الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. [هب: 4848].
* * *
3 - باب الخيار
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
2801 -
[1] عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا. . . . .
ــ
3 -
باب الخيار
هو اسم من الاختيار وهو طلب خير الأمرين، والخيار أنواع: خيار الشرط، وخيار العيب، وخيار الرؤية، وخيار التعيين، وقد علم أحكامها في الفقه مع اختلافٍ فيها بين العلماء، وهنا قسم آخر يسمى خيار المجلس، بمعنى أنه إذا تم العقد بحصول الإيجاب والقبول فلكل واحد من البائع والمشتري خيار ما لم يتغير المجلس دفعًا للضرر، حتى إنه ينبغي أن لا يستعجل أحدهما في القيام لقصد إبطال الخيار، كما يأتي في الحديث، وفيه خلاف، وهو ثابت عند الشافعي وأحمد رحمهما اللَّه، وعندنا لا يثبت خيار المجلس (1)، وتحقيقه في الحديث الآتي.
الفصل الأول
2801 -
[1](ابن عمر) قوله: (ما لم يتفرقا) تمسك به من أثبت خيار المجلس، وحمل التفرق على التفرق بالأبدان، وهو الظاهر، وقد روى الدارقطني (2): (حتى
(1) وكذا عند المالكية. انظر: "الكوكب الدري"(2/ 297).
(2)
"سنن الدارقطني"(7/ 287).
إِلَّا بَيع الْخِيَارِ". مُتَّفقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2107، 2111، م: 1531].
ــ
يتفرقا من مكانهما)، وقد فرق بعضهم بين التفرق والافتراق، فقال: التفرق بالأبدان، والافتراق بالكلام، يقال: فرقت بين الكلامين فافترقا، وفرقت بين الرجلين فتفرقا، وإن كان الحق أنهما سواء، وأيضًا إنما يسميان متبايعين بعد العقد.
وذهب الذين لا يثبتون خيار المجلس أن المراد التفرق بالأقوال، وهو الفراغ من العقد، فيكون المعنى: ما لم يتم العقد، فلما تم العقد فلا خيار، ونظيره قوله تعالى:{وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء: 130]، فإن المراد تفرق الزوج والزوجة بالطلاق وهو بالقول، ومن المعلوم أن الزوج إذا طلق امرأته على مال فقبلت ذلك حصل التفرق بينهما بذلك، وإن لم يتفرقا بأبدانهما، والمراد بالمتبايعين المتساومان، وتعقب بأن ثبوت الخيار قبل تمام العقد ظاهر لا حاجة إلى بيانه، وحمل البيع على السوم مجاز، إلا أن يقال: المقصود الحكم المذكور في الغاية، وهذا المجاز شائع بتسمية الشيء باسم ما يَؤُول إليه أو يقرب منه، وقد وقع في الحديث:(لا يَبعْ أحدكم على بيع أخيه)(1)، أي: لا يَسُمْ على سومه.
وقوله: (إلا بيع الخيار) ذكروا فيه وجوهًا:
أحدها: أنه مستثنًى من مفهوم الغاية؛ لأن مفهومه أنهما إذا تفرقا سقط الخيار ولزم العقد إلا بيع الخيار، أي: بيع شرط فيه الخيار، فإن الخيار باق إلى أن يمضي الأجل، وهذا التوجيه جار على المذهبين.
وثانيها: أنه مستثنى من أصل الحكم، والمضاف محذوف من قوله:(بيع الخيار)، أي: بيع إسقاط الخيار ونفيه، أي: الخيار ثابت إلا إذا شرط عدم الخيار.
(1)"مسلم"(1412).
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: "إِذَا تَبَايَعَ الْمُتَبَايِعَانِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مِنْ بَيْعِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَكُونَ بَيْعُهُمَا عَنْ خِيَارٍ، فَإِذَا كَانَ بيعُهما عَن خيارٍ فقد وَجَبَ". [م: 45].
وَفَي رِوَايَةٍ لِلتِّرْمِذِيِّ: "الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يَخْتَارَا". وَفِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ: "أَوْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: اخْتَرْ" بَدَلَ "أَوْ يَخْتَارَا". [ت: 1245].
2802 -
[2] وَعَن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُوِرَكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكةُ بَيْعِهِمَا". مُتَّفقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2079، م: 1532].
ــ
وثالثها: أن معناه: إلا بيعًا يقول أحد المتبايعين للآخر: اختر، فيقول: اخترت، فإنه يسقط الخيار وإن لم يتفرقا، وهذان الوجهان إنما يناسبان المذهب الأول، فافهم.
وقوله: (أو يكون بيعهما عن خيار) روي بالنصب بجعل (أو) بمعنى إلا أن، وبالرفع بحملها على معناها الأصلي، وهذا القول في مكان قوله:(إلا بيع الخيار) في الرواية السابقة، وهو يحتمل الوجهين الأخيرين من الوجوه الثلاثة المذكورة فيه، لا الوجه الأول؛ لابتناء قوله:(فإذا كان بيعهما عن خيار فقد وجب) لأنه على تقدير خيار الشرط يجب البيع.
وقوله: (أو يختارا) في رواية للترمذي وكذا في المتفق عليه: (أو يقول أحدهما لصاحبه: اختر) لا يحتمل إلا الوجه الثالث؛ لأن حملهما على خيار الشرط، ونفي الخيار بعيد جدًا خصوصًا الأخيرة.
2802 -
[2](حكيم بن حزام) قوله: (فإن صدقا وبيّنا) أي: صدق البائع، وبيَّن
2803 -
[3] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي أُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ، فَقَالَ:"إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ" فَكَانَ الرَّجُلُ يَقُولُهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2117، 2407، م: 1533].
ــ
صفة المبيع وما فيه من عيب ونقص، والمشتري في عوضه، حتى يختار كل منهما لنفسه البيع والشراء.
2803 -
[3](ابن عمر) قوله: (إذا بايعت فقل: لا خلابة) الخلابة بالكسر: الخداع، خلبه خلبًا وخلابًا وخلابة بكسرهما: خدعه، كاختلبه وخالبه، ثم اختلفوا في المقصود من هذا القول:
فقيل: أمره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يقول هذا القول عند البيع لينبه صاحبه على أنه ليس من أهل البصيرة في البيع، فيمتنع عن مظان الغبن، ويرى له ما يرى لنفسه، وكان الناس في ذلك الزمان ناظرين لإخوانهم كما ينظرون لأنفسهم، لا سيما عند التنبيه والتفويض.
وقيل: أمره بشرط الخيار والتصدير بهذه الكلمة لبيان الباعث على الاشتراط، وقد روي:(قل: لا خلابة واشترط الخيار ثلاثة أيام).
وقيل: المقصود الرد عند ظهور الغبن، وللعلماء اختلاف في الرد بالغبن وإن لم يفسد البيع وهو قول كثرهم، وقال مالك: إذا لم يكن المشتري ذا بصيرة فله الخيار (1)، [وأنه] إذا ذكرت هذه الكلمة ثم ظهر الغبن كان له الخيار، وقال أبو ثور: إذا كان الغبن فاحشًا لا يتغابن الناس بمثله فسد البيع، والحق أن الحديث عارٍ عن
(1) وَقَالَ أَحْمَدُ: مَنْ قَالَ ذَلِكَ فِي بَيْعِهِ كَانَ لَهُ الرَّدُّ إِذَا غُبِنَ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا رَدَّ لَهُ مُطْلَقًا. "مرقاة المفاتيح"(5/ 1913).