الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
200 - باب مَنْ قَال: يُتِمُّ عَلَى أَكْبْرِ ظَنِّهِ
1028 -
حَدَّثَنا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنا محَمَّد بْن سَلَمَةَ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"إِذا كُنْتَ فِي صَلاةِ فَشَكَكْتَ فِي ثَلاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَأَكْبَرُ ظَنِّكَ عَلَى أَرْبَعِ تَشَهَّدْتَ ثُمَّ سَجَدْتَ سَجْدَتَينِ وَأَنْتَ جالِسٌ قَبْلَ أنْ تُسَلِّمَ ثُمَّ تَشَهَّدْتَ أَيْضًا ثُمَّ تُسَلِّمُ".
قال أَبُو داوُدَ: رَواهُ عَبْدُ الواحِدِ عَنْ خُصَيْفٍ وَلَمْ يَرفَعْهُ وَوافَقَ عَبْدَ الواحِدِ أَيْضًا سُفْيانُ وَشَرِيك وَإسْرائِيلُ، واخْتَلَفُوا فِي الكَلامِ فِي مَتْنِ الحَدِيثِ وَلَمْ يُسْنِدُوهُ (1).
1029 -
حَدَّثَنا محَمَّدُ بْن العَلاءِ، حَدَّثَنا إِسْماعِيلُ بْن إِبْراهِيمَ، حَدَّثَنا هِشامٌ الدَّسْتَوائِيُّ، حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنا عِياضٌ ح، وحَدَّثَنا مُوسَى بْن إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا أَبانُ، حَدَّثَنا يَحْيَى، عَنْ هِلالِ بْنِ عِياضٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:"إِذا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلَمْ يَدْرِ زادَ أَمْ نَقَصَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَينِ وَهُوَ قاعِدٌ، فَإِذا أَتاهُ الشَيطانُ فَقال: إِنكَ قَدْ أَحْدَثْتَ فَلْيَقُلْ كذَبْتَ إِلَّا ما وَجَدَ رِيحًا بِأَنْفِهِ أَوْ صَوْتًا بأُذُنِهِ". وهذا لَفْظُ حَدِيثِ أَبانَ.
قال أَبُو داوُدَ: وقال مَعْمَرٌ وَعَلِيُّ بْنُ المُبَارَكِ عِياضُ بْنُ هِلالٍ وقال الأوزاعِيُّ عِياضُ بْن أَبِي زهَيرٍ (2).
1030 -
حَدَّثَنا القَعْنَبِيُّ، عَنْ مالِكٍ، عَنِ ابن شِهابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي جاءَهُ
(1) رواه أحمد 1/ 428، والنسائي في "الكبرى"(605)، والبيهقي 2/ 336.
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(187).
(2)
رواه الترمذي (396)، والنسائي في "الكبرى" 1/ 205 (587، 1204)، وأحمد 3/ 50، وأبو يعلى 2/ 436 (1241)، وابن خزيمة (29)، وابن حبان (2665).
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(188).
الشَّيطانُ فَلَبَسَ عَلَيهِ حَتَّى لا يَدْرِي كَمْ صَلَّى، فَإِذا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جالِسٌ".
قال أَبُو داوُدَ: وَكَذا رَواهُ ابن عُيَيْنَةَ وَمَعْمَرٌ واللَّيْثُ (1).
1031 -
حَدَّثَنا حَجّاجُ بْن أَبي يَعْقُوبَ، حَدَّثَنا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنا ابن أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنْ محَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ بِهَذَا الحَدِيثِ بِإِسْنادِهِ، زادَ:"وَهُوَ جالِسٌ قَبْلَ التَّسْلِيمِ"(2).
1032 -
حَدَّثَنا حَجّاجٌ، حَدَّثَنا يَعْقُوبُ، أَخْبَرَنا أَبِي، عَنِ ابن إِسْحاقٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْنُ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيُّ، بِإِسْنادِهِ وَمَعْناهُ قال:"فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَين قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ ثُمَّ لْيُسَلِّمْ"(3).
