المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفصل الثاني: - لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح - جـ ٥

[عبد الحق الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌9 - كتاب الدعوات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثاني:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب ذكر اللَّه عز وجل والتقرب إليه

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثاني:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - كتاب أسماء اللَّه تعالى

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب ثواب التَّسبيح والتَّحميد والتَّهليل والتَّكبير

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب الاستغفار والتوبة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب ما يقول عند الصباح والمساء والمنام

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب الدعوات في الأوقات

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الاستعاذة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب جامع الدعاء

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(10) كتاب المناسك

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌1 - باب الإحرام والتلبية

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الْثَّالِثُ:

- ‌2 - باب قصة حجة الوداع

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌3 - باب دخول مكة والطواف

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الْثَّالِثُ:

- ‌4 - باب الوقوف بعرفة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثاني:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب الدفع من عرفة والمزدلفة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الْثَّالِثُ:

- ‌6 - باب رمي الجمار

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب الهدي

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثاني:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الحلق

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌9 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثاني:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب خطبة يوم النحر، ورمي أيام التشريق، والتوديع

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثاني:

- ‌11 - باب ما يجتنبه المحرم

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌12 - باب المحرم يجتنب الصيد

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثاني:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌13 - باب الإحصار وفوت الحج

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌14 - باب حرم مكة حرسها اللَّه تعالى

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌15 - باب حرم المدينة حرسها اللَّه تعالى

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌(11) كتاب البيوع

- ‌1 - باب الكسب وطلب الحلال

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب المساهلة في المعاملة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌3 - باب الخيار

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌4 - باب الربا

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌5 - باب المنهي عنها من البيوع

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌6 - باب

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌7 - باب السلم والرهن

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌8 - باب الاحتكار

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌9 - باب الإفلاس والإنظار

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌10 - باب الشركة والوكالة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌11 - باب الغصب والعارية

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌12 - باب الشفعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌13 - باب المساقاة والمزارعة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌14 - باب الإجارة

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌15 - باب إحياء الموات والشرب

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌16 - باب العطايا

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌17 - باب

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌18 - باب اللقطة

- ‌ الفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌(12) [كتاب الفرائض والوصايا]

- ‌1 - باب الفرائض

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

- ‌2 - باب الوصايا

- ‌ الْفَصْلُ الأَوَّلُ:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

- ‌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ:

الفصل: ‌ الفصل الثاني:

*‌

‌ الْفَصْلُ الثَّانِي:

2770 -

[12] عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَوْلَادكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَالدَّارِمِيِّ: "إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ، وَإنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ". [ت: 1358، ن: 4450، جه: 2290، د: 3528، دي: 2/ 237].

2771 -

[13] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يكْسِبُ عَبْدٌ مَالَ حَرَامٍ فَيَتَصَدَّقُ مِنْهُ فَيُقْبَلَ مِنْهُ، وَلَا يُنْفِقُ مِنْهُ فَيُبَارَكَ لَهُ فِيهِ،

ــ

الفصل الثاني

2770 -

[12](عائشة) قوله: (وإن أولادكم من كسبكم)(1) فالأكل مما ينفق الأولاد أيضًا حلال طيب في حكم الأكل من كسب اليد، وقد وجبت نفقة الوالدين على الولد.

2771 -

[13](عبد اللَّه بن مسعود) قوله: (لا يكسب عبد مال حرام فيتصدق. . . إلخ) الأفعال المذكورة في الحديث كلها مرفوعة بالعطف، ثم التقسيم المذكور حاصر؛ لأن المال إما أن ينفق على الفقراء، أو على النفس، أو يدخر، فجزاء

(1) أَيْ: مِنْ جُمْلَتِهِ لِأَنَّهُمْ حَصَلُوا بِوَاسِطَةِ تَزَوُّجِكُمْ، فَيَجُوزُ لَكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مَنْ كَسْبِ أَوْلَادِكُمْ إِذَا كُنْتُمْ مُحْتَاجِينَ وَإِلَّا فَلَا، إِلَّا أَنْ طَابَتْ بِهِ أَنْفُسُهُمْ، هَكَذَا قَرَّرَهُ عُلَمَاؤُنَا. وَقَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله: نَفَقَةُ الْوَالِدَيْنِ عَلَى الْوَلَدِ وَاجِبَةٌ إِذَا كَانَا مُحْتَاجَيْنِ عَاجِزَيْنِ عَنِ السَّعْي عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَغَيْرُهُ لَا يشْتَرطُ ذَلِكَ. "مرقاة المفاتيح"(5/ 1897).

