المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌197 - باب السهو في السجدتين - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ٥

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌155 - باب الدُّعاءِ في الصَّلاةِ

- ‌158 - باب في الرَّجُلِ يُدْرِكُ الإِمام ساجِدًا كيْفَ يصْنعُ

- ‌156 - باب مِقْدارِ الرّكُوعِ والسُّجُودِ

- ‌157 - باب أَعْضاءِ السُّجُودِ

- ‌159 - باب السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ والجَبْهَةِ

- ‌160 - باب صِفة السجودِ

- ‌161 - باب الرُّخْصَةِ فِي ذَلِك لِلضَّرُورةِ

- ‌162 - باب فِي التَّخَصُّرِ والإِقْعاءِ

- ‌163 - باب البُكاءِ فِي الصَّلاةِ

- ‌164 - باب كَراهِيَةِ الوَسْوَسَةِ وَحَدِيثِ النَّفْسِ فِي الصَّلاةِ

- ‌165 - باب الفَتْحِ علَى الإِمامِ فِي الصَّلاةِ

- ‌166 - باب النَّهْي عَنِ التَّلْقِينِ

- ‌167 - باب الالتِفاتِ فِي الصَّلاةِ

- ‌168 - باب السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ

- ‌169 - باب النَّظَر فِي الصَّلاةِ

- ‌170 - باب الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ

- ‌171 - باب العَمَلِ فِي الصَّلاةِ

- ‌172 - باب رَدِّ السَّلامِ فِي الصَّلاةِ

- ‌173 - باب تَشْمِيتِ العاطِسِ في الصَّلاةِ

- ‌174 - باب التَّأْمِينِ وراءَ الإِمامِ

- ‌175 - باب التَّصْفِيقِ فِي الصَّلاةِ

- ‌176 - باب الإِشارَةِ فِي الصَّلاةِ

- ‌177 - باب فِي مسْح الحَصَى فِي الصَّلاةِ

- ‌178 - باب الرَّجُلِ يُصَلِّي مُخْتَصِرًا

- ‌179 - باب الرَّجُلِ يَعْتَمِدُ فِي الصَّلاةِ عَلَى عَصًا

- ‌180 - باب النَّهْي عَن الكَلامِ فِي الصَّلاة

- ‌181 - باب في صَلاةِ القاعدِ

- ‌182 - باب كَيْفَ الجُلُوس فِي التَّشَهُّدِ

- ‌183 - باب منْ ذَكَر التَّوَرُّكَ فِي الرّابِعَةِ

- ‌184 - باب التَّشَهُّدِ

- ‌185 - باب الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ التَّشَهُّدِ

- ‌186 - باب ما يَقُولُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ

- ‌187 - باب إِخْفاءِ التَّشَهُّدِ

- ‌188 - باب الإِشارَةِ فِي التَّشَهُّدِ

- ‌189 - باب كراهِيَةِ الاعْتِمادِ عَلَى اليَدِ فِي الصَّلاةِ

- ‌190 - باب فِي تَخْفِيفِ القُعُودِ

- ‌191 - باب فِي السَّلامِ

- ‌192 - باب الرَّدِّ على الإِمامِ

- ‌193 - باب التَّكْبِيرِ بَعْدَ الصَّلاةِ

- ‌194 - باب حَذْفِ التَّسْلِيمِ

- ‌195 - باب إِذا أَحْدَثَ فِي صَلاتِهِ يسْتَقْبِلُ

- ‌196 - باب فِي الرَّجُلِ يَتَطَوَّع فِي مَكانِهِ الذِي صلَّى فِيهِ المكْتوبَةَ

- ‌197 - باب السَّهْوِ فِي السَّجْدَتيْنِ

- ‌198 - باب إِذا صلَّى خَمْسًا

- ‌199 - باب إِذَا شَكَّ فِي الثِّنْتيْنِ والثَّلَاثِ مَنْ قَال يُلْقِي الشَّكَّ

- ‌200 - باب مَنْ قَال: يُتِمُّ عَلَى أَكْبْرِ ظَنِّهِ

- ‌201 - باب مَنْ قال: بَعْدَ التَّسلِيمِ

- ‌202 - باب مَنْ قام مِنْ ثِنْتيْنِ وَلَمْ يَتشَهَّدْ

- ‌203 - باب منْ نَسيَ أَنْ يَتَشَهَّدَ وَهُوَ جالِسٌ

- ‌204 - باب سجْدَتَي السَّهْوِ فِيهِما تشَهُّدٌ وَتسْليمٌ

- ‌205 - باب انصِرافِ النِّساءِ قَبْل الرِّجالِ مِنَ الصَّلاةِ

- ‌206 - باب كَيْفَ الانصرافُ مِنَ الصَّلاة

- ‌207 - باب صلاةِ الرَّجُل التَّطَوُّعَ في بَيْتِهِ

- ‌208 - باب مَنْ صَلَّى لِغَيْرِ القِبْلَةِ ثُمَّ علِمَ

- ‌209 - باب فَضْلِ يَوْمِ الجُمُعَةِ وَلَيْلَةِ الجُمُعَةِ

- ‌210 - باب الإِجابَةِ أَيَّةُ ساعَةٍ هي فِي يوْمِ الجُمُعةِ

- ‌211 - باب فَضْلِ الجُمُعَةِ

- ‌212 - باب التَّشْدِيد فِي ترْكِ الجُمُعَةِ

- ‌213 - باب كفّارَةِ مَنْ ترَكَها

- ‌214 - باب مَنْ تَجِبُ علَيْهِ الجُمُعَةُ

- ‌215 - باب الجُمُعَةِ فِي اليَوْمِ المَطِيرِ

- ‌216 - باب التَّخلُّفِ عنِ الجَماعةِ فِي اللَّيْلَةِ البارِدَةِ

- ‌217 - باب الجُمُعَةِ لِلْممْلُوكِ والمَرْأةِ

- ‌218 - باب الجُمُعَةِ فِي القُرَى

- ‌219 - باب إِذا وافَقَ يوْمُ الجُمُعَةِ يوْمَ عِيدٍ

- ‌220 - باب ما يُقْرَأُ في صلاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ الجُمُعَةِ

- ‌221 - باب اللُّبْسِ للجُمُعَةِ

- ‌222 - باب التَّحَلُّقِ يَوْمَ الجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلاةِ

- ‌223 - باب فِي اتِّخاذِ المِنْبَرِ

- ‌224 - باب مَوْضِعِ المِنْبَرِ

- ‌225 - باب الصَّلاةِ يَوْمَ الجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ

- ‌226 - باب فِي وَقْتِ الجُمُعَةِ

- ‌227 - باب النِّدَاءِ يَوْمَ الجُمُعَةِ

- ‌228 - باب الإِمَامِ يُكَلِّمُ الرَّجُلَ فِي خُطْبَتِهِ

- ‌229 - باب الجُلُوسِ إِذا صَعِدَ المِنْبَرَ

- ‌230 - باب الخُطْبَةِ قائِمًا

- ‌231 - باب الرَّجُلِ يَخْطُبُ علَى قَوْسٍ

- ‌232 - باب رَفْعِ اليَدَيْنِ عَلَى المِنْبَرِ

- ‌233 - باب إِقْصارِ الخُطَبِ

- ‌234 - باب الدُّنُوِّ مِنَ الإِمامِ عِنْدَ المَوْعِظَةِ

- ‌235 - باب الإِمامِ يَقْطَعُ الخُطْبَةَ لِلأَمْرِ يَحْدُثُ

- ‌236 - باب الاحْتِباءِ والإِمامُ يَخْطُبُ

- ‌237 - باب الكَلامِ والإِمامُ يَخْطُبُ

- ‌238 - باب اسْتِئْذانِ المُحْدِثِ الإِمامَ

- ‌239 - باب إِذا دَخَل الرَّجُلُ والإِمامُ يَخْطُبُ

- ‌240 - باب تَخَطِّي رِقابِ النَّاسِ يَوْمَ الجُمُعَةِ

- ‌241 - باب الرَّجُلِ يَنْعَسُ والإِمامُ يَخْطُبُ

- ‌242 - باب الإِمامِ يَتَكَلَّمُ بَعْدَما يَنْزِلُ مِنَ المِنْبَرِ

- ‌243 - باب مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الجُمُعَةِ رَكْعَةً

- ‌244 - باب ما يُقْرَأُ بِهِ فِي الجُمُعَةِ

- ‌245 - باب الرَّجُلِ يأْتَمُّ بِالإِمامِ وَبَيْنهُما جِدارٌ

- ‌246 - باب الصَّلاةِ بَعْدَ الجُمُعَةِ

- ‌247 - باب صَلاةِ العِيدَيْنِ

- ‌248 - باب وَقْتِ الخُرُوجِ إِلَى العِيدِ

- ‌249 - باب خُرُوجِ النِّساءِ فِي العِيدِ

- ‌250 - باب الخُطْبَةِ يَوْمَ العِيدِ

- ‌251 - باب يَخْطُبُ عَلَى قَوْسٍ

- ‌252 - باب تَرْكِ الأَذَانِ فِي العِيدِ

- ‌253 - باب التَّكْبِيرِ فِي العِيدَيْنِ

- ‌254 - باب ما يُقْرَأُ فِي الأَضْحَى والفِطْرِ

- ‌255 - باب الجُلُوسِ لِلْخُطْبَةِ

- ‌256 - باب يَخْرُجُ إِلى العِيدِ فِي طَرِيقٍ وَيَرْجِعُ فِي طَرِيقٍ

- ‌257 - باب إِذا لَمْ يَخْرُجِ الإِمامُ لِلْعِيدِ مِنْ يَوْمِهِ يَخْرُجُ مِنَ الغَدِ

- ‌258 - باب الصَّلاةِ بَعْدَ صَلاةِ العِيدِ

- ‌259 - باب يُصَلَّى بِالنَّاسِ العِيدُ فِي المَسْجِدِ إِذا كَانَ يَوْمَ مَطَرٍ

الفصل: ‌197 - باب السهو في السجدتين

‌197 - باب السَّهْوِ فِي السَّجْدَتيْنِ

1008 -

حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْن عُبَيْدٍ، حَدَّثَنا حَمّاد بْن زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال: صَلَّى بِنا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِحْدَى صَلَاتَي العَشِيِّ -الظُّهْرَ أَوِ العَصْرَ- قال: فَصَلَّى بِنا رَكْعَتَيْنِ ثمَّ سَلَّمَ ثُمَّ قامَ إِلَى خَشَبَةٍ فِي مُقَدَّمِ المَسْجِدِ فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْها إِحْداهُما عَلَى الأُخْرَى يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الغَضَبُ ثُمَّ خَرَجَ سَرَعانُ النّاسِ وَهُمْ يَقُولُونَ: قَصُرَتِ الصَّلاة قَصُرَتِ الصَّلاةُ، وَفِي النّاسِ أبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَهاباهُ أَنْ يُكَلِّماهُ، فَقامَ رَجُلٌ كانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُسَمِّيهِ ذا اليَدَيْنِ فَقال: يا رَسُولَ اللهِ أَنَسِيتَ أَمْ قَصُرَتِ الصَّلاةُ؟ قال: "لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تَقْصُرِ الصَّلاةُ". قال: بَلْ نَسِيتَ يا رَسُولَ اللهِ. فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى القَوْمِ، فَقال:"أَصَدَقَ ذُو اليَدَيْنِ". فَأَوْمَئُوا أَي: نَعَمْ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى مَقامِهِ فَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ الباقِيَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثمَّ رَفَعَ وَكَبَّرَ ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ وَكَبَّرَ. قال: فَقِيلَ لِمُحَمَّدٍ: سَلَّمَ فِي السَّهْوِ؟ فَقال: لَمْ أَحْفَظْهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ولكن نُبِّئْتُ أَنَّ عِمْرانَ بْنَ حُصَيْنٍ قال: ثُمَّ سَلَّمَ (1).

