الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 - باب الدفع من عرفة والمزدلفة
*
الْفَصْلُ الأَوَّلُ:
2604 -
[1] عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سُئِلَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسِيرُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ حِينَ دَفَعَ؟ قَالَ: كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1666، م: 283].
ــ
5 -
باب الدفع من عرفة والمزدلفة
قد عرف معنى الدفع وعرفة والمزدلفة، وحاصله: الرجوع والانصراف من عرفة إلى المزدلفة، ومن المزدلفة إلى منى.
الفصل الأول
2604 -
[1](هشام بن عروة) قوله: (كان يسير العنق) انتصابه بالمصدر من قبيل رجع القهقرى، والعنق بفتحتين: السير السريع، وقيل: بين الإبطاء والإسراع فوق المشي، وقيل: هو الخطو الفسيح.
وقوله: (فإذا وجد فجوةً) بفتح الفاء وسكون الجبم، أي: فرجة وسعة (1)، في (الصراح) (2): فجوة: شكَاف ميان دوكوه، قوله تعالى في قصة أصحاب الكهف:{وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ} [الكهف: 17]، وفجوة الدنيا: ساحتها، أي: المكان الخالي عن المارة.
(نصَّ) أي: أسرع شديدًا أكثر من العنق، وأصله: الاستقصاء والبلوغ غاية الشيء، يقال: نص ناقته: استخرج أقصى ما عندها من السير، وفي حديث أبي بكر
(1) في نسخة (ع) و (ر): "واسعة"، وهو تحريف.
(2)
"الصراح"(ص: 580).
2605 -
[2] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ دَفَعَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَرَفَةَ، فَسَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَرَاءَهُ زَجْرًا شَدِيدًا، وَضَرْبًا لِلإِبِلِ، فَأَشَارَ بِسَوْطِهِ إِلَيْهِمْ، وَقَالَ:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَإِنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بِالإِيضَاعِ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. [خ: 1671].
2606 -
[3] وَعَنْهُ: أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ كَانَ رِدْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ عَرَفَةَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ، ثُمَّ أَرْدَفَ الْفَضْلَ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى، فَكِلَاهُمَا قَالَ: لَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1686، م: 1281].
2607 -
[4] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: جَمَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِجَمْعٍ، كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِإِقَامَةٍ، وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا، .
ــ
حين دخل عليه عمر رضي الله عنهما وهو ينصنص لسانه ويقول: (هذا أوردني الموارد)، وقال أبو عبيد: هو بالصاد لا غير، وبالضاد المعجمة كذلك، ولكن ليست في الحديث.
2605 -
[2](ابن عباس) قوله: (ليس بالإيضاع) أي: الإسراع في السير والدفع، وأَوْضَعَ الدابةَ: حملها على الإسراع والعدو، أي: ليس البر في الحج بذلك، بل إنما هو باجتناب الرفث والفسوق وسائر المحظورات والمكروهات.
2606 -
[3](عنه) قوله: (كان ردف النبي صلى الله عليه وسلم) الردف بكسر الراء وسكون الدال: الراكب خلف الراكب كالمرتدف والرديف.
2607 -
[4](ابن عمر) قوله: (كل واحدة منهما بإقامة) يعني: لم يؤذَّن إلا للمغرب.
وقوله: (ولم يسبح) أي: لم يصل النوافل بينهما.
وَلَا عَلَى إِثْرِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. [خ: 1673].
2608 -
[5] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى صَلَاةً إِلَّا لِمِيقَاتِهَا، إِلَّا صَلَاتَيْنِ: صَلَاةَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ، وَصَلَّى الْفَجْرَ يَوْمَئِذٍ قَبْلَ مِيقَاتِهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1282، م: 1289].
2609 -
[6] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَنَا مِمَّنْ قَدَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: 1678، م: 1293].
ــ
وقوله: (ولا على إثر كل واحدة منهما) أي: لم يصل بعد العشاء أيضًا، وإثر يضبط بكسر الهمزة وسكون المثلثة وبفتحتين بمعنى: بَعْدَ، وعلى عقبه، وأصله أثر الأقدام.
2608 -
[5](عبد اللَّه بن مسعود) قوله: (صلاة المغرب والعشاء بجمع) صلاهما في وقت العشاء، هذا الحصر من ابن مسعود متروك الظاهر؛ لأنه قد صلى الظهر والعصر بعرفات في وقت الظهر، كذا قال الكرماني، وقال الشيخ ابن الهمام (1): كأنه ترك جمع عرفة لشهرته.