ص: 501

وَلَا يَتْرُكُهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ إِلَّا كَانَ زَادَهُ إِلَى النَّارِ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَمْحُو السَّيِّئَ بِالسَّيِّئ، وَلَكِنْ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالْحَسَنِ، إِنَّ الْخَبِيثَ لَا يَمْحُو الْخَبِيثَ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَكَذَا فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ". [حم: 1/ 387].

2772 -

[14] وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ منَ السُّحْتِ، وَكُلُّ لَحْمٍ نَبَتَ مِنَ السُّحْتِ كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بِهِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإِيمَانِ". [حم: 3/ 32، 399، دي: 2/ 318، هب: 552].

2773 -

[15] وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: . . . . .

ــ

الأول القبول ويترتب الثواب، وفي الثاني التعيش والبركة في العيش، والادخار إن كان مع أداء الحق فهو داخل في القسم الأول، أو لم يكن معه ففيه الوزر فقط، ولذا جاء بالحصر في قوله:(إلا كان زاده إلى النار)، وأيضًا في التصدق -وإن كان من الحرام- مدحٌ ولو عند الخلق، وفي الإنفاق وإن كان على النفس منفعةٌ ولو في العاجل، بخلاف الادخار فليس فيه إلا الوزر.

وقوله: (إن اللَّه لا يمحو السيء بالسيء) يعني: أن التصدق والإنفاق من الحرام سيئٌ، فلا يمحو الإثمَ الذي حصل من كسب الحرام، وفيه دفع لتوهم كون التصدق حسنًا، وكونِ الإنفاق مباركًا مطلقًا.

وقوله: (إن الخبيث لا يمحو الخبيث) تكرير وتأكيد.

2772 -

[14](جابر) قوله: (من السحت) بالضم والسكون، وبضمتين: الحرام وما خبث من المكاسب، وأسحت الشيءَ: استأصله، كسحَّت.

2773 -

[15](الحسن بن علي) قوله: . . . . .

ص: 502

حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ، فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، وَرَوَى الدَّارِمِيُّ الْفَصْلَ الأَوَّلَ (1). [حم: 1/ 200، ت: 2518، ن: 5711، دي: 2/ 245].

2774 -

[16] وَعَنْ وابصَةَ بنْ مَعْبدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَا وَابِصَةُ، جِئْتَ تَسْأَلُ عَنِ الْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ " قُلْتُ: نعَمْ، قَالَ: . . . . .

ــ

(دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) يروى بفتح الياء وضمها، ورابني وأرابني بمعنى: شكَّكني، والصلة بإلى لتضمين معنى الانتقال، يقال: دع هذا إلى ذلك، أي: انتقل منا، إليه واستبدله به، والظاهر أن المقصود الاجتناب عن الوقوع في الشبهات والاتقاء عنها.

وقوله: (فإن الصدق طمأنينة، والكذب ريبة) والصدق والكذب يستعملان في الأفعال والأقوال، وقالوا: معناه: إذا وجدت نفسك ترتاب في الشيء فاتركه وانتقل إلى ما لا ترتاب فيه، فإن نفس المؤمن تطمئن إلى الصدق وترتاب من الكذب، فارتيابك في الشيء منبئ عن كونه باطلًا أو مظنةً للباطل فاحذره، واطمئنانك إلى الشيء مشعر بأنه حق فاستمسك به، فهذا ضابطة لمعرفة كون الفعل حسنًا وقبيحًا، وكون الشيء حلالًا وحرامًا، ولكن إنما يتحقق ذلك في النفوس الزكية الطاهرة المحلَّاة بالتقوى والعدالة، ويزيد هذا شرحًا في الحديث الآتي.

2774 -

[16] قوله: (وعن وابصة) بالواو والموحدة والصاد المهملة.

وقوله: (جئت تسأل عن البر والإثم؟ ) إخبار منه صلى الله عليه وسلم عما في ضمير وابصة، فهو

(1) أي: الجملة الأولى.

ص: 503

فَجَمَعَ أَصَابِعَهُ فَضَرَبَ بِهَا صَدْرَهُ وَقَالَ: "اسْتَفْتِ نَفْسَكَ، اسْتَفْتِ قَلْبَكَ، ثَلَاثًا، "الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ، وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ. [حم: 4/ 228، دي: 2/ 245 - 246].

ــ

معجزة له صلى الله عليه وسلم، والبر: الخير والصدق والطاعة والاتساع في الإحسان، كذا في (القاموس)(1)، وقيل: البر اسم جامع للخير كله، والإثم: الذنب، وأن يعمل ما لا يحلّ.

وقوله: (فجمع أصابعه، فضرب) الضمائر للنبي صلى الله عليه وسلم، وفي (صدره) لوابصة، وقيل: للنبي صلى الله عليه وسلم إشارةً إلى مكان القلب.

