
انظر: "المنتقي" للباجي 1/ 304.
(4)
سبقت برقم (918).
(5)
"صحيح مسلم"(543/ 43).
(6)
سقط من (م).
(7)
في (م): مسورة خلفه. وفي (س): مستورة خلفه.
(8)
في (م): مضممة.
(فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في مصلاه) فيه أنه يستحب أن يكون للإمام موضع معين يصلي فيه كالمحراب ونحوه.
(وقمنا خلفه) وهذا يدل أيضًا على أن هذِه الصلاة لم تكن نفلًا؛ لأن الغالب من (1) عادته صلى الله عليه وسلم أنه (2) كان يؤم الناس ويصطفون خلفه في صلاة الفرض خلافًا لما نقل عن مالك.
(وهي في مكانها الذي هي فيه) على عنقه صلى الله عليه وسلم.
(قال: فكبر) تكبيرة الإحرام (وكبرنا (3) قال: حتى إذا أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يركع أخذها فوضعها) على الأرض (ثم ركع وسجد حتى إذا فرغ من سجوده ثم قام)(4) أي: أراد القيام (أخذها فردها في مكانها فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع بها ذلك في كل ركعة حتى فرغ من صلاته) قد اضطرب كثير من العلماء في هذِه الأفعال المغايرة لأفعال الصلاة، فنقل عن مالك أن هذا كان (5) في النفل دون الفرض، وقد تقدم رده، وروى عنه (6) أشهب وابن نافع أن هذا كان للضرورة حيث لم يجد من يقوم بالولد الصغير، وروى عنه (7) التنيسي أن هذا الحديث منسوخ، وقال أبو عمر بن عبد البر: لعل هذا نسخ بتحريم العمل والاشتغال
(1) في (س، ل، م): في.
(2)
زاد في (س، ل، م): إنما.
(3)
من (م).
(4)
في (م): قائم.
(5)
من (ل، م).
(6)
في (ص، س، ل): عن.
(7)
في (ص): عن.
في الصلاة بغيرها (1). وهو بعيد (2)؛ فإن نسخ (3) الناسخ لا يتبين إلا بتأخره عن المنسوخ، فإنه رفع لحكم سابق؛ لكن جزم ابن دقيق العيد (4) أن هذا الفعل متأخر عن قوله في رواية مسلم وغيره:"إن في الصلاة لشغلًا"(5). وادعى آخرون خصوصية ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لا يؤمن من الطفل البول، وفيه نظر، فأي دليل دل على الخصوصية في ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي الباب حديث عن أنس رواه ابن عدي من طريق أشعث بن عبد الملك، عن الحسن، عن أنس، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي والحسن على ظهره، فإذا سجد نحاه (6)، قال ابن حجر: وإسناده حسن، والله أعلم (7).
[921]
(حدثنا مسلم (8) بن إبراهيم) الأزدي الفراهيدي شيخ البخاري، قال:(حدثنا علي بن المبارك) الهنائي قال: (حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن ضمضم) بفتح الضادين المعجمتين (بن جوس) بفتح الجيم وإسكان الواو وآخره سين مهملة، ويقال: ضمضم بن الحارث بن جوس الهنائي اليمامي.
(1)"الاستذكار" 6/ 314.
(2)
في (س): مقيد.
(3)
سقط من (م).
(4)
في "إحكام الأحكام" ص 262.
(5)
رواه البخاري (1199)، ومسلم (538) عن ابن مسعود.
(6)
"الكامل" 2/ 39.
(7)
"التلخيص الحبير" 1/ 73.
(8)
في (م): على.
قال صالح بن أحمد بن حنبل، عن أبيه: ليس به بأس (1)، وعن يحيى بن معين (2) وأحمد بن عبد الله العجلي: ثقة (3).
(عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتلوا الأسودين) من التغليب (4) كالأسودين التمر والماء، وهذا الأمر بقتلهما (في الصلاة) أمر ندب لا إيجاب (الحية والعقرب) بنصبهما. قال في "شَرح السُّنَّة": فيه دلالة على جواز العمل اليسير في الصلاة، وأن موالاة (5) الفعل مرتين في حالة واحدة لا تفسد الصلاة، وذلك أن قتل العقرب غالبًا يكون بالضربة والضربتين، وأما إذا تتابع العمل وصار في حد الكثرة بطلت صلاته (6). قال: وفي معنى الحية والعقرب كل ضرار مباح للقتل كالزنابير والشبثان (7).
ولعل المراد [بالشبثان الشبث](8) وهو العنكبوت، ونحو هذا رخص فيه عامة العلماء من الصحابة فمن بعدهم في قتل الأسودين في الصلاة إلا إبراهيم النخعي فإنه لم يرخص وقال: إن في الصلاة شغلا (9). ثم قال:
(1)"مسائل أحمد" رواية صالح (1022).
(2)
"تاريخ ابن معين" برواية الدارمي 1/ 135.
(3)
"معرفة الثقات" 1/ 474.
