المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌173 - باب تشميت العاطس في الصلاة - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ٥

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌155 - باب الدُّعاءِ في الصَّلاةِ

- ‌158 - باب في الرَّجُلِ يُدْرِكُ الإِمام ساجِدًا كيْفَ يصْنعُ

- ‌156 - باب مِقْدارِ الرّكُوعِ والسُّجُودِ

- ‌157 - باب أَعْضاءِ السُّجُودِ

- ‌159 - باب السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ والجَبْهَةِ

- ‌160 - باب صِفة السجودِ

- ‌161 - باب الرُّخْصَةِ فِي ذَلِك لِلضَّرُورةِ

- ‌162 - باب فِي التَّخَصُّرِ والإِقْعاءِ

- ‌163 - باب البُكاءِ فِي الصَّلاةِ

- ‌164 - باب كَراهِيَةِ الوَسْوَسَةِ وَحَدِيثِ النَّفْسِ فِي الصَّلاةِ

- ‌165 - باب الفَتْحِ علَى الإِمامِ فِي الصَّلاةِ

- ‌166 - باب النَّهْي عَنِ التَّلْقِينِ

- ‌167 - باب الالتِفاتِ فِي الصَّلاةِ

- ‌168 - باب السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ

- ‌169 - باب النَّظَر فِي الصَّلاةِ

- ‌170 - باب الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ

- ‌171 - باب العَمَلِ فِي الصَّلاةِ

- ‌172 - باب رَدِّ السَّلامِ فِي الصَّلاةِ

- ‌173 - باب تَشْمِيتِ العاطِسِ في الصَّلاةِ

- ‌174 - باب التَّأْمِينِ وراءَ الإِمامِ

- ‌175 - باب التَّصْفِيقِ فِي الصَّلاةِ

- ‌176 - باب الإِشارَةِ فِي الصَّلاةِ

- ‌177 - باب فِي مسْح الحَصَى فِي الصَّلاةِ

- ‌178 - باب الرَّجُلِ يُصَلِّي مُخْتَصِرًا

- ‌179 - باب الرَّجُلِ يَعْتَمِدُ فِي الصَّلاةِ عَلَى عَصًا

- ‌180 - باب النَّهْي عَن الكَلامِ فِي الصَّلاة

- ‌181 - باب في صَلاةِ القاعدِ

- ‌182 - باب كَيْفَ الجُلُوس فِي التَّشَهُّدِ

- ‌183 - باب منْ ذَكَر التَّوَرُّكَ فِي الرّابِعَةِ

- ‌184 - باب التَّشَهُّدِ

- ‌185 - باب الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ التَّشَهُّدِ

- ‌186 - باب ما يَقُولُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ

- ‌187 - باب إِخْفاءِ التَّشَهُّدِ

- ‌188 - باب الإِشارَةِ فِي التَّشَهُّدِ

- ‌189 - باب كراهِيَةِ الاعْتِمادِ عَلَى اليَدِ فِي الصَّلاةِ

- ‌190 - باب فِي تَخْفِيفِ القُعُودِ

- ‌191 - باب فِي السَّلامِ

- ‌192 - باب الرَّدِّ على الإِمامِ

- ‌193 - باب التَّكْبِيرِ بَعْدَ الصَّلاةِ

- ‌194 - باب حَذْفِ التَّسْلِيمِ

- ‌195 - باب إِذا أَحْدَثَ فِي صَلاتِهِ يسْتَقْبِلُ

- ‌196 - باب فِي الرَّجُلِ يَتَطَوَّع فِي مَكانِهِ الذِي صلَّى فِيهِ المكْتوبَةَ

- ‌197 - باب السَّهْوِ فِي السَّجْدَتيْنِ

- ‌198 - باب إِذا صلَّى خَمْسًا

- ‌199 - باب إِذَا شَكَّ فِي الثِّنْتيْنِ والثَّلَاثِ مَنْ قَال يُلْقِي الشَّكَّ

- ‌200 - باب مَنْ قَال: يُتِمُّ عَلَى أَكْبْرِ ظَنِّهِ

- ‌201 - باب مَنْ قال: بَعْدَ التَّسلِيمِ

- ‌202 - باب مَنْ قام مِنْ ثِنْتيْنِ وَلَمْ يَتشَهَّدْ

- ‌203 - باب منْ نَسيَ أَنْ يَتَشَهَّدَ وَهُوَ جالِسٌ

- ‌204 - باب سجْدَتَي السَّهْوِ فِيهِما تشَهُّدٌ وَتسْليمٌ

- ‌205 - باب انصِرافِ النِّساءِ قَبْل الرِّجالِ مِنَ الصَّلاةِ

- ‌206 - باب كَيْفَ الانصرافُ مِنَ الصَّلاة

- ‌207 - باب صلاةِ الرَّجُل التَّطَوُّعَ في بَيْتِهِ

- ‌208 - باب مَنْ صَلَّى لِغَيْرِ القِبْلَةِ ثُمَّ علِمَ

- ‌209 - باب فَضْلِ يَوْمِ الجُمُعَةِ وَلَيْلَةِ الجُمُعَةِ

- ‌210 - باب الإِجابَةِ أَيَّةُ ساعَةٍ هي فِي يوْمِ الجُمُعةِ

- ‌211 - باب فَضْلِ الجُمُعَةِ

- ‌212 - باب التَّشْدِيد فِي ترْكِ الجُمُعَةِ

- ‌213 - باب كفّارَةِ مَنْ ترَكَها

- ‌214 - باب مَنْ تَجِبُ علَيْهِ الجُمُعَةُ

- ‌215 - باب الجُمُعَةِ فِي اليَوْمِ المَطِيرِ

- ‌216 - باب التَّخلُّفِ عنِ الجَماعةِ فِي اللَّيْلَةِ البارِدَةِ

- ‌217 - باب الجُمُعَةِ لِلْممْلُوكِ والمَرْأةِ

- ‌218 - باب الجُمُعَةِ فِي القُرَى

- ‌219 - باب إِذا وافَقَ يوْمُ الجُمُعَةِ يوْمَ عِيدٍ

- ‌220 - باب ما يُقْرَأُ في صلاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ الجُمُعَةِ

- ‌221 - باب اللُّبْسِ للجُمُعَةِ

- ‌222 - باب التَّحَلُّقِ يَوْمَ الجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلاةِ

- ‌223 - باب فِي اتِّخاذِ المِنْبَرِ

- ‌224 - باب مَوْضِعِ المِنْبَرِ

- ‌225 - باب الصَّلاةِ يَوْمَ الجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ

- ‌226 - باب فِي وَقْتِ الجُمُعَةِ

- ‌227 - باب النِّدَاءِ يَوْمَ الجُمُعَةِ

- ‌228 - باب الإِمَامِ يُكَلِّمُ الرَّجُلَ فِي خُطْبَتِهِ

- ‌229 - باب الجُلُوسِ إِذا صَعِدَ المِنْبَرَ

- ‌230 - باب الخُطْبَةِ قائِمًا

- ‌231 - باب الرَّجُلِ يَخْطُبُ علَى قَوْسٍ

- ‌232 - باب رَفْعِ اليَدَيْنِ عَلَى المِنْبَرِ

- ‌233 - باب إِقْصارِ الخُطَبِ

- ‌234 - باب الدُّنُوِّ مِنَ الإِمامِ عِنْدَ المَوْعِظَةِ

- ‌235 - باب الإِمامِ يَقْطَعُ الخُطْبَةَ لِلأَمْرِ يَحْدُثُ

- ‌236 - باب الاحْتِباءِ والإِمامُ يَخْطُبُ

- ‌237 - باب الكَلامِ والإِمامُ يَخْطُبُ

- ‌238 - باب اسْتِئْذانِ المُحْدِثِ الإِمامَ

- ‌239 - باب إِذا دَخَل الرَّجُلُ والإِمامُ يَخْطُبُ

- ‌240 - باب تَخَطِّي رِقابِ النَّاسِ يَوْمَ الجُمُعَةِ

- ‌241 - باب الرَّجُلِ يَنْعَسُ والإِمامُ يَخْطُبُ

- ‌242 - باب الإِمامِ يَتَكَلَّمُ بَعْدَما يَنْزِلُ مِنَ المِنْبَرِ

- ‌243 - باب مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الجُمُعَةِ رَكْعَةً

- ‌244 - باب ما يُقْرَأُ بِهِ فِي الجُمُعَةِ

- ‌245 - باب الرَّجُلِ يأْتَمُّ بِالإِمامِ وَبَيْنهُما جِدارٌ

- ‌246 - باب الصَّلاةِ بَعْدَ الجُمُعَةِ

- ‌247 - باب صَلاةِ العِيدَيْنِ

- ‌248 - باب وَقْتِ الخُرُوجِ إِلَى العِيدِ

- ‌249 - باب خُرُوجِ النِّساءِ فِي العِيدِ

- ‌250 - باب الخُطْبَةِ يَوْمَ العِيدِ

- ‌251 - باب يَخْطُبُ عَلَى قَوْسٍ

- ‌252 - باب تَرْكِ الأَذَانِ فِي العِيدِ

- ‌253 - باب التَّكْبِيرِ فِي العِيدَيْنِ

- ‌254 - باب ما يُقْرَأُ فِي الأَضْحَى والفِطْرِ

- ‌255 - باب الجُلُوسِ لِلْخُطْبَةِ

- ‌256 - باب يَخْرُجُ إِلى العِيدِ فِي طَرِيقٍ وَيَرْجِعُ فِي طَرِيقٍ

- ‌257 - باب إِذا لَمْ يَخْرُجِ الإِمامُ لِلْعِيدِ مِنْ يَوْمِهِ يَخْرُجُ مِنَ الغَدِ

- ‌258 - باب الصَّلاةِ بَعْدَ صَلاةِ العِيدِ

- ‌259 - باب يُصَلَّى بِالنَّاسِ العِيدُ فِي المَسْجِدِ إِذا كَانَ يَوْمَ مَطَرٍ

الفصل: ‌173 - باب تشميت العاطس في الصلاة

‌173 - باب تَشْمِيتِ العاطِسِ في الصَّلاةِ

930 -

حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا يَحْيَى ح وَحَدَّثَنا عُثْمانُ بْن أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا إِسْماعِيلُ بْنُ إِبْراهِيمَ -الْمَعْنَى- عَنْ حَجَّاجٍ الصَّوّافِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِلالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ عَطاءِ بْنِ يَسارٍ، عَنْ مُعاوِيةَ بْنِ الحَكَمِ السُّلَمِيِّ قال: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَعَطَسَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ فَرَمانِي القَوْمُ بِأَبْصارِهِمْ فَقُلْت: واثُكْلَ أُمِّياهُ ما شَأْنُكمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخاذِهِمْ فَعَرَفْتُ أنَّهُمْ يُصَمِّتونِي -فَقال عُثْمانُ: - فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُسَكِّنُونِي لَكِنِّي سَكَتُّ قال: فَلَمّا صَلَّى رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم -بِأَبِي وَأُمِّي- ما ضَرَبَنِي وَلا كَهَرَنِي وَلا سَبَّنِي ثُمَّ قال: "إِنَّ هذِه الصَّلاةَ لا يَحِلُّ فِيها شَيْءٌ مِنْ كَلامِ النَّاسِ هذا إِنَّما هُوَ التَّسْبِيحُ والتَّكْبيرُ وَقِراءَةُ القُرْآنِ". أَوْ كَما قال رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم. قُلْت: يا رَسُولَ اللهِ إِنّا قَوْمٌ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجاهِلِيَّةٍ وَقَدْ جاءَنا الله بِالإِسْلَامِ وَمِنَّا رِجالٌ يَأْتُونَ الكُهَّانَ. قال: "فَلا تَأْتِهِمْ". قال: قُلْتُ: وَمِنَّا رِجالٌ يَتَطَيَّرُونَ. قال: "ذاكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ فَلا يَصُدُّهُمْ". قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ. قال: "كانَ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِياءِ يَخُطُّ فَمَنْ وافَقَ خَطَّهُ فَذاكَ". قال: قُلْتُ: جارِيَةٌ لِي كانَتْ تَرْعَى غنَيْماتٍ قِبَلَ أُحُدٍ والجَوّانِيَّةِ إِذِ اطَّلَعْتُ عَلَيْها إِطْلَاعَةً فَإِذا الذِّئْبُ قَدْ ذَهَبَ بِشاةٍ مِنْها وَأَنا مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ كَما يَأْسَفُونَ لَكِنِّي صَكَكتُها صَكَّةً فَعَظَّمَ ذاكَ عَلى رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: أفَلا أَعْتِقُهَا؟ قال: "ائْتِنِي بِها". قال: فَجِئْتُهُ بِها فَقال: "أَيْنَ اللُّه". قالتْ: فِي السَّماءِ. قال: "مَنْ أَنَا". قالتْ: أَنْتَ رَسُول اللهِ. قال: "أَعْتِقْها فَإِنَّها مُؤْمِنَةٌ"(1).