وقوله: (استفت نفسك، استفت قلبك) قد يراد بالنفس المعنى المتعارفُ، وهو المتعلق الأوليُّ للروح الإنساني المعبر عنه في الشرع بالقلب والواسطة في تعلقه بالبدن، فإذا ترددت النفس في أمر استتبع ذلك ترددَ القلب للعلاقة التي بينهما، وربما يسري هذا الأمر إلى الباقي من الأعضاء أيضًا، كما يحكى عن بعضهم أنه كان يتحرك إصبعه عند أكل ما فيه شبهة، وقد يراد بالنفس والقلب شيء واحد، والمراد بالتكرير التأكيد والتقرير، والمتبادر من العبارة التغاير.

وقوله: (ما حاك في النفس) أي: أثَّر فيها ورسخ، يقال: حاك في صدري، أي: رسخ، والحيك أخذ القول في القلب، يقال: ما يحيك فيه الملامة: إذا لم تؤثر فيه، ويروى:(الإثم ما حاك في نفسك)، وفي رواية:(في صدرك)، ويروى:(ما حاكّ) بالتشديد، والمراد: أنه أثر في قلبك وأوهمك أنه ذنب أو خطيئة، وكرهْتَ أن يطَّلع

(1)"القاموس المحيط"(ص: 327).

ص: 504

2775 -

[17] وَعَنْ عَطِيَّةَ السَّعْدِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَبْلُغُ الْعَبْدُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُتَّقِيْنَ حَتَّى يَدَعَ مَا لَا بَأْسَ بِهِ حَذَرًا لِمَا بِهِ بَأْسٌ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وابنُ مَاجَهْ. [ت: 2451، جه: 4215].

ــ

عليه الناس، على ما فهم من قوله صلى الله عليه وسلم:(إذا لم تستَحْي فاصنع ما شئت)(1)، وهذا مخصوصٌ بالنفوس الزكية والقلوب السليمة الصافية عن كدر الطبع والهوى، كما عرفت، قالوا: نفوسهم تصبو إلى الخير وتنبو عن الشر، فإن الشيء ينجذب إلى ما يلائمه وينفر عما يخالفه.

ومما ينبغي أن يعلم: أن استفتاء القلب إنما يكون بعد ما لم يوجد الدليل الشرعي من الأصول الأربعة للشرع، فإذا تعارضت الآيتان مثلًا عدل إلى الحديث، وإذا تعارض الحديثان نقل إلى أقوال العلماء، فإن تعارضت عدل إلى التحري عن القلب، ويؤخذ من أقوالهم ما أفتى به القلب السليم الصحيح تورعًا واحتياطًا، كذا ينبغي أن يفهم هذا المقام فتدبر، وباللَّه التوفيق.

2775 -

[17] قوله: (وعن عطية السعدي) بالسين والعين المهملتين، منسوب إلى سعد بن بكر.

وقوله: (حتى يدع ما لا بأس به حذرًا لما به بأس) وذلك كترك العَزَب الشِّبعَ والطِّيبَ مخافة غلبة الشهوة فتوقعه في الحرام، وهذا غاية التقوى بعد الاجتناب عن المحرمات والمكروهات والمشتبهات، وهو بالنظر إلى التحقيق في حكم المشتبهات، واللام في (لما به بأس) بمعنى مِن، أو للبيان كما في {هَيْتَ لَكَ} ، روي عن عمر

(1)"صحيح البخاري"(3484).

ص: 505

2776 -

[18] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً: عَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَشَارِبَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وآكِلَ ثَمَنِهَا، وَالْمُشْتَرِي لَهَا، وَالْمُشْتَرَى لَهُ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. [ت: 1295، جه: 3581].

ــ

ابن الخطاب رضي الله عنه: (كنا نترك تسعة أعشار الحلال مخافة أن نقع في الحرام)(1)، وعن أبي بكر رضي الله عنه:(كنا نترك سبعين بابًا من المباح مخافة أن نقع في الجُناح)(2).

2776 -

[18](أنس) قوله: (في الخمر) أي: في شأنها أو لأجلها، (عشرة) أي: عشرة رجال أو أشخاص، (عاصرها ومعتصرها) في (القاموس) (3): عَصَرَ العِنَبَ ونحوَهُ يَعْصِرُهُ، فهو مَعْصورٌ وعَصيرٌ، واعتصره: الشخرج ما فيه، أو: عَصَرَهُ: وَلِيَ ذلك بنفسه، واعْتَصَرَهُ: عُصِرَ له، وقد انْعَصَرَ وتَعَصَّر، انتهى.

