الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة
إِن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله؛ فلا مضل له، ومن يضلل؛ فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلَاّ الله وحده لا شريك له.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
فإني - انطلاقًا من مشروعي الكبير "تقريب السنَّة بين يدي الأمة"، واستمرارًا في العمل فيه، وإخراج ما يمكن إخراجه منه إلى إخواني المؤمنين حتى آخرَ رمق من حياتي -؛ فإني أقدِّم اليوم:
"صحيح موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان"
وليس يخفى على أهل العلم أهميةُ كتاب "الموارد"؛ وذلك لأن مؤلِّفه الحافظ الهيثمي - رحمه الله تعالى - قد استصفى فيه الأحاديث الزائدة على أحاديث "الصحيحين" من كتاب "صحيح ابن حبان" رحمه الله، الذي كان قد تفنَّن في ترتيبه ترتيبًا غريبًا بقصدٍ حسنٍ، وهو حضُّ طلاب العلم على حفظه كما يحفظون القرآن الكريم؛ لِتسهيل الرجوع إليه عند الحاجة! ترتيبًا فريدًا لم يُسبق إليه، وسماه: "المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع، من غير وجود قطع
في سندها، ولا ثبوتِ جرحٍ في ناقليها" كما ذكر في مقدمته (1).
ولهذا الترتيب الغريب - غير المطروق - تتابع العلماء على التصريح بِعُسْر الانتفاع به؛ كالحافظ الذهبي، والحافظ العسقلاني، والإمام السيوطي، والشيخ أحمد شاكر رحمهم الله جميعًا - (2)؛ خلافًا لمن عاند، وكابر، وشغّب من المعاصرين الذي لا يستفيد من علم المتقدمين إذا خالف ما يظنه أنه من العلم، وإنما هو مجرد الإجلال، والإكبار، والتقليد لأحد الكبار، والدفاع عنه بغير علم، ولا كتاب منير (3).
من أجل ذلك؛ جاء من بعده الأمير علاء الدين أبو الحسن علي بن بَلْبَان الفارِسيُّ المصري الحنفي (ت 739)، فرتّبه على الكتب والأبواب، فكان عملًا جليلًا حقًّا؛ قرَّب الكتاب لطالبيه، وحافظ على أصله بدقة الرجل العالم الثقة الأمين، كما قال محققه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في مقدمته عليه (1/ 17).
وقد تبعه الحافظ الهيثمي في تيسير الانتفاع بكتابه "موارد الظمآن"، فرتبه - أَيضًا - على الكتب والأبواب الفقهية؛ كما نص عليه في المقدمة، ولكنه لم يلتزم فيها ما التزمه الأمير علاء الدين من المحافظة على كتب وأبواب أصله، وإنما ترجم لأحاديثه بما أداه إليه اجتهاده من الكتب والأبواب.
وإن مما لا شك فيه أن هذا الترتيب - دون أي شك - أنفع لعامّة الناس، وأيسر للاستفادة والتفقه والمراجعة، ولذلك قيل: فقه البخاري في تراجم أبوابه في "صحيحه"، فلا جرم أنَّه سار على هذا الدرب كبار الأئمَّة والحفاظ؛
(1) انظر "صحيح ابن حبان" - تحقيق الشيخ العلامة أحمد شاكر رحمه الله (1/ 9، 15، 111)، و"النكت الظراف" للحافظ ابن حجر (1/ 291).
(2)
انظر "سير الأعلام" للذهبي (16/ 97)، وأحمد شاكر (1/ 16).
وقال الحافظ: "رام تقريبه؛ فبعّده! "؛ نقله السخاوي (2/ 342).
(3)
انظر مقدمة "موارد الظمآن" للأخ حسين سليم الداراني (1/ 42).