الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
2294 -
[1] عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَفْضَلُ الْكَلَامِ أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ".
ــ
الصاحبة والولد، معرفة، ونُصب على المصدر، أي: أبرّئ اللَّه من السوء براءة، والتحميد: حمد اللَّه مرة بعد مرة، ومنه (محمّد) كأنه حُمِد مرة بعد مرة. وهلل: قال: لا إله إلا اللَّه، وكبّر تكبيرًا وكِبَّارًا بالكسر مشددة: قال: اللَّه أكبر، والشيء: جعله كبيرًا، كذا في (القاموس)(1)، والتهليل مشتق من لا إله إلا اللَّه، انتهى.
وقال التُّورِبِشْتِي (2): العرب إذا كثر استعمالهم كلمتين ضموا بعض حروف إحداهما إلى بعض حروف الأخرى، مثل الحوقلة والبسملة، يقال: هيلل الرجل وهلّل: إذا قال: لا إله إلا اللَّه، وقد أخذتا من التهليل والهيللة، ومثله حيعل إذا قال: حي على الفلاح.
الفصل الأول
2294 -
[1](سمرة بن جندب) قوله: (أفضل الكلام) قالوا: هو محمول على كلام البشر وإلا فالقرآن أفضل من الكل، فإن قيل: هذه الكلمات من القرآن، قلنا: الثلاثُ الأُول وجدت في القرآن دون الرابعة، وقد يروى أنه صلى الله عليه وسلم قال:(أفضل الذكر بعد كتاب اللَّه سبحان اللَّه، والحمد للَّه، ولا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر).
(1)"القاموس المحيط"(ص: 435).
(2)
"كتاب الميسر"(2/ 538).
وَفِي رِوَايَةٍ: "أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2137].
2295 -
[2] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لأَنْ أَقُولَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2695].
2296 -
[3] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِئَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ". . . . .
ــ
وقوله: (لا يضرك بأيهن بدأت) لأن كلًّا منها مستقل فيما قصد بها من بيان جلال اللَّه وكماله، ولكنَّ لهذا الترتيب معانيَ مناسبةً؛ لأن الناظر في معرفة اللَّه يجد تنزيهه تعالى، ثم يجد النعم والكمالات كلها ثابتة للَّه سبحانه، ثم ينكشف له التوحيد، ثم عجزه عن ثنائه وتوحيده تعالى، كذا قيل.
2295 -
[2](أبو هريرة) قوله: (مما طلعت عليه الشمس) كأنه كناية عن المخلوقات كلها، وليست الأحبية مخصوصة بالنسبة إلى السفليات، فإن ذكر اللَّه تعالى أفضل وأحب من العالم كله.
2296 -
[3](عنه) قوله: (في يوم) ظاهره الإطلاق، لكن الأفضل أن يأتي بها متوالية في أول النهار، كذا قال الطيبي (1)، قلت: وفي آخره، كما يدل عليه الحديث الآتي.
وقوله: (مثل زبد البحر) كنايةٌ عن الكثرة.
(1)"شرح الطيبي"(5/ 72).
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6405، م: 2691].
2297 -
[4] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي: سُبْحَانَ اللَّه وَبِحَمْدِهِ مِئَةَ مَرَّةٍ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 3293، م: 2692].
2298 -
[5] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6682، م: 2691].
ــ
2297 -
[4](عنه) قوله: (بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه) لا بد من تمحل في بيان معناه، بأن يقال: تقديره: لم يأت أحد بمُساوٍ لما جاء، أو بأفضل مما جاء، إلا أحد قال مثل ما قال، فإنه يأتي بمثله، أو أحد زاد عليه فإنه يأتي بأفضل منه، واللَّه أعلم.
فإن قلت: كيف يجوز الزيادة وقد قالوا: إن تحديدات الشرع في الأعداد لا يجوز التجاوز عنها؟ قلنا: لما صرح في الحديث بجواز الزيادة علم أنه ليس من ذلك القبيل كأعداد الركعات ونحوها، فعدم جواز الزيادة في الأعداد ليس كلها، أو المراد: زاد عليه من أعمال الخير، فافهم.
2298 -
[5](عنه) قوله: (خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان) الخفة والثقل من صفات الأجسام فاستعمالهما هنا مجاز، ويمكن إجراء الثقل على الحقيقة بناء على ما قيل من أن الموزون كُتُبُ الأعمال أو تجسم الأعمال، والأكثرون قائلون بوزن الأعمال أنفسها بناء على ظواهر النصوص، واللَّه تعالى قادر على ذلك.