131 -

حَدَّثَنا محَمَّد بْنُ يُونُسَ النَّسائِيُّ، حَدَّثَنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْن عَمْرٍو، حَدَّثَنا فُلَيْحٌ عَنْ هِلالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَطاءِ بْنِ يَسارٍ، عَنْ مُعاوِيَةَ بْنِ الحَكَمِ السُّلَمِيِّ قال: لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عُلِّمْتُ أمُورًا مِنْ أُمُورِ الإِسْلَامِ فَكانَ فِيما عُلِّمْتُ أَنْ قال

(1) رواه مسلم (537).

ص: 106

لِي: "إِذا عَطَسْتَ فاحْمَدِ اللَّه وَإذا عَطَسَ العاطِسُ فَحَمِدَ اللَّه فَقُلْ يَرْحَمُكَ اللهُ". قال: فَبَيْنَما أَنا قائِمٌ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلاةِ إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ فَحَمِدَ اللهَ فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ الله رافِعًا بِها صَوْتِي فَرَمانِي النَّاسُ بِأَبْصارِهِمْ حَتَّى احْتَمَلَنِي ذَلِكَ فَقُلْتُ: ما لَكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ بِأَعْيُنٍ شُزْرٍ! قال: فَسَبَّحُوا فَلَمّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلاةَ قال: "مَنِ المُتَكَلِّمُ". قِيلَ: هذا الأعرابِيُّ. فَدَعانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقال لِي: "إِنَّما الصَّلاةُ لِقِراءَةِ القُرْآنِ وذِكْرِ الله جَلَّ وَعَزَّ، فَإِذا كُنْتَ فِيها فَلْيَكُنْ ذَلِكَ شَأْنُكَ". فَما رَأَيتُ مُعَلِّمًا قَطُّ أَرْفَقَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم" (1).

* * *

باب تَشْمِيتِ العَاطِسِ فِي الصَّلَاةِ

[930]

(حَدَّثَنَا مُسدَّدٌ) قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى) بن سعيد القطان.

([ح] وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ) قال (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) ابن علية أبو بشر قالا جميعًا.

(الْمَعْنَى، عَنْ حَجَّاجٍ) بن أبي عثمان.

(الصَّوَّافِ) البصري، قال (حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيمُونَةَ) ويقال: [هلال بن أبي ميمونة](2)، ويقال: هلال بن أبي هلال، وهو هلال بن علي، مات في آخر خلافة هشام بن عبد الملك (عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الحَكَمِ) بن خالد (السُّلَمِيِّ) بضم

(1) رواه البخاري في "القراءة خلف الإمام"(67 - 70)، ورواه البيهقي 2/ 249 من طريق أبي داود. وانظر ما قبله.

وضعف إسناده الألباني في "ضعيف أبي داود"(164).

(2)

كذا بالأصول الخطية.

ص: 107

السين وفتح اللام.

(قَال: صَلَّيتُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَعَطَسَ) بفتح الطاء يعطس بكسرها، وفي لغة: يعطُس (1) بالضم في المستقبل كيقتل.

(رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللُّه) قال ابن دقيق العيد: قول المشمت: (يرحمك الله) الظاهر منه والسابق إلى الفهم أنه دعاء له بالرحمة، ويحتمل أن يكون إخبارًا على (2) طريقة البشارة المبنية على حسن الظن كقوله صلى الله عليه وسلم للمحموم:"لا بأس طهور إن شاء الله"(3) والله أعلم بمراد رسوله، وكأن المشمت بشر العاطس لحصول الرحمة في المستقبل بسبب حصولها في الحال الحاضر (4)، فإن العطاس (5) رحمة من الله يدفع المؤذي في المستقبل فيكون من باب قوله تعالى:{وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} (6) عند من فهم منه هذا المعنى كما أحسن الله فيما مضى كذلك يحسن فيما بقي، ومناسبة الدعاء بالرحمة من حيث (7) أنه دفع المؤذي للجسد بإحساسه فتسهيله (8) نعمة من الله تعالى ناسب أن يحمد الله تعالى عليها، والنعمة من الله تعالى رحمة

(1) في (م): عطس.

(2)

في (ص، س): عن.

(3)

أخرجه البخاري (3616).

(4)

انظر: "فتح الباري"(10/ 624).

(5)

في (ص، س): العاطس.

(6)

مريم: 4.

(7)

سقطت من (م).

(8)

في (م): فسهله.

ص: 108

للعبد (1) فيدعى له بعد الرحمة الخاصة بالرحمة العامة.

(فَرَمَانِي القَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ) أي: نظروا إليّ بأبصارهم نظر منكر، ولما كان المحل محل إنكار استعير له الرمي بالشيء وهو إلقاء الشيء من يد الإنسان وحذفه، من قولهم: رميت بالقوس إذا ألقيته من يدي (2)[ويدل على هذا رواية ابن حبان: "فحدقني (3) القوم بأبصارهم"](4).

(فَقُلْتُ: وَا)(5) للندبة (ثُكْلَ) بضم المثلثة وإسكان الكاف وبفتحهما جميعًا لغتان كالبُخْل والبَخَل حكاهما الجوهري وغيره، وهو فقدان المرأة ولدها وحزنها عليه لفقده، وامرأة ثكلى وثاكل، وثكلته أمه بكسر الكاف وأثكله الله أمه (6).

(أُمِيَاهُ) بفتح الميم المشددة، وأصلها الكسر؛ لأنها قبل الساكنة، وأصله: أمي وأمياه مضاف إلى ثُكل، وكلاهما مندوب كما قالوا:[وأمير المؤمناه](7) واأمياه أصله أمي زيدت عليه الألف لمد الصوت، وأردفت بهاء السكت الثابتة في الوقف المحذوفة في الوصل (8).

(مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ؟ ) نظر المنكر قال (فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ أَيْدِيهمْ)

(1) في (ص، س): للغيب.

(2)

في (س، ل، م): يدك.

(3)

من (ل، م).

(4)

"صحيح ابن حبان"(2247).

(5)

في (ص): يا.

(6)

"الصحاح": (ثكل).

(7)

في (ل، م): واأمير المومناه.

(8)

من (ل، م).

