الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الفَصْلُ الأَوَّلُ:
2991 -
[1] عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ عَمَرَ أَرْضًا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ". قَالَ عُرْوَةُ: قَضَى بِهِ عُمَرُ فِي خِلَافَتِهِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. [خ: 2335].
ــ
والحفر لإحياء حق مشترك، فلا يقطع الشركة في الشفة، ولو منعه عن ذلك، وهو يخاف على نفسه وظهره العطش، له أن يقاتله بالسلاح، لأنه قصد إتلافه بمنع حقه، وهو الشفة، والماء في البئر مباح غير مملوك بخلاف الماء المحرز في الإناء حيث يقاتله بغير السلاح بعصًا، لأنه قد ملكه، وكذا الطعام عند إصابة المخمصة، وقيل في البئر نحوها: الأولى أن يقاتله بغير سلاح لأنه ارتكب معصية، فقام ذلك مقام التعزير له، ذكر هذا كله في (الهداية)(1).
الفصل الأول
2991 -
[1](عائشة) قوله: (من عمر) بالتخفيف، وفي بعض نسخ (المصابيح):(أعمر) بزيادة الألف، وقد ينكر استعمال أَعمر بمعنى عمر، والصحيح وجودهما.
وقوله: (أرضًا ليست لأحد فهو أحق) بها، قال أبو حنيفة: يشترط فيه إذن الإمام، وعند الشافعي، وأبي يوسف، ومحمد رحمهم الله: لا يشترط؛ لإطلاق هذا الحديث، ولأنه مال مباح سبقت يده إليه، فيملكه كما في الحطب والصيد، ولأبي حنيفة رحمه الله قوله صلى الله عليه وسلم:(ليس للمرء إلا ما طاب به نفس إمامه)، وما روي يحتمل أنه إذنٌ لقوم لا نصبٌ لشرع، ولأنه مغنوم لوصوله إلى يد المسلمين بإيجاف الخيل والركاب،
(1)"الهداية"(4/ 387 - 388).
2992 -
[2] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ الصَّعْبَ بْنَ جَثَّامَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 2370].
2993 -
[3] وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: خَاصَمَ الزُّبَيْرُ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ فِي شِرَاجٍ مِنَ الْحَرَّةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ"، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: . . . . .
ــ
فليس لأحد أن يختص به بدون إذن الإمام كما في سائر الغنائم، كذا في (الهداية)(1).
2992 -
[2](ابن عباس) قوله: (الصعب) بفتح الصاد وسكون العين المهملة، (ابن جثامة) بفتح الجيم وشدة المثلثة.
وقوله: (لا حمى) بغير تنوين لبنائه على أنه اسم (لا): هو ما يحميه الإمام لمواشي الصدقة ونحوها، قيل: كان الشريف في الجاهلية إذا نزل أرضًا في حيه استعوى كلبًا، فحمى مَدَى عواء الكلب لا يشركه فيه غيرُه، وهو يشارك القومَ فِي سائر ما يرعُون فيه، فنهى عن ذلك، وأضافه إلى اللَّه ورسوله، أي: إلا ما يُحْمَى للخيل التي ترصد للجهاد، والإبلِ التي يحمل عليها في سبيل اللَّه، وإبل الزكاة وغيرها، كما حمى عمر النقيع لنَعَم الصدقة، وخيل الجهاد، كذا في (مجمع البحار)(2)، وبهذا ظهر أن المختار أنه يجوز للإمام أن يحمي لمصالح العامة، وهو ظاهر مقتضى حديث:(ألا إن لكل ملك حمى).
2993 -
[3](عروة) قوله: (في شراج) الشراج: بكسر الشين المعجمة جمع
(1)"الهداية"(4/ 383).
(2)
"مجمع بحار الأنوار"(1/ 568).
أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟ فَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ، ثُمَّ قَالَ:"اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ، ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ"، فَاسْتَوْعَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِي صَرِيح الْحُكْم حِينَ أَحْفَظَهُ الأَنْصَارِيَّ، وَكَانَ أَشَارَ عَلَيْهِمَا بِأَمْرٍ لَهُمَا فِيهِ سَعَةٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2359، 4585، م: 2357].
ــ
شرجة: مسيل ماء من الحرة إلى السهل، والحرّة بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء: أرض ذات حجارة.
وقوله: (أن كان) بفتح الهمزة، أي: لأنْ كان، وتقدير الجارِّ مع (أنْ) كثير مطرد، وهذا القول من الرجل إما لكونه منافقًا، وجعله من الأنصار لكونه من قبيلتهم، وقد كان فيهم من يتصف بالنفاق كابن أبيٍّ وغيره، وإما لزلته عند الغضب، وأما القول بكونه يهوديًّا فبعيد غاية البعد، وأما عدم قتله إما لتأليفه أو صبره على أذى المنافقين حتى لا يحدَّث أن محمدًا يقتل أصحابه.
و(الجدر) بفتح الجيم وسكون الدال: الحائط وأصل الجدار وجانبه، أي: حتى يبلغ الماء جميع الأرض، وقدروه بأن يبلغ كعب الإنسان.
وقوله: (فاستوعى) أي: استحفظ واستوفى.
وقوله: (حين أحفظه) أي: أغضبه، في (القاموس) (1): الحفيظة: الحمية، والغضب، وأحفظه: أغضبه، فاحتفظ، أو لا يكون إلا بكلام قبيح، قالوا: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أمر زبيرًا أولًا بالمسامحة وحسن الجوار بترك بعض حقه دون أن يكون حكما شرعيًا، فلما رأى الأنصاري يجهل موضع حقه أمره باستيفاء حقه، وقيل: كان قوله الآخر عقوبة له في ماله، والأول أظهر، واللَّه أعلم.
(1)"القاموس المحيط"(ص: 641).
2994 -
[4] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَمْنَعُوا فَضْلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ فَضْلَ الْكلِأ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2354، م: 1566].
2995 -
[5] وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ: رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ: لَقَدْ أُعْطِيَ بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا أُعْطِيَ، وَهُوَ كَاذِبٌ، وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ رَجُلٍ مُسْلِمِ، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ، فَيَقُولُ اللَّهُ: الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَاءً لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2369، م: 108].
ــ
2994 -
[4](أبو هريرة) قوله: (لتمنعوا به فضل الكلأ) يعني يلزم من منع الماء المنع من الكلأ، وهذا لا يجوز؛ للاحتياج إليه في بقاء المواشي، وقد مرّ الحديث في آخر الفصل الأول من (باب المنهي عنه من البيوع).
2995 -
[5](وعنه) قوله: (لقد أعطي بها أكثر مما أعطي) كلا الفعلين على بناء المفعول، ويحتمل أن يعتبر فيهما الضمير للحالف أو يسند إلى المصدر، وهو بيان للحلف، ونقلٌ لقول الحالف بالمعنى، ولو حكي لفظه لقيل في الفعل الأول على بناء المفعول بضمير المتكلم، وفي الثاني على بناء الفاعل بضمير الخطاب بأن يقول: لقد أُعطيت بها أكثر مما تُعطي.
وقوله: (بعد العصر) خص بعد العصر لأنه زمان شريف تقع الأيمان الغليظة فيه، لأنه وقت اجتماع الناس، وتصادم ملائكة الليل ملائكة النهار، كما في القرآن المجيد:{تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} [المائدة: 106] فسره الأكثرون بصلاة العصر لما ذكر، وقيل: أيّ صلاة كانت، والحديث مؤيِّد للقول الأول.
وقوله: (لم تعمل يداك) صفة (ماء)، أي: خرج بمحض قدرتي ورحمتي.