الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهذا منه تصريح بأنه لم يعرف عدالته في الدين، بله الصدق في الحديث، فهل يتذكر؟
وزيادة في الفائدة؛ لا بأس من الإتيان ببعض الأمثلة استعجالًا بالخير؛ وإلا فهي من الكثرة بحيث يصعب إحصاؤها، وسننبه على الكثير الطيب منها في أبوابها ومواطنها من الكتابين "الصحيح"، و"الضعيف" - إن شاء اللَّه تعالى -:
تحقيق إخلال ابن حبان بالوفاء بشروطه الخمسة:
أما إخلاله بالشرط الأول والثاني؛ فمن الأمثلة على ذلك:
أولًا: حديث إياس بن خليفة، عن رافع بن خديج: أن عليًّا أمر عمارًا أن يسأل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن المذي
…
الحديث الآتي برقم (239 - الصحيح)، فإياس هذا - مع جهالته خالف الثقات الذين رووه في "الصحيحين": أن عليًّا أمر المقداد كما سترى هناك، فأين شرط العدالة في الدين والصدق في الحديث والشهرة فيه؟! لقد تجاهل هذا كلَّه الهائمُ - وغيره -، ثم تكلف تأويله خلافًا للأصول، كما سترى في التعليق هناك.
ثانيًا: حديث محمد بن الأشعث، عن عائشة، قالت:
كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يمس من وجهي شيئًا وأنا صائمة، ويأتي برقم (904 - "الضعيف")، فابن الأشعث هذا - مع جهالته - اضطرب في متنه، فرواه هكذا تارة، وعلى العكس تارة أخرى بلفظ: كان لا يمتنع من وجهي وأنا صائمة.
وهذا هو الصحيح المحفوظ عن عائشة كما سيأتي هناك، فهو حديث منكر، ومع ذلك قوَّاه الداراني - وغيره -، وهو شاهد قوي لقول الذهبي في "صحيح ابن حبان":
"فيه من الأقوال، والتأصيلات البعيدة، والأحاديث المنكرة عجائب"(1).
ثالثًا: حديث عبد اللَّه بن نُجَيّ، عن أبيه: سمعت عليًّا يحدث، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال:
"لا تدخل الملائكة بيتًا فيه
…
جنب".
ذكرت فيما يأتي (1484 - الضعيف) أنه منكر بذكر (الجنب)، وهو الذي يقتضيه قول ابن حبان في ترجمة نجي هذا من "ثقاته" (5/ 480):
"لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد"(2).
فأين الوفاء بشرطه الذي قال في مقدمة "ثقاته" - كما تقدم (ص 12) -:
"ولا أذكر في هذا الكتاب إلَّا الثقات الذين يجوز الاحتجاج بخبرهم"؟!
ومع هذا كله؛ فقد جوَّد الداراني إسناده محتجًّا كعادته بقوله: "وثقه ابن حبان"! ولكنه كتم قوله المذكور: "لا يعجبني
…
"! ثم جاء بتخليطات عجيبة - كما سترى -.
رابعًا: حديث قصة الملكين (هاروت) و (ماروت)، وشربهما الخمر، وقتلهما الصبي، وزناهما بِـ (الزهرة)، الآتي برقم (1717 - الضعيف)؛ فهو - مع كونه باطلًا لمخالفته للقرآن، وفي إسناده من قال فيه ابن حبان:"يخطئ ويخالف"! - وقد خالفه الثقات الذين أوقفوه -؛ فقد سوَّد به ابن حبان "صحيحه"، واغتر به إمعته على ما هي عادته؛ فجوَّد إسناده، وخالف الحفاظ الذين استنكروه - كما سيأتي هناك بيانه -.
(1) تقدم (ص 9).
(2)
انظر (ص 20)؛ فهناك بعض النماذج الأخرى، وتفصيل جيد له فيمن يقول فيهم هذا القول من "ثقاته".