الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
175 - باب التَّصْفِيقِ فِي الصَّلاةِ
939 -
حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنا سُفْيانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال: قال رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "التَّسْبِيحُ لِلرِّجالِ والتَّصْفِيقُ لِلنِّساءِ"(1).
940 -
حَدَّثَنا القَعْنَبِيُّ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ أَبِي حازِمِ بْنِ دِينارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَهَبَ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ وَحانَتِ الصَّلاةُ فَجاءَ المؤَذِّن إِلَى أَبِي بَكرٍ رضي الله عنه فَقال أَتُصَلِّي بِالنّاسِ فَأُقيمَ؟ قال: نَعَمْ. فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ فَجاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم والنّاسُ فِي الصَّلاةِ فَتَخَلَّصَ حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّفِّ فَصَفَّقَ النّاسُ وَكانَ أَبُو بَكْرٍ لا يَلْتَفِتُ فِي الصَّلاةِ فَلَمّا أَكْثَرَ النّاسُ التَّصْفِيقَ التَفَتَ فَرَأَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَشارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنِ امْكثْ مَكانَكَ فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللهَ عَلَى ما أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَلِكَ ثمَّ اسْتَأْخَرَ أَبو بَكْرٍ حَتَّى اسْتَوَى فِي الصَّفِّ وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فصَلَّى فَلَمّا انْصَرَفَ قال: "يا أَبا بَكْرٍ، ما مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إِذْ أَمَرْتُكَ؟ ". قال أَبُو بَكْرٍ: ما كانَ لِابْنِ أَبِي قُحافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَينَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ما لِي رَأَيْتُكُمْ أَكثَرْتُمْ مِنَ التَّصْفِيحِ مَنْ نابَهُ شَيْءٌ فِي صَلاِتهِ فَلْيُسَبِّحْ فَإِنَّهُ إِذا سَبَّحَ التُفِتَ إِلَيهِ وَإِنَّما التَصْفِيحُ لِلنِّساءِ".
قال أَبُو داوُدَ: وهذا فِي الفَرِيضَةِ (2).
941 -
حَدَّثَنا عَمْرُو بْن عَوْنٍ، أَخْبَرَنا حَمّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي حازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قال: كانَ قِتالٌ بَيْنَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَتاهُمْ لِيصْلِحَ بَيْنَهُمْ بَعْدَ الظُّهْرِ فَقال لِبِلالٍ: "إِنْ حَضَرَتْ صَلاةُ العَصْرِ وَلَمْ آتِكَ فَمُرْ أَبا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنّاسِ". فَلَمّا حَضَرَتِ العَصْرُ أَذَّنَ بِلالٌ ثمَّ أَقامَ ثُمَّ أَمَرَ أَبا بَكْرٍ فَتَقَدَّمَ قال:
(1) رواه البخاري (1203)، ومسلم (422). وانظر ما سيأتي برقم (944).
(2)
رواه البخاري (684، 1201)، ومسلم (421). وانظر ما بعده.
فِي آخِرِهِ: "إِذا نابَكُمْ شَيْءٌ فِي الصَّلاةِ فَلْيُسَبِّحِ الرِّجال وَلْيُصَفِّحِ النِّساءُ"(1).
142 -
حَدَّثَنا مَحْمُودُ بْن خالِدٍ، حَدَّثَنا الوَلِيدُ، عَنْ عِيسَى بْنِ أَيُّوبَ قال: قَوْلُهُ: "التَّصْفِيحُ لِلنِّساءِ". تَضْرِبُ بِأُصْبُعَيْنِ مِنْ يَمِينِها عَلَى كَفِّها اليُسْرَى (2).
* * *
باب التَّصْفِيقِ فيِ الصَّلَاةِ
[939]
(حَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) بن عبد الرحمن بن عوف.
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال (3): قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ) وللبخاري: "من نابه شيء في صلاته فليقل: سبحان الله"(4).
(وَالتَّصْفِيقُ) سيأتي كيفيته، اختلف فيه، فقيل: لا يجوز التصفيق في الصلاة لا للرجال ولا للنساء، وإنما هو التسبيح للجميع؛ لقوله عليه السلام:"من نابه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبَّح التفت إليه"(5) قال القرطبي: هذا مشهور مذهب مالك وأصحابه، وتأولوا قوله عليه السلام:"إنما التصفيق"(لِلنِّسَاءِ) أن ذلك ذم للتصفيق، والمعنى أنه من شأن النساء لا الرجال، وقيل (6): هو سنة للنساء دون الرجال لهذا الحديث
(1) انظر السابق.