ص: 109

بسكون الياء الثانية على حذف حرف (1) الجر وهو الباء، رواية مسلم (2) وأكثر نسخ أبي داود بإثبات (3) حرف الجر، ويجوز حذفها كقول الشاعر:

تمرون الديار ولا تعوجوا

كلامكم عليَّ إذًا حرام (4)

فإن اليدين هنا مضروبة (عَلَى أَفْخَاذِهِمْ) وإنما فعلوا هذا الضرب ليسكتوه عن (5) الكلام، وهذا الضرب محمول على أنه كان قبل أن يشرع التسبيح لمن نابه شيء في صلاته للرجال والتصفيق للنساء، قال الإسنوي: فلو صفق الرجال وسبح النساء جاز (6)، لكن خالفا السنة.

وفي "الكفاية"(7): أن تصفيق الرجل عامدًا يضر. قال القرطبي: في هذا الحديث يحتمل أن يقال: إنهم فهموا أن التصفيق المنهي عنه إنما هو ضرب الكف على الكف أو (8) الأصابع على الكف، ويبعد أن يسمى من ضرب على فخذه وعليها ثوبه مصفقًا؛ ولهذا قال: فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، ولو كان يسمى هذا تصفيقًا لكان الأقرب في

(1) من (ل، م).

(2)

"صحيح مسلم"(537).

(3)

في (م): روشان.

(4)

البيت لجرير. انظر: "المحكم" 10/ 247.

(5)

في (ص، س): على.

(6)

في (ل، م): لم يضر.

(7)

في (ص، س، ل): الكافية.

(8)

في (ص): و.

ص: 110

لفظه أن يقول (1): يصفقون لا غير (2).

(فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ يُصَمِّتُونِي) أي: يسكتوني (قَال عُثْمَانُ) بن أبي شيبة (فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُسَكِّتُونِي لَكِنّي سَكَتُّ) قال المنذري: يريد لم أتكلم لكني سكت. ورود (لكن) هنا مشكل فإنها للاستدراك، وفسر بأن تثبت (3) لما بعدها حكمًا مخالفًا لحكم ما قبلها، كذلك لا بد أن يتقدمها كلام مناقض لما بعدها نحو: ما هذا ساكنًا لكنه متحرك، أو ضد لما قبلها نحو: ما هو أبيض، لكنه أسود، ويحتمل أن يراد بها معنى الاستدراك الذي فسره في "البسيط" وهو رفع ما توهم ثبوته ويكون التقدير: فلما رأيتهم يسكتوني لم أكلمهم بعد ذلك، لكني سكت؛ لأن ضربهم على أفخاذهم مراد به (4) [ترك كلامه؛ لأنه مفهوم ضربهم، ومقتضاه بالاستدراك هنا من نفي كلامه (5) الذي اقتضاه ضربهم ونظير هذا الاستدراك في (6) رفع ما توهم ثبوته قولهم (7): ما زيد شجاعًا لكنه كريم؛ لأن الشجاعة والكرم لا يكادان يفترقان، فالاستدراك من توهم نفي كرمه ويحتمل (8) أن تكون لن هنا للتأكيد نحو: لو جاءني أكرمته

(1) في (ص، س، ل): يقولوا.

(2)

"المفهم" 2/ 138.

(3)

في (م): تنسب. وفي (س): ينصب.

(4)

من هنا بداية سقط في (ل).

(5)

في (ص، س، ل): طلبهم.

(6)

من (م).

(7)

في (م): قوله.

(8)

في (ص): لكن.

ص: 111

لكن لم يجيء، فأكدت لكن ما أفادته (لو) من الامتناع، وكذا في الحديث أكدت لكن ما أفاده ضربهم من ترك الكلام.

(فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم -بِأَبِي وَأُمِّي-) بالجر متعلق بفعل محذوف تقديره أفديه بأبي وأمي (مَا ضَرَبَنِي) جواب لقسم (1) محذوف ظهر في رواية مسلم: فبأبي هو وأمي ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، فوالله ما ضربني (2).

(وَلَا كَهَرَنِي) أي: ما (3) انتهرني، والكهر الانتهار، قاله أبو عبيد (4)، وفي قراءة عبد الله بن مسعود:(فأما اليتيم فلا تكهر)(5) وقيل: الكهر العبوس في وجه من تلقاه (6)، وفيه بيان ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عظيم الخلق الذي شهد الله تعالى له به ورفقه (7) بالجاهل ورحمته بأمته وشفقته عليهم وفيه (8) التخلق بخلقه صلى الله عليه وسلم بتعليم (9) الجاهل واللطف في التعليم.

(وَلَا شتمني)(10) وفي صفته صلى الله عليه وسلم: لم يكن لعَّانًا ولا سبابًا (11) ولا

(1) في (م): القسم.

(2)

"صحيح مسلم"(537).

(3)

من (س، م).

(4)

"غريب الحديث" 1/ 76.

(5)

انظر: "معاني القرآن" للفراء 3/ 274، "المحرر الوجيز" لابن عطية 5/ 467.

(6)

"لسان العرب": (كهر).

(7)

في (ص، س): رفعته.

(8)

من (س، م).

(9)

في (ص، س): تعليم.

(10)

رواية أبي داود في النسخة المطبوعة: سبني.

(11)

في (ص، س): شتامًا.

ص: 112

فاحشًا ولا متفحشًا (1).

(ثُمَّ قَال: إِنَّ هذِه الصَّلَاةَ) يعني مطلق الصلاة، فيشمل الفرائض فرض عين والكفاية والسنن المؤكدات والمستحبات والسنن (لَا يَحِلُّ فِيهَا شَيءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ) فيه تحريم الكلام في الصلاة سواء كان لحاجة أم لا وسواء كان لمصلحة الصلاة أو غيرها فإن احتاج إلى تنبيه أو إذن لداخل ونحوه سبح إن كان رجلًا، وصفقت إن كانت امرأة، وهذا مذهبنا، والأئمة الثلاثة وجمهور السلف والخلف، وقالت طائفة منهم الأوزاعي: يجوز الكلام لمصلحة الصلاة لحديث ذي اليدين (2). وسيأتي إيضاحه إن شاء الله تعالى (هذا) يحتمل أن يكون هذا (3) إشارة لما هو معلوم في الذهن من كلامهم.

(إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ القُرْآنِ) يدل على منع الكلام بغير التسبيح والتكبير والقراءة ومنع تشميت العاطس فيها وهو متمسك لمن منع الدعاء في الصلاة بغير ألفاظ القرآن؛ لأن إنما للحصر وتنفصل عنه بما (4) ثبت من تخصيص هذا الحديث بدعائه صلى الله عليه وسلم في الصلاة على قوم بأعيانهم (5).

(أَوْ كَمَا قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم) هذا يستعمله المحدثون فيما رووه

(1) أخرجه البخاري (6031).

(2)

"شرح النووي" 5/ 21.

(3)

في (ص، س): هنا.

(4)

في (م): كما.

(5)

في (ص، س): بأيمانهم.

ص: 113

بالمعنى؛ فإنهم قالوا: ينبغي لمن روى بالمعنى أن يقول: أو كما قال، [أو يقول: ] (1) أو نحو هذا وما أشبه ذلك، فقد ورد ذلك عن ابن مسعود وأبي الدرداء وهم من أعلم الناس بمعالم الحديث، وكذا إذا شك المحدث (2) في لفظة أو أكثر فقرأها على الشك فإنه يحسن أن يقول: أو كما قال، وفيه إشارة إلى جواز رواية الحديث بالمعنى، وهو مذهب أكثر أهل الحديث والفقه الأول (3) إذا كان الراوي عالمًا بمدلول الألفاظ ومقاصدها وما يحل (4) معناها.

(قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله إِنَّا قَوْمٌ) رواية مسلم: "إني"(حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ) أي: قرب عهدنا بالجاهلية التي كنا عليها ولم نعرف أحكام الإسلام، وسموا بجاهلية (5) لكثرة جهالاتهم، والجاهلية ما قبل ورود الشرع (6) (وَقَدْ جَاءَنَا (7) اللُّه) تعالى (بِالإِسْلَامِ وَمِنَّا رِجَالٌ يَأْتُونَ الكُهَّانَ) الكهان: جمع كاهن ككتاب جمع كاتب، ويجمع الكاهن على كهنة كما في رواية ابن حبان: إن رجالا منا يأتون الكهنة (8). كما يجمع الكاتب كتبة، والساحر سحرة، والكاهن الذي يتعاطى علم ما غاب

(1) من (م).

(2)

في (م): قارئ الحديث.

(3)

في (ص): إلا و.

(4)

في (م): يحتل.

(5)

في (م): جاهلية.

(6)

زاد في (م): ومنا رجال يأتون.

(7)

في (م): جاء.

(8)

"صحيح ابن حبان"(2247).

ص: 114

عنه، وهم (1) أقسام (2). قال الخطابي في حديث:"من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول فقد برئ مما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم"(3) قال: كان في العرب كهنة يدّعون أنهم يعرفون كثيرًا من الأمور، فمنهم من يزعم أن له رئيًا من الجن يلقي إليه الأخبار، ومنهم من يدير استدراك ذلك بفهم أعطيه، ومنهم من يسمى عرافًا وهو الذي يزعم معرفة الأمور بمقدمات أسباب يستدل بها، كمعرفة من يسرق الشيء الفلاني، ومعرفة من تتهم به المرأة، ونحو ذلك، ومنهم من يسمي المنجم كاهنًا.

(قَال (4): فَلَا تَأْتِهِمْ) يشمل النهي عن إتيان هؤلاء كلهم والرجوع إلى قولهم وتصديقهم فيما يدعونه (5).

قال النووي بعد حكايته: وهو نفيس (6). قال القرطبي: كان أهل الجاهلية يترافعون إلى الكهان في وقائعهم وأحكامهم ويرجعون إلى أقوالهم كما فعل عبد المطلب حيث (7) أراد ذبح ابنه عبد الله في نذر

(1) في (م): هي.

(2)

في (س، م): أصنام.

(3)

سيأتي برقم (3904)، ورواه أيضًا الترمذي (135)، وابن ماجة (639) من حديث أبي هريرة. وقال الحاكم في "المستدرك" 1/ 8: هذا حديث صحيح على شرطهما ولم يخرجاه.

وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة"(3387).

(4)

زاد في (س، م): فقوله.

(5)

"معالم السنن" 4/ 229.

(6)

"شرح النووي" 5/ 22.

(7)

في (ص، س): حتى.

ص: 115

كان نذره فمنعه قومه وترافعوا إلى الكاهن، فلما بعث الله سبحانه رسوله أرسلت الشهب على الجن فلم يتمكنوا مما كانوا يتمكنون منه، فارتفعت الكهانة لئلا يجر ذلك [إلى تغير](1) الشرع، لكنها وإن انقطعت فبقي قوم يتشبهون بالكهان، فنهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن إتيانهم؛ لأنهم كذبة مُمَخْرِقُون مبطلون ضالون مضلون، فيحرم إتيانهم واستماع كلامهم، وقد كثر هذا النوع في نساء الأندلس [وكثير من رجال غير الأندلس](2) فليحذروا (3).

قال الماوردي في "الأحكام السلطانية": يمنع المحتسب الناس من التكسب بالكهانة واللهو، وبؤدب (4) عليه الآخذ والمعطي (5).

[(قال: قلت: ومنا رجال يتطيرون) يتعلقون من الطيرة مصدر طار يطير طيرة وطيرانًا والتطير التشاؤم بالشيء وأصله: أن العرب كانوا إذا خرج الواحد منهم في حاجته نظر إلى أول طائر يراه فإن طار عن يمينه تشاءم به وامتنع عن المضيّ في تلك الحاجة وإن طار عن يساره تيمَّن به ومضى في حاجته وأصل هذا أن الرامي للطير إنما يصيب ما كان عن يساره ويخيبه ما كان عن يمينه فسمي التشاؤم تطيّرًا من ذلك](6).

(قَال: ذَاكَ شَيءٌ يَجِدُونَهُ) بالياء المثناة تحت (فِي صُدُورِهِمْ) أي: في نفوسهم ضرورة (فَلَا يَصُدُّهُمْ) ذلك عن حاجتهم، رواية ابن حبان: "ذاك

(1) في (ص): تغيير.

(2)

زيادة من "المفهم" أضفناها لتتناسب مع الضمير.

(3)

"المفهم" 2/ 139 - 140.

(4)

في (م): بوب.

(5)

"الأحكام السلطانية" 2/ 27.

(6)

من (س، م).