1009 -

حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْن مَسْلَمَةَ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ بإِسْنادِهِ -وَحَدِيثُ حَمّادٍ أَتَمُّ- قال: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، لَمْ يَقُلْ بِنا. وَلَمْ يَقُلْ: فَأَوْمَؤُوا. قال: فَقال النّاسُ: نَعَمْ. قال: ثُمَّ رَفَعَ -وَلَمْ يَقُلْ: وَكَبَّرَ- ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ ثُمَّ رَفَعَ وَتَمَّ حَدِيثُهُ لَمْ يَذْكرْ ما بَعْدَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ: فَأَوْمَؤُوا. إِلا حَمّادُ بْنُ زَيْدٍ.

قال أَبُو داوُدَ: وَكُلُّ مَنْ رَوَى هذا الحَدِيثَ لَمْ يَقلْ فَكَبَّرَ. وَلا ذَكَرَ رَجَعَ (2).

1010 -

حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا بِشْرٌ -يَعْنِي ابن المفَضَّلِ- حَدَّثَنا سَلَمَة -يَعْنِي: ابن عَلْقَمَةَ- عَنْ محَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال: صَلَّى بِنا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، بِمَعْنَى حَمّادٍ كُلِّهِ

(1) رواه البخاري (482)، ومسلم (573).

(2)

رواه البخاري (714).

ص: 316

إِلَى آخِرِ قَوْلِهِ: نُبِّئْت أَنَّ عِمْرانَ بْنَ حُصَيْنٍ قال ثُمَّ سَلَّمَ. قال: قُلْتُ: فالتَّشَهُّدُ؟ قال: لَمْ أَسْمَعْ فِي التَّشَهُّدِ، وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَتَشَهَّدَ وَلَمْ يَذْكُرْ: كانَ يُسَمِّيهِ ذا اليَدَيْنِ. وَلا ذَكَرَ فَأَوْمَئُوا. وَلا ذَكَرَ الغَضَبَ وَحَدِيثُ حَمّادٍ عَنْ أَيُّوبَ أَتَمُّ (1).

1011 -

حَدَّثَنا عَلِيُّ بْن نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ، حَدَّثَنا سُلَيْمانُ بْن حَرْبٍ، حَدَّثَنا حَمّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيّوبَ وَهِشامٍ وَيَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ وابْنِ عَوْنٍ، عَنْ محَمَّدٍ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قِصَّةِ ذِي اليَدَيْنِ أَنَّهُ كَبَّرَ وَسَجَدَ. وقال هِشامٌ يَعْنِي: ابن حَسّانَ: كَبَّرَ ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ.

قال أبُو داوُدَ: رَوَى هذا الحَدِيثَ أَيْضًا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ وَحُمَيْدٌ وَيُونُسُ وَعاصِمٌ الأحوَلُ، عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، لَمْ يَذْكرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ ما ذَكَرَ حَمّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشامٍ أَنَّهُ كَبَّرَ ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ، وَرَوَى حَمّادُ بْن سَلَمَةَ وَأَبُو بَكْرِ بْن عَيّاشٍ هذا الحَدِيثَ عَنْ هِشامٍ، لَمْ يَذْكرا عَنْهُ هذا الذِي ذَكَرَهُ حَمّادُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّهُ كَبَّرَ ثُمَّ كَبَّرَ (2).

1012 -

حَدَّثَنا محَمَّد بْنُ يَحْيَى بْنِ فارِسٍ، حَدَّثَنا مُحَمَّد بْن كَثِيرٍ، عَنِ الأوزاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ وَعُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بهذِه القِصَّةِ قال: وَلَمْ يَسْجُدْ سَجْدَتَي السَّهْوِ حَتَّى يَقَّنَهُ اللهُ ذَلِكَ (3).

1013 -

حَدَّثَنا حَجّاجُ بْنُ أبِي يَعْقوبَ، حَدَّثَنا يَعْقُوبُ -يَعْنِي: ابن إِبْراهِيمَ-

(1) رواه البخاري بإثر حديث رقم (1228).

(2)

رواه البخاري (482).

والحديث أورده الألباني في "ضعيف سنن أبي داود"(183)، وقال: هذا إسناد صحيح على شرط مسلم، لكن قوله: كبر ثم كبر. . وهم من حماد بن زيد. وأشار إلى شذوذ هذه الزيادة الحافظ في "الفتح" 3/ 120.

(3)

رواه النسائي في "الكبرى"(568).

والحديث أورده الألباني في "ضعيف سنن أبي داود"(184)، وقال: إسناده ضعيف. . . والقصة في الصحيحين دون غيرهما، دون قوله: ولم يسجد سجدتي السهو. فهي زيادة منكرة. انتهى.

ص: 317

حَدَّثَنا أَبي عَنْ صالِحٍ، عَنِ ابن شِهابٍ أَنَّ أَبا بَكْرِ بْنَ سُلَيْمانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بهذا الخَبَرِ قال: وَلَمْ يَسْجُدِ السَّجْدَتَينِ اللَّتَيْنِ تُسْجَدانِ إِذا شَكَّ حَتَّى لَقّاهُ النّاسُ. قال ابن شِهابٍ: وَأَخْبَرَنِي بهذا الخَبَرِ سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قال: وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الحارِثِ بْنِ هِشامٍ وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ. قال أَبُو داوُدَ: رَواهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَعِمْرانُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ والعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ جَمِيعًا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بهذِه القِصَّةِ وَلَمْ يَذْكُر أَنَّهُ سَجَدَ السَّجْدَتَيْنِ.

قال أَبُو داوُدَ: وَرَواهُ الزُّبَيْدِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال فِيهِ: وَلَمْ يَسْجُدْ سَجْدَتَي السَّهْوِ (1).

1014 -

حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُعاذٍ، حَدَّثَنا أَبي، حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْراهِيمَ سَمِعَ أَبا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ فَسَلَّمَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَقِيلَ لَهُ نَقَصَتِ الصَّلاةُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ (2).

1015 -

حَدَّثَنا إِسْماعِيلُ بْنُ أَسَدٍ، أَخْبَرَنا شَبابَةُ، حَدَّثَنا ابن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ صَلاةِ المكْتُوبَةِ فَقال لَهُ رَجُلٌ أَقَصُرَتِ الصَّلاةُ يا رَسُولَ اللهِ أَمْ نَسِيتَ قال:"كُلَّ ذَلِكَ لَمْ أَفْعَلْ". فَقال النّاسُ: قَدْ فَعَلْتَ ذَلِكَ يا رَسُولَ اللهِ. فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ وَلَمْ يَسْجُدْ سَجْدَتَي السَّهْوِ. قال أَبُو داوُدَ: رَواهُ داوُدُ بْنُ الحصَن عَنْ أَبِي سُفْيانَ مَوْلَى ابن أَبِي أَحْمَدَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بهذِه القِصَّةِ قال ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جالِسٌ بَعْدَ التَّسْلِيمِ (3).

(1) رواه النسائي 3/ 24، وأحمد 2/ 27، والدارمي (1505)، وابن خزيمة (1047)، وابن حبان (2685). وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(927).

(2)

رواه البخاري (715)، ومسلم (573) ولم يذكر سجدتي السهو.

(3)

رواه علي بن الجعد في "مسنده"(2851) من طريق أبي ذئب بنحوه، وفي روايته: =

ص: 318

1016 -

حَدَّثَنا هارُون بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنا هاشِمُ بْنُ القاسِمِ، حَدَّثَنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمّارٍ، عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ جَوْسٍ الهِفّانِيِّ، حَدَّثَنِي أبُو هُرَيرَةَ بهذا الخَبَرِ قال: ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَي السَّهْوِ بَعْدَ ما سَلَّمَ (1).

1017 -

حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ محَمَّدِ بْنِ ثابِتٍ، حَدَّثَنا أبُو أُسامَةَ ح، وحَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْن العَلاءِ، أَخْبَرَنا أبُو أُسامَةَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ عَنْ نافِعٍ، عَنِ ابن عُمَرَ قال: صَلَّى بِنا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فسَلَّمَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ. فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ ابن سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال: ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَي السَّهْوِ (2).

1018 -

حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا يَزِيدُ بْن زُرَيْعٍ ح، وحَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا مَسْلَمَةُ بْنُ محَمَّدٍ قال: حَدَّثَنا خالِدٌ الحذّاءُ، حَدَّثَنا أَبُو قِلابَةَ، عَنْ أَبِي المهَلَّبِ، عَنْ عِمْرانَ بْنِ حُصَيْنٍ قال: سَلَّمَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلاثِ رَكَعاتٍ مِنَ العَصْرِ ثُمَّ دَخَلَ -قال: عَنْ مَسْلَمَةَ: الحُجَرَ فَقامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ يُقال لَهُ: الخِرْباقُ، كانَ طَوِيلَ اليَدَيْنِ، فَقال لَهُ: أَقَصُرَتِ الصَّلاةُ يا رَسُولَ اللهِ، فَخَرَجَ مُغْضَبًا يَجُرُّ رِداءَهُ فَقال:"أَصَدَقَ". قالوا: نَعَمْ. فَصَلَّى تِلْكَ الرَّكْعَةَ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْها ثمَّ سَلَّمَ (3).

= أن السائل هو ذو الشمالين، وأن قوله:"ولم يسجد سجدتي السهو" مدرجة من رواية ابن أبي ذئب، عن الزهري.

وقال الألباني في "ضعيف أبي داود"(186): إسناده صحيح، لكن قوله: ولم يسجد سجدتي السهو. . وهم من بعض رواته؛ لمخالفته ما ثبت عن أبي هريرة.

(1)

رواه النسائي 3/ 66، وأحمد 2/ 323، وابن حبان (2687).

وقال الألباني في "صحيح سنن أبي داود"(931): حسن صحيح.

(2)

رواه ابن ماجه (1213)، وأحمد 2/ 37، وابن خزيمة (1034)، والبيهقي 2/ 359. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (932).

(3)

رواه مسلم (574).

ص: 319

باب السَّهْوِ فِي السَّجْدَتَيْنِ

[1008]

(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ) بن حساب الغبري البصري (حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَدٍ) بن سيرين (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَال: صَلَّى بِنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِحْدَى صَلَاتي (1) العَشِيِّ) بفتح العين المهملة وكسر الشين المعجمة وتشديد الياء أصله من العشاء وهي الظلمة، ومنه قولهم: عشا البصر إذا أظلم، وقد اختلف في (2) تحديد وقت العشي، فالذي اختاره الأزهري أنه من زوال الشمس إلى غروبها فيقال لما بين ذلك عشي فإذا غابت الشمس فهو العشاء (3).

وقال ابن سيده في "المُحْكَم": العشي والعشية آخر النهار يقال: جئت عشيةً منونًا. وعن سيبويه ترك التنوين، وأتيته العشية ليومك، وأتيته عشي غد بغير هاء إذا كان للمستقبل (4). وفي "الصحاح": العشي والعشية من صلاة المغرب إلى العتمة (5).

وفي "النهاية": ما بين الزوال إلى المغرب عشي، وقيل: العشي من زوال الشمس إلى الصباح (6).

