الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
180 - باب النَّهْي عَن الكَلامِ فِي الصَّلاة
949 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنا إِسْماعِيل بْنُ أَبِي خالِدٍ، عَنِ الحارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبانِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قال: كانَ أَحَدُنا يُكَلِّمُ الرَّجُلَ إِلَى جَنْبِهِ فِي الصَّلاةِ فَنَزَلَتْ: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} فَأُمِرْنا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينا عَنِ الكَلامِ (1).
* * *
باب النَّهْي عَنِ الكَلَامِ فيِ الصَّلَاةِ
[949]
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى) بن نجيح البغدادي الحافظ، ابن الطباع، استشهد به البخاري تعليقًا (2) له مصنفات عدة، قال أبو حاتم: ثقة مبرز. قال: خرجت مع أخي إلى الري وقدم جرير العراق فحضرت عنده مع أخي إسحاق فسأله عني فقال: يتيم أنا ربيته قال: كيف شكره لك؟ فإنه يقال: إن اليتيم لا يكاد يشكر (3). قال: (حَدَّثَنَا (4) هُشَيمٌ) بن بشير الواسطي، قال:(أنبأنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ) سعد الأحمسي.
(عَنِ الحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ) بضم الشين المعجمة وفتح الباء (5) الموحدة
(1) رواه البخاري (1200)، ومسلم (539).
(2)
في موضعين من "صحيحه"(1769، 6072).
(3)
"الجرح والتعديل" 8/ 39.
(4)
سقط من (م).
(5)
من (س، ل، م).
مصغر البجلي (عَنْ أَبِي عَمْرٍو) سعد بن (1) إياس (الشَّيبَانِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ) الأنصاري الخزرجي (قَال: كَانَ أَحَدُنَا يُكَلِّمُ الرَّجُلَ إِلَى جَنْبِهِ فِي الصَّلَاةِ) مبالغة باعتبار الزيادة على أصل الكلام وهو مخاطبة الرجل لصاحبه (فَنَزَلَتْ) رواية الصَّحيحين: حتى نزلت (2). هذا أحد ما يستدل به على النسخ وهو ذكر الراوي تقدم أحد الحكمين على الآخر بخلاف ما لو قال (3) هو منسوخ لاحتمال أن يقوله عن اجتهاد ({وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ})(4) قيل (5): ساكتين وهو وجه استدلال الراوي، لكن تفسير الصحابي لا ينزل منزلة المرفوع إلا حيث يتعلق بسبب نزول أو شيء مما لا يكون باجتهاد فيكون مرفوعًا، وهذا الوضع ليس صريحًا في أنه (6) سبب النزول، بل صريح في أنها أمر للمصلي بالسكوت.
(فأمرنا بالسكوت) يحتمل أن يكون سبب النسخ هو الأمر المذكور في الآية على تقدير أن يكون القنوت السكوت، وقد (7) قيل: معنى قانتين مطيعين كما قال تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا} (8) أي
(1) زاد في (ل، م): أبي.
(2)
"صحيح البخاري"(1200)، "صحيح مسلم"(395).
(3)
في (م): قالوا.
(4)
البقرة: 238.
(5)
في (ص، س، ل): غير.
(6)
في (ص، س): آية.
(7)
من (م).
(8)
النحل: 120.
مطيعًا. وفي "صحيح ابن حبان" من حديث أبي سعيد مرفوعًا: "كل حرف في القرآن يذكر فيه القنوت فهو الطاعة"(1)، وقيل: قانتين أي داعين [حتى يجعل، (2) ذلك دليلًا على أن (3) الصلاة الوسطى الصبح؛ لأن فيها القنوت وهو الدعاء، وقيل: أصله الدوام على الشيء. ومنه حديث: قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا يدعو على قبائل من العرب (4). أي: داوم (5) الدعاء. قال الشيخ تقي الدين: حيث (6) حمل على السكوت فالمراد به الذي (7) لا يتعلق بالصلاة.