(4)
في (ص، س): الثعلبين.
(5)
في (ص، س): توالا.
(6)
"شرح السنة" 3/ 267 - 268.
(7)
في (م): السبيتان. وفي (س): النسيان.
(8)
في (س، م): بالسبتان السبت.
(9)
"مصنف عبد الرزاق"(1756).
والسنة أولى بالاتباع (1) ثم (2) قال: وروى معاذ عن أنس أنهم كانوا يقتلون القمل والبراغيث في الصلاة (3)، وفي المرسل في القملة يصرها حتى يصلي (4)، وعن ابن المسيب يدفنها كالنخامة (5)(6). انتهى.
ويدل على أن الحكم لا يختص بالحية والعقرب ما رواه مسلم في "صحيحه" من حديث زيد بن جبير، عن ابن عمر، عن إحدى نسوة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر بقتل الكلب العقور والفأرة والعقرب والحديا والغراب، وقال: في الصلاة (7). وروى المصنف بإسناد منقطع عن رجل من بني عدي بن كعب، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم:"إذا وجد أحدكم عقربًا وهو يصلي فليقتلها بنعله اليسرى"(8).
[922]
(حدثنا أحمد بن حنبل، ومسدد وهذا لفظه) قال: (حدثنا بشر بن المفضل) قال: (حدثنا برد) بضم الباء الموحدة وإسكان الراء ثم دال مهملة، وهو ابن سنان أبو العلاء، وثقه جماعة (9).
(عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول
(1)"شرح السنة" 3/ 268.
(2)
سقط من (م).
(3)
رواه الدولابي في "الكنى والأسماء" 1/ 480 (1702) عن توبة.
(4)
رواه البيهقي 2/ 294.
(5)
انظر: "سنن البيهقي الكبرى" 2/ 294.
(6)
"شرح السنة" 3/ 268.
(7)
"صحيح مسلم"(1198)(68).
(8)
"مراسيل أبي داود"(47).
(9)
انظر: "تهذيب الكمال"(655).
الله صلى الله عليه وسلم قال أحمد) بن حنبل في روايته (1): (يصلي) زاد النسائي: تطوعًا (2). وكذا ترجم عليه الترمذي (3).
(والباب عليه (4) مغلق) فيه أن المستحب لمن صلى في مكان بابه للقبلة أن يغلق الباب عليه ليكون سترة للمار بين يديه؛ ولأن غلق الباب أستر، وفيه إخفاء صلاته عن الآدميين (فجئت فاستفتحت) أي: استأذنت؛ لما روى ابن حبان من طريق حماد بن سلمة، عن برد، عن عائشة قالت: استأذنت و (5) رسول الله صلى الله عليه وسلم (6) يصلي فمشى عن يمينه أو عن شماله، ثم فتح لي، ثم رجع إلى مقامه، وبوب عليه ذكر الإباحة للمرء أن يفتح بابًا عند الحادثة بحدث وهو يصلي (7).
(قال أحمد) ابن حنبل: (فمشى ففتح لي ثم رجع إلى مصلاه) الذي كان فيه أولًا (8)، وهذا المشي محمول على أنه مشى خطوة أو خطوتين أو مشى أكثر من ذلك متفرقًا كما تقدم، وفيه دليل على أن الخطا اليسيرة تباح في الصلاة [لسبب يحدث](9).
(1) في (ص): رواية.
(2)
"سنن النسائي" 3/ 11.
(3)
قبل حديث (601).
(4)
سقط من (م).
(5)
من (ل، م).
(6)
زاد في (ص): وهو.
(7)
لم أجده فيه، وانظر:"صحيح ابن حبان"(2355).
(8)
سقط من (س، ل، م).
(9)
في (م): ليست بحدث.
ومن الأسباب ما رواه ابن حبان بسنده في كتاب الصلاة إلى الأزرق بن قيس قال: كنت مع أبي برزة بالأهواز فقام يصلي، فكان عنان (1) دابته في يده [فجعلت ترجع، وجعل أبو برزة ينكص معها قال: ورجل قال من الخوارج](2) فجعل يسبه فلما صلى قال: إني سمعت مقالتكما، وإني غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ستًّا أو سبعًا، وشهدت من تيسيره (3) وأمره، وإني إن أرجع مع دابتي أحب إلي من أن أدعها تأتي مألفها فيشق علي (4).
و(ذكر) أحمد (أن الباب كان في القبلة) كما تقدم.
* * *
(1) في (ص، س): عناق.
(2)
سقط من (م).
(3)
في (ص): سيره.
(4)
لم أقف عليه عند ابن حبان، وأخرجه البخاري (1211)، وروى ابن حبان في "التقاسيم والأنواع" 6/ 316 عن عائشة رضي الله عنه قالت: استفتحت الباب ورسول الله يصلي تطوعًا والباب في القبلة فمشى النبي عن يمينه أو عن يساره حتى فتح الباب ثم رجع إلى الصلاة.