الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
2938 -
[1] عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الأَرْضِ ظُلْمًا. . . . .
ــ
وأنه غير مانع؛ لدخول السرقة، والانتهاب، والاختلاس، انتهى كلامه (1).
وفي عدم وجود القهر في الانتهاب كما ذكره خفاء كما لا يخفى فافهم.
(والعارية) بالتخفيف والتشديد، وفي (الصحاح) (2): وكأنها بالتشديد منسوب إلى العار؛ لأن طلبها عار وعيب، والعارَة مثل العارية.
وفي (المغرب)(3): بالتشديد منسوبة إلى العارة اسم من الإعارة.
وفي (المبسوط)(4): وقيل: هي مشتقة من التعاور، وهو التناوب، فكأنه يجعل للغير نوبة في الانتفاع بملكه على أن تعود النوبة إليه بالاسترداد متى شاء، ولهذا كانت الإعارة في المكيل والموزون قرضًا، لأنه لا ينتفع بها إلا باستهلاك العين، فلا تعود النوبة إليه في تلك العين لتكون عارية حقيقة، وإنما تعود النوبة إليه في مثلها، وما يملك الإنسان الانتفاع به على أن يكون مثلُه مضمونًا عليه يكون قرضًا، كذا قال الشُّمُنِّي، فتدبر.
الفصل الأول
2938 -
[1](سعيد بن زيد) قوله: (من أخذ شبرًا) بالكسر: ما بين أعلى الإبهام
(1)"شرح الزركشي على مختصر الخرقي"(3/ 226).
(2)
"الصحاح"(2/ 5).
(3)
"المغرب في ترتيب المعرب"(ص: 185).
(4)
"المبسوط"(6/ 157).
فَإِنَّهُ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 3198، م: 1610].
2939 -
[2] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ امْرِئٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يُؤْتَى مَشْرَبَتَهُ فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ فَيُنْتَقَلَ طَعَامُهُ؟ وَإِنَّمَا يَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطَعِمَاتِهِمْ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 1726].
ــ
وأعلى الخنصر وهو مذكر جمعه أشبار.
وقوله: (يطوّقه) بضم الياء وفتح التاء والواو المشددة، أي: يجعل طوقًا في عنقه، وقيل: يطوق، أي: يكلَّف حملها يوم القيامة.
2939 -
[2](ابن عمر) قوله: (لا يحلبن) بضم اللام من باب نصر، و (أن يؤتى) بالتحتانية أو الفوقانية كذا في أكثر النسخ، و (المشربة) بفتح الميم وسكون الشين وفتح الراء وضمها: الغرفة يوضع فيها المتاع، وخزن المال: أحرزه، كاختزنه، والخزانة بالكسر: مكان الخزن، ولا يفتح، كالمخزن.
وقوله: (فينتقل) بلفظ المجهول، قال في (فتح الباري) (1): بالياء والنون من النقل، أي: يُحول من مكان إلى مكان، وعند الإسماعيلي (فينتثل) بمثلئة بدل القاف، وكذا وقع في بعض الطرق عند مسلم، والنثل: النشر مرة واحدة بسرعة، وقيل: الاستخراج، و (يخزن) بالتحتانية والفوقانية بضم الزاي، والأطعمات: جمع أطعمة جمع طعام مفعول (يخزن)، و (ضروع) فاعله.
وقوله: (رواه مسلم) الحديث متفق عليه، أخرجه البخاري في (كتاب
(1)"فتح الباري"(5/ 89).
2940 -
[3] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتِ الَّتِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِهَا يَدَ الْخَادِمِ، فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ، فَجَمَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ وَيَقُولُ: . . . . .
ــ
اللقطة) (1) ومسلم في (الغصب).
ونقل الطيبي عن (شرح السنة)(2) أنه لا يجوز أن يحلب ماشية الغير بغير إذنه إلا إذا اضطر في مخمصة ويضمن، وقيل: لا ضمان عليه، وقد روي أن أبا بكر رضي الله عنه حلب لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم غنمًا لرجل من قريش يرعاها عبد له في هجرته إلى المدينة، وقيل: الرجل كان من معارف أبي بكر، وقيل: كان سيدُه أذن له، ومن عادتهم أن يأذنوا لرعاتهم في ذلك، واللَّه أعلم.
2940 -
[3](أنس) قوله: (عند بعض نسائه) قد جاءت في رواية أن المراد عائشة، والمراد بإحدى أمهات المؤمنين زينب بنت جحش، وقيل: أم سلمة، وقيل: صفية، والصحفة: القصعة المبسوطة، في (القاموس) (3): أعظم القصاع الجفنة ثم الصحفة.