قال الشيخ صلاح الدين العلائي في "نظم الفرائد فيما تضمنه حديث

(1) في (م): صلاة.

(2)

زاد في (ص، س، ل): وقت.

(3)

"تهذيب اللغة" 3/ 58.

(4)

"المحكم والمحيط الأعظم" مادة: عشو.

(5)

"الصحاح في اللغة"(عشا).

(6)

"النهاية في غريب الحديث والأثر"(عشا).

ص: 320

ذي اليدين من الفوائد": كأن هذا القول هو الأقوى، وبه يحصل الجمع بين هذِه الأقوال كلها، فيقال لما بعد غروب الشمس: عشي أيضًا كما قال الجوهري لكنه لا يختص أوله بذلك بل يكون ابتداؤه من زوال الشمس كما حكاه الأزهري عن العرب، واحتج لذلك بهذا الحديث وأما قول ابن سيده: إن العشي آخر النهار، وكان هذا أصل ما وضع اللفظ له، لكنه توسع فيه حتى أطلق على ما بعد الزوال لقربه منه.

(الظهر أو العصر) شك من الراوي أبي هريرة وطرأ الشك في تعيينها أيضًا على ابن سيرين، وسيأتي في حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر فسلم في الركعتين (1). ففي هذا تعيين الصلاة أنها الظهر من غير شك، لكن في رواية أخرى لمسلم: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر فسلم في الركعتين (2).

قال النووي: قال المحققون: هما قضيتان (3).

قال العلائي: جعل النووي حديث أبي هريرة واقعتين، كان السهو في إحداهما في صلاة الظهر، وفي أخرى في صلاة العصر، وجمع بذلك بين الروايات المختلفة في تعيين الصلاة المسهو فيها، ثم قال: وفي ذلك نظر بل الظاهر الذي يقتضيه كلام ابن عبد البر والقاضي عياض وغيرهما أن حديث أبي هريرة قضية واحدة، لكن اختلفت رواتها فمنهم من تردد في تعيين الصلاة هل هي الظهر أو العصر،

(1) سيأتي قريبًا في هذا الباب برقم (1014).

(2)

"صحيح مسلم"(573)(99).

(3)

"شرح النووي على مسلم" 5/ 69.

ص: 321

ومنهم من جزم بإحداهما، وبعضهم قال: إحدى صلاتي العشي، وبعضهم قال: يغلب على ظني أنها الظهر، وبعضهم جزم بالعصر، قال: والظاهر أن هذا من تصرف الرواة.

ولو استلزم مثل هذا التعدد لقلنا بتعدد وقائع كثيرة جدًّا لاختلاف الألفاظ فيها كما (1) في قصة عقد عائشة، ونزول آية التيمم (2)؛ لأن بعض الرواة قال: صلوا بغير وضوء. وبعضهم ذكر أنهم لم يصلوا، وبعضهم عين موضعًا كانت القصة فيه، وغيره عين غير ذلك الموضع وقال بعضهم: كان العقد لعائشة. وقال غيره: كان العقد لأسماء استعارته منها عائشة والكل صحيح.

وذكروا فيه نزول آية التيمم فيلزم من هذا أن آية التيمم نزلت غير ما مرة ثم قال: بل الحق أن مثل هذا الاختلاف لا يضر الحديث؛ لأنه في غير موضع الدلالة، والمقصود منه نزول آية التيمم وهم لم يختلفوا في ذلك ومتى أمكن الجمع بين الروايات فالأصل عدم التعدد، وهنا يمكن أن تكون القصة (3) وقعت مرتين كما قال النووي، لكن الظاهر خلافه.

(قال: فصلى بنا (4) ركعتين) ساهيًا (ثم سلم ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد) ولمسلم عن ابن عيينة: ثم أتى جذعًا في ناحية (5) المسجد

(1) من (م).

(2)

رواه البخاري (334)، ومسلم (367).

(3)

في (ص، س، ل): القضية.

(4)

من (س، ل، م).

(5)

كذا في الأصول الخطية. ولفظ مسلم: قبلة.

ص: 322

فاستند إليها (1) فالجذع الغصن الكبير من الشجرة الذي له قوة واستمساك يقرب من الخشبة، ولا يقال له جذع حتى يكون لها ساق غيره، كذلك قال الأزهري (2) وغيره (3).

(فوضع يده عليها إحداهما على الأخرى) أي: وضع يده اليمنى على اليسرى كما للبخاري في باب تشبيك الأصابع في المسجد (4). قال ابن أبي جمرة: فيه دليل على جواز وضع اليدين بعضها على بعض (5). انتهى.

وفيه إكرام اليد اليمنى وتفضلها على اليسرى؛ لأنه جعلها عليا (6) واليسرى السفلى.

(فعرف في وجهه الغضب) يؤخذ منه كثرة اهتمام الصحابة بجميع أحوال النبي صلى الله عليه وسلم ولولا كثرة اشتغالهم به لما كانوا ينظرون إلى مثل هذا وغيره، وفيه دليل (7) على (8) معرف الأشياء بالقرائن وأنها تفيد المعرفة؛ لأنهم رأوا صفة تشبه الغضب، وقد لا يكون في الحقيقة غضبان، بل يكون مشتغل الفكر بشيء آخر.

(ثم خرج سرعان) قال القاضي عياض: رويناه بفتح السين والراء من

(1)"صحيح مسلم"(573)(97).

(2)

قال الأزهري: الجذع: جذع النخلة، ولا يتبين لها جذع حتى يتبين لها ساق. انظر:"تهذيب اللغة" مادة: جذع.

(3)

من (ل، م).

(4)

"صحيح البخاري"(482).

(5)

"بهجة النفوس" 1/ 195.

(6)

في (ص): عليها.

(7)

سقط من (س، ل، م).

(8)

بياض في (ص).

ص: 323

متقني (1) شيوخنا وهو قول الكسائي، وقال غيره: بسكون الراء (2).

قال ابن الأثير: وهم أوائل الناس الذين يتسارعون إلى الشيء ويقبلون عليه بسرعة (3)

قال الخطابي: ويقال لهم أيضًا سِرعان بكسر السين وإسكان الراء جمع سريع كقولهم: رعيل ورعلان، هكذا ذكره في "معالم السنن"(4) ولم يتعقبه، والرعيل الجماعة من الخيل.

وحكى القرطبي وغيره أن الخطابي ضعف هذِه الرواية، وقال: هو خطأ (5). وكان هذا في غير (6)"معالم السنن".

قال عياض: ورويناه من طريق الأصيلي بضم السين وإسكان الراء جمع سريع، كقفيز وقفزان، وكثيب وكثبان (7). فتحصل من هذا كله أربع لغات، والذي قاله جمهور أهل اللغة: فتح السين والراء معًا (8).

لكن فرق المبرد بما إذا كان السرعان من الناس قيل: بفتح الراء وسكونها، وإن كان من غيرهم فالفتح أفصح، و [يجوز بالإسكان](9).

(1) بياض في (ص).

(2)

"إكمال المعلم" 2/ 361.

(3)

"النهاية في غريب الحديث"(سرع).

(4)

1/ 202.

(5)

"المفهم" 2/ 188.

(6)

من (ل، م).

(7)

"إكمال المعلم" 2/ 519.

(8)

انظر: "مشارق الأنوار" 2/ 213، و"النهاية في غريب الحديث والأثر" 2/ 361.

(9)

في (ص): يكون الإسكان.

ص: 324

(وهم يقولون: قصرت الصلاة) فيه لغتان: ضم القاف وكسر الصاد على البناء لما لم يسم فاعله، قال النووي: وهي المشهورة (1). والثانية: فتح القاف وضم الصاد، والفعل لازم ومتعدٍّ، فاللازم مضموم الصاد؛ لأنه من الأمور الخلقية كحسن وقبح، والمتعدي يفتح ومنه قصر الصلاة وقصرها بالتخفيف والتشديد وأقصرها على السواء حكاهن الأزهري (2)، ولا يقال أن قصر إذا كان مخففًا لا يتعدى إلا بحرف الجر كقوله تعالى:{أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} (3) لأنا نقول تعديه بنفسه ثابت منقول عن الجوهري وغيره (4)، فأما "من" في الآية عند الأخفش زائدة وأما سيبويه ومن لا يرى زيادتها في الموجب فهي صفة لمحذوف تقديره شيئًا من الصلاة (5)، ومعاني هذِه اللفظة ترجع إلى الاختصار والكف، ومنه قوله تعالى:{فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} (6).

(وفي الناس أبو بكر وعمر) فيه فضيلة ظاهرة لهما؛ إذ لم يذكر ممن كان حاضرًا غيرهم.

(فهاباه أن يكلماه) قوله: أن يكلماه. في موضع نصب على البدل من الهاء في هاباه بدل الظاهر من المضمر، وهو بدل الاشتمال (7)؛ لأن أن

(1)"شرح النووي على مسلم" 5/ 68.

(2)

"تهذيب اللغة" مادة: قصر.

(3)

النساء: 101.

(4)

من (س، ل، م).

(5)

انظر: "التبيان في غريب القرآن" للعكبري 1/ 294 - 295.

(6)

الرحمن: 56.

(7)

في (ص، س): اشتمال.

ص: 325

والفعل يتأولان بالمصدر فكأنه قال: فهاباه تكليمه [والمعنى هابا تكليمه](1)، لأن البدل هو المقصود بالنسبة في الحكم، ومثله قوله تعالى:{وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} (2) فأن أذكره بمعنى ذكره وهو بدل من الهاء في أنسانيه العائد إلى الحوت، وتقدير الكلام: وما أنساني (3) ذكره إلا الشيطان، وقوله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} (4)[أن قتال فيه](5) بدل من الشهر الحرام بدل اشتمال. قال السهيلي: في هذا دليل على أن ما وقع به الفعل أو فيه فإنه مشتمل عليه كما يشتمل الفاعل على المفعول (6) الذي هو حركة له أو صفة فيه. ومنه قول عمر لابنته حفصة (7): لا يغرنك هذِه التي أعجبها حسنها حب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها (8)(9). فحب بدل من هذِه وإن لم يكن فعلًا لها [ولكنه واقع بها كما أن القتال بدل من الشهر وإن لم يكن فعلًا له](10) وإنما هو واقع فيه (11). قال العلائي: وحاصل كلام

(1) من (م).

(2)

الكهف: 63.

(3)

في (ص، س): أنسانيه.

(4)

البقرة: 217.

(5)

من (س، ل، م).

(6)

في (س، ل، م): الفعل.

(7)

من (م).

(8)

سقط من (م).

(9)

أخرجه البخاري (4913)، ومسلم (1479/ 31) من حديث ابن عباس.

(10)

من (س، ل، م).

(11)

"نتائج الفكر في النحو" 1/ 243.

ص: 326

النحاة أنه لا بد في بدل الاشتمال من (1) أن يكون [الحكم المستند](2) إلى الأول متضمنًا لمعنى الثاني وزيادة، فلهذا قيل له بدل اشتمال والذي عليه الاعتماد هو الاسم الثاني، وإنما ذكر الأول توطئة لبيان الثاني، ويظهر ذلك (3) بقوله في هذا الحديث:(فهاباه أن يكلماه) فإن الهيبة لما كانت تشتمل على معاني كثيرة تتعلق بها كالتكليم والنظر إليه والوقوف بين يديه وغير ذلك، كان قوله:(أن يكلماه) مبينًا (4) لما تعلقت به الهيبة في هذا المقام، وأتى بالضمير المبدل منه للتوطئة (فقام رجل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسميه ذا اليدين) وللناس خلاف فيما يتعلق بذي اليدين في موضعين: أحدهما (5): أنه ذو الشمالين. أو غيره، والثاني: أن ذا اليدين هو الخرباق المذكور في حديث عمران بن الحصين (6)، أم هما اثنان، أما الأول فجمهور العلماء على (7) أن ذا اليدين المذكور في حديث السهو هذا من رواية أبي هريرة غير ذي الشمالين.

