الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"عليك باتقاء الله، ولا تحقرنَّ من المعروف شيئًا، ولو أن تُفرغ من دلوك في إناء المستقي، وكلّم أَخاك ووجهك [إليه] منبسط، وإِياك وإسبالَ الإزار؛ فإنها من المخيلة، ولا يحبها الله، وإن امرؤ عَيَّرَك بشيءٍ يعلمه فيك؛ فلا تعيره بشيء تعلمه منه، دعه يكن وباله عليه، وأَجره لك، ولا تسبَّنَّ شيئًا".
قال: فما سببت - بعدُ - دابةً ولا إِنسانًا.
صحيح لغيره - "الصحيحة"(1352).
3 - باب فيما أَمر الله تعالى به الأَنبياء صلّى الله عليهم أن يبلغوه العباد
1026 -
1222 - عن الحارث الأَشعريّ - يعني: أبا مالك - (1)، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:
"إنَّ اللهَ جلَّ وعلا أَمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات؛ يعمل بهنَّ، ويأمرُ بني إِسرائيل أَن يعملوا بهنَّ، وإنَّ عيسى قال له: إنَّ اللهَ [قد] أَمرَكَ بخمس كلمات تعمل بهنَّ، [وتأمر بني إسرائيل يعملوا بهن]؛ فإمّا أنْ تأمرَهم، وإِمّا أَن آمرهم، قال: أي أخي! إِني أَخافُ إِن لم آمرهم أَن أُعذبَ أَو يُخسفَ بي.
قال: فجمع الناسَ في بيت المقدس؛ حتّى امتلأَت، وجلسوا على الشرفات، فوعظهم، وقال:
(1) قلت: هذه الزيادة من كلام ابن حبان عقب الحديث في أصل المؤلف "صحيح ابن حبان"(8/ 44 - الإحسان)، ومنه الزيادات، وبه صححت بعض الأخطاء.
إنَّ الله جلَّ وعلا أَمرني بخمس كلمات؛ أَعملُ بهنَّ، وآمركم أَن تعملوا بهنَّ:
أوَّلُهنَّ: أَن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، ومَثَلُ ذلك مَثلُ رجلٍ اشترى عبدًا يخالص مالِه بذهب أو وَرِق، وقال له: هذه داري وهذا عملي، فجعل العبد يعمل ويؤدي إِلى غير سيده! فأيّكم يسرُّه أَن يكونَ عبدُه هكذا؟! وإنَّ اللهَ خلقكم ورزقكم، فاعبدوه ولا تشركوا به شيئًا.
وآمركم بالصلاة، فإذا صليتم فلا تلتفتوا؛ فإنَّ العبدَ إذا لم يلتفت استقبله جلّ وعلا بوجهه.
وآمركم بالصيام، وإنّما مَثَل ذلك كمثل رجل معه صرّة فيها مسك، وعنده عصابة يسرّه أَن يجدوا ريحها؛ فإنَّ [ريح] الصائم عند الله أَطيب من ريح المسك.
وآمركم بالصدقة، وإنَّ مَثَل ذلك كمثل رجل أَسره العدو، فأَوثقوا يده إِلى عنقِه، وأَرادوا أَن يضربوا عنقه، فقال: هل لكم أَن أَفدي نفسي؟ فجعل يعطيهم القليل والكثير ليفكَّ نفسه منهم.
وآمركم بذكر الله؛ فإنَّ مَثَل ذلك مثل رجل طلبه العدوّ سِراعًا في أَثرِه، فأَتى على حصن حصين، فأَحرزَ نفسَه فيه، فكذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إِلّا بذكر الله".
قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
"وأَنا آمركم بخمس أَمرني الله بها: الجماعة، والسمع، والطاعة،
والهجرة، والجهاد في سبيل الله، فمن فارقَ الجماعة قِيد شبر، فقد خَلع رِبقةَ (1) الإسلام من عنقه إلّا أن يراجعَ، ومن دعا بدعوى الجاهليّة؛ فهو من [جُثا](2) جهنّم".
قال رجل: وإن صامَ وصلّى؟ قال:
"وإن صامَ وصلّى، فادعوا بدعوى الله الذي سماكم: المسلمين المؤمنين عبادَ اللهِ".
صحيح - "التعليق الرَّغيب"(1/ 189 و 190)، "المشكاة"(3694)، التعليق على "ابن خزيمة"(483 و 930).
* * *
(1) الربقة في الأصل: عروة في حبل، تجعل في عنق البهيمة أو يدها تمسكها، فاستعارها للإسلام، يعني: ما يشد به المسلم نفسه من عرى الإسلام؛ أي: حدوده وأحكامه وأوامره ونواهيه، قاله ابن الأثير.
قلت: هذا النص من عشرات النصوص التي تدين فرقة التكفير بالضلال والخروج؛ ففيه الأمر بهذه الخمس الّتي لم يقوموا بشيء منها؛ فقد خرجوا عن الجماعة، وعن السمع والطاعة، ولم يهاجروا، ولم يجاهدوا، بلى، لقد هاجر بعضهم إلى بلاد الكفر لتكفير المسلمين وبخاصة حكامهم!!
فإن تعللوا ونفوا أن ينطبق الحديث عليهم؛ سألناهم: ما قولكم بمن ترك واحدة من هذه الأوامر؟ أيكفر بذلك كفر ردة، وإن لم يستحل ذلك بقلبه، بل هو معترف بذنبه؟! فإن أجابوا بالإيجاب التزموا مذهبهم الخارج عن الجماعة، وكفروا أنفسهم بأنفسهم؛ لأنهم لا بد أنهم يعترفون أنهم مخلون بكثير من الأوامر من هذه الخمس وغيرها! وإن أجابوا سلبًا؛ فقد نقضوا مذهبهم، وذلك ما نبغي، هداهم الله!
(2)
الجثا: جمع جثوة، وهو الشيء المجموع. "نهاية".