وقوله: (فانفلقت) أي: انكسرت، يقال: فَلَقَه يَفْلِقُه: شقَّه، فانفلق وتفلَّق، والفلق بكسر الفاء وفتح اللام: جمع فلقة، وهي القطعة، وفي (القاموس) (4): هي من الجفنة
(1)"صحيح البخاري"(2435).
(2)
"شرح الطيبي"(6/ 127).
(3)
"القاموس المحيط"(ص: 762).
(4)
"القاموس المحيط"(ص: 846).
"غَارَتْ أُمُّكُمْ" ثُمَّ حَبَسَ الْخَادِمَ، حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا، وَأَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 5225].
2941 -
[4] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَهَى عَنِ النُّهْبَةِ وَالْمُثْلَةِ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 2474، 5516].
2942 -
[5] وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَصَلَّى بِالنَّاسِ سِتَّ رَكَعَاتٍ بِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ، فَانْصَرَفَ، وَقَدْ آضَتِ الشَّمْسُ،
ــ
نصفها، و (غارت) من الغيرة، اعتذار منه صلى الله عليه وسلم من جانبها بأن هذه الفعلة من الغيرة التي جبل عليها الإنسان، وإيراد هذا الحديث في هذا الباب لتشبيهه بالغصب، والأولى إيراده في (باب ضمان المتلفات (1)).
2941 -
[4](عبد اللَّه بن يزيد) قوله: (والمثلة) هي العقوبة بقطع الأنف والأذن ونحوهما، وهو حرام إلا على وجه القصاص، وسيجيء ذكرها في كتاب القصاص في قصة العرنيين.
2942 -
[5](جابر) قوله: (ست ركعات بأربع سجدات) أي: كان يصلي
(1) قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ فِي "شَرْحِ الْمَشَارِقِ": فَإِنْ قِيلَ: الصَّحْفَةُ مَضْمُونَةٌ بِالْقِيمَةِ لَيْسَتْ مِنْ ذَوَاتِ الأَمْثَالِ، فَمَا وَجْهُ دَفْعِهِ عليه الصلاة والسلام صَحْفَةً مَكَانَهَا؟ أُجِيبُ: بِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْمُرُوءَةِ لَا عَلَى طَرِيقِ الضَّمَانِ لِأَنَّ الصَّحْفَتَيْنِ كَانتا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقِيلَ: كَانَتِ الصَّحْفَاتُ مُتَقَارِبَةً فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَكَانَتْ كَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ، فَجَازَ أَنْ يَدْفَعَ إِحْدَاهُمَا بَدَلَ الأُخْرَى، وَقِيلَ: فَعَلَ ذَلِكَ بِتَرَاضِيهِمَا فَلَمْ يَبْقَ يَدَّعِي الْقِيمَةَ. "مرقاة المفاتيح"(5/ 1971).
وَقَالَ: "مَا مِنْ شَيْءٍ تُوعَدُونَهُ إِلَّا قَدْ رَأَيْتُهُ فِي صَلَاتِي هَذِهِ، لَقَدْ جِيءَ بِالنَّارِ، وَذَلِكَ حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَنِي مِنْ لَفْحِهَا، وَحَتَّى رَأَيْتُ فِيهَا صَاحِبَ الْمِحْجَنِ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ،
ــ
ركعتين في كل ركعة ثلاث ركوعات وسجدتان.
وقوله: (توعدونه) أي: تخبرونه، وقد جاء الوعد والوعيد في الاشتقاق اللغوي متحدًا، كذا قيل.
وقوله: (وقد آضت الشمس) أي: عادت إلى حالتها.
وقوله: (إلا قد رأيته) رؤية علم ويقين لم يكن حاصلًا قبل ذلك، أو رؤية بصر وهو الظاهر.
وقوله: (من لفحها) أي: حرها ووهجها، لفحت النار بحرِّها لفحًا ولفحانًا.
وقوله: (وحتى رأيت) بالواو عطف على مقدر (فيها صاحب المحجن) بكسر الميم وسكون الحاء وفتح الجيم: عصًا في رأسه اعوجاج، على رأسه حديد، يقال: حجن العود يَحْجِنُه: عَطَفَه (1)، وهو عمرو بن لحي بضم اللام وفتح الحاء وتشديد الياء، كان في الجاهلية سارقًا، يسرق الثوب ويسلبه بمحجنه، فإذا أُخذ تَعَلَّلَ بأنه لصق بمحجنه من غير فعله، وإذا لم يُدْرَ ذهب به، وقيل: هو أول من سيَّب السوائب، وأول من سنّ عبادة الأصنام.