قال العلائي (8): وهذا هو الصحيح الراجح إن شاء الله تعالى، والحجة كذلك ما ثبت من طرق كثيرة أن أبا هريرة كان حاضرًا هذِه

(1) في (ص): لا بد.

(2)

في (ص، س، ل): المسند.

(3)

سقط من (م).

(4)

في (ص، س): منشأ.

(5)

زاد في (م): في.

(6)

رواه مسلم (574).

(7)

من (س، ل، م).

(8)

في (ص): العلاء.

ص: 327

القصة يومئذٍ مع النبي صلى الله عليه وسلم، كذلك رواه حماد بن زيد وسفيان بن عيينة، عن أيوب السختياني، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي. هكذا أخرجه مسلم (1) وأبو داود (2) من حديث حماد بن زيد، وابن الجارود في "المنتقى"(3).

وروى مالك في "الموطأ" عن مولى ابن أبي أحمد قال: سمعت أبا هريرة يقول: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر فسلم في (4) ركعتين، فقام ذو اليدين (5)، وأخرجه البخاري في "صحيحه" عن أبي سلمة، عن أبي هريرة:"صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر أو العصر فسلم فقال له ذو اليدين"(6). فهذِه الأحاديث تدل على أن أبا هريرة كان حاضرًا هذِه القصة، ولا خلاف بين أهل السير أن ذا الشمالين استشهد ببدر سنة اثنتين (7).

قال أبو بكر الأثرم: سمعت مسدد بن مسرهد يقول: الذي قتل ببدر إنما هو ذو الشمالين بن عبد عمرو حليف لبني زهرة، وذو اليدين رجل من العرب كان بالبادية فيجيء فيصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم.

(1)"صحيح مسلم"(573/ 97).

(2)

سيأتي برقم (1010).

(3)

"المنتقى"(243).

(4)

في (ص): من.

(5)

"الموطأ" 1/ 94 (59).

(6)

"صحيح البخاري"(1227).

(7)

انظر: "المغازي" للواقدي 1/ 145.

ص: 328

قال ابن عبد البر: قول مسدد هذا قول أئمة الحديث والسير (1).

وفي كلام البيهقي ما يشعر بأن الحاكم أبا عبد الله صحح الحديث من رواية ذي اليدين (2) واحتج به وقال (3) الترمذي في "جامعه" بعد سياقه: وفي الباب عن ابن عمر ومعاوية وذي اليدين (4).

قال ابن عبد البر: قيل: إن ذا اليدين عمر إلى خلافة معاوية وأنه توفي بذي خشب، وأما رواية الزهري الحديث [وتسميته إياه](5) ذو الشمالين فقد غلط الزهري في ذلك، ولا يمكن الجمع بين حضور أبي هريرة لهذِه القصة (6) وبين (7) كونها كانت قبل بدر وأن الذي أدرك النبي صلى الله عليه وسلم يسمونه ذو الشمالين الذي قتل ببدر؛ لأن إسلام أبي هريرة كان بعد بدر بخمس سنين ونحوها (8). واختار القاضي عياض في "الإكمال"(9) بأنهما واقعتان إحداهما كانت قبل بدر والمتكلم فيها ذو الشمالين، ولم يشهدها أبو هريرة، بل أرسل روايتها، والثانية كانت بعد إسلامه وحضرها أبو هريرة والمتكلم فيها ذو اليدين.

والثاني: أن ذا اليدين هل هو الخرباق المتكلم في حديث عمران بن

(1)"الاستذكار" 4/ 340.

(2)

زاد في (ص): بينه.

(3)

من (م).

(4)

"سنن الترمذي" عقب حديث (399) وعنده: عمران بن حصين بدلًا من معاوية.

(5)

في (ص، س): التسمية بأباه. وفي (ل): التسمية إياه.

(6)

في (م): القضية.

(7)

من (س، ل، م).

(8)

"الاستذكار" 4/ 341.

(9)

2/ 516.

ص: 329

حصين أو غيره؟ فالذي اختاره عياض (1) وابن الأثير (2) والنووي (3) في غير موضع أنهما واحد، وأما ابن حبان فإنه جعلهما اثنين فقال في "معجم الصحابة": الخرباق صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث (4) سها وهو غير ذي اليدين (5). وقال ابن عبد البر: يحتمل ويحتمل (6). وقال ابن الجوزي في "الألقاب" قولان: أحدهما: عمير بن عبد عمرو بن نضلة السلمي (7) ذكره الأكثرون، والثاني: خرباق (8). ذكره أبو بكر الخطيب (9).

قال العلائي: وعمير (10) بن عبد عمرو بن نضلة هو ذو الشمالين لا ذو اليدين، وابن الجوزي وهم في هذِه التسمية (فقال: يا رسول الله، أنسيت؟ ) قال الراغب: النسيان ترك (11) ضبط ما استودع إما عن غفلة وإما عن ضعف قلبه، وإما عن قصد حتى ينحذف عن قلبه ذكره، وكل نسيان من الإنسان ذمه الله تعالى فهو ما كان أصله عن تعمد (12) وما

(1) انظر: "إكمال المعلم" 2/ 515.

(2)

"أسد الغابة" 2/ 179.

(3)

"شرح مسلم" 5/ 68.

(4)

في (ص): حين.

(5)

"الثقات" لابن حبان 3/ 114.

(6)

انظر: "التمهيد" 1/ 362 - 363، و"الاستذكار" 4/ 339 - 341.

(7)

في "كشف النقاب": السهمي.

(8)

انظر: "مرعاة المفاتيح" 3/ 413.

(9)

"الأسماء المبهمة"(38).

(10)

في (ص): عير.

(11)

ليست بالأصول الخطية. والسياق يقتضيها.

(12)

"المفردات في غريب القرآن" ص 803.

ص: 330

عذر فيه كقوله: "رفع القلم عن الناسي"(1) فهو ما لم يكن تسببه منه.

وقد حكى عياض أن بعضهم فرق بين السهو والنسيان، فإن السهو جائز على الأنبياء في الصلاة بخلاف النسيان؛ لأن النسيان غفلة وآفة والسهو إنما هو شغل فكان النبي صلى الله عليه وسلم يسهو في الصلاة ولا يغفل فيها، وكان يشغله، عن حركات الصلاة ما في الصلاة شغلًا بها لا غفلة عنها (2) (3). قال العلائي: وهذا القول ضعيف من جهة الحديث ومن جهة اللغة، أما من جهة الحديث فلما في الصحيحين من قوله صلى الله عليه وسلم:"إنما أنا بشر أنسى كما تنسون"(4). وأما من جهة اللغة فقال الأزهري: السهو الغفلة، عن الشيء [وذهاب القلب عنه (5).

وقال في "المُحْكم": السهو نسيان الشيء والغفلة عنه وذهاب القلب إلى غيره (6)] (7) وكلامهم يدل على أن السهو: والنسيان واحد، وقال ابن الأثير في "النهاية": السهو في الشيء تركه من غير علم، والسهو عنه تركه مع علم (8). وهذا فرق حسن دقيق وبه يظهر الفرق بين السهو في الصلاة الذي وقع من النبي صلى الله عليه وسلم غير مرة، والسهو عن الصلاة الذي ذم الله فاعله

(1) لم أقف عليه بهذا اللفظ، وإنما وقفت عليه بلفظ:"إن الله تجاوز عن أمتي ثلاثة: الخطأ، والنسيان، وما أكرهوا عليه" رواه الطبراني 2/ 97 (1430).

(2)

"إكمال المعلم" 2/ 518.

(3)

في (م): بعد.

(4)

أخرجه البخاري (401)، ومسلم (572/ 89) من حديث عبد الله بن مسعود.

(5)

"تهذيب اللغة"(سهو).

(6)

"المحكم والمحيط الأعظم"(سهو).

(7)

من (م).

(8)

"النهاية في غريب الحديث والأثر"(سها).

ص: 331

(أم قصرت) بالروايتين المتقدمتين.

(قال: لم أنس ولم تقصر الصلاة)(1) فنفى الأمرين، وهذِه رواية البخاري دون مسلم (2)، وفيه تأويلان: أحدهما: لم يكن المجموع، والثاني: وهو الصواب لم يكن ذا ولا ذا في ظني، بل في ظني أني أكملت الصلاة أربعًا. قال الكرماني: لم أنس ولم تقصر يتضمن أمرين: أحدهما: حكم في الدين، وهو لفظ لم تقصر عصمه الله من الغلط فيه (3) لئلا يعرض في أمر الدين إشكال، والآخر: حكاية عن نفسه، وقد جرى الخطأ فيه إذ كان صلى الله عليه وسلم غير معصوم عما يدفع (4) إليه البشر من الخطأ والنسيان والأمر موضوع عن الناسي (5)، وتلافي الأمر في المنسي سهل غير متعذر (6).

(قال: بل نسيت (7) يا رسول الله) كذا لابن حبان (8)، وفي رواية: بلى نسيت (9). فيه مواجهة الإمام بما يصدر عنه من النسيان ولا يستحيا منه ولا يراعى في شيء من ذلك.

(1) من (س، ل، م).

(2)

"صحيح البخاري"(482).

(3)

من (س، ل، م).

(4)

في (ص): يرفع.

(5)

في (م): الناسي.

(6)

"شرح البخاري" للكرماني 4/ 143.

(7)

في (ص): بلى.

(8)

"صحيح ابن حبان"(2675). ولفظه كما بالنسخة المطبوعة: بل نسيت.

(9)

رواها البزار 17/ 190 (9824)، والبيهقي 2/ 346.

ص: 332

(فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على القوم فقال: أصدق ذو اليدين؟ ) فيه دليل على طلب البينة فيما لا يعرف، وإن كان القائل صادقًا.

(فأومؤوا [أي نعم])(1) أي: أشاروا. وفيه دليل على أن مَنْ روى: قالوا نعم. إنما هو على المجاز والتوسعة في الكلام، كما يقول الرجل: قلت بيدي وقلت برأسي. قال العلائي: وهذا الجمع إنما يتقوى إذا كان الاختلاف واقعًا من صحابيين فيكون أحدهما سمع الإجابة باللفظ، والآخر رأى الذين أومؤوا، ولم يسمع المجيب باللفظ، وهذا الحديث بهذِه الألفاظ مداره على أبي هريرة، والظاهر أن القصة واحدة كما تقدم ولكن الرواة تصرفوا في أدائه، فبعضهم رواه بالمعنى على نحو ما سمع، فيتعين حينئذٍ إما الجمع بينهما بوجه ما (2) وإما الترجيح بأمر آخر، قال (3): وهذا يتعلق بقاعدة شريفة عظيمة الجدوى في علم الحديث وهي الاختلاف الواقع بالظنون بحسب الطرق ورد بعضها إلى بعض، إما بتقييد الإطلاق، وإما بتفسير المبهم ونحو ذلك أو (4) الترجيح حين (5) لا يمكن الجمع أو اعتقاد كونها وقائع متعددة ولم أجد إلى الآن أحدًا من الأئمة المتقدمين يشفي النفس في هذا الموضع بكلام جامع يرجع إليه، بل إنما يوجد عنهم (6) كلمات متفرقة، وللبحث فيها مجال طويل، فنقول -وبالله

(1) من (م).

