الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
206 - باب كَيْفَ الانصرافُ مِنَ الصَّلاة
1041 -
حَدَّثَنا أَبُو الوَلِيدِ الطَّيالِسِيُّ، حَدَّثَنا شعْبَةُ، عَنْ سِماكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ هُلْبٍ -رَجُلٍ مِنْ طَيِّئٍ- عَنْ أَبِيهِ أَنَّه صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكانَ يَنْصَرِفُ عَنْ شِقَّيْهِ (1).
1042 -
حَدَّثَنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْراهِيمَ، حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمانَ، عَنْ عُمارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الأسوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قال: لا يجعَلْ أَحَدُكمْ نَصِيبًا لِلشَّيْطانِ مِنْ صَلاتِهِ أَنْ لا يَنْصَرِفَ إِلا عَنْ يَمِينِهِ وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أكثَرَ ما يَنْصَرِفُ عَنْ شِمالِهِ. قال عُمارَةُ: أَتَيْت المَدِينَةَ بَعْدُ فَرَأَيْتُ مَنازِلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ يَسارِهِ (2).
* * *
باب كَيْفَ الانْصِرَافُ مِنَ الصَّلَاةِ
[1041]
(حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ) هشام بن عبد الملك (الطَّيَالِسِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ هُلْب) بضم الهاء وسكون اللام، ويقال: الصواب بفتح الهاء وكسر اللام، واسمه يزيد بن عدي بن قنافة بضم القاف وتخفيف النون وبعد الألف فاء الطائي، يقال: إنه وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وهو أقرع فمسح على (3) رأسه فنبت شعره فسمي الهلب (رَجُلِ) بالجر بدل مما قبله (مِنْ طَيِّئٍ) بياء مشددة بعدها
(1) رواه الترمذي (301)، وابن ماجه (929)، وأحمد 5/ 226.
قال الترمذي: حديث حسن.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(956)، قال: حديث حسن كما قال الترمذي، بل صحيح للذي بعده.
(2)
رواه البخاري (852)، ومسلم (707).
(3)
من (م).
همزة اسمه جلهمة بضم الجيم وسكون اللام ابن أدد، سمي بذلك لأنه أول من طوى المناهل، وقيل: إنه أول من طوى بئرًا له بالشجر فمر به رجل فقال له: ما تصنع؟ قال: طي كما ترى والنسبة إليه طائي على غير قياس.
(عَنْ أَبِيهِ أَنهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ) صلى الله عليه وسلم أي: خلفه بدليل، رواية الترمذي (1): كان يؤمنا (2) ورواية ابن ماجه (3): أمَّنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (فكَانَ يَنْصَرِفُ عَنْ شِقَّيهِ) بكسر الشين أي: جانبيه لرواية الترمذي وابن ماجه: فينصرف عن جانبيه جميعًا. زاد الترمذي: على يمينه وعلى شماله. ثم قال: وفي الباب عن عبد الله بن مسعود وأنس وعبد الله بن عمرو، وحديث هلب حديث حسن، وعليه العمل عند أهل العلم (4) أنه ينصرف على أي جانبيه شاء إن شاء على يمينه، وإن شاء عن (5) يساره، وقد صح الأمران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[1042]
، (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) الأزدي الفراهيدي الحافظ.
(حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيمَانَ بن مهران الأعمش، عَنْ عُمَارَةَ) بضم العين في رواية أبي داود الطيالسي (6)، عن شعبة، عن الأعمش: سمعت عمارة بن عمير فصرح بالسماع عن عمارة الكوفي.
(عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ) بن قيس بن عبد الله النخعي [أخو عبد الرحمن وابن أخي علقمة بن قيس، وكان أسن من عمه، وهو خال إبراهيم
(1)"سنن الترمذي"(301).
(2)
بياض في الأصل.
(3)
"سنن ابن ماجه"(929).
(4)
زاد في (م): على.
(5)
في (ص، س): على.
(6)
"مسند الطيالسي" 1/ 228 (282).
النخعي] (1) يعد في الطبقة الثانية من تابعي البلدان، أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، وفي هذا الإسناد ثلاثة من التابعين كوفيون في نسق واحد يروي بعضهم عن بعض أحدهم الأسود بن يزيد.
(عَنْ عَبْدِ الله) بن مسعود (قَال: لَا يَجْعَلْ) وفي (2) رواية ابن ماجه (3): لا يجعلن بزيادة نون التأكيد (4) الثقيلة (أَحَدُكُمْ نَصِيبًا لِلشَّيطَانِ) في رواية وكيع وغيره، عن الأعمش عند مسلم (5): جزءًا. ولابن ماجه: لا يجعلن أحدكم للشيطان في نفسه جزءًا.
(من صلاته) يعني: بل يجعلها كلها (6) خالصة لله تعالى على (7) وفق السنة لا يتعداها في شيء، زاد البخاري (8): يرى [أن حقًّا](9) وزاد ابن ماجه: لله عليه، ويرى بفتح أوله أي: يعتقد ويجوز الضم، أي يظن (أن لا ينصرف) هو بيان للجعل المذكور الذي هو حظ للشيطان، أي: لا يجعل للشيطان جزءًا مِنْ صلاته بأن يعتقد أن واجبًا عليه أن لا ينصرف إلا عن اليمين.
قال ابن المنير (10): فيه أن المندوبات قد تنقلب مكروهات إذا رفعت يعني: بالاعتقاد عن رتبتها المشروعة، لأن التيامن يستحب في كل شيء من أمور العبادة، لكن لما خشي ابن مسعود أن يعتقد وجوبه أشار إلى كراهته.