2299 -
[6] وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "أَيَعْحِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ؟ " فَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: كَيْفَ يَكْسِبُ أَحَدُنَا أَلْفَ حَسَنَةٍ؟ قَالَ: "يُسَبِّحُ مِئَةَ تَسْبِيحَةٍ، فَيُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ، أَوْ يُحَطُّ عَنهُ أَلْفُ خَطِيْئَةٍ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2698].
وَفِي كتَابِهِ فِي جَمِيع الرِّوَايَاتِ عَنْ مُوسَى الْجُهَنِيِّ: "أَوْ يُحَطُّ" قَالَ أَبُو بِكْرٍ البِرْقَانِي: وَرَوَاهُ شُعْبَةُ وَأَبُو عَوَانَةَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقطَّانُ عَنْ مُوسَى فَقَالُوا: "ويُحَطُّ" بِغَيْر ألِفٍ، هَكَذَا فِي كِتَابِ الْحُمَيْدِيِّ.
ــ
2299 -
[6](سعد بن أبي وقاص) قوله: (من جلسائه) ظاهر سَوق العبارة ينظر إلى أن الضمير لرسول اللَّه، إلا أنه لم يُستأنس ذكر هذه الكلمة في الأحاديث، ويمكن أن يكون لـ (سعد) فكأن بعض جلسائه استعجل السؤال قبل أن يذكر سعد تمام الحديث والسؤال والجواب، فيكون الضمير في (قال) أيضًا لسعد، فافهم.
وقوله: (عن موسى الجهني: أو يحط) بألف، و (البرقاني) بكسر الباء الموحدة وفتحها -وقد يضم- وسكون الراء، نسبة إلى قرية من خوارزم، كذا في (المغني)(1).
وقوله: (ويحط بغير ألف) أي: همزة، يعني بالواو، وهو ظاهر إذ الحسنات يذهبن السيئات، ويؤيده حديث أبي هريرة الآتي في آخر الفصل:(ومحيت عنه مئة سيئة)، قال الطيبي: وإذا جعل (أو) للتنويع فلا منافاة، فهما سِيّان في القصد (2)، ولا يخلو عن خفاء، فإن (أو) للتنويع إنما تقال في مقابلة (أو) للشك، وأما معنى الترديد والانفصال فباقٍ، اللهم إلا أن يراد بما قال من جعل (أو) للتنويع معنى
(1)"المغني في ضبط الأسماء"(ص: 65).
(2)
"شرح الطيبي"(5/ 74).
2300 -
[7] وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الْكَلَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "مَا اصْطَفَى اللَّه لِمَلَائِكَتِهِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2731].
2301 -
[8] وَعَنْ جُوَيْرِيَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ وَهِيَ فِي مَسْجَدِهَا ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى وَهِيَ جَالِسَةٌ قَالَ: "مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟ " قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَقَدْ قُلْتُ. . . . .
ــ
ما يذكر في كتب المنطق من منع الخلو، فافهم.
2300 -
[7](أبو ذر) قوله: (ما اصطفى اللَّه لملائكته) الظاهر أنه (سبحان اللَّه وبحمده) إنما أسند اصطفاء هذه الكلمة للملائكة إلى اللَّه تعالى؛ لأن قولهم: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ} [البقرة: 30] إنما هو بتعليمه وإلهامه تعالى إياهم، بدليل قولهم:{سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا} [البقرة: 32].
فإن قلت: قد ورد: (أفضل الذكر لا إله إلا اللَّه)، ويلزم من هذا الحديث أن التسبيح أو هو مع الحمد أفضل؟ قلنا: التسبيح يتضمن التوحيد، فبهذا الاعتبار جعله أفضل.
2301 -
[8](جويرية) قوله: (في مسجدها) بفتح الجيم، أي: موضع سجودها وقد يكسر، ولعل المراد مكانٌ أعدته في بيتها للصلاة، وقد يسمى هو مسجدًا بكسر الجيم.
وقوله: (بعد أن أضحى) أي: دخل في وقت الضحى.
قوله: (ما زلت) بكسر التاء خطاب لجويرية بطريق الاستفهام.
بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 2726].
ــ
وقوله: (بعدك) أي: بعد أن خرجت من عندك.