(2)

من (ل، م).

(3)

من (ل، م).

(4)

في (ص، س، ل): إذ.

(5)

في (ل، م): حيث.

(6)

في (ص، س): عند.

ص: 333

التوفيق- كما سيأتي في حديث معاوية.

(فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مقامه الذي صلى فيه) وهذا محمول على أنه بالقرب منه، وأراد (1) أن يعلم من في المسجد أنه رجوع منه إلى الصلاة التي قام عنها لا أنها صلاة غيرها؛ إذ لو كانت غيرها لصلاها في غيره، ويحتمل غير ذلك والله أعلم. ونظير رجوعه هنا ما رواه الشافعي في القديم وسيأتي بعد هذا عن معاوية بن حديج: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يومًا فانصرف وقد بقي من الصلاة ركعة، فأدركه رجل، فقال: نسيت من الصلاة ركعة. فرجع فدخل المسجد، فأمر بلالًا فأقام الصلاة، فصلى بالناس ركعة (2). كما سيأتي.

(فصلى) جاء بفاء التعقيب ليدل على أن من سها فتذكر أنه يجب عليه العود إلى الصلاة عقيب التذكر بلا مهلة، بل على الفور، ولا يجوز. . (3).

(الركعتين الباقيتين) يدل على أن من سلم ساهيًا وقد بقي عليه شيء من صلاته ركعة أو ركعتين أو أكثر فإنه يأتي بما بقي عليه من صلاته، وهذا مما لا خلاف فيه.

(ثم سلم) ليست ثُمَّ هنا على بابها للمهلة، بدليل رواية مسلم: وسلم (4). بالواو التي لمطلق الجمع، وهذا الحديث حجة على أن سجود السهو بعد السلام.

(1) في (ص): هذا.

(2)

انظر: "معرفة السنن والآثار"(1165)، وسيأتي قريبًا برقم (1023).

(3)

بياض في (ص، س، ل، م).

(4)

"صحيح مسلم"(573)(97) من حديث ابن عمر.

ص: 334

قال العلائي: وجميع طرقه ورواياته لم تختلف في شيء منها أن السجود بعد السلام، والشافعية على المشهور عندهم رأوا أن أحاديث أبي سعيد في قوله:"فإن كان (1) صلى خمسًا شفعن له صلاته، وإن كان صلى تمامًا لأربع كانت السجدتان ترغيمًا للشيطان"، وقال في كل منهما:"ثم يسجد قبل أن يسلم"(2) أولى بالأخذ من أحاديث ذي اليدين؛ لأن دلالة حديث أبي سعيد قولية (3) ولا تحتمل التأويل، ودلالة حديث ذي اليدين فعلية يحتمل أنه كان عن سهو منه صلى الله عليه وسلم، أعني تأخير السجود إلى ما بعد السلام، ولأن حديث أبي سعيد يحتمل القسمين الزيادة والنقص، وعلى كلا التقديرين قالوا: حديث أبي سعيد أولى من حديث ابن مسعود (4) من جهة اتفاق الرواة في الأول على التصريح بالأمر بالسجود قبل السلام وسكوت كثير من الرواة عن التصريح بكون السجود بعد السلام في حديث ابن مسعود، ومن جهة أن أبا سعيد الخدري من أحداث الصحابة، فتشعر روايته بالتأخير، بخلاف ابن مسعود فإنه متقدم الإسلام، وأما اعتراض بعض المالكية على حديث أبي سعيد بالإرسال فيه، فإن هذا الاعتراض ضعيف؛ لأن الحديث صحيح متصل لا ريب فيه.

وقد تأول بعض أصحابنا حديث (5) ذي اليدين على أن المراد بالسلام

(1) من (ل، م).

(2)

أخرجه مسلم (571).

(3)

في (ص): قوية. وفي (س): قوله.

(4)

رواه البخاري (401)، ومسلم (572).

(5)

في (س، ل، م): أحاديث.

ص: 335

الذي وقع السجود بعده هو السلام على النبي صلى الله عليه وسلم الذي في التشهد، وأشار الشافعي في القديم إلى شيء آخر فقال: أنا مطرف بن مازن، عن معمر، عن الزهري، قال: سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سجدتي السهو قبل السلام وبعده، وآخر الأمرين قبل السلام (1) فاعتمد كثير من الأصحاب هذا، وقالوا (2): السجود بعد (3) السلام منسوخ. وسلك بعض (4) الأصحاب في هذِه الأحاديث مسلكًا آخر وهو الترجيح، فجعله من جانب من قال أنه قبل السلام على الإطلاق لكثرة الرواة، والأظهر الترجيح بكثرة الرواة لما تتضمن كثرتهم من قوة الظن المرجحة.

(ثم كبر وسجد) أشار القرطبي (5) إلى ترجيح القول باشتراط تكبيرة الإحرام إذا كان بعد السلام، قال: لأن قول مالك لم يختلف في وجوب السلام، وما يتحلل منه بسلام [لا بد له من تكبيرة الإحرام كسائر الصلوات. ومذهب أبي حنيفة وأصحابه (6) أن يتشهد بعد سجدتي السهو ثم يسلم و](7) لا يحتاج عندهم إلى تكبيرة الإحرام (8)، لأنه لم يخرج بالسلام الذي قبل سجود السهو من الصلاة أصلًا، هذا قول

(1)"معرفة السنن والآثار" 2/ 171.

(2)

في (م): قال.

(3)

في (ص، س، ل): قبل.

(4)

من (ل، م).

(5)

"المفهم" 2/ 182.

(6)

"المبسوط" للسرخسي 1/ 383 - 384.

(7)

من (م).

(8)

سقط من (م).

ص: 336

محمد بن الحسن حتى قال: يجوز للمقتدي أن يأتم به ابتداء بعدما سلم، ويكون كالمسبوق.

واشترط القرطبي في اشتراط تكبيرة الإحرام على ما تكرر في روايات حديث ذي اليدين في الصحيح من قول أبي هريرة: فصلى ركعتين ثم كبر ثم سجد ثم كبر ورفع ثم كبر وسجد ثم كبر ورفع، قال: فعطف السجود على التكبيرة الأولى بـ "ثُمَّ" التي تقتضي التراخي ولو كان التكبير للسجود لكان معه ومصاحبًا له (1)، ولأتى الراوي بالواو المقتضية للجمع كما فعل في بقية انتقالات السجود، وهذا الاستدلال ليس بالظاهر القوي بل هو محتمل أو قريب من الظهور مع احتمال خلافه. قال العلائي: وأقوى ما يحتج به لذلك ما ثبت، عن النبي صلى الله عليه وسلم من التسليم بعد سجود السهو الذي فعله بعد السلام كما ثبت من حديث عمران بن حصين عند مسلم (2) والقاعدة تقتضي أن السلام لا يتحلل به إلا من عقد قلبه بتحرم فهذا إذا انضم إلى ما قاله القرطبي أفاد نحوه (3) في تكبيرة الإحرام، ولكن هذا إذا قلنا بأنه ليس في الصلاة، أما إذا جعلناه عائدًا إليها [كان الصحيح](4) عند أكثر الأصحاب فيما إذا سلم ناسيًا أن عليه [سجود سهو كمذهب أبي حنيفة (5) في أن السلام الأول لم يخرج به من

(1)"المفهم" 2/ 183.

(2)

"صحيح مسلم"(475)(101).

(3)

في (م): قوة.

(4)

في (س، ل، م): كالصحيح.

(5)

"المبسوط" للسرخسي 1/ 388.

ص: 337

الصلاة إذا كان عليه] (1) سجود سهو، فلا معنى هنا لتكبيرة تحريم (2) كما تقدم (مثل سجوده) قال الجوهري (3): مثل كلمة تسوية يقال: هذا مثله ومثل مثله شِبْهُهُ وشبيهه (4) وكذا قال الأزهري وابن سيده (5) وغيرهم، إلا أن الراغب زاده كلامًا حسنًا فقال (6): المثل عبارة عن المشابهة لغيره في معنى من المعاني أي: معنى كان وهو أعم الألفاظ الموضوعة للمشابهة، وذلك أن الند (7) يقال لما يشارك في الجوهر فقط، والشبه فيما يشاركه في الكيفية فقط، والمساوي يقال فيما يشاركه في الكمية فقط، والمثل عام في جميع ذلك، ولذلك لما أراد الله تعالى نفي الشبه عنه من كل وجه قال:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ} (8) وأما نحو هذا فهي (9) لا تعطي هذا المعنى بل تقتضي المشابهة مع التقريب (أو أطول) منه (ثم رفع) رأسه (وكبر) للرفع منه (10)(ثم كبر) للسجدة الثانية من سجدتي السهو (وسجد) الثانية (مثل سجوده) المعهود (أو أطول) منه (ثم رفع) منها (وكبر) للرفع من السجدة الثانية.

(1) من (ل، م).

(2)

في (ص): التحرم. وفي (س): تحرم.

(3)

"الصحاح في اللغة"(مثل).

(4)

في (س، ل، م)، و"الصحاح": شَبَهُه.

(5)

انظر: "تهذيب اللغة" مادة: (مثل)، "المحكم" مقلوب مادة:(شبه).

(6)

"المفردات في غريب القرآن"(مثل).

(7)

في (م): اليد.

(8)

الشورى: 11.

(9)

من (ل، م).

(10)

من (ل، م).

ص: 338

(قال) المصنف (فقيل لمحمد) بن سيرين أحد الرواة (أسلَّم في السهو؟ فقال: لم أحفظه من رواية أبي هريرة ولكن نبئت) بضم النون للمجهول، أي: أخبرت (أن عمران بن حصين، قال) في روايته (ثم سلَّم) وقد استشهد الأصحاب بحديث عمران بن حصين بأن الأصح باتفاقهم أنه لا بد من السلام سواء قلنا أنه يتشهد أو لا، والأصح في التشهد أيضًا أنه لا يتشهد؛ لأنه لم يذكر في حديث عمران.

[1009]

(حدثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي (عن مالك (1)، عن أيوب، عن محمد) بن سيرين (بإسناده) المذكور (وحديث حماد) بن زيد (أتم) منه، و (قال) فيه: ثم (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم يقل: بِنَا) ولم يقل: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(ولم يقل: فأومؤوا) بل (قال) في روايته (قال الناس نعم).

و(قال: ثم رفع) رأسه (ولم يقل: وكبر ثم كبر و (2) سجد مثل سجوده أو أطول. وتم حديثه) هنا (ولم يذكر ما بعده من قوله: ثم رفع وكبر وما بعده ولم يذكر) عن ذي اليدين.

(فأوموؤا إلا حماد بن زيد) وقد رواه مسلم (3) عن حماد بن زيد لكنه لم يذكر سياقه، بل أحاله على حديث سفيان بن عيينة وقال بمعناه.

[1010]

(حدثنا مسدد، حدثنا بشر بن المفضل، حدثنا سلمة بن (4)

(1)"الموطأ"(210).

(2)

في (م): ثم.

(3)

"صحيح مسلم"(573)(98).

(4)

في (م): عن.

ص: 339

علقمة) التميمي أبو (1) بشر البصري، من ولد عامر بن عبيد (2)، أخرج له الشيخان وغيرهما سوى الترمذي (عن محمد) بن سيرين (عن أبي هريرة قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعنى) حديث (حماد) بن زيد (كله إلى آخر قوله نبئت أن عمران بن حصين قال) في روايته (ثم سلَّم) وفي حديث [ضمضم بن جوس](3) عن أبي هريرة: فلما قضى الصلاة سجد سجدتين ثم سلَّم (4). كذلك أخرجه البزار (5) من حديث علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير عنه (6) ثم استغربه.

