الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
237 - باب الكَلامِ والإِمامُ يَخْطُبُ
1112 -
حَدَّثَنا القَعْنَبِيُّ، عَنْ مالِكٍ، عَنِ ابن شِهابٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"إِذَا قُلْتَ: أَنْصِتْ والإِمامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ"(1).
1113 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ وَأَبُو كامِلٍ قالا: حَدَّثَنا يَزِيدُ، عَنْ حَبِيبٍ المُعَلِّمِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَحْضُرُ الجُمُعَةَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ رَجُلٌ حَضَرَها يَلْغُو وَهُوَ حَظُّهُ مِنْها وَرَجُلٌ حَضَرَها يَدْعُو فَهُوَ رَجُلٌ دَعا اللهَ إِنْ شاءَ أَعْطاهُ وَإنْ شاءَ مَنَعَهُ وَرَجُلٌ حَضَرَها بِإِنْصاتٍ وَسُكُوتٍ وَلَمْ يَتَخَطَّ رَقَبَةَ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُؤْذِ أَحَدًا فَهِيَ كَفّارَةٌ إِلَى الجُمُعَةِ التِي تَلِيها وَزِيادَةُ ثَلَاثَةِ أَيّامٍ وَذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ يَقُولُ: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} (2).
* * *
باب الكلام والإمام يخطب
[1112]
(حدثنا) عبد الله بن محمد (القعنبي (3)، عن مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد) بن المسيب (عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قلت) زاد البخاري وغيره: "لصاحبك"(4)(أنصت) بفتح الهمزة، قال الأزهري: يقال: أَنْصَت ونَصَتَ وانتصَت (5).
قال ابن خزيمة: المراد بالإنصات: السكوت عن مكالمة الناس
(1) رواه البخاري (934)، ومسلم (851).
(2)
رواه أحمد 2/ 181، وابن خزيمة (1813)، والبيهقي في "الشعب" 4/ 416 (2742). وحسنه الألباني في "المشكاة"(1396).
(3)
بياض في (م).
(4)
"صحيح البخاري"(934).
(5)
"تهذيب اللغة"(نصت).
دون ذكر الله (1). وتعقب بأنه يلزم منه جواز القراءة والذكر حال الخطبة، فالظاهر أن المراد السكوت مطلقًا، ومن فرق احتاج إلى دليل، فلا يلزم من تجويز التحية لدليلها الخاص جواز الذكر مطلقًا (2).
(والإمام يخطب) فيه الرد على من جعل وجوب الإنصات من خروج الإمام؛ لأن قوله في الحديث: (والإمام يخطب) جملة حالية تخرج ما قبل خطبته من حين خروجه وما بعده إلى أن يشرع في الخطبة، نعم الأَوْلَى أن ينصت لوجود الترغيب فيه.
وأما حال الجلوس بين الخطبتين فحكى صاحب "المغني"(3) عن العلماء فيه قولين بناء على أنه غير مخاطب، أو أن زمن (4) سكوته قليل، فأشبه السكوت للتنفس (5).
(فقد لغوت) هذِه اللغة الفصحى. قال الأخفش: اللغو: الكلام الذي لا أصل له من الباطل وشبهه. قال ابن عرفة: اللغو: السقط. وقيل: بطلت فضيلة جمعتك (6).
وأقوال أهل اللغة متقاربة المعنى، ويشهد للقول بأن المراد به (7) صارت جمعتك ظهرًا ما رواه المصنف (8)، وابن خزيمة (9) من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا: "من لغا وتخطى رقاب الناس [كانت له](10)
(1)"صحيح ابن خزيمة" 3/ 138.
(2)
انظر: "فتح الباري" 2/ 414.
(3)
في (م): المغنم.
(4)
في (م): أمر.
(5)
"المغني" 3/ 200.
(6)
"فتح الباري" 2/ 481.
(7)
من (س، ل، م).
(8)
"سنن أبي داود"(347).
(9)
"صحيح ابن خزيمة"(1810).
(10)
في (م): صارت جمعته.
ظهرًا". قال ابن وهب أحد رواته: معناه: أجزأت عنه الصلاة وحرم فضيلة الجمعة (1).
ولأحمد (2) من حديث علي مرفوعًا (3): "ومن قال: صه (4) فقد تكلم، ومن تكلم فلا جمعة له".