وقوله: (أربع كلمات) المراد به الكلمات المذكورة للمبالغة وهي: (عدد خلقه) مع أخواته، والتسبيح مشترك بينها ليس زائدًا عليها. وقال الطيبي (1): هو نصب على المصدر، أي: تكلمت بعد مفارقتك أربع كلمات، ولا يظهر له وجه حسن، فإن الظاهر أنه مفعول (قلتُ).
وقوله: (بما) أي: بكلمات (قلتِ) من وضع المظهر موضع المضمر.
وقوله: (لوزنتهن) وقال الطيبي (2): أي: ساوتهن أو رجحتهن، كما تقول: حاججته فحججته أي: غلبته، وقال في (المشارق) (3): أي عَدَلتهن في الميزان، ووزنْته: عادلْته بغيره، ومنه قوله:(لا يزن عند اللَّه جناح بعوضة) أي: لا يعدل.
وقوله: (عدد خلقه) وما بعده منصوبات على المصدر، أي: أَعُدُّ تسبيحه بعدد خلقه وبمقدار ما يرضاه وبثقل عرشه، يقال: وَزَنَ الشيءُ وزنًا، أي: ثَقُلَ، وبمقدار كلماته، وهذا ادعاء ومبالغة في تكثيرها كأنه تكلم بها بهذا المقدار، فلا يتجه أن يقال: إنه ما معنى أسبحه بهذا المقدار سواء كان خبرًا أو إنشاء وهو لم يسبح إلا واحدة؟ فافهم.
(1)"شرح الطيبي"(5/ 75).
(2)
"شرح الطيبي"(5/ 75).
(3)
"مشارق الأنوار"(2/ 485).
2302 -
[9] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "من قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِئَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِئَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِئَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا رَجُلٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْهُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6403، م: 2691].
2303 -
[10] وَعَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَجْهَرُونَ بِالتَّكْبِيرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ! ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ،
ــ
والمراد بكلمات اللَّه كلامه وهو صفة، وصفاته لا تنحصر بعدد، فذكر العدد مجاز للمبالغة في الكثرة، وقيل: المراد القرآن، وقيل: العلم، وقيل: الأذكار، وقيل: الأسماء، وقيل: المراد عدد أجورها.
2302 -
[9](أبو هريرة) قوله: (كانت له عدل) يروى بكسر العين وفتحها، وقال في (المشارق) (1): العدل بالفتح: المِثْل وما عادل الشيء وكافأه من غير جنسه، وبالكسر: ما عادله من جنسه وكان نظيره، وقيل: الفتح والكسر لغتان فيهما.
2303 -
[10](أبو موسى الأشعري) قوله: (اربعوا) ارفقوا، وفي (القاموس) (2): ربع كمنع: وقف وتحبَّس، ومنه قولهم: اربع عليك، أو على نفسك، وفيه إشارة
(1)"مشارق الأنوار"(2/ 121).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 662).
إِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا وَهُوَ مَعَكُمْ، وَالَّذِي تَدْعُونَهُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ" قَالَ أَبُو مُوسَى: وَأَنَا خَلْفَهُ أَقُولُ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فِي نَفْسِي فَقَالَ: "يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ! أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ؟ " فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: "لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 6384، م: 2704].
ــ
إلى أن المنع من الجهر للتيسير والإرفاق لا لكون الجهر غير مشروع، ثم أكده بقوله:(إنكم لا تدعون)، ووجه زيادة قوله:(بصيرًا) مع أنه لا حاجة إليه؛ لمناسبة.
قوله: (سميعًا) فإنهما مذكوران معًا في أكثر المواضع، أو لإرادة أنه لا حاجة لكم إلى الجهر ورفع الصوت فإنه يسمع من غير جهر ورفع صوت، ومع وجود ذلك يبصر حالكم ويعلمها من صورتها وهيئتها، فافهم.
وقال الطيبي (1): السميع البصير أشد إدراكًا وأكمل إحساسًا من الضرير والأعمى.
وقوله: (وهو معكم) زيادة تأكيد.
ومعنى كون (لا حول ولا قوة إلا باللَّه) كنزًا: أنه يُعَدُّ لقائله ويدخر له من الثواب ما يقع في الجنة موقع الكنز في الدنيا، وقال سيدنا ومولانا الشيخ عبد الوهاب المتقي -قدس اللَّه روحه- حين سألوه عن حقيقته وتكلموا فيها: يعرف إن شاء اللَّه حقيقة هذا في الجنة، ولا حاجة إلى البحث.
(1)"شرح الطيبي"(5/ 77).