و(قال) سلمة (قلت) لمحمد بن سيرين: (فالتشهد؟ قال: [وأحب إلي] (7) أن يتشهد) وكذا روى ابن أبي شيبة، عن ابن سيرين أنه قال: أحب إليَّ أن يتشهد فيهما (8).

وحكى ابن عبد البر أيضًا، عن يزيد بن قسيط أنه يتشهد بعدهما ولا يسلم قال: وهو رواية (9) أيضًا، عن الحكم بن عيينة وحماد بن أبي سليمان (10) وإبراهيم النخعي (11)، وروى ابن أبي شيبة عن ابن مسعود

(1) في (ص، س): بن.

(2)

في (ص، س): عمر.

(3)

في (ص، س): شهر بن حوشب.

(4)

سيأتي تخريجه قريبًا في هذا الباب.

(5)

"مسند البزار" 16/ 243 (9417).

(6)

من (م).

(7)

في (س، ل، م): واجب إلا.

(8)

"مصنف ابن أبي شيبة" 3/ 443 (4495).

(9)

في (م): رواه.

(10)

في (م): سلمان.

(11)

"التمهيد" 10/ 208.

ص: 340

أنه يتشهد فيهما ويسلم (1). ورواه عبد الرزاق، عن قتادة (2).

قال عياض: مذهب مالك (3) أنه إذا (4) كانتا يعني: السجدتين بعد السلام فيتشهد لهما ثم يسلم، واختلف عنه هل يتشهد لهما إذا كانتا قبل السلام أم لا؟ (5)، ومذهب أبي حنيفة وأصحابه (6) أنه يتشهد بعد سجدتي السهو ثم يسلم.

وقال أحمد (7): متى سجد قبل السلام لم يحتج إلى تشهد، وكان سلامه بعد السجود، وأما إذا سجد بعد السلام فإنه يتشهد بعده ثم يسلم.

وأما أصحابنا فقالوا: إذا فرعنا على الصحيح المنصوص من أن السجود مطلقًا قبل السلام فلا يتشهد.

وحكى ابن عبد البر في "الاستذكار" أن البويطي نقل عن الشافعي (8) أنه رأى التشهد بعدهما واجبًا (9)[وأما إذا سجد بعد السلام فهل يتشهد أم لا مبني على أنه في هذِه الحالة عائدًا إلى الصلاة أم لا، والأصح عند الأكثرين أنه يكون](10) عائدًا إلى الصلاة وهو قول الشيخ أبي زيد

(1)"مصنف ابن أبي شيبة" 3/ 442 (4492).

(2)

"مصنف عبد الرزاق" 2/ 314 (3501).

(3)

"المدونة" 1/ 220.

(4)

من (ل، م).

(5)

انظر: "المبسوط" للسرخسي 1/ 384.

(6)

"إكمال المعلم" 2/ 513.

(7)

"مسائل أحمد وإسحاق برواية الكوسج"(205).

(8)

"الأم" 1/ 246 - 247.

(9)

4/ 381.

(10)

من (م).

ص: 341

المروزي وممن رجحه القفال وإمام الحرمين والغزالي في "فتاويه" والروياني، فعلى هذا لا يتشهد؛ لأن الصلاة متحدة، وقد تقدم التشهد الواجب وأجزأ عنه، لكن يجب عليه (1) إعادة السلام لأن الأول كان سهوًا، ونقل المزني في "المختصر" فقال: سمعت الشافعي يقول: إذا كانتا سجدتا السهو بعد السلام تشهد لهما، وإذا كانتا قبل السلام أجزأه التشهد الأول (2). هذا لفظه ذكره في آخر باب سجود السهو، وقد تأوله الماوردي وابن الصباغ على أنه تفريع على القديم، وجزم الماوردي بأنه إذا نسي سجود السهو قبل السلام أنه يتشهد بعده أيضًا لهذا النص (3).

قال العلائي: والعجب من تصحيح المتأخرين عدم التشهد مع وجود هذا النص الجديد في "مختصر المزني".

(ولم يذكر) أنه (كان يسميه ذا اليدين، ولا ذكر) في روايته (فأومؤوا، ولا ذكر الغضب) كما تقدم أنه يعرف في وجهه الغضب (وحديث أيوب أتم) من رواية سلمة بن علقمة عن ابن سيرين.

[1011]

(حدثنا علي بن نصر بن علي)(4) الجهضمي، أخرج له الشيخان (حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب وهشام) بن حسان الأزدي.

(1) من (ل، م).

(2)

"مختصر المزني" المطبوع مع "الأم" 9/ 21.

(3)

"الحاوي الكبير" 2/ 231.

(4)

زاد في (م): حفيد.

ص: 342

(ويحيى بن عتيق)(1) الطفاوي بضم الطاء وتخفيف الفاء نسبة إلى طفاوة، أخرج له مسلم (و) عبد الله (ابن عون، عن محمد) بن سيرين.

(عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة ذي اليدين أنه كبَّر) أي: بعد ما سلم ساهيًا (وسجد، وقال هشام بن حسان) الأزدي (كبر ثم كبر) قال العلائي: لم يأت ذكر تكبيرة الإحرام صريحًا إلا فيما رواه حماد بن زيد، عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة في حديث ذي اليدين أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أتم الصلاة وسلَّم منها كبر ثم كبر وسجد للسهو (قال) المصنف (روى هذا الحديث أيضًا حبيب) بفتح المهملة (ابن الشهيد) أيضًا.

(وحميد) الطويل (ويونس) بن عبيد، أحد أئمة البصرة.

[(وعاصم) بن سليمان](2)(الأحول، عن محمد) بن سيرين (عن أبي هريرة، ولم يذكر أحد منهم ما ذكر حماد بن زيد، عن هشام) بن حسان (أنه كبر ثم كبر) فأشار إلى شذوذ هذِه الرواية، ثم قال:(وروى حماد بن سلمة وأبو بكر بن عياش (3) هذا الحديث عن هشام) و (لم يذكر عنه هذا الذي ذكره حماد بن زيد أنه كبر ثم كبر) قال العلائي: ورواه أيضًا عن ابن سيرين: سلمة بن علقمة، وقتادة ابن دعامة.

(1) من (ل، م).

(2)

تأخرت هذه العبارة في الأصول الخطية، فجاءت بعد سطرين بعد قوله: شذوذ هذه الرواية. وقد أثبتها كما في مطبوعة "سنن أبي داود".

(3)

في (م): عياض. وبياض في (ل).

ص: 343

أخرج حديثهما ابن خزيمة في "صحيحه"(1)، ورواه البزار في "المسند" أيضًا من حديث سعيد بن أبي عروبة، وأسعد (2) بن سوار، وقرة بن خالد، وسفيان بن حسين، عن ابن سيرين فهؤلاء الأربعة عشر رجلًا (3) تابعوا أيوب السختياني، عن ابن سيرين، وتابع محمد بن سيرين على روايته، عن أبي هريرة جماعة آخرون منهم أبو سفيان مولى ابن أبي أحمد رواه مالك في "الموطأ" عن داود بن الحصين عنه (4).

[1013]

(حدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الله (بن فارس) الذهلي (حدثنا محمد بن كثير) بن أبي عطاء الثقفي، قال أبو حاتم: سمعت الحسن بن الربيع يقول: محمد بن كثير اليوم أوثق الناس (5). وكان ثقة يذكرون أنه اختلط في آخر عمره.

(عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة وعبيد الله) بالتصغير (بن عبد الله) بن عتبة بن مسعود الهذلي أحد الفقهاء السبعة.

(عن أبي هريرة بهذِه القصة وقال) فيه: (ولم يسجد سجدتي السهو) في صلاته (6).

(1)"صحيح ابن خزيمة"(1035، 1036).

(2)

في (م): أشعث.

(3)

من (م).

(4)

سبق تخريج هذه الطرق قريبًا.

(5)

"الجرح والتعديل" 8/ 69.

(6)

في (س، ل، م): صلاة.

ص: 344

(حتى يقنه (1) الله) بتشديد القاف [وتخفيف النون](2)(ذلك) أي: أعلمه ذلك وأزال شكه [يقول: يَقِنْتُ الأمرَ. بكسر القاف، ويقَّنني الله ذلك](3). بما عَرفه الناس كما سيأتي أنه ذكر فذكره الله النسيان. وفيه حجة للشافعي (4) أنه لا يرجع للمأمومين إلا [إذا ذكر](5) من قبل نفسه وذكره الله تعالى.

[1013]

(حدثنا حجاج بن أبي يعقوب) [يوسف الشاعر الثقفي، من أهل بغداد أخرج له مسلم.

(حدثنا يعقوب بن إبراهيم)] (6) قال (حدثنا أبي) إبراهيم بن سعد (7) ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف المدني، أخرج له الشيخان.

(عن) أبي ذكوان (صالح، عن ابن شهاب أن أبا بكر بن سليمان بن أبي حثمة) بفتح الحاء المهملة وسكون المثلثة القرشي العدوي.

(أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم) صلى ركعتين فقال له ذو الشمالين بنحوه، كذا للنسائي (8)، أي: نحو ما تقدم قبله، فقال له ذو الشمالين: أنقصت الصلاة أم نسيت؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما يقول ذو اليدين؟ " قالوا: صدق يا

(1) في (م): لقنه.

(2)

تأخرت هذه العبارة في (م) فجاءت بعد: وأزال شكه.

(3)

تأخرت هذه العبارة في (ص، س، ل) فجاءت في آخر الفقرة. والمثبت كما في (م).

(4)

"المجموع" 4/ 239.

(5)

في (ص، س، ل): بذكر.

(6)

من (ل، م).

(7)

في (م): سعيد.

(8)

"سنن النسائي" 3/ 24.

ص: 345

رسول الله. فأتم بهم الركعتين اللتين نقصت (1)(بهذا الخبر) أي: سياق الخبر المتقدم وخالف طريق الأوزاعي الأولى طريق صالح (2) الثانية في قوله: ولم يسجد .. إلخ.

(قال: ولم يسجد السجدتين اللتين تسجدان) بضم أوله وفتح الجيم (إذا شك حتى لقاه الناس) لقاه (3) بفتح اللام والقاف المشددة أي: حتى علمه الناس من قوله تعالى: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا} ، {وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ} أي: ما يعلمها ويتيقنها (4) إلا الصابرون على الطاعات والمكاره (5)، وفي حديث أشراط الساعة:"ويلقى الشح"(6).

قال الحميدي: لم يضبط هذا الحرف (7). ويحتمل أن يكون يتلقى ويتعلم ويتواصى إليه ويدعى إليه (8) من قوله تعالى: {وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ} .

(قال ابن شهاب: وأخبرني بهذا الخبر سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: وأخبرني أبو سلمة) عبد الله (بن عبد الرحمن) بن عوف (وأبو بكر [بن عبد الرحمن] (9) بن الحارث بن هشام) القرشي

(1) في (م): نقص. وانظر السابق.

(2)

في (ص): الصالح.

(3)

سقط من (س، ل، م).

(4)

في (س، م): ينبه لها.

(5)

في (ص): المكان.

(6)

رواه البخاري (6037)، ومسلم (157).

(7)

"تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم" ص 273.

(8)

من (م).

(9)

سقط من (ل، م).

ص: 346

المخزومي، أحد الفقهاء السبعة، قيل: اسمه محمد.