ص: 116

شيء تجدونه في صدوركم فلا يضرنكم" بتشديد نون التوكيد، والمعنى: إن ذلك الشيء الذي يحصل في نفوسكم بحسب العادة من النفرة والكراهة من رؤية ما يتطير به فينبغي أن لا تلتفتوا إليه وامضوا لوجهكم الذي خرجتم إليه (1) فإن تلك الطيرة لا تضركم، وإذا لم تضر الآدمي ولا يحصل له منها ضرر (2) فلا يصد (3) الإنسان ذلك عن حاجته وأشار الشارع بذلك إلى أن الأمور كلها بيد الله تعالى، فينبغي أن يعول عليه ويفوض إليه (4) جميع حوائجه التي يشرع فيها، ويؤخذ منه أن هذا الوجدان الذي يحصل في النفس لا يلام (5) من وجده في نفسه شرعًا؛ لأنه لا يقدر على الانفكاك عنه، وإنما يلام أو يمدح على ما كان داخلًا تحت استطاعته [فإنه مكلف](6) به، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة على النهي عن التطير والطيرة، وهي محمولة على العمل بها لا على ما يوجد في النفس من غير قصد منه ولا اختيار له، وسيأتي الكلام عليه في بابه إن شاء الله تعالى.

(قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ) قال ابن عباس في تفسير هذا الحديث: هو الخط (7) الذي يخطه الحازي فيعطى عليه حلوانًا، والحازي بالحاء

(1) في (م): له.

(2)

في (م): حزن.

(3)

في (ص، س): يضر.

(4)

من (س، م).

(5)

في (ص، س): يلزم.

(6)

في (ص، س): فإن المكلف.

(7)

في (م): الخيط.

ص: 117

المهملة والزاي هو الذي ينظر في النجوم فربما أصاب، وقيل: الحازي هو الذي إذا أعطي حلوانًا يقول: أقعد حتى أخط لك. وبين يديه غلام معه ميل ثم يأتي إلى أرض رخوة فيخط عليها أو يكون معه .... (1) خشب يبسط فيه رملًا فيه وصلًا، ثم يخط فيه خطوطًا معجلة لئلا يلحقها العدد، ثم يرجع فيمحو على مهك خطين خطين، فإن بقي خطان فهي علامة النجح، وإن بقي خط فهي علامة الخيبة، والعرب تسميه الأسحم، وهو مشؤوم عندهم حكاه القرطبي (2).

(قَال: كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ) يقال أن هذا النبي هو خالد بن سنان العبسي جاءت ابنته إلى نبينا صلى الله عليه وسلم فقال: "ذاك نبي ضيعه قومه"(3). ويقال: إنه إدريس عليه السلام، وفي تفسير مكي أن هذا النبي كان يخط لإصبعه السبابة والوسطى في الرمل ثم يزجر (4)(فمن وافق خطه) خطه (فذاك).

قال النووي: الصحيح أن معناه (5) من وافق خطه فهو مباح له، لكن لا طريق لنا إلى العلم اليقيني بالموافقة فلا يباح، والمقصود أنه (6) حرام لأنه لا يباح إلا بنفس الموافقة، وليس لنا يقين بها. وقال (7) القاضي

(1) كلمة غير مقروءة. ولعلها: نحت.

(2)

"المفهم" 2/ 141.

(3)

رواه الطبراني 11/ 441 (12250).

(4)

"الهداية إلى بلوغ النهاية" 11/ 6810.

(5)

من (م).

(6)

في (س، م): به.

(7)

سقط من (م).

ص: 118

عياض: المختار أن معناه أن (1) مَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ الذي يجدون إصابته فيما (2) يقول [لا أنه](3) أباح ذلك لفاعله قال: ويحتمل أن هذا نسخ في شرعنا (4) فحصل من مجموع كلام العلماء فيه الاتفاق على النهي عنه الآن (5).

(قَال: قُلْتُ) و (جَارَيةٌ لِي كَانَتْ تَرْعَى غُنَيمَاتٍ) لفظ مسلم: ترعى غنمًا لي (6).

(قِبَلَ) بكسر القاف وفتح الموحدة أي: جهة جبل (أُحُدٍ) ومنه قولهم: لي (7) قبله كذا، أي: في (8) جهته، وأُحد بضم الهمزة والحاء جبل معروف بالمدينة سمي بذلك لتوحده وانقطاعه عن جبال أخر (9) هناك.

(وَالْجَوَّانِيَّةِ) بفتج الجيم وتشديد الواو وبعد الألف نون ثم ياء مشددة، قال النووي: كذا ضبطه أبو عبيد البكري والمحققون وهو موضع بقرب أحد في شمال المدينة؛ كأنه نسب إلى جوان وقول القاضي عياض أنها من عمل الفرع ليس بمقبول؛ لأن الفرع بين مكة

(1) من (س، م).

(2)

في (م): فيها.

(3)

في (م): لأنه.

(4)

"إكمال المعلم" 2/ 464.

(5)

"شرح النووي" 5/ 23.

(6)

"صحيح مسلم"(537)(33).

(7)

زاد في (م): في.

(8)

سقط من (م).

(9)

في (ص، س): أحد.

ص: 119

والمدينة بعيد من الفرع (1) وأحد في شام المدينة، وتقدم في الحديث قبل أحد والجوانية فكيف يكون عند الفرع؟ ! وفيه دليل على جواز استخدام السيد جاريته في الرعي، وإن كانت تنفرد في المرعى، وإنما حرم الشرع مسافرة المرأة وحدها؛ لأن السفر مظنة الطمع فيها، وانقطاع ناصرها، لكن إن خيف مفسدة من رعيها لريبة فيها، أو لفساد من يكون في الناحية التي ترعى فيها ونحو ذلك لم تمكن الحرة ولا الأمة من الرعي؛ لأنه حينئذ يكون في السفر الذي حرمه الشرع على المرأة فإن كان معها في الرعي محرم أو نحوه ممن تأمن معه على نفسها فلا مانع حينئذٍ قاله النووي (2).

(إِذِ اطلَعْتُ عَلَيهَا) رواية مسلم: فاطلعت ذات يوم (3).

(إِطْلَاعَةً) واحدة (فَإِذَا الذِّئْبُ)[بالهمز، ويجوز قلبها](4)(قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْهَا) أي: من غنمها كما في مسلم (وَأَنَا) رجل (مِنْ بَنِي آدَمَ آسَفُ) قال الله تعالى: {فَلَمَّا آسَفُونَا} (5) بالمد وفتح السين (6) أي: أغضب (كَمَا يَأْسَفُونَ) بفتح السين و (صَكَكْتُهَا) قال المنذري (7):

(1) في الأصول الخطية: المدينة. ولعله سبق قلم، والمثبت هو الصواب.

