الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(10) كتاب المناسك
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
10 -
كتاب المناسك
النَّسْكُ مثلثة وبضمتين: العبادة، وكلُّ حق للَّه عز وجل، نسك كنصر وكرم، وتنسَّك: صار عابدًا، والمناسك جمع منسك بفتح سين وكسرها، وهو المتعبَّد، ويقع على المصدر والزمان والمكان، ثم سميت به أمور الحج، والنَّسْك الذبح، والنسيكة الذبيحة.
والحج بفتح الحاء وكسرها لغتان، وقد قرئ بهما في قوله تعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97]، فقيل: بالفتح اسم، وبالكسر مصدر، وقيل بالعكس، وهو الأظهر.
واختلفوا في وقت ابتداء فرضيته فقيل: قبل الهجرة، وهذا قول في غاية الشذوذ لمخالفته لنقل الثقات، ولا تظنّنّ أنه لِمَا ثبت أنه صلى الله عليه وسلم حج قبل الهجرة أكثر من ثلاث أو أربع مرات، وإن لم يحفظ عدده معينًا، فلا بد أن يكون فرضًا؛ لأن قريشًا كانوا يحجّون في الجاهلية والإسلام، فيحتمل أن تكون حجته صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة من ذلك القبيل من غير فرضية، واللَّه أعلم.
والصحيح أن فرضية الحج في الإسلام إنما هو بعد الهجرة، والجمهور على أنه في السنة السادسة؛ لأنه في هذه السنة نزل قوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[البقرة: 196]، وهذا مبنيٌّ على أن المراد من الإتمام ابتداؤه، كما فسره البيضاوي (1) بقوله: أي: ائتوا بهما تامّين، ويؤيّده قراءة علقمة ومسروق وإبراهيم النخعي:(وأقيموا)، وقد روى الطبري هذه القراءة عنهم بأسانيد صحيحة، وقد وقع الأمر بالحج في قدوم ضمام بن ثعلبة، وقدومُه -على ما ذكره الواقدي- كان في السنة الخامسة، فلو ثبت هذا لدلَّ على أن فرضية الحج كان قبل السنة الخامسة أو في هذه السنة، كذا في (فتح الباري)(2)، وذكر في (جامع الأصول) (3) أنه قيل: كان قدومه في سنة سبع، وقيل: سنة تسع.
وقالت طائفة: إن نزول فرضية الحج كان في السنة التاسعة، واحتجوا بأن نزول صدر (سورة آل عمران) الذي وقع فيه:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} كان في السنة التاسعة وهي عام الوفود، فاشتغل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بتجهيز أسباب سفر الحج، ولم يتيسر له لاشتغاله بأمر الغزوات وتشييد أحكام الشرع وتعليم الوفود إياها، فأمّر أبا بكر الصديق على الحاج، وبعثه إلى مكة ليحج بالناس، وأجابوا عن الاستدلال بقوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} على فرضيته في السادسة بأنه لا يدل على ابتداء فرضية الحج والعمرة، بل على وجوب إتمامهما بعد الشروع فيهما، فيحتمل أن يكون الأمر بإتمام الحج بعد الشروع في السنة السادسة وبفرضيته في التاسعة، وقال في (فتح الباري): هذه الآية تقتضي تقدم فرضية الحج قبل مشروعيته، والأمر به مما لا معنى له، انتهى (4).
(1)"تفسير البيضاوي"(1/ 109).
(2)
"فتح الباري"(3/ 378).