(2)
صححه الألباني في "صحيح أبي داود"(870).
(3)
من (م).
(4)
"صحيح البخاري"(1218).
(5)
سيأتي تخريجه في الحديث التالي.
(6)
من (س، ل، م).
ولما بعده، وهو مذهب الشافعي وغيره من العلماء، وحكي عن مالك أيضًا، وعللوا اختصاص النساء بالتصفيق لأن أصواتهن عورة ولذلك منعن من الأذان ومن الجهر بالإقامة والقراءة، وهو معنى مناسب يشهد الشرع له بالاعتبار (1).
[940]
(حَدَّثَنَا) عبد الله بن مسلمة (الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكِ، عَنْ أَبِي حَازِمِ) الحكيم (2) سلمة (بْنِ دِينَارٍ) مولى الأسود بن سفيان الأعرج المدني الأفزر (3)(عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ) الساعدي رضي الله عنهما (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَهَبَ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ) بن الخزرج الأكبر، أخي الأوس (لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ وَكَانَتِ الصَّلَاةُ) أي قرب وقتها، فيه فضل الإصلاح بين الناس، ومشي الإمام وغيره في ذلك، وإن كان وقت الصلاة قد قرب، ومعلوم أن صلاة الجماعة مفوتة لاشتغاله في الإصلاح بينهم.
(فَجَاءَ المُؤَذِّنُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ) فيه أن المؤذن يأتي إلى الإمام ليعلمه بحضور الجماعة واَذنه (فَقَال: أَتُصَلِّي بِالنَّاسِ فَأُقِيمَ؟ ) بنصب فأقيم جواب الاستفهام كقوله تعالى: {فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ} (4) فيه عرض المؤذن على الفاضل في غيبة الإمام أن ينوب عنه (قَال: نَعَمْ) فيه الإجابة إلى مطلوب المؤذن في النيابة عن الإمام (فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ) بالناس فيه أن الذي ينوب عن الإمام يكون أفضل القوم وأصلحهم
(1)"المفهم" 2/ 56.
(2)
في (ص، س، ل): الحكم.
(3)
في (ص، س، ل): الأعرا.
(4)
الأعراف: 53.
لذلك الأمر وأقومهم به.
(فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسُ) مبتدأ (فِي الصَّلَاةِ فَتَخَلَّصَ حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّفِّ) توضحه رواية النسائي: فخرق الصفوف حتى قام في الصف المقدم (1).
فيه دليل على جواز خرق الإمام الصفوف ليصل إلى موضعه إذا احتاج إلى خرقها لخروجه لطهارة أو رعاف ونحوهما ورجوعه، وكذا من احتاج إلى الخروج من المأمومين لعذر، وكذا له خرقها في الدخول إذا رأى قدامهم فرجة، فإنهم مُقصرون بتركها.
(فَصَفَّقَ النَّاسُ) رواية النسائي: "فصفح الناس بأبي بكر ليؤذنوه برسول الله صلى الله عليه وسلم". فيه دليل على أن الفعل اليسير كالتصفيق لا يبطل الصلاة، وفيه أن الإمام إذا لم ينتبه بفعل واحد يصفق جماعة، وظاهر الحديث تصفيق المأمومين جميعهم، ويحتمل أن يراد بالناس أكثرهم، أما إذا تنبه الإمام بتصفيق واحد منهم (2) فهل يجوز لغيره التصفيق أيضًا؟ لم أجده منقولًا (3)، ويحتمل كراهيته لعدم الاحتياج إليه.
(وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَلْتَفِتُ فِي الصَّلَاةِ) وفيه فضله وكثرة خشوعه في الصلاة (فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ التَّصْفِيقَ) فيه تكرار التصفيق إذا لم يحصل التنبيه بمرة، فإن حصل بمرة كره أن يزيد عليها، فإن كان التنبيه (4) لا
(1)"سنن النسائي" 3/ 3.
(2)
سقط من (ل، م).
(3)
في (م): فعولا.
(4)
سقط من (م).
يحصل إلا بالكلام لم يجب عليه ذلك، وفي بطلان الصلاة به وجهان، أصحهما عند الأكثرين البطلان.
