الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
2883 -
[1] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ، فَقَالَ:"مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 3329، 2240، 2241، م: 1604].
2884 -
[2] وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَت: اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا من يَهُودِيٍّ إِلَى أَجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا لَهُ مِنْ حَدِيدٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 2068، م: 1603].
ــ
ما وضع عندك لينوب مناب ما أخذ منك، وجمعه: رهان ورهون ورُهُن، بضمتين، والرهن في الشرع: جعل الشيء محبوسًا بحق يمكن استيفاؤه منه كالديون، وهو ثابت بالكتاب والسنة، أما الكتاب فقوله تعالى:{وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] والتقييد بالسفر اتفاقي، وأما السنة فلما ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعامًا ورهنه به درعَه.
الفصل الأول
2883 -
[1](ابن عباس) قوله: (إلى أجل معلوم) ظاهره اشتراط الأجل في السلم وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والصحيحُ من مذهب أحمد، وقال الشافعية: لا يشترط الأجل، والمراد في الحديث أنه إن أجّل اشتُرط أن يكون الأجل معلومًا كما في قرائنه.
2884 -
[2](عائشة) قوله: (ورهنه درعًا له) نقل الطيبي عن (شرح السنة)(1):
(1)"شرح الطيبي"(6/ 96).
2885 -
[3] وَعَنْهَا قَالَتْ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ. رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 2916، 4467].
2886 -
[4] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا،
ــ
أن فيه دليلًا على جواز المعاملة مع أهل الذمة وإن كان مالهم لا يخلو عن الربا وثمن الخمر.
أقول: وذلك لأن الكفار غير مكلفين بالشرائع فلا تتحقق الحرمة في أموالهم.
وفي (القاموس)(1): درع الحديد وقد تذكَّر، والدرع من المرأة: قميصها مذكَّر، وفي (الصراح) (2): درع بالكسر زره وبيراهن زن.
2885 -
[3](وعنها) قوله: (رواه البخاري) وعزاه بعضهم إلى مسلم ولم يكن فيه.
2886 -
[4](أبو هريرة) قوله: (الظهر يركب) الظهر خلاف البطن، والمراد ظهر الدابة. وفي (مختصر النهاية) (3): الظهر: الإبل التي يحمل عليها وتركب.
وقوله: (ولبن الدر) قال (الكرماني)(4): الدر مصدر بمعنى الدارَّة، أي: ذات الضرع.
(1)"القاموس المحيط"(2/ 268).
(2)
"الصراح"(ص: 311).
(3)
"الدر النثير"(2/ 645).
(4)
"شرح الكرماني"(11/ 71).
وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَشْربُ النَّفَقَةُ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ. [خ: 2512].
ــ
وقوله: (وعلى الذي يركب) أي: سواء كان راهنًا أو مرهونًا.
وهذا الحديث يدل على أن للمرتهن أن ينتفع بالرهن وينفق عليه، وجمهور الفقهاء على خلافه، وفي (الهداية) (1): وليس للمرتهن أن ينتفع بالرهن، ونفقة الرهن على الراهن، وقالوا: هذا الحديث منسوخ بالحديث الآتي (2).
(1)"الهداية"(4/ 415 - 416).
(2)
قَالَ الطِّيبِيُّ (7/ 2165): وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الْمَرْهُونَ لَا يُهْمَلُ وَمَنَافِعَهُ لَا تُعَطَّلُ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ ينْتَفِعَ بِهِ وَيُنْفقَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مَنْ لَهُ غُنْمُهُ عَلَيْهِ غُرْمُهُ، وَالْعُلَمَاءُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، فَذَهَبَ الأَكْثَرُونَ إِلَى أَن مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ لِلرَّاهِنِ مُطْلَقًا وَنَفَقَتَهُ عَلَيْهِ؛ لأَنَّ الأَصْلَ لَهُ، وَالْفُرُوعُ تَتْبَعُ الأُصُولَ، وَالْغُرْمُ بِالْغُنْمِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَبْدًا فَمَاتَ كَانَ كَفَنُهُ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ رَوَى ابْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي رَهَنَهُ، لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ". وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَنْتَفِعَ مِنَ الْمَرْهُونِ بِحَلْبٍ وَرُكُوبٍ دُونَ غَيْرِهِمَا وَيُقَدَّرُ بِقَدْرِ النَّفَقَةِ، وَاحْتَجَّا بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَوَجْهُ التَّمَسُّكِ بِهِ أَنْ يُقَالَ: دَلَّ الْحَدِيثُ بِمَنْطُوقِهِ عَلَى إِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ فِي مُقَابَلَةِ الإِنْفَاقِ، وَانْتِفَاعُ الرَّاهِنِ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لأَنَّ إِبَاحَتَهُ مُسْتَفَادَةٌ لَهُ مِنْ تَمَلُّكِ الرَّقَبَةِ لَا مِنَ الإِنْفَاقِ، وَبِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّ جَوَازَ الِانْتِفَاعِ مَقْصُورٌ عَلَى هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ مِنَ الْمَنْفَعَةِ، وَجَوَازُ انْتِفَاعِ الرَّاهِنِ غَيْرُ مَقْصُورِ عَلَيْهِمَا، فَإِذًا الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالرُّكُوبِ وَالْحَلْبِ مِنَ الْمَرْهُونِ بِالنَّفَقَةِ، وَأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ لَزِمَهُ النَّفَقَةُ، وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ بآية الرِّبَا، فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى انْتِفَاعِ الْمُرْتَهِنِ بِمَنَافِعِ الْمَرْهُونِ بِدَيْنِهِ، وَكُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا فَهُوَ رِبًا، وَالأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْبَاءَ فِي "بِنَفَقَتِهِ" لَيْسَتْ لِلْبَدَلِيَّةِ بَلْ لِلْمَعِيَّةِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ الظَّهْرَ يُرْكَبُ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ، فَلَا يَمْنَعُ الرَّهْنُ الرَّاهِنَ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِالْمَرْهُونِ، وَلَا يُسْقِطُ عَنْهُ الإِنْفَاقُ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ الآخَرِ. "مرقاة المفاتيح"(5/ 1948).