(ونهينا عن الكلام) الذي ليس قرآنًا ولا ذكرًا بل من كلام الناس الذي لا يليق أن يكون في الصلاة فهو توضيح وتبيين للسكوت المأمور به قبله (8). ولا يستدل به على أن الأمر بالشيء ليس نهيًا عن ضده من حيث أنه لو كان كذلك لما قيل: ونهينا عن الكلام. أو يقال: إنما أعيد تصريحًا بالنهي لأنه إنما كان في الأول ضمنًا أو لازمًا عند القائل به في الأصول. واعلم أن هاهنا إشكالًا؛ لأن راوي هذا الحديث زيد بن أرقم أنصاري مدني، فظاهر روايته هذِه أن تحريم
(1)"صحيح ابن حبان"(309).
(2)
في (ص، س، ل): حين جعل.
(3)
من (م).
(4)
أخرجه البخاري (4089)، ومسلم (677) (304) من حديث أنس بلفظ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت شهرًا يدعو على أحياء من أحياء العرب.
(5)
في (م): أدام.
(6)
في (ص، س، ل): حين.
(7)
في (م): الدعاء.
(8)
من (م، ل).
الكلام في الصلاة كان بالمدينة بعد الهجرة، وممن استدل به مجد الدين بن تيمية في "أحكامه" (1) لكن ثبت (2) في الصحيحين (3) عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال:"كنا نسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا"(4).
وفي رواية المصنف والنسائي: فسلمت عليه فلم يرد عليَّ السلام فأخذني ما قدُم وما حدُث (5). كما تقدم، وابن مسعود إنما قدم من الحبشة إلى مكة قبل الهجرة، لأنه روى حديث إسلام الجن (6)، وأنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم[إلى نواحي مكة قال: فخط لي خطًّا .. (7). الحديث فاندفع به أن يكون ابن مسعود تخلف في الحبشة حتى جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم] (8) بعد الهجرة. وأجيب عن ذلك بوجوه:
أحدها: أن يكون زيد بن أرقم ممن لم يبلغه تحريم الكلام في الصلاة إلى حين نزول الآية، وكذلك الذي أخبر أن الرجل يكلم صاحبه فيكون نزول الآية غاية لعدم بلاغ النهي عن الكلام لا لعدم النهي على الإطلاق، ويؤيده ما سبق من قول (9) كثير من المفسرين أن قانتين بمعنى مطيعين لا
(1) برقم (1059).
(2)
في (ص، س): بين.
(3)
زاد في (م): وغيرهما.
(4)
أخرجه البخاري (1199)، ومسلم (538)(34).
(5)
سبق تخريجه قريبًا برقم (924)، "المجتبى" 3/ 19.
(6)
رواه البخاري (3859)، ومسلم (450).
(7)
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(9968).
(8)
من (م).
(9)
في (ص، س): قوله.
بمعنى ساكتين، ويؤيده أنه أسند الحكم إلى قوله: فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام. ولم يسنده إلى (1) الآية، اللهم إلا أن يريد الأمر الواقع في الآية ضمنًا.
الثاني: يجوز أن يكون نسخ تحريم الكلام وقع بمكة ثم أبيح ثم نسخت الإباحة بحديث زيد بن أرقم.
الثالث: حمل حديث ابن مسعود على تحريم ما سوى الكلام لمصلحة الصلاة، وحديث زيد [بن أرقم](2) على تحريم (3) سائر الكلام، لكن يضعف هذا بأن في بعض طرق حديث زيد يكلم أحدنا صاحبه و [يأتيه بالحاجة](4)(5) ومعلوم أن هذا لا يتعلق بمصلحة الصلاة إلا على تأويل بعيد (6).
الرابع: المصير إلى حديث ابن مسعود؛ لأنه أرجح؛ لأنه حكى فيه حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ويحكى هذا عن ابن شريح والقاضي أبي الطيب، وهذا على أحد الاحتمالين السابقين، وهو رفع إباحة الكلام بقوله (7): أمرنا بالسكوت.
* * *
(1) ليست في (س، ل).
(2)
سقط من (ل، م).
(3)
من (س، ل، م).
(4)
في (ص، س): ثالثة بإلحاقه.
(5)
رواها البخاري (1250، 4534).
(6)
في (ص): بضد.
(7)
في (ص): معل. وفي (س، ل): بنقل.