(وعبيد الله) بالتصغير بن عبد الله بن عتبة (1) بن مسعود أحد الفقهاء السبعة من أهل المدينة (قال) المصنف (رواه) محمد بن الوليد بن عامر (الزبيدي) بضم الزاي وفتح الموحدة مصغر وبعد الياء دال نسبة إلى زبيد قبيلة من مذحج (عن الزهري، عن أبي بكر (2)، سليمان بن أبي حثمة) تقدم أنه بالمثلثة أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الخبر.

(عن النبي قال فيه: ولم يسجد سجدتي السهو)(3)(4) وهو جالس في تلك الصلاة وذلك فيما نرى والله أعلم من أجل أن (5) الناس يقنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم[حتى استيقن، وهاتان](6) الروايتان عنه في "صحيح ابن خزيمة"(7) أيضًا، وكان ابن شهاب يقول: إذا عرف الرجل ما نسي من صلاته فأتمها فليس عليه سجود سهو (8).

قال الإمام مسلم بن الحجاج في كتاب "التمييز" له: قول ابن

(1) في (م): عيينة.

(2)

زاد في (ص، س، ل): حدثنا.

(3)

أخرجه مالك في "الموطأ"(212) من طريق ابن شهاب به مرسلًا. ولم يذكر فيه سجدتي السهو.

وقال الألباني في "ضعيف سنن أبي داود"(185): إسناده ضعيف.

(4)

زاد هنا في (ص، س، ل): السجدتين اللتين تسجدان إذا شك حين رآه الناس.

والمثبت كما في (م).

(5)

من (ل، م).

(6)

في (ص، س): أيضًا حتى استبعدوها.

(7)

"صحيح ابن خزيمة"(1040، 1051).

(8)

انظر: "التمهيد" 11/ 204.

ص: 347

شهاب: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سجد يوم ذي اليدين سجدتي السهو خطأ وغلط، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سجد سجدتي السهو ذلك اليوم من أحاديث (1) الثقات كابن سيرين وغيره (2). قال ابن عبد البر: لا أعلم أحدًا من أهل الحديث المصنفين فيه عول على حديث ابن شهاب في قصة ذي اليدين، وكلهم تركه لاضطراب فيه وأنه لم يقم إسنادًا ولا متنًا وإن كان إمامًا (3) عظيمًا في هذا الشأن، فالغلط لا يسلم منه أحد والكمال ليس لمخلوق (4).

[1014]

(حدثنا عبد الله بن معاذ، حدثنا أبي) معاذ بن معاذ التميمي الحافظ قاضي البصرة.

(حدثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم) بن عبد الرحمن بن عوف.

(سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر فسلم في الركعتين، فقيل له) لعل القائل ذو (5) اليدين.

(نقصت) بضم النون وكسر القاف وفتح الصاد وفي بعض النسخ بثلاث فتحات، رواه البخاري في باب هل يأخذ الإمام إذا شك بقول الناس بلفظ فقيل: صليت ركعتين (6).

(1) في (س، ل، م): الأحاديث.

(2)

"التمييز" ص 68، 70 بنحوه.

(3)

في (م): اتباعًا.

(4)

"التمهيد" 1/ 366.

(5)

في (ص): ذا.

(6)

"صحيح البخاري"(715).

ص: 348

(فصلى ركعتين) ثم سلم (ثم سجد سجدتين) كذا للبخاري (1)، ورواه النسائي (2) وقال في آخره: لا أعلم أحدًا ذكر في هذا الحديث ثم سجد سجدتين. غير سعد (3).

(قال) المصنف (رواه يحيى بن أبي كثير وعمران بن أبي (4) أنس) من أهل اليمن، ويقال من أهل مصر أخو بني عامر بن لؤي، أخرج له مسلم.

(عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة بهذِه القصة، ولم يذكر أنه سجد سجدتين، قال) المصنف (ورواه داود بن الحصين، عن أبي سفيان) قزمان، وقال الدارقطني: اسمه وهب (5)(مولى عبد الله بن أبي أحمد) بن جحش القرشي الأسدي وفي هذا متابعة لابن سيرين (عن أبي هريرة) في الرواية المتقدمة وهو عند مالك (6) ومسلم (7): صلى بنا (8) رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم في ركعتين فقام ذو اليدين فقال: أقصرت الصلاة أم نسيت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (بهذِه القصة (9) قال): "كل ذلك لم يكن" فقال: قد كان بعض ذلك يا رسول الله، فأقبل

(1)"صحيح البخاري"(1227).

(2)

"المجتبى" 3/ 23، "السنن الكبرى"(560).

(3)

في (ص، س، ل): سعيد.

(4)

زاد في (ص، س، ل): حدثنا.

(5)

انظر: "تهذيب الكمال" 33/ 364.

(6)

"الموطأ" 1/ 94 (59).

(7)

"صحيح مسلم"(573)(99).

(8)

في (س، ل، م): لنا.

(9)

من (م).

ص: 349

رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فقال: "أصدق ذو اليدين؟ " فقالوا (1): نعم يا رسول الله. فأتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بقي من الصلاة (ثم يسجد سجدتي السهو) بعد السلام. لفظ (2)(وهو جالس بعد التسليم)(3).

[1016]

(حدثنا هارون بن عبد الله، حدثنا هاشم بن القاسم) أبو النضر (4) الحافظ قيصر (حدثنا عكرمة بن (5) عمار) الحنفي (6) اليمامي، أخرج له مسلم (عن ضمضم) بفتح (7) المعجمتين (بن جوس) بضم (8) الجيم وسكون الواو ثم سين مهملة اليمامي، قال أحمد: ليس به بأس (9).

(الهفاني) بكسر الهاء وتشديد الفاء وبعد الألف نون، نسبة إلى هفان، وهي في حنيفة، وهو هفان بن الحارث، هكذا نسبه، ضبطه ونسبه السمعاني وقال: هو ثقة (10).

قال: (حدثني أبو هريرة بهذا الخبر) و (قال: ثم سجد سجدتي السهو بعد ما سلم)

الحديث.

(1) في (ل، م): فقال.

(2)

بياض في (ص، س، ل، م).

(3)

"صحيح مسلم"(573)(99).

(4)

في (ص): الب.

(5)

في (ص، س): عن.

(6)

كذا في الأصول الخطية، ولعلها: العجلي. كما في مصادر ترجمته.

(7)

في (ص، س): بضم.

(8)

كذا في الأصول الخطية، ولعلها: بفتح. كما في مصادر ترجمته.

(9)

"الجرح والتعديل" 4/ 468.

(10)

"الأنساب" للسمعاني 5/ 557.

ص: 350

[1015]

(حدثنا إسماعيل بن أسد) بن أبي الحارث البغدادي، ثقة جليل (1)(حدثنا شبابة، حدثنا) محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث (بن أبي ذئب) هشام بن شعبة القرشي العامري المدني.

(عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف من الركعتين من صلاة المكتوبة) من إضافة الصفة إلى الموصوف، وفيه حذف (فقال له رجل: أقصرت الصلاة أم نسيت؟ ) الاستفهام هنا على بابه لم يخرج عن موضوعه (2) ولا اقترن باللفظ ما يدل على معنى آخر، والاستفهام تارة يطلب به التصور وتارة يطلب به التصديق، فالأول: كقول ذي اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت؟ [والأول: كقول ذي اليدين، ومثله (3): أعسل في الدن أم دبس؟ والثاني: "قوله في هذا الحديث: "أحق ما يقول ذو اليدين؟ " ومثله: أقام زيد؟ (4) ثم الذي يلي همزة الاستفهام وهو المسؤول عنه لا غيره، فإذا قلت: أأنت (5) فعلت كذا؟ كان الشك في الفاعل من هو مع العلم بوقوع الفعل، وكذلك إذا قلت: أزيدًا ضربت؟ كان الشك في المضروب مع العلم بوجود الضرب، وإذا قلت أفعلت كذا؟ كان الشك في الفعل نفسه، وكان الغرض الاستفهام أن يعلم وجوده هل وقع أم لا.

(قَال: كُلَّ) بالنصب مفعول مقدم (6)(ذَلِكَ لَمْ أَفْعَلْ) في هذا مع

(1)"الكاشف" 1/ 120.

(2)

في (ص، س، ل): موصوفة.

(3)

في (ص): مثل.

(4)

زاد في (ص): أم عمرو.

(5)

في (ص، س): أني.

(6)

تقدم موضع العبارة قبل سطر في (ص، س، ل).

ص: 351

جواب ذي اليدين كان بعض ذلك كما لـ "الموطأ"(1) ومسلم (2) دليل لقاعدة عظيمة بديعة، اتفق عليها أهل المعاني والبيان أن النفي إذا سلط على كل أو كانت في حيزه، فإنه يكون النفي حينئذٍ لنفي الشمول عن المجموع لا لنفي الحكم عن كل فرد فرد، وإن أخرجت كل من حيز النفي بأن قدمت عليه لفظًا ولم تكن معمولة للفعل المنفي توجه النفي إلى أصل الفعل وعم حينئذٍ كل ما أضيف إليه كل، فكان للسلب عن كل فرد فرد.

والاحتجاج لهذِه القاعدة بهذا الحديث من وجهين: أحدهما: ما تقدم من أن السؤال بأم عن أحد الأمرين لطلب التعيين (3) بعد ثبوت أحدهما عند المتكلم على وجه الإبهام، فجوابه إما بالتعيين أو بنفي كل واحد منهما [فلما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"كل ذلك لم يكن" كان جوابه لنفي كل واحد منهما] (4)، لكن بالنسبة إلى ظنه صلى الله عليه وسلم فلو كان تقديم كل على المنفي إنما يفيد نفي الكلية لا نفي الحكم عن كل فرد لكان قوله صلى الله عليه وسلم كل ذلك لم يكن غير مطابق للسؤال، ولا ريب في بطلانه.

والوجه الثاني: قول ذي اليدين في جواب هذا الكلام: قد كان بعض ذلك. وهو من العرب الفصحاء، فدل على أن المراد بكل ذلك لم يكن سلب الحكم عن كل فرد فرد لا عن المجموع؛ لأن الإيجاب الجزئي يقتضيه السلب الكلي. قال الجرجاني (5): والعلة في ذلك أنك

(1)"الموطأ"(211).

(2)

"صحيح مسلم"(573)(99).

(3)

من (س، ل، م).

(4)

من (س، ل، م).

(5)

"دلائل الإعجاز" ص 285.

ص: 352

إذا بدأت بكل كنت قد بنيت النفي عليه وسلطت الكلية على النفي وأعملتها فيه، وإعمال معنى الكلية في النفي يقتضي [أن لا] (1) يشذ (2) شيء عن النفي. واحتج هو وغيره لذلك أيضًا ببيت أبي النجم المشهور:

قد أصبحت أم الخيار تدعي

عليَّ ذنبًا كله لم أصنع

فإن الرواة كلهم متفقون على رفع (كله) وهو شاعر فصيح، فلما عدل عن النصب الذي لو أتى به لم ينكسر وزن البيت دل على أنه أراد أن ينفي عن نفسه أنه لم يأت بشيءٍ مما تدعيه عليه [أصلًا وهذا هو سياق كلامه لأنه أراد نفي الكلية وأنه أتى بشيء مما تدعيه](3) لا بالمجموع؛ لأنه لم يقصد هذا فلو كان النصب يفيد ما أراده من نفي كل فرد فرد لعدل إليه، أو كان الرفع غير مفيد (4) لذلك لما عدل عن النصب إليه.