وقوله: (قبل ميقاتها) بأن قدَّم على وقت ظهور طلوع الصبح للعامة، وقد ظهر لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم طلوعه، وقد جاء في (صحيح البخاري) عن ابن مسعود حديث مفسر لهذا الحديث، ومصرِّح بأنه صلى حين طلوع الفجر لا قبله، والغرض أن استحباب الصلاة في أول الوقت في هذا اليوم أشدّ وآكد.
2609 -
[6](ابن عباس) قوله: (في ضعفة أهله) المراد بالضعفة النساء والصبيان كما سيأتي من الأحاديث، وجاء في رواية النسائي عن الفضل بن عباس أنه
(1)"شرح فتح القدير"(2/ 48).
2610 -
[7] وعَنْهُ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ -وَكَانَ رَدِيفَ النَّبِيِّ (1) صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ فِي عَشِيَّةِ عَرَفَةَ وَغَدَاةِ جَمْعٍ لِلنَّاسِ حِينَ دَفَعُوا: "عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ"، وَهُوَ كَافٌّ نَاقَتَهُ حَتَّى دَخَلَ مُحَسِّرًا، وَهُوَ مِنْ مِنًى،
ــ
قال: أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ضعفة بني هاشم أن يخرجوا من جمع في الليل، وفي رواية أخرى عند أبي داود والنسائي عن ابن عباس: قدَّم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة أغيلمة بني عبد المطلب على حمر، وأمرهم أن لا يرموا حتى تطلع الشمس كما يأتي، وجاء في رواية أبي داود عن عائشة: أنه صلى الله عليه وسلم أرسل أم سلمة ليلة النحر، وفي رواية للبخاري ومسلم والنسائي: استأذنت سودة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن تخرج ليلة جمع، وكانت امرأة ثقيلة ثبطة، وفي رواية: ضخمة ثبطة، وفي رواية مسلم والنسائي عن أم حبيبة أنها قالت: أرسلني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليلة الجمع، فيحتمل أن يكون قد أرسلهن كلهن، ثم جاء في بعض الروايات أنه أمر بالرمي بعد الطلوع، وفي بعضها قبل الفجر، وفي بعضها مطلق ساكت عن ذلك، فذهب الشافعي وأحمد -رحمهما اللَّه- إلى أنه يجوز رمي جمرة العقبة بعد نصف الليل، وعند الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه لا يجوز إلا بعد طلوع الشمس آخذًا بحديث ابن عباس الآتي أن يرمي جمرة العقبة بعد طلوع الشمس، واللَّه أعلم.
2610 -
[7](الفضل بن عباس) قوله: (وهو كافٌّ ناقته) أي: كان يكفها من الإسراع.
وقوله: (وهو) أي: وادي محسر (من منى) وقيل: من مزدلفة، والتحقيق أنه كالبرزخ بين مزدلفة ومنى كما مر.
(1) في نسخه: "رسول اللَّه".
قَالَ: "عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ الَّذِي يُرْمَى بِهِ الْجَمْرَةَ". وَقَالَ: لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: 1282]
2611 -
[8] وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَفَاضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ جَمْع وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ، وَأَمَرَهُمْ بِالسَّكِينَةِ، وَأَوْضَعَ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَرْمُوا بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ. وَقَالَ:"لَعَلِّي لَا أَرَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا". لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الصَّحِيحَيْنِ. . . . .
ــ
وقوله: (عليكم بحصى الخذف الذي يرمى به) أي: يلزمكم أن ترفعوا حصاة لترموا بها الجمرة، ثم اختلفوا أنه يرفعها من الطريق وهو ظاهر الحديث، وجاء في بعض الروايات رفعها من المزدلفة، وهذا منقول من ابن عمر وسعيد بن جبير، والمختار أنه يجوز أن يرفع من أيِّ مكان شاء إلا الجمرات التي رَمَى بها، ويجوز بها أيضًا لكن الأفضل أن لا يرمي بها.
ثم اختلفوا في أن يرفع سبع حصيات لرمي يوم النحر فقط، ونص الشافعي رحمه الله استحباب ذلك، أو سبعين حصاة: سبعة ليوم النحر، وثلاثًا وستين لما بعده من الأيام، فظاهر إفراد الجمرة ينظر إلى القول الأول، واللَّه أعلم.
وقوله: (حتى رمى الجمرة) أي: جمرة العقبة يوم النحر، وعند ذلك قطع التلبية.
2611 -
[8](جابر) قوله: (وأوضع) أي: أسرع.
وقوله: (لم أجد هذا الحديث في الصحيحين) أي: في أحاديثهما حتى يشمل (جامع الأصول)، و (الجمع بين الصحيحين) للحميدي، فافهم.
وهذا اعتراض على صاحب (المصابيح) في إيراده في الصحاح.