(الْتَفَتَ) يعني: برأسه دون صدره، وفيه دليل على جواز الالتفات في الصلاة لحاجة، ورواية النسائي: فلما أكثروا علم أنه قد نابهم شيء في صلاتهم فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم (فَرَأَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم) فيه دليل على جواز الجمع (1) بين (2) الالتفات بالرأس ورؤية (3) المصلين خلفه إذا كان لحاجة.
(فَأَشَارَ إِلَيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم) الظاهر أن هذِه الإشارة بيده (أَنِ امْكُثْ مَكَانَكَ) فيه دليل على أن الإشارة المفهومة من المصلي في صلاته لا تقطع صلاته، ويدل على ذلك ما رواه ابن حبان عن عبد الله يعني ابن مسعود قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره فإذا منعوهما أشار إليهم أن دعوهما، فلما قضى الصلاة وضعهما في حجره وقال:"من أحبني فليحب هذين"(4).
(فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ) فيه أن من آداب الدعاء أن يرفع يديه ويستقبل القبلة؛ لما روى المصنف والحاكم في "المستدرك" عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المسألة أن ترفع يديك حذو منكبيك والاستغفار أن تشير بإصبع واحدة، والابتهال أن تمدّ يديك جميعًا"(5)،
(1) من (س، ل).
(2)
ليست في (م).
(3)
في (م): ورواية.
(4)
"صحيح ابن حبان"(6970).
(5)
سيأتي برقم (1489)، ورواه الحاكم 4/ 320.
وكما ترفع للدعاء عقب النعمة باستمرارها ترفع بحمد الله على نعمه اقتداءً بأبي بكر (وحَمِدَ اللهَ تعالى عَلَى مَا أَمَرَ (1) بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم) لما كانت إشارته صلى الله عليه وسلم مفهمة لطلب استمراره على المكث، فكأنه سمى الإشارة أمرًا تجوزًا (مِنْ ذَلِكَ) فيه استحباب حمد الله تعالى لمن تجددت عليه نعمة من الله تعالى وإن كان في الصلاة، وجواز الجهر بهذا الحمد، وإن كان الجهر ليسمعه (2) من خلفه فيقتدي به فيها فيكون مستحبًّا.
(ثُمَّ اسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ) لفظ النسائي: ثم رجع القهقرى (حَتَّى اسْتَوَى فِي الصَّفِّ) الذي خلفه.
فيه جواز مشي الخطوة والخطوتين في الصلاة، وفيه أن هذا القدر لا يكره إذا كان لحاجة، وفيه ملازمة الأدب مع الكبار (3)، ورواية مسلم: ورجع القهقرى وراءه (4). يدل على أن من رجع في صلاته بشيء يكون برجوعه إلى وراء ولا يستدبر القبلة في رجوعه إلى الصف الأول ولا ينحرف عنها.
(وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى) فيه دليل على جواز استخلاف الإمام من سبق (5)(6) ببعض الصلاة، وهو مذهبنا (7)، وعلى جواز الانتقال
(1) في (م): أمره.
(2)
في (ص): يسمعه.
(3)
في (م): الكتاب.
(4)
"صحيح مسلم"(421).
(5)
في (م): يتبقى.
(6)
زاد في (ص): الإمام.
(7)
في (م): مذهبه.
من جماعة إلى جماعة أخرى حال العذر.
قال ابن قدامة: فيخرج من هذا أنه لو أدرك نفسان بعض الصلاة مع الإمام فلما سلم الإمام ائتم أحدهما بصاحبه ونوى الآخر إمامته أن ذلك يصح؛ لأنه في معنى الاستخلاف، ومن لم يجز الاستخلاف لم يجز ذلك، ولو تخلف إمام الحي عن الصلاة لغيبة أو مرض أو عذر وصلى غيره وحضر إمام الحي في أثناء الصلاة فتأخر الإمام وتقدم إمام (1) الحي فيبني على صلاة (2) خليفته كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ففي ذلك وجهان:
أحدهما: يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله، فيجوز لغيره أن يفعل مثل فعله.
والثاني: لا يجوز؛ لاحتمال أن يكون ذلك خاصًّا للنبي صلى الله عليه وسلم لعدم مساواة (3) غيره له في الفضل (4). انتهى (5).
وإذا [دار الأمر بين](6) التخصيص وعدمه فالأصل عدم التخصيص.