وقال الطيبي (4): العاصر قد يعتصر لغيره، والمعتصر هو الذي يعصر لنفسه.

وقوله: (والمحمولة إليه) الظاهر: المحمولة هي إليه؛ لكونها صفةً جرت على غيرِ مَن هي له، ولكن لا التباس، وأَطلق النحاة حتى حكموا بوجوب الانفصال في نحو: هندٌ زيدٌ ضارِبتُه هي، فتدبر.

وقوله: (وآكل ثمنها) هو أعم من البائع.

وقوله: (والمشترى له) بفتح الراء كالموكِّل وإن لم يباشر العقد.

(1) انظر: "التفسير الحقي"(3/ 180).

(2)

"مدارج السالكين"(2/ 48).

(3)

"القاموس المحيط"(ص: 411).

(4)

"شرح الطيبي"(24/ 6).

ص: 506

2777 -

[19] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ، وَشَارِبَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ. [د: 3674، جه: 3580].

2778 -

[20] وَعَنْ مَحَيِّصَةَ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أُجْرَةِ الْحَجَّامِ فَنَهَاهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَسْتَأْذِنُهُ حَتَّى قَالَ:"اعْلِفْهُ نَاضِحَكَ، وَأَطْعِمْهُ رَقِيقَكَ". رَوَاهُ مَالِكٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ. [ط: 1756، ت: 1277، د: 3422، جه: 2166].

ــ

2777 -

[19](ابن عمر) قوله: (لعن اللَّه الخمر) أوقع اللعن على الخمر للسببية، فرجع مآل معناه إلى قوله:(لعن في الخمر) كما في الحديث السابق، وفي هذا الحديث ثمانية أصناف، ولم يذكر آكل ثمنها والمشترى له.

2778 -

[20] قوله: (وعن محيصة) بضم الميم وفتح المهملة وسكون الياء وتشديدها مكسورة، لغتان مشهورتان، وبصاد مهملة، كذا في (المغني)(1)، وفي (جامع الأصول) (2): بكسر الياء المشددة.

وقوله: (فنهاه) قالوا: هو نهي تنزيه؛ لما ثبت من إعطائه صلى الله عليه وسلم الأجرة للحجام، ويدل على ذلك سياق هذا الحديث أيضًا؛ لأنه لو كانت حرامًا لما أطعمه الرقيق، والناضحُ بالضاد المعجمة والحاء المهملة: إبل يسقى عليه.

(1)"المغني"(ص: 225).

(2)

"جامع الأصول"(12/ 845).

ص: 507

2779 -

[21] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَكَسْبِ الزَّمَّارَةِ. رَوَاهُ فِي "شَرْحِ السُّنَّةِ". [شرح السنة: 2038].

2780 -

[22] وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَبِيعُوا الْقَيْنَاتِ، وَلَا تَشْتَرُوهُنَّ، وَلَا تُعَلِّمُوهُنَّ، وَثَمَنُهُنَّ حَرَامٌ، وَفِي مِثْلِ هَذَا أُنْزِلَتْ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: 6] ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ،

ــ

2779 -

[21](أبو هريرة) قوله: (وكسب الزمّارة) بفتح الزاي وتشديد الميم: المرأة المغنية، يقال: زمر الرجل: إذا غنى وضرب المزمار فهو زمَّار، وقيل: يقال للرجل: زمار، ولا يقال: زامر، ويقال للمرأة: زامرة، ولا يقال: زمَّارة، فالمراد بالزمارة البَغِيُّ الحسناء، والزمير الغلام الجميل، ويقال: غناء زمير، أي: حسن، وسميت زمارة لأن الزانيات تكون مغنيات في الأكثر.

وقيل: هو بتقديم الراء على الزاي من الرمز بمعنى الإشارة والإيماء بالعين والحاجب كما هو شأن الزانيات يدعون الرجال إلى الزنا.

2780 -

[22](أبو أمامة) قوله: (القينات) جمع قينة بفتح القاف وسكون الياء، وهي الأمة المغنية، أو أعم، والتقيُّن التزين، فإن اختصت بالمغنية فالمناسبة ظاهرة، وإن كانت لمطلق الأمة فلأنها تزين البيت وتصلحه، والمراد في الحديث المغنيات خاصة، ثم النهي عن بيعها وشرائها ليس صريحًا في كون البيع فاسدًا؛ لجواز أن يكون لكونه إعانةً وتوسلًا إلى محرم، وهو السبب لحرمة ثمنهن، كما في بيع العصير من النبّاذ، أعني: الذي يعمل الخمر من العصر، و ({لَهْوَ الْحَدِيثِ}) الإضافة من قبيل خاتم فضة، واللفظ عام يشمل الغناء وغيرها لكنها نزلت في الغناء.

ص: 508