قال الجرجاني: هاهنا أصل وهو أن من حكم النفي إذا دخل على (5) كلام ثم كان في ذلك الكلام تقييد على وجه من الوجوه أن يتوجه إلى ذلك التقييد وإن لم يقع له، فإذا قيل لم يأت القوم مجتمعين كان النفي متوجهًا إلى الاجتماع الذي هو قيد في الإتيان (6) دون أصل

(1) في (ص، س، ل): أنه لانه.

(2)

من (ل).

(3)

من (م).

(4)

في (ل، م): مقيد. وفي (س): متعد.

(5)

في (ص): عليه.

(6)

في (م): الاثبات.

ص: 353

الإتيان (1)، فلو قال قائل: لم يأت القوم مجتمعين. وكان (2) لم يأت منهم أحد لقيل: لم يأتوك أصلًا فما معنى قوله مجتمعين؟ ! فهذا مما لا يشك فيه عاقل، والتأكيد ضرب من التقييد، فظهر به الفرق بين قولك لم يأتني كل القوم أو القوم كلهم، وبين قولك: كل القوم لم يأتني (3).

(فَقَال النَّاسُ: قَدْ فَعَلْتَ بعض ذَلِكَ يَا رَسُولَ الله. فَرَكَعَ رَكعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ) بضم الهمزة تثنية أخرى.

(ثُمَّ انْصَرَفَ وَلَمْ يَسْجُدْ سَجْدَتَي السَّهْوِ) تقدم عن مسلم أن هذِه الرواية باطلة؛ لأنه ثبت أنه سجد سجدتي السهو عن الثقات. وعلى (4) تقدير ثبوت هذِه الرواية، فإما أن تعتبر الرواية التي نفى فيها عدم العلم بوقوع سجود السهو من النبي صلى الله عليه وسلم يومئذٍ أو تعتبر الرواية التي جزم فيها بعدم السجود فعلى التقدير الأول لا تعارض بينه وبين بقية الروايات؛ لأنه لم ينف ما أثبتوه بل ذكر أن أحدًا من شيوخه لم يروه له فلا (5) يرد مثل هذا على من حفظ ذلك ورواه إجماعًا وأما على التقدير الثاني فهو يتخرج على تعارض المثبت والنافي وجمهور العلماء على ترجيح المثبت على النافي لما عنده من زيادة العلم.

[1017]

(حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ) بن شبويه، كان من كبار الأئمة، تفرد عنه أبو داود، وذكر الدارقطني أنه روى عنه البخاري (6).

(1) في (م): الاثبات.

(2)

في (م): كأنه.

(3)

"دلائل الإعجاز" ص 279 - 280.

(4)

زاد في (ص): كل.

(5)

من (م).

(6)

انظر: "تهذيب الكمال" 1/ 436.

ص: 354

(حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ) حماد بن أسامة ح (وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلَاءِ، أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ) حماد بن أسامة الكوفي الحافظ (أَخْبَرَنِي عُبَيدُ الله) بن عمر بن حفص (عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابن عُمَرَ قَال صَلَّى رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم) الظهر أو العصر (فَسَلَّمَ من ركعَتَينِ. فَذَكرَ نَحْوَ حَدِيثِ) محمد (ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وقَال ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَي السَّهْوِ) كما تقدم.

[1018]

(حَدَّثَنَا [مسدد، حدثنا يزيد] (1) بْنُ زُرَيْعٍ ح وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ (2) بْنُ مُحَمَّدٍ) الثقفي البصري قال المصنف: رحمه الله كان له شأن وقدر (3)(4). وقد ذكره ابن حبان في "الثقات"(5).

(قَالا: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الحَذاءُ، أنبأنا أَبُو قِلابَةَ) عبد الله بن زيد (عن) عمه (أَبِي المُهَلَبِ) عبد الرحمن بن عمرو الجرمي البصري.

(عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَينٍ قَال: سَلَّمَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي ثَلاثِ رَكعَاتٍ مِنَ العَصْرِ) قال العلائي: رأيت فيما علقه بعض شيوخنا من أهل الحديث يذكر أن حديث أبي هريرة وعمران بن حصين هذا قضية (6) واحدة،

(1) من (ل، م).

(2)

في (ص، س، ل): سلمة.

(3)

من (س، ل، م).

(4)

وهم المصنف في هذا القول حيث حسبه أنه قيل عن مسلمة بن محمد، وليس كذلك، فقد قاله المصنف كما في "سؤالات الآجري"(774) في حق مسلمة بن قعنب الحارثي، وإنما قال المصنف عن مسلمة بن محمد كما نقل الآجري عنه: قال الآجري: قلت: قال يحيى: ليس بشيء؟ قال: حدثنا عنه مسدد أحاديث مستقيمة. انظر: "تهذيب الكمال" 27/ 574.

(5)

9/ 180.

(6)

في (م): قصة.

ص: 355

وتأول قوله هنا: سلم في ثلاث. أي: في (1) ابتداء ثلاث، ركعات (2)، وتأول قوله فقضى تلك الركعة على أنه أراد أكثر منها كما يقال: كلمة الخطبة والقصيدة ثم قال: وفي ذلك نظر؛ بل الظاهر الذي لا يخفى أنهما قضيتان كما قال الجمهور، وما قاله هذا المتأخر من الجمع بينهما بعيد لا اتجاه (3) له (ثُمَّ دَخَلَ. قَال) مسدد في روايته (عن مَسْلَمَةَ) ابن محمد: دخل (الْحُجَرَ) بضم الحاء وفتح الجيم، جمع حجرة، كغرف جمع غرفة، ويجمع على حجرات كقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} (4)، والحجرة منزل الإنسان الذي حوط عليه بما (5) يمنع من الوصول إليه قال الأزهري (6): أصل الحجر لغة ما (7) حجرت عليه أي: منعته أن يوصل إليه، وكل شيء منعت منه فقد حجرت عليه، وكذا حجر الحاكم على الأيتام منعهم إياهم، وحجرة البيت معروفة، والحجار حائطها. ولعل المراد بالدخول هنا للحُجَر حُجَر [نسائه فيه دلالة على استحباب](8) الدخول على نسائه بعد صلاة العصر فإنه وقت عشائهم وما يحتاجون إليه آخر نهارهم.

(1) من (م).

(2)

من (س، ل).

(3)

في (ص): اتحاد.

(4)

الحجرات: 4.

(5)

في (ص، س، ل): لما.

(6)

"تهذيب اللغة" مادة (حجر).

(7)

في (ص): مع.

(8)

في (ص، ل): عائشة فيه الدلالة على.

ص: 356

(فَقَامَ إِلَيهِ رَجُلٌ يُقَال لَهُ الخِرْبَاقُ) بكسر الخاء المعجمة (1) وسكون الراء ثم باء موحدة هو لقب، واسمه عمير بن عبد عمرو يكنى أبا محمد. قال ابن الأثير: يقال له ذو اليدين، وذو الشمالين (2).

وقال ابن حبان في "معجم الصحابة": الخرباق صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سها، وهو غير ذي اليدين (3). وقال ابن عبد البر: يحتمل أن يكون الخرباق ذا اليدين، ويحتمل أن يكون غيره. وكذا قال القرطبي (4)، والذي اختاره عياض (5) والنووي في غير (6) موضع أنه غيره.

(كَانَ طَوِيلَ اليَدَيْنِ) قال العلائي: الأظهر أن المراد بذلك الطول الطول (7) الخلقي.

وقال القرطبي: يحتمل أن يكون ذلك كناية عن طولهما بالعمل أو بالبذل (8). يعني على هذا أنه من الطول بفتح الطاء لا من الطول بضمها، كما قال عليه الصلاة والسلام لأزواجه:"أسرعكن لحوقًا بي أطولكن يدًا"، فظنن أنه يعني طول خلقتها فكن يتطاولن أيهن أطول يدًا وكانت زينب بنت جحش أولهن موتًا وهي كانت أكثرهن صدقة

(1) من (س، ل).

(2)

"اللباب في تهذيب الأنساب" 1/ 534.

(3)

"الثقات" لابن حبان 3/ 114.

(4)

"المفهم" 2/ 188.

(5)

"إكمال المعلم" 2/ 515 - 516.

(6)

من (م).

(7)

من (س، ل).

(8)

"المفهم" 2/ 188.

ص: 357

قالت عائشة: كانت زينب أطولنا يدًا لأنها كانت تعمل بيدها وتتصدق. أخرجه مسلم (1). وكذا في الرواية الأخرى لبسط اليدين يحتمل معنيين؛ لأن البسطة تستعمل في الصورة والمعنى. قال الله تعالى: {وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} (2) فالبسطة في العلم معنوية وفي الجسم صورية، وقدم المعنوية لشرف العلم.

(فَقَال لَهُ: أَقَصُرَتِ الصَّلاةُ) بالوجهين كما تقدم (يَا رَسُولَ الله؟ فَخَرَجَ) رسول الله صلى الله عليه وسلم (مُغْضَبًا) بضم الميم وفتح الضاد إذا أغضبه غيره، ورواية مسلم: خرج غضبان (3). قال القرطبي (4): غضبه صلى الله عليه وسلم يحتمل أن يكون إنكارًا على المتكلم إذ قد نسبه إلى ما كان يعتقد خلافه، ولذلك أقبل على الناس متكشفًا عن ذلك، ويحتمل أن يكون غضبه لشيء (5) آخر لم يذكره الراوي، وكان الأول أظهر (6). انتهى.

ويحتمل أن يكون غضبه لكونه (7) نسبه إلى عدم تبليغ ما أوحي إليه (8) من إعلامهم برخصة قصر الصلاة، وإن كان الصحابي لم يقصد هذا، ويدل على هذا قوله (9) في الرواية الآتية: "لو حدث في الصلاة شيء

(1)"صحيح مسلم"(2452)، ورواه البخاري أيضًا (1425).

(2)

البقرة: 247.

(3)

"صحيح مسلم"(574).

(4)

"المفهم" 2/ 193 - 194.

(5)

في (س، ل، م): لأمر.

(6)

"المفهم" 2/ 193 - 194.

(7)

من (م).

(8)

في (س، ل، م): عليه.

(9)

من (س، ل، م).

ص: 358

لنبأتكم به" (1).

(يَجُرُّ رِدَاءَهُ) لكثرة استعجاله [للإتيان بما نسيه من البناء](2) على ما فعل، فخرج مستعجلًا ولم يتمهل لرفع ردائه.

(فَقَال: أَصَدَقَ؟ ) الخرباق (قَالوا: نَعَمْ) يحتمل أن يكون القائل بعضهم وسكت الباقون، فنسب إلى الجميع تجوزًا كما في الرواية الآتية عن معاوية بن خديج: فأدركه رجل فقال: نسيت من الصلاة ركعة فخرج (3)(4)(فَصَلَّى) للناس ركعة، فصلى (تِلْكَ الرَّكْعَةَ) الباقية (5).

(ثُمَ سَلَّمَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيهَا، ثُمَّ سَلَّمَ) ورواية النسائي: فصلى تلك الركعة ثم سلم ثم سجد سجدتيها ثم سلم (6).

وفي رواية لمسلم: فصلى الركعة التي كان ترك، ثم سلم، ثم سجد سجدتي السهو، ثم سلم (7). ولابن ماجة: "فسأل فأخبر فصلى تلك الركعة التي كان ترك ثم سلم، ثم سجد سجدتين، ثم سلم (8).

* * *

(1) سيأتي برقم (1020).

(2)

في (ص): بلا تيان بنفسه.

(3)

في (م): فرجع.

(4)

سيأتي برقم (1023).

(5)

في (ص، س): الثانية.

(6)

"المجتبى" 3/ 26.

(7)

أخرجه مسلم (574).

(8)

"سنن ابن ماجة"(1215).

ص: 359