* * *
باب مَنْ قَال: يُتِمُّ عَلَى أَكْبَر ظَنِّهِ (4)
بالباء الموحدة أي: أعظم (5) وأقوى ظنه.
[1028]
(حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ) بفتح السين واللام ابن عبد الله الباهلي مولاهم الحراني، أخرج له مسلم.
(عَنْ خُصَيفٍ) بضم الخاء المعجمة وفتح المهملة وبعد ياء التصغير فاء، ابن عبد الرحمن الجزري أبي عون، صدوق سيء الحفظ (6) (عن أبي
(1) رواه البخاري (1232)، ومسلم (570).
(2)
رواه ابن ماجة (1217)، والبيهقي 2/ 340.
وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود"(944).
(3)
رواه ابن ماجة (1216)، والبيهقي 2/ 339. وانظر السابق.
وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود"(945).
(4)
سقط من (س، ل، م).
(5)
في (م): أسلم.
(6)
"الكاشف" 1/ 280.
عبيدة) مصغر واسمه عامر (بن عبد الله، عن أبيه) عبد الله بن مسعود (عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَال: إِذَا كُنْتَ فِي صَلَاةٍ وشَكَكْتَ فِي ثَلَاثٍ) ركعات صليت (و (1) أَرْبَعٍ) بالواو بمعنى أو (2)، تقديره: فشككت في ثلاث ركعات أو أربع (وَأَكْبَرُ) بالباء الموحدة (ظَنِّكَ) أي: أعظم ظنك على أنك صليت (أَرْبَع) ركعات.
(تَشَهَّدْتَ) استدل به الحنفية على أن من تكرر منه السهو فله العمل بغلبة الظن، وحملوا حديث أبي هريرة في الأخذ باليقين وهو الأقل على من لم يغلب على ظنه شيء، وحملوا هذا الحديث على من ظن، قالوا: ويندفع به التعارض. وأجابوا عن قولنا في حديث أبي هريرة: إن الصلاة في ذمته بيقين (3) فلا تبرأ ذمته إلا بيقين، فإنَّ الظن الغالب تبرأ به الذمة، بدليل أن الصلاة متوقفة على شروط مظنونة بالاتفاق (ثُمَّ سَجَدْتَ) للسهو (سَجْدَتَينِ وَأَنْتَ جَالِسٌ) أي: لئلا يظن أنه محتاج إلى أن يقوم ثم يسجد كأمثاله من السجود، قاله ابن الأثير في "شرح المسند".
(قَبْلَ أَنْ تُسَلِّمَ ثُمَ تَشَهَّدْتَ أَيْضًا ثُمَّ تُسَلِّمُ) استدل به على أن سجود السهو يتعقبه بتشهد وسلام.
ورواه البيهقي: بلفظ (4): "إذا (5) كنت في صلاة فشككت في ثلاث أو
(1) في (ص، س، ل): أو.
(2)
من (ل، م).
(3)
في (ص): ثبتت. وفي (س): تنصب.
(4)
من (س، م).
(5)
في (ص): إن.
أربع" إلى آخره ثم قال: و [هذا غير](1) قوي ومختلف في رفعه ووقفه (2)؛ لأن خصيف الجزري ضعفه أحمد، وقال أبو حاتم: تكلم في سوء حفظه (3). واستدل به أيضًا لمذهب الشافعي (4) أن سجدتي السهو أقبل السلام، (5) كما تقدم.