وللمصنف (5) نحوه، ولأحمد (6) والبزار (7) من حديث ابن عباس مرفوعًا:"من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كالحمار يحمل أسفارًا، والذي يقول له: أنصت ليست له جمعة".
قال العلماء: معناه: لا جمعة له كاملة؛ للإجماع على إسقاط فرض الوقت عنه (8).
وقع (9) عند أحمد (10) من رواية الأعرج، عن أبي هريرة في آخر هذا الحديث بعد قوله:"فقد لغوت": "عليك نفسك" واستدل به على منع [جميع أنواع](11) الكلام، وبه قال الجمهور في حق من سمعها (12).
قالوا (13): وإذا أراد (14) الأمر بالمعروف فليجعله بالإشارة.
[1113]
(حدثنا مسدد وأبو كامل) الجحدري (قالا: حدثنا يزيد) بن
(1)"فتح الباري" 2/ 414.
(2)
"مسند أحمد" 1/ 93.
(3)
في (ص، س): موقوفًا.
(4)
في (ص، س، ل): مه.
(5)
"سنن أبي داود"(1051).
(6)
"مسند أحمد" 1/ 230.
(7)
"مسند البزار"(4725).
(8)
"فتح الباري" 2/ 414.
(9)
من (ل، م).
(10)
"مسند أحمد" 2/ 485.
(11)
سقط من (م).
(12)
"فتح الباري" 2/ 414.
(13)
في (ص، س، ل): قال. والمثبت من (م)، و"الفتح".
(14)
في (م): أرادوا.
زريع، أبو معاوية الحافظ (عن حبيب) بن أبي قريبة أبي محمد (المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه) شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو (عن) جده الأعلى (عبد الله بن عمرو) بن العاص (1) وبالتصريح بالرواية عن جده عبد الله انتفى احتمال الإرسال الموجب؛ لعدم الاحتجاج به عند بعضهم (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يحضر الجمعة ثلاثة نفر) أي: كل من حضر لصلاة (2) الجمعة هم على ثلاثة أقسام:
أحدها: وهو أدناها (رجل حضرها) أي: حضر الجمعة وهو (يلغوا فهو) أي: فاللغو الذي وقع منه (حظه) أي: بخته ونصيبه (منها) لا نصيب له من الأجر فيها.
(ورجل حضرها) وقصده من الحضور أن (يدعو) الله تعالى (فهو رجل دعا الله تعالى) فأمره إلى الله تعالى (إن شاء أعطاه) ما سأله (وإن شاء منعه) إياه.
والثالث: أعلاها (و) هو (رجل حضرها بإنصات وسكوت) يحتمل أن يريد به التوكيد ولم تقع المخالفة بين المعنيين لاختلاف اللفظين، ألا ترى أن في بعض ألفاظ الحديث:"ومشى ولم يركب" ومعناهما واحد، ويحتمل أن يراد بالإنصات: الإصغاء إلى الخطبة، وبالسكوت: السكوت عن الكلام، [وفي نسختين معتمدتين: وسكون. أي: بالنون بدل التاء أي: سكون أعضائه عن الحركة كما في الصلاة] (3).
(ولم يتخطى رقبة مسلم) وفي رواية سلمان الفارسي وغيره: "ولم
(1) في (ص، س): الصباح. وفي (ل، م): الصراح. والمثبت من "التهذيب" 12/ 534.
(2)
و (3) سقط من (م).
يفرق بين اثنين" (1)، وفي رواية أبي الدرداء (2): "لم يتخط أحدًا" (3) يعني: لغير حاجة.
(ولم يؤذ أحدًا) من المسلمين بقول ولا فعل (فهي كفارة) من تلك الجمعة (إلى الجمعة التي تليها، وزيادة)[بالجر عطفًا على (الجمعة) ويجوز النصب مفعول معه](4) على السبعة (ثلاثة أيام) بعدها (وذلك بأن الله تعالى) يحتمل أن تكون الباء بمعنى اللام كقوله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} (5).
(يقول) فيه مشروعية الاستشهاد بكتاب الله تعالى: ({مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} (6) ") أي: عشر حسنات.
(1) أخرجه البخاري (910)، وابن ماجه (1097)، والدارمي في "سننه"(1541)، وأحمد 5/ 440.
(2)
في (ص): الورد.
(3)
أخرجه أحمد 5/ 198.
(4)
سقط من (م).
(5)
النساء: 155.
(6)
الأنعام: 160.