(فَلَمَّا انصَرَفَ قَال: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ) في الصلاة (إِذْ أَمَرْتُكَ؟ ) فسمى الإشارة أمرًا، رواية النسائي (7):"ما منعك إذ أومأت إليك أن تصلي"(8) وهو بمعناه، فإن الاستمرار على الثبوت في الصلاة
(1) سقط من (م).
(2)
زاد في (م): إمامه.
(3)
في (م): مواساة.
(4)
"المغني" 2/ 510 - 511.
(5)
من (ل، م).
(6)
في (م): أراد الأمرين.
(7)
في (ص): السني.
(8)
أخرجه النسائي 2/ 82.
صلاة (فقَال أَبُو بَكْرٍ: مَا كَانَ ينبغي لابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَينَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم) وللنسائي: "ما كان ينبغي لابن أبي قحافة أن يؤم برسول الله صلى الله عليه وسلم". ولعل أبا (1) بكر عمل بظاهر قوله تعالى: {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (2). قال النووي: وفيه أن التابع إذا أمره المتبوع بشيء وفهم منه إكرامه بذلك الشيء لا يتحتم الفعل، فله أن يتركه ولا يكون هذا مخالفة للأمر، بل يكون أدبًا وتواضعًا وتحذقًا في فهم المقاصد (3).
وللصوفية كلام في الشيخ إذا أراد أن يفعل بتلميذه ما لا يليق بالأدب فعله فيقولون: هل الأفضل امتثال الأمر أم سلوك الأدب؟ كما اتفق لبعض المشايخ حين أراد أن يغسل رجليّ تلميذه في الحمام ويحكها بالحجر، ويحملون على ذلك هل الأفضل أن يقال في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد أن يقول: اللهم صلّ على سيدنا محمد، أم يقتصر على ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:"قولوا اللهم صلِّ على محمد"(4).
(فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَا لِي رَأَيْتُكُمْ أَكْثَرْتُمْ التَّصْفِيحِ! ) هذِه الرواية الصحيحة، وفي بعضها:"التصفيق" كرواية مسلم وغيره، وهما بمعنى واحد، وسيأتي تفسيره.
(مَنْ نَابَهُ) أي نزل به (شَيْءٌ في (5) صَلاتهِ) من المهمات والحوادث،
(1) في النسخ: أبو، والمثبت الجادة.
(2)
الحجرات: 1.
(3)
"شرح النووي" 4/ 145.
(4)
أخرجه البخاري (3369)، ومسلم (407)(69) من حديث أبي حميد الساعدي.
(5)
في (ص، س): من.
وأراد إعلام غيره إمامًا كان أو غيره كإذنه لداخل أو إنذار أعمى أو تنبيه ساهٍ أو غافل (فَلْيُسَبِّحْ) الرجل، و (1) الخنثى كما هو ظاهر لفظ الحديث، و [الظاهر أن](2) يصفق؛ لاحتمال أن يكون امرأة (3) فلا يجهر بالتسبيح كما صرح به القاضي أبو الفتوح في "أحكام الخناثى".
(فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ) بفتح السين (الْتُفِتَ) بضم التاء مبني للمفعول (إِلَيْهِ) أي (4): كما في العادة غالبًا؛ فإن الإمام مثلًا إذا سها في صلاته فسبح المأموم وعلم الإمام حين تذكر ما سهى عنه فلا يجوز له الالتفات؛ إذ لا حاجة له.
(وَإنَّمَا التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ) تقدم عن مالك (5) حمل هذا على أن المراد به ذم النساء على التصفيق، وأن المرأة تسبح كالرجل، قال النووي: التسبيح والتصفيق [سنتان إن كان التنبيه قربة ومباحان إن كان التنبيه مباحًا](6) وأنه لو صفق الرجل أو سبَّحت المرأة لم يضر، ولكن خالفا السنة (7)، وقد تقدم. قَال المصنف (هذا فِي الفَرِيضَةِ) لا في النافلة.
[941]
(حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ)(8) الواسطي البزار الحافظ قال: (أنبأنا
(1) في (ص، س، ل): ذكر. وهي زيادة مقحمة.
(2)
في (ل، م): القياس أنه.
(3)
في (م): أمرا.
(4)
من (ل، م).
(5)
في (م): ذلك.
(6)
في (ص، س): سيان إذ السنة قوية ومباحًا.
(7)
"المجموع" 4/ 82.
(8)
في (م): عوف.
حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ) سلمة بن دينار الأفزر الأعرج التابعي (عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ) الساعدي (قَال: كَانَ قِتَالٌ بَينَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ) فيما بينهم (فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ (1) صلى الله عليه وسلم) والنبي منصوب على المفعولية وليس بفاعل، وطريق معرفة المفعول من الفاعل أن تنظر في الاسم الذي يشتبه عليك هل هو (2) فاعل أو مفعول؟ فإن صلح أن يقع فيه ضمير المتكلم المرفوع فهو فاعل مرفوع، وإن صلح أن يقع فيه ضمير المتكلم المنصوب فهو منصوب على المفعولية فتقول هنا إذا [حدثت بلغني](3) ذلك الخبر ولا تقول بلغت ذلك الخبر.
(فَأَتَاهُمْ لِيُصْلِحَ بَينَهُمْ) فيه ذهاب الكبير إلى من وقعت بينهم الخصومة ليصلح بينهم، فإن قصدوه ليصلح بينهم فيتأكد الصلح بينهم، لكن الذهاب إليهم، وليس على العالم في (4) ذلك إهانة (بَعْدَ) صلاة (الطهْرِ فَقَال لِبِلَالٍ إِنْ (5) حَضَرَتْ) أي إن (6) حضر وقت (صَلَاةُ العَصْرِ وَلَمْ آتِكَ فَمُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ) فيه جواز (7) استنابة الإمام عند غيبته لحاجة، وجواز التوكيل في الإنابة (8) للمؤذن وغيره، وأنه يستنيب
(1) زاد في (ل، م): بالنصب.
(2)
سقط من (س، ل، م).
(3)
في (ص، س): قدرت المعنى. وفي (ل) قدرت بلغني.
(4)
في (ص، س): و. والمثبت من (ل، م).
(5)
في (م): إذا.
(6)
سقط من (م).
(7)
من (س، ل، م).
(8)
في (س، ل، م): الاستنابة.
أولى الناس بذلك، فإن أبا بكر أفضل الصحابة، وأولى بالتقديم من كل أحد، وفيه فضيلة أبي بكر.
(فَلَمَّا حَضَرَتِ العَصْرُ) أي حضر وقتها (أَذَّنَ) بتشديد الذال يعني لصلاة العصر (بِلَالٌ (1) ثُمَّ أَقَامَ) الصلاة (2) فيه أن من أذّن فهو يقيم (ثُمَّ أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ) فيه أن الكلام بين الإقامة وتكبيرة الإحرام لا يضر (فَتَقدَّمَ) يعني: للإمامة فيه مشروعية تقدم الإمام على الصفوف ولا يقف وسطهم كالنساء و (قَال فِي آخِرِهِ) أي: آخر الحديث (إِذَا نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي الصَّلَاةِ فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَال وليصفح (3) النِّسَاءُ) كما سيأتي تفسيره.
[942]
(حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ) بن يزيد السلمي الدمشقي، قال أبو حاتم: كان ثقة رضًى (4) قال: (حَدَّثَنَا الوَلِيدُ) بن مسلم (عَنْ عِيسَى بْنِ أَيُّوبَ) القيني بكسر القاف، الدمشقي.
(قَال: قَوْلُهُ) في الحديث (التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ) هو أن (تَضْرِبُ) المرأة (بِأُصْبُعَينِ مِنْ يَمِينِهَا عَلَى) باطن (كفِّهَا اليُسْرَى) وهو صفحها، وصفح كل شيء جانبه، وصفحتا السيف جانباه (5).
وقيل: التصفيح الضرب بظاهر إحداهما على الأخرى، والتصفيق الضرب بباطن إحداهما على باطن الأخرى، وقيل: التصفيح بإصبعين
(1) سقط من (م).
(2)
في (ص، س): الناس.
(3)
في (ص، س، ل): لتصفق.
(4)
"الجرح والتعديل" 8/ 292.
(5)
في (ص، س): جانبه.
للتنبيه وبالقاف بالجميع (1) للهو واللعب فإن فعلته (2) عالمة بالتحريم بطلت صلاتها، وإن قلَّ كما قاله الرافعي (3)، والمشهور عند الشافعية (4) أن تضرب ببطن اليمين على ظهر اليسرى، وحكى الجيلي (5) وجهًا أنها تضرب بكفها على كوعها الأيسر وهو صفحته.
* * *
(1) في (ص): الجميع. وفي (س، ل): للجميع.
(2)
في (ص، س): عليه.
(3)
"الشرح الكبير" 2/ 49.
(4)
"المجموع" 4/ 82.
(5)
في (م): الحبلى.