(قَال) المصنف: و (رَوَاهُ عَبْدُ الوَاحِدِ عَنْ خُصَيْفٍ وَلَمْ يَرْفَعْهُ، وَوَافَقَ عَبْدَ الوَاحِدِ أَيْضًا سُفْيَانُ وَشَرِيكٌ وَإِسْرَائِيلُ، وَاخْتَلَفُوا فِي الكَلَامِ فِي مَتْنِ الحَدِيثِ وَلَمْ يُسْنِدُوهُ) أي: بل وقفوه، و [تكرر من](6) المنذري (7) وغيره أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه شيئًا، يعني (8): لأنه كان صغيرًا جدًّا في حياته، قال عمرو (9) بن مرّة: سألت أبا عبيدة (10): هل تذكر من عبد الله شيئًا قال: لا (11).
[1029]
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلَاءِ، أنبأنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) بن علية
(1) في (ص، س): هو.
(2)
"السنن الكبرى" 2/ 355 - 356.
(3)
"الجرح والتعديل" 3/ 403 - 454.
(4)
"الأم" 1/ 246.
(5)
من (م).
(6)
في (ص، س): لكن ذكر.
(7)
"مختصر السنن" 1/ 467.
(8)
سقط من (م).
(9)
في (م): عمر.
(10)
في" (م): عبيد.
(11)
رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 6/ 210.
(حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِي، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كثِيرٍ، حدثنا (1) ابن عياض) سيأتي الخلاف فيه.
(وحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ) الأرجح عدم الصرف (حَدَّثَنَا يَحْيَى) بن أبي كثير (عَنْ هِلَالِ بْنِ عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ أَنَّ رَسُولَ الله) صلى الله عليه وسلم. وروايتي الترمذي (2)(3) وابن ماجة، عن عياض بن هلال أنه سأل أبا سعيد الخدري: أحدنا يصلي فلا يدري كيف صلى ولفظ ابن ماجة (4): فلا يدري كم صلى (قَال)(5) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلَمْ يَدْرِ) كم صلى (زَادَ أَو نَقَصَ) ولابن ماجة: "فلم يدر". وللترمذي: كيف صلى؟ (فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ قَاعِدٌ) وبوب عليه الترمذي باب فيمن يشك في الزيادة والنقصان (6). ثم قال: وقد روي عن أبي سعيد من غير هذا الوجه، وحديث أبي سعيد حديث حسن. قال: وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم "إذا شك أحدكم في الواحدة والثنتين فليجعلهما واحدة، وإذا شك في الاثنتين والثلاث فليجعلهما اثنتين وليسجد في ذلك سجدتين قبل أن يسلم". والعمل على هذا عند أصحابنا.
وقال بعض أهل العلم: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى
(1) من (م).
(2)
في (ص، س، ل): النسائي.
(3)
"سنن الترمذي"(396).
(4)
"سنن ابن ماجة"(1204).
(5)
سقط من (ل، م).
(6)
"سنن الترمذي" قبل حديث (396).
فليعد (1). انتهى.
وهذا الحديث الذي ذكره بصيغة التمريض، رواه ابن ماجة بسنده (2) عن عبد الرحمن بن عوف: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا شك أحدكم في الثنتين والواحدة فليجعلهما واحدة، وإذا شك في الثنتين والثلاث فليجعلهما اثنتين، وإذا شك في الثلاث والأربع فليجعلهما ثلاثًا"(3).
(فَإِذَا أَتَاهُ الشَّيطَانُ فَقَال إِنَّكَ قَدْ أَحْدَثْتَ فَلْيَقُلْ) له (كذَبْتَ) ورواه ابن حبان، عن أبي سعيد أيضًا بلفظ:"فليقل في نفسه: كذبت"(4).
(إِلَّا مَا وَجَدَ رِيحًا بِأَنْفِهِ أَوْ صَوْتًا بِأُذُنِهِ) كذا رواه الحاكم (5) بهذا اللفظ لكنه من طريق عياض بن عبد الله عنه (6).
ورواه البزار بلفظ: "يأتي أحدكم الشيطان في صلاته حتى ينفخ في مقعدته فيخيل إليه أنه قد أحدث (7) ولم يحدث فإذا وجد ذلك أحدكم فلا ينصرف حتى يسمع صوتًا بأذنه أو يجد (8) ريحًا بأنفه"(9). وفي
(1)"سنن الترمذي" عقب حديث (396).