(2)

"شرح النووي" 5/ 23 - 24.

(3)

"صحيح مسلم"(537)(33).

(4)

سقط من (م).

(5)

الزخرف: 55.

(6)

في (ص): الهمزة. والمثبت من (س، م).

(7)

"مختصر سنن أبي داود" 1/ 437.

ص: 120

رواية: لكني صككتها. يريد (1) لم أصبر لكني صككتها (2) أي: لطمتها.

(صَكَّة) واحدة في وجهها (فَعَظمَ) بتشديد الظاء (ذَلكَ)[يعني ذلك](3) الفعل [وهو الصكة](4)(عَلَيَّ) بتشديد الياء (5)(رَسُولُ (6) الله صلى الله عليه وسلم) أي: فخم أمره واستعظم.

(فَقُلْتُ) له: (أَفَلَا أُعْتِقُهَا) بضم الهمزة (قَال: ائْتِنِي بِهَا. قَال: فَجِئْتُ)(7) لفظ مسلم فأتيته (بِهَا فَقَال) لها (أَيْنَ اللُّه) هذا السؤال من النبي صلى الله عليه وسلم تَنَزُّلٌ مع (8) الجارية على قدر فهمها إذ أراد أن يظهر منها ما يدل على أنها ليست ممن يعبد الأصنام ولا الأوثان ولا الحجارة التي تعبد في الأرض من دون الله و"أين" يُسأل به عن المكان الظرف كما أن متى (9) يسأل بها عن ظرف الزمان وهو مبني لتضمنه معنى همزة الاستفهام وحرك لالتقاء الساكنين وخص بالفتح تخفيفًا وهو خبر المبتدأ الواقع بعده وإنما قدم وهو خبر؛ لأن الاستفهام له صدر الكلام وهذا السؤال لا يصح إطلاقه على الله تعالى بالحقيقة؛ إذ الله تعالى منزه عن المكان كما هو منزه عن الزمان، بل هو خالق المكان

(1) في (م): بذلك.

(2)

في (م): صصكتها.

(3)

من (س، م).

(4)

سقط من (م).

(5)

زاد في (م): وهو الصكة.

(6)

زاد في (س، م): بالرفع.

(7)

كذا بالأصول الخطية. وفي مطبوعة السنن: فجئته.

(8)

في (ص): من. وفي (م): ورفع.

(9)

في (ص): أين. وفي (س): من.

ص: 121

والزمان ولم يزل موجودًا ولا زمان ولا مكان، وهو الآن على ما عليه كان، ولو كان قابلًا للمكان مختصًّا به فيحتاج إلى مخصص، ولكان فيه إما متحركًا أو ساكنًا، وهما أمران حادثان، وما يتصف بالحوادث (1) حادث ولما صدق قوله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ} (2)، وإذا ثبت ذلك ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أطلقه على الله تعالى بالتوسع والمجاز لضرورة إفهام (3) المخاطبة القاصرة الفهم الناشئة مع قوم معبوداتهم في بيوتهم فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يتعرف منها (4) هل هي ممن يعتقد أن معبودها في بيت الأصنام أم لا؟ فقال لها:"أين الله؟ ".

(قَالتْ: فِي السَّمَاءِ) فقنع منها بذلك وحكم بإيمانها إذ لم يتمكن من فهم غير ذلك منها وحملها على قولها في السماء أنها (5) رأت المسلمين يرفعون أبصارهم وأيديهم إلى السماء عند الدعاء فقنع منها بذلك؛ إذ لو قيل لها في تلك الحالة: الله تعالى يستحيل عليه المكان والزمان لخيف عليها أن تعتقد النفي المحض والتعطيل؛ إذ ليس لها عقل يقبل هذا، بل إنما يعقل (6) هذا العالمون الذين شرح الله صدورهم لهدايته، ثم (قَال) لها (مَنْ أَنَا؟ قَالتْ: أَنْتَ رَسُولُ الله) فيه دليل على أن الكافر لا يصير مؤمنًا إلا بالإقرار بالله تعالى وبرسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه أن من أقر بالشهادتين

(1) في (ص، س): بالحادث.

(2)

الشورى: 11.

(3)

في (م): إنها.

(4)

من (م).

(5)

في (ص): أنه.

(6)

في (م): يفعل.

ص: 122

واعتقد ذلك جزمًا كفاه ذلك في صحة إيمانه، ولا يكلف مع هذا إقامة الدليل والبرهان على ذلك، ولا يلزمه معرفة الدليل، وهذا هو الصحيح الذي عليه الجمهور.

(قَال: أَعْتِقْهَا) بقطع الهمزة المفتوحة (فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ) فيه دليل على أن عتق المؤمن أفضل من الكافر، ولا خلاف في جواز عتق الكافر في التطوع، وأنه لا يجزئ في كفارة القتل، نص"الله تعالى على المؤمنة، واختلف في كفارة اليمين والظهار وتعمد الوطء في رمضان فمالك والشافعي وعامتهم لا يجيزون إلا مؤمنة حملًا لمطلق هذِه الكفارات على مقيد كفارة القتل، وذهب الكوفيون إلى (1) أن ذلك ليس شرطًا [وهذا متوسط](2) في كتب الأصول.

[931]

(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ النَّسَائِيُّ) بفتح النون والسين المهملة وثقه المصنف وتفرد بالرواية عنه (3) قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ عَمْرٍو) القيسي (4)، وهو أبو عامر العقدي البصري الحافظ، قال:(حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ) بالتصغير ابن سليمان (5) العدوي (6).

(عَنْ هِلَالِ بن) أبي ميمونة (عَلِيٍّ) تقدم (عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ

(1) من (م).

(2)

من (م).

(3)

"تهذيب الكمال" 27/ 82.

(4)

في (ص، س): العنسي.

(5)

في (ص، س): اليمان.

(6)

كذا بالنسخ الخطية. ولم أقف على تلك النسبة في مصادر ترجمته وإنما هو الخزاعي.

ص: 123

مُعَاوِيَةَ بْنِ الحَكَمِ السُّلَمِيِّ) الصحابي له أحاديث وأصل حديثه واحد وفرق فجعل أحاديث.

