الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 -
يخطئ كثيرًا.
8 -
كان ممن يخطئ.
9 -
روى عنه متهم! (1).
قلت: وتحت كل نوع من الأنواع عديد من الرواة، لو تتبعها باحث لازداد هولًا وعجبًا من كثرةِ المخالفات لقواعده هو؛ فضلًا عن قواعد (مصطلح الحديث).
بعد هذا البيان الجامع الموجز أقول:
على الأخ الداراني أن يعود إلى رشده، ويتوب إلى ربه من غروره وعجبه، وأن يصلح موقفه مع الأئمة وحفاظ الأمة، وبخاصة من رمى منهم بالجهل، وأعظم من ذلك كله - وهو المقصود الأكبر من هذا الرد كله -: أن يعيد النظر في تلك الأحاديث الضعيفة التي صححها، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلَاّ بالله!
سبب الأخطاء في "الثقات
":
فإن قيل: لقد تبين خطأ ابن حبان رحمه الله وتساهله في كتابه "الثقات" تأصيلًا وتفريعًا، وصواب حكم الحفاظ عليه بأنه متساهل، وتعجب الحافظ منه، وتعصب المدافع عنه بغير علم، فما هو السبب الذي أوقعه في التساهل؟
فأقول وبالله التوفيق:
(1) وأما الذين يذكرهم برواية واحد من الضعفاء والمجهولين والمدلسين - خلافًا لشرطه -؛ فحدِّث ولا حرج! وقد كشفت القناع عن الكثيرين منهم في "تيسير الانتفاع"، ولكن لم يتيسّر لي تتبعهم بعدُ؛ مثل:(إبراهيم بن جريج الرهاوي)، انظر "الضعيفة"(1692)، و (أحمد بن موسى المربدي البصري)، انظر "الضعيفة"(6931) وغيرهما.
لا أجد سببًا أقطع به - بعد السبب العام الشامل للبشر قاطبة إلَّا الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -، وهو الذي أشار إليه الإمام مالك رحمه الله في قوله المعروف: "ما منا من أحد إلَّا ردَّ أو رُدَّ عليه إلَّا صاحب هذا القبر، وأشار إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ اللَّهم إلَّا الاستعجال في التأليف، وعدم التمكن من إعادة النظر فيه وتبييضه؛ بسبب مرض، أو تأخر في العمر، أو غير ذلك من الأسباب التي تختلف باختلاف الناس والظروف التي تحيط بهم.
وقد وجدت بعض الحفاظ قد عللوا تساهل الحاكم في "المستدرك" بشيء مما ذكرت، فقال الحافظ ابن حجر:
"وإنما وقع للحاكم التساهل؛ لأنه سوَّد الكتاب لينقحه، فأعجلته المنية"(1).
وقال السخاوي في "فتح المغيث"(1/ 36):
"يقال: إن السبب في ذلك أنه صنفه في آخر عمره، وقد حصلت له غفلة وتغير، أو أنه لم يتيسر له تحريره وتنقيحه
…
".
ولَدَيَّ بالنسبة لابن حبان سببان آخران:
أحدهما: أنه أحاطت به بعض الفتن بسبب كلمة قالها في النبوة وغيرها، فهُجر بسببها، وأُخرج من بلده (2)، وهذا مما لا يرتاب عاقل أنه يشغل البال، ولا يفسح للعالم أن يتقن الأعمال، وبخاصة ما كان منها علمية فكرية.
والآخر: أنه قد نص في مقدمة "الثقات"(1/ 11) أن هذا "مختصر عن كتاب التاريخ الكبير" مثل كتابه الآخر: "الضعفاء والمجروحين"؛ فقد لاحظت أنه قد بقي في "ثقاته" عشرات المترجمين، هم بِـ "التاريخ" أولى من "الثقات"،
(1) ذكره السيوطي في "التدريب"(1/ 106).
(2)
انظر "الميزان"، و"تاريخ الإسلام"(26/ 113).
مثل أولئك الذين صرح بأنه لا يعرفهم (انظر ص 16) وما بعدها، وغيرها كثير وكثير، فانظر مثلًا الترجمتين الآتيتين، قال (8/ 491):
1 -
"عيسى بن زاذان الأيلي، من عباد البصريين، ما له حديث مسند؛ إنما له الرقائق والخطابات في العبادة".
2 -
"عيسى بن جابان، من عباد أهل الكوفة؛ ممن حفظ لسانه، ليس يروي الأخبار، ولا يسمع الآثار؛ إنما يُحكى عنه الرقائق في التعبد".
ومثله كثير؛ مثل أويس القرني؛ فقد وصفه بالزهد والعبادة، ولم يذكر له رواية؛ بل صىح الذهبي أنه ما روى شيئًا! ".
فهؤلاء بـ "التاريخ" أشبه منه بـ "الثقات"، فبقاؤهم فيه دليل قوي على أنه لم يُتَحْ له إعادة النظر فيه وتصفيته من أوهامه.
قلت: فهذه المجموعة من الأسباب هي السبب في بقاء تلك الأنواع من الأوهام والأخطاء في "الثقات"، وخلاصة ذلك أنه تركه مسودة، لم يُتح له تنقيتها وتهذيبها؛ واللَّه سبحانه وتعالى أعلم.
هذا؛ ووفاءً بما وعدت في هذا الفصل، وإتمامًا للفائدة؛ أقول:
قال الحافظ السخاوي في فصل "معرفة الثقات والضعفاء" من كتابه "فتح المغيث"(3/ 315) بعد أن ذكر كثيرًا من المؤلفات والمصادر التي ألّفت في "الضعفاء"، والتقط منها بعضهم الوضاعين، وبعضهم المدلسين، قال:
"وفي "الثقات" لابن حبان، وهو أحفلها، لكنه يُدرج فيه من زالت جهالة عينه؛ بل ومن لم يرو عنه إلَّا واحد، ولم يظهر فيه جرح (1)، وذلك غير كافٍ في
(1) قلت: بل وفيهم كثير ممّن جرحهم ابن حبان نفسه؛ بمثل قوله: "يخطئ كثيرًا"، وأكثر منهم من يقول:"كان يخطئ".
وهذا وذاك جرح عنده، كما سبق بيانه؛ فتذكّر!