(2)
في (ص): بسند.
(3)
"سنن ابن ماجة"(1209).
(4)
"صحيح ابن حبان"(2666).
(5)
"المستدرك" 1/ 134.
(6)
من (ل، م).
(7)
زاد هنا في (ص): وما أحدث.
(8)
من (س، م).
(9)
أخرجه البزار كما في "مجمع الزوائد" للهيثمي 1/ 552، وقال: رواه الطبراني في "الكبير" والبزار بنحوه وجاله رجال الصحيح.
إسناده أبو أويس (1)، لكن تابعه الدراوردي عند البيهقي والمراد بالريح الخارج من الدبر، وأراد بقوله:"يجد ريحًا" أي (2): يشمها بفتح الشين، وهو من وجدت الشيء أجده إذا أصبته، والريح يقع على الرائحة، والمراد بالصوت هنا الضرطة، وبالريح الفساء، وهذا التعليق بسماع الصوت وشم الرائحة معناه: حتى يتيقن الحدث؛ فإنه قد يكون أصم فلا يسمع، أو أخشم فلا يشم، وإنما ذكر السماع والشم لأنهما من توابع هذا الحدث فلا (3) يخلو من أحدهما، وقد استدل الشافعي (4) بهذا الحديث على أن اليقين لا يزول بالشك، فإنه يقول: كذبت (5). حتى يتيقن بسماع الصوت ووجود الريح (6).
(وهذا لَفْظُ حَدِيثِ أَبَانَ) بن يزيد العطار، أخرج له مسلم.
(وَقَال مَعْمَرٌ وَعَلِي بْنُ المُبَارَكِ) فنسباه (عِيَاضُ بْنُ هِلَالٍ) وكذا رواه الترمذي (7) وذكره ابن الأثير (8) وغيره.
(وَقَال الأَوْزَاعِيُّ) هو (عِيَاضُ بْنُ أَبِي زُهَيرٍ) الفهري، قيل (9): هو
(1) في (م): أوس.
(2)
من (س، م).
(3)
في (ل، م): فإنه لا.
(4)
"الأم" 1/ 64، 5/ 379.
(5)
تكررت في (ل، م).
(6)
في (م): الرائحة.
(7)
"السنن"(396).
(8)
"جامع الأصول" 5/ 534.
(9)
من (ل، م).
عياض بن هلال وفرق بينهما علي (1) بن المديني (2).
[1030]
(حَدَّثَنَا القَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابن شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) عبد الله (بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن عوف (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَال: إِن أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي جَاءَهُ الشَيطَانُ) هذا يدل على أن شيطان الصلاة غير شيطان الآدمي.
أما شيطان الآدمي فروى مسلم من حديث ابن مسعود: "ما منكم من أحدٍ إلا وله شيطان"(3).
وأما شيطان الصلاة فيسمى خنزب كما رواه مسلم من حديث عثمان بن أبي العاص (4)، وللنسائي في "الكبرى" من حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي فأتاه الشيطان فأخذه فصرعه فخنقه حتى وجدت (5) برد لسانه على يدي (6).
وللبخاري من حديث أبي هريرة: "إن عفريتًا من الجن تفلت علي البارحة ليقطع عليَّ صلاتي، فأمكنني الله تعالى منه"(7)، ولهذا ذكر البخاري هذا الحديث في وصف إبليس (فَلَبَسَ) قال المنذري (8): هو بتخفيف الباء وضبطه بعضهم بالتشديد والتخفيف أفصح، قال الله
(1) من (ل، م).
(2)
انظر: "تهذيب التهذيب" 3/ 354.
(3)
"صحيح مسلم"(2814/ 69).
(4)
"صحيح مسلم"(2203/ 68).
(5)
في (ص، س، ل): وجد.