(قَال: لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم عُلِّمْتُ) بكسر اللام المشددة مبني للمفعول (أُمُورًا مِنْ أُمُورِ الإِسْلَامِ) فيه تعليم من أسلم شرائع الدين وأحكامه وإن لم يسأل عنها (فَكَانَ فِيمَا عُلِّمْتُ) بضم أوله مبني للمفعول أيضًا (أَنْ قيلَ (1) لِي: إِذَا عَطَسْتَ) بفتح الطاء (فَاحْمَدِ اللَّه) تعالى، يعني: على دفع الأذى عنك بالعطاس، وهذا الحمد في غير الصلاة جهرًا وفي الصلاة سرًّا.

(وَإذَا عَطَسَ العَاطِسُ فَحَمِدَ اللَّه) تعالى (فَقُلْ) هذِه الفاء للتعقيب، ودخولها على الأمر بالتشميت (2) يقتضي الفورية لكن قال ابن دقيق العيد: ينبغي إذا عطس العاطس أن يتأنى عليه حتى يسكن ما به (3) ثم يشمته (4) يعني: إذا حمد الله تعالى ولا تعاجلوه بالتشميت (يَرْحَمُكَ اللُّه) تعالى يعني بكاف الخطاب كما في هذا الحديث وما يفعله هؤلاء المتأخرون إذا شمتوا من يعظمونه قالوا: يرحم الله تعالى سيدنا أو مولانا أو نحو ذلك من غير خطاب مخالف لما دل عليه هذا الأمر قال ابن دقيق العيد: وبلغني عن بعض رؤساء أهل هذا (5) العلم في

(1) في النسخة المطبوعة: قال.

(2)

من (م).

(3)

"فتح الباري" 10/ 623.

(4)

في (س، م): يشمتوه.

(5)

من (م).

ص: 124

زماننا أنه خوطب بهذا الذي جرت عادتهم به فقال: قل يرحمك الله يا سيدنا أو كما قال، وكأنه قصد الجمع (1) بين لفظ الحديث وبين ما اعتادوه (2) من التعظيم، وذكر بعض أكابر الفقهاء (3) فيما إذا علم من رجل أنه يكره التشميت فإنه لم يشمت وقال: لا إجلالا له بل (4) إجلالًا للتشميت أن يؤهل له من يكرهه قال الله تعالى حكاية عن نوح: {أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} (5).

فإن قيل: إذا كان التشميت سنة فكيف تترك السنة بكراهة من كرهها؟

قيل: هي سنة لمن أحبها لا لمن كرهها كمن (6) كره أن يسلم عليه عند اللقاء لم يسلم عليه كما أن المريض إذا كره أن يعاد لم يعد (7).

(فَبَينَمَا أَنَا (8) قَائِمٌ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاةِ إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ فَحَمِدَ) بكسر الميم (اللَّه) تعالى (فَقُلْتُ له: يَرْحَمُكَ اللُّه) تعالى (رَافِعًا) منصوب على الحال من فاعل يرحمك أو فاعل فقلت (بِهَا) أي بكلمة يرحمك الله (9).

(1)"فتح الباري" 10/ 624.

(2)

في (م): يعتاده.

(3)

في (م): العلماء.

(4)

في (ص، س): قل. والمثبت من (م).

(5)

هود: 28.

(6)

في (م): فمن.

(7)

"فتح الباري" 10/ 622.

(8)

سقط من (م).

(9)

من (م).

ص: 125

(صَوْتِي، فَرَمَانِي النَّاسُ بِأَبْصَارِهِمْ) فيه ما (1) تقدم، ورواية ابن حبان: فحذفني الناس بأبصارهم (حَتَّى احْتَمَلَنِي ذَلِكَ) يجوز أن يكون احتملني من ورود افتعل بمعنى فعل كاقتدر بمعنى قدر، والمراد حملني ذلك على الكلام ثانيًا بالإنكار عليهم.

(فَقُلْتُ مَا لَكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ بِأَعْيُنٍ)[بالتنوين (شُزْرٍ) وتقدم](2) التنوين في أعين للإضافة أي نظر الغضبان بمؤخر العين من (3) اليمين والشمال كنظر المبغض (قَال فَسَبَّحُوا) أي: قالوا: سبحان الله! فيه أنه يستحب لمن نابه (4) شيء في (5) صلاته أن يسبح إن كان رجلًا قال أصحابنا: ويستحب لمن سبح أن يقصد الذكر والإعلام (6).

(فَلَمَّا قَضَى النبي صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ قال: مَنِ المُتَكَلِّمُ؟ ) آنفًا (قِيلَ: هذا الأعرَابِيُّ) فيه أن من علم بمنكر ولم يعلم فاعله أن يسأل عنه] (7) لينهاه، أو علم بمن جهل حكمًا شرعيًّا ولم يعلم عينه أن يسأل [عنه ليعلمه، أو كان مع جماعة وسمع أحدهم يغتاب (8) أو ينقل نميمة ولم

(1) سقط من (م).

(2)

في (م): شرر. بالتنوين في شرر وعدم.

(3)

في (م): عن.

(4)

في (م): فاته.

(5)

في (م): من.

(6)

"كفاية الأخيار" 1/ 118.

(7)

هنا ينتهي السقط من (ل).

(8)

في (ص، س): بعنار.

ص: 126

يعلمه لظلمة أو غيرها أن يسأل] (1) عنه وينهاه، ولا يسقط عنه النهي لعدم معرفة عينه (2) إلا إذا لم يتمكن معرفته (3).

(فَدَعَانِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم) فيه دعاء المتعلم وطلبه ليأتي إليه ولا يمشي العالم إلى المتعلم، وهذا من إكرام العلم وتعظيمه فهو كما يقال: العلم يسعى إليه، وكقصة (4) هارون الرشيد لما طلب مالك بن أنس ليسمع أولاده الحديث فامتنع لذلك [كما قيل](5).

(فَقَال: إِنَّمَا الصَّلَاةُ) أي إنما وضعت الصلوات (لِقِرَاءَةِ القُرْآنِ) والتسبيح والتهليل والتكبير (وَذِكْرِ الله تعالى) كما تقدم (فَإِذَا كنْتَ فِيهَا فَلْيَكُنْ ذَلِكَ) المذكور (شَأْنَكَ) فيها دون غيره من كلام الآدميين، قال:(فَمَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَطُّ أَرْفَقَ) بالنصب (مِنْ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم) بالمتعلمين.

* * *

(1) سقط من (ل).

(2)

في (م): عيبه.

(3)

في (ص): معرفة عينه.

(4)

في (ص، س، ل): قضية.

(5)

سقط من (م).

ص: 127