(1) من (س، ل، م).
(2)
سقط من (س، ل، م).
(3)
"سنن ابن ماجه"(930).
(4)
في (س، ل): التوكيد.
(5)
"صحيح مسلم"(707).
(6)
في (ص): كل.
(7)
من (م).
(8)
"صحيح البخاري"(852).
(9)
زاد في (م): على.
(10)
"فتح الباري" 2/ 394.
(إِلَّا عَنْ) جهة (يَمِينِهِ) وقول البخاري: كان أنس بن مالك [ينفتل عن يمينه (1)](2) وصله مسدد في "مسنده الكبير" من طريق سعيد، عن قتادة قال: كان (3) أنس بن مالك ينفتل عن يمينه وعن يساره ويعيب على من يتوخى أو من يعمد (4) الانفتال [عن يمينه](5)[وينفتل أي: و](6) يدور كما يدور الحمار. وظاهر ما ورد عن أنس هذا مخالف لما رواه مسلم في "صحيحه" من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن السدي (7) قال: سألت أنسًا كيف أنصرف إذا صليت عن يميني أو عن يساري؟ قال: أما أنا فأكثر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه (8).
ويجمع بينهما بأن أنسًا عاب من يعتقد وجوب ذلك، وأما إذا استوى الأمران فجهة اليمين أولى؛ لأني أكثر ما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه يعني (9): من غير اعتقاد وجوبه.
(وَقَدْ رَأَيْتُ (10) رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَكثَرَ مَا يَنْصَرِفُ عَنْ شِمَالِهِ) كذا لمسلم (11)، وفيه معارضة لرواية مسلم المتقدمة: أكثر ما رأيت من (12) رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه. وأما رواية البخاري: كثيرًا ينصرف
(1) سقط من (س، ل، م).
(2)
"صحيح البخاري، عقب حديث (851) باب الانفتال والانصراف.
(3)
من (م).
(4)
في (ص، س): يتعمد.
(5)
ليست في (م).
(6)
من (م).
(7)
في (م): الذي.
(8)
"صحيح مسلم"(708)(60).
(9)
من (ل، م).
(10)
سقط من (س، ل، م).
(11)
"صحيح مسلم"(707)(59).
(12)
سقط من (س، ل، م).
عن يساره (1). فلا تعارض فيها.
قال النووي: الجمع بينهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل تارة هذا وتارة هذا، فأخبر كل واحد منهما بما اعتقد أنه الأكثر فيما يعلمه، فدل على جوازهما ولا كراهة في واحد منهما، وأما الكراهة التي اقتضاها كلام ابن مسعود فليست بسبب أصل الانصراف عن اليمين أو الشمال، وإنما هي في حق من يرى أن ذلك لابد منه، فإن من اعتقد وجوب واحد من الأمرين فهو مخطئ (2). وهو موافق للأثر المتقدم عن أنس.
قال شيخنا العلامة ابن حجر متع الله بحياته: ويمكن أن يجمع بينهما بوجهٍ آخر وهو أن يحمل حديث ابن مسعود على حالة الصلاة في المسجد؛ لأن حجرة النبي صلى الله عليه وسلم كانت من جهة يساره، ويحمل حديث أنس على ما سوى ذلك كحالة السفر، ثم إذا تعارض اعتقاد ابن مسعود وأنس رجح ابن مسعود؛ لأنه أعلم وأسن وأكثر ملازمة للنبي صلى الله عليه وسلم، وبأن في إسناد أنس (3) من تكلم فيه وهو السدي، وبأنه متفق عليه بخلاف (4) حديث أنس، قال: ثم ظهر لي أنه يمكن الجمع بين الحديثين بوجهٍ آخر وهو أن من قال: أكثر انصرافه عن يساره نظر إلى هيئته في حال الصلاة، ومن قال: كان (5) أكثر انصرافه عن يمينه نظر إلى هيئته في حال استقباله القوم بعد سلامه من الصلاة، فعلى هذا لا
(1)"صحيح البخاري"(852).
(2)
"شرح النووي على مسلم" 5/ 220.
(3)
و (4) من (م).
(5)
من (ل، م).
يختص الانصراف بجهة معينة، ولهذا قال العلماء: يستحب للمصلي إمامًا كان أو غيره أن ينصرف إلى أي جهة كانت في جهة حاجته وإن لم يكن له حاجة فإن (1) جهة يمينه أفضل لعموم الأحاديث المصرحة بأفضلية (2) التيامن، كحديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن في شأنه كله (3)(4).
(قَال عُمَارَةُ) بن عمير الكوفي (أَتَيْتُ المَدِينَةَ) زادها الله شرفًا (بَعْدُ) بضم الدال إذا قطعت عن الإضافة، وتقدير الإضافة: أتيت المدينة بعد سماع هذا الحديث.
(فَرَأَيْتُ مَنَازِلَ النَّبِيِّ) صلى الله عليه وسلم باعتبار صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فرأيتهاها (عَنْ يَسَارِهِ) حين ينصرف من الصلاة، وبهذا يترجح رواية (5) ابن مسعود في الباب: أكثر ما ينصرف عن شماله. وقول العلماء: إنه ينصرف إلى جهة حاجته؛ لأن من حاجته أن ينصرف من الصلاة إلى منزله، وهو عن يساره.
* * *
(1) في (م): فإلى.
(2)
زاد في (ص، س، ل): جهة.
(3)
"فتح الباري" 2/ 394.
(4)
رواه البخاري (168)، ومسلم (268).
(5)
من (ل، م).