(6)
"السنن" 6/ 442 - 443 (11439).
(7)
"صحيح البخاري"(461).
(8)
انظر: "مختصر سنن أبي داود" 1/ 428.
تعالى: {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} (1) قال بعضهم: وربما شدد للتكثير عليه أي: خلط (عَلَيهِ) أمر صلاته وشبهها عليه وشككه فيها (حَتَّى لَا يَدْرِي ما صَلَّى) ولا كيف صلى (فَإِذَا وَجَدَ ذلك أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَينِ وَهُوَ جَالِسٌ) فيه الأمر بالسجود عند السهو.
قد اختلف العلماء في المراد بهذا الحديث فقال الحسن البصري وطائفة من السلف بظاهر هذا الحديث. وقالوا: إذا شك المصلي فلم يدر زاد أو نقص فليس عليه إلا سجدتان وهو جالس عملًا بظاهر هذا الحديث، وقال الشعبي والأوزاعي وجماعة كثيرة من السلف: إذا لم يدر كم صلى لزمه أن يعيد الصلاة مرة بعد أخرى أبدًا حتى يتيقن (2).
وقال بعضهم: يعيد ثلاث مرات، فإذا (3) شك في الرابعة فلا إعادة عليه، وقد بوب عليه البخاري أي (4) على هذا الحديث باب السهو في الفرض والتطوع. قال: وسجد ابن عباس سجدتين بعد وتره (5).
وقال ابن الملقن: وما نقله البخاري عن ابن عباس إنما يأتي على قول من يقول: إن الوتر سنة (6).
قال العلائي: والذي ذهب إليه الجمهور من العلماء قديمًا وحديثًا أنه لا فرق بين صلاة الفرض وصلاة النفل في الخبر بسجود السهو؛ لأن الذي يحتاج إليه الفرض من ذلك يحتاج إليه النفل، وذهب ابن
(1) الأنعام: 9.
(2)
في (س، ل، م): يستيقن.
(3)
في (ص): فلا.
(4)
سقط من (س، ل، م).
(5)
"صحيح البخاري"(1232).
(6)
"التوضيح لشرح الجامع الصحيح" بتحقيقنا 9/ 368.
سيرين (1) وقتادة (2) من التابعين إلى أن التطوع لا يسجد للسهو فيه، واختلف [فيه النقل](3) عن عطاء بن أبي رباح (4)، وقد نقل هذا (5) جماعة من الأصحاب قولًا قديمًا للشافعي (6). وقال الشيخ أبو حامد: الذي نص عليه الشافعي في القديم أنه يسجد للسهو في التطوع فيكون له على هذا قولان في القديم، وأما الجديد (7) فلم يختلف فيه (8) قوله أنه يسجد فيه كما ذهب إليه الجمهور (9).
ثم قال العلائي في "نظم الفرائد فيما تضمنه حديث ذي اليدين من الفوائد": وهذا له تعلق ببحث أصولي وهو أن اسم الصلاة الذي هو حقيقة شرعية في هذِه الأفعال المخصوصة هل هو متواطئ فيكون مشتركًا معنويًّا فيدخل تحته كل صلاة أو هو مشترك لفظي (10) بين صلاتي الفرض والنفل وغيرهما من الصلوات كما يقال في القرء وأمثاله من المشتركات، وهذِه المسألة قليلة الوجود في كتب المتقدمين، والذي اختاره الإمام (11) فخر الدين أنه مشترك لفظي لما (12)
(1)"مصنف عبد الرزاق" 2/ 326 (3552، 3556).
(2)
ما وقفنا عليه لقتادة أنه يسجد للسهو في التطوع. "مصنف عبد الرزاق" 2/ 326 (3553).
(3)
في (س، ل): النقل فيه.
(4)
"مصنف عبد الرزاق" 2/ 325 (3549، 3551)، 326 (3557، 3558)، 327 (3560).
(5)
من (م).
(6)
"المجموع" 4/ 161.
(7)
"الأم" 1/ 248.
(8)
سقط من (م).
(9)
"المجموع" 4/ 161.
(10)
من (س، ل، م).
(11)
من (س، ل، م).
(12)
من (م).
بين صلاتي الفرض والنفل من التباين في بعض الشروط كالقيام واستقبال القبلة وعدم اعتبار العدد المنوي، وغير ذلك.
ثم قال: والذي يظهر أنه مشترك معنوي، أي: متواطئ لوجود القدر الجامع بين كل ما يسمى صلاة، وهو التحرم والتحلل تعبدًا لله تعالى مع ما يشمل الكل من الشروط التي لا تنفك، وهو أولى من القول الأول؛ لأن الاشتراك اللفظي على خلاف الأصل والتواطؤ خير منه، فعلى هذا يكون قوله صلى الله عليه وسلم:"إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر صلى ثلاثًا أو أربعًا" وقوله: "إن أحدكم إذا قام يصلي فلبس عليه صلاته".
ثم قال بعده: "فليسجد سجدتين" شامل لقسمي الفرض والنفل لدخول كل منهما في اسم (1) الصلاة كلفظ الإنسان بالنسبة إلى الأفراد الداخلة تحته، وكذلك سجوده صلى الله عليه وسلم عقب سهوه في حديث ذي اليدين وغيره إذا جعلنا (2) دلالة [الفعل في مثل هذا يقتضي رجحان الطلب فإنه يشمل نوعي الفرض والنفل](3) لعدم الفرق بينهما ولشمول اسم الصلاة لهما، فأما على القول بأنه مشترك لفظي كما قال فخر الدين فلا عموم له حينئذٍ إلا على ما اختاره الإمام الشافعي أن المشترك يعم جميع مسمياته كاللفظ العام والله أعلم (4). ويدل على العموم ترجمة البخاري (5) باب السهو في الفرض والنفل (6).
(1) في (ص، س): اسمي.
(2)
في (ص، س): جعلها.
(3)
من (ل، م).
(4)
"نظم الفرائد" ص 575 - 576.
(5)
بعدها في (م): على.
(6)
"صحيح البخاري" قبل حديث (1232)، وفيه (النفل) بدل (التطوع).
(قَال) المصنف (كَذَا رَوَاهُ) سفيان (ابْنُ عُيَيْنَةَ وَمَعْمَرْ وَاللَّيثُ) ثلاثتهم، عن محمد بن شهاب الزهري.
[1031]
(حدثنا حجاج بن أبي يعقوب) يوسف الثقفي ابن الشاعر شيخ مسلم (حَدَّثَنَا يَعْقُوبَ) بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن (1) عبد الرحمن بن عوف المدني (2).
(حدثنا) محمد بن عمد الله (ابْنُ أَخِي الزهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ) الزهري (بهذا الحَدِيثِ) المذكور (بِإِسْنَادِهِ) و (زَادَ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ التَسْلِيمِ) وفيه حجة لمذهب الشافعي (3) وغيره أن السجود للزيادة والنقص قبل التسليم.
[1032]
(حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ) بن أبي يعقوب (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ) بن إبراهيم (أنبأنا أَبِي) إبراهيم بن سعد (عَنِ) محمد (ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الزهْرِيُّ بِإِسْنَادِهِ) المذكور (وَمَعْنَاهُ) وقَال فيه: (فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَينِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ) قال الزهري أحد الرواة كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن سجدتي السهو بين التشهد والسلام (4)؛ ولأنه سجود وقع سببه في الصلاة فكان فيها كسجود التلاوة (ثُمَ لْيُسَلِّمْ) لأنه تمام الصلاة.
* * *
(1) في (ص): عن.
(2)
في (ص): الرسري. وفي (س): الزهري.
(3)
"الأم" 1/ 246.
(4)
انظر: "السنن الكبرى" البيهقي 2/ 340.