وقوله: (يجر قصبه) بضم القاف وسكون الصاد المهملة: المِعَى، جمعه: الأقصاب والقَصَّاب [الزمَّار]، كذا في (القاموس)(2).
(1) انظر: "القاموس المحيط"(ص: 1095).
(2)
"القاموس المحيط"(ص: 129).
وَكَانَ يَسْرِقُ الْحَاجَّ بِمِحْجَنِهِ فَإِنْ فُطِنَ لَهُ قَالَ: إِنَّمَا تَعَلَّقَ بِمِحْجَنِي، وَإِنْ غُفِلَ عَنْهُ ذَهَبَ بهِ، وَحَتَّى رَأَيْتُ فِيهَا صَاحِبَةَ الْهِرَّةِ الَّتِي رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا، ثُمَّ جِيءَ بِالْجَنَّةِ، وَذَلِكَ حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَقَدَّمْتُ حَتَّى قُمْتُ فِي مَقَامِي، وَلَقَدْ مَدَدْتُ يَدِي وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَتَنَاوَلَ مِنْ ثَمَرَتِهَا لِتَنْظُرُوا إِلَيْهِ، ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ لَا أَفْعَلَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 904].
ــ
وقوله: (يسرق الحاج) بحذف المضاف، أي: متاعهم.
وقوله: (فإن فطن) بلفظ المجهول، أي: علم.
وقوله: (حتى رأيت فيها صاحبة الهرة) وهي التي ورد فيها: (عُذبت امرأة في هرة).
و(خشاش الأرض) بكسر الخاء المعجمة: ما لا دماغ له من دواب الأرض ومن الطير، كذا في (القاموس)(1)، وقال في (المشارق) (2): بفتح الخاء وكسرها، وحكي بالضم، وبالفتح صحح في نسخ (المشكاة)، وفي (مجمع البحار (3)): فتح خاء خشاش أشهر الثلاثة، وإعجامه أصوب، وهي الهوام، وقيل: ضعاف الطير، ويروى:(خشيشها) بمعناه، ويروى بحاء مهملة، وهو يابس النبات وهو وهم، وقيل: إنما هو خشيش بمعجمة مصغر خشاش على الحذف، انتهى.
وقوله: (ثم بدا لي) أي: ظهر، يقال: بدا له في الأمر بَداءٌ: نشأ له فيه رأي،
(1)"القاموس المحيط"(ص: 548).
(2)
"مشارق الأنوار"(1/ 390).
(3)
"مجمع البحار"(2/ 45).
2943 -
[6] وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: كَانَ فَزَعٌ بِالْمَدِينَةِ، فَاسْتَعَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَرَسًا مِنْ أَبِي طَلْحَةَ يُقَالُ لَهُ: الْمَنْدُوبُ، فَرَكِبَ، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ:"مَا رَأَيْنَا مِنْ شَيْءٍ، وَإِن وَجَدْناهُ لَبَحْرًا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2127، 2968، م: 2307].
ــ
وذلك ليكون الإيمان بالغيب ابتداء.
2943 -
[6](قتادة) قوله: (كان فزع) محركًا، أي: خوفٌ من عدو.
وقوله: (يقال له: المندوب) ندبه إلى الأمر، أي: دعاه وحثّه ووجّهه، والندب بالتحريك: أثر الجرح الباقي على الجلد، وتسمية ذلك الفرس به بالمعنى الأول، قال في (النهاية) (1): هو من النَّدَب: الرهن الذي يجعل في السباق، وقيل: بالمعنى الثاني لندبٍ كان في جسمه من أثر الضرب.
ثم الظاهر من الحديث أنه كان فرس أبي طلحة، وقال في (النهاية) (2): إن المندوب اسم فرس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولعله كان فرسًا آخر له صلى الله عليه وسلم، أو أضافه إليه لركوبه صلى الله عليه وسلم في هذه القضية، واللَّه أعلم.
وقوله: (فركب) أي: في مقابلة العدو.
وقوله: (وإن وجدناه) إن مخففة من المثقلة، والضمير للمركوب أو للفرس، ويذكَّر ويؤنث، وشبَّهه بالبحر لسعة جريه، وكان قبل ركوبه صلى الله عليه وسلم ضيق الجري جدًّا كذا جاء في الحديث.
(1)"النهاية"(5/ 34).
(2)
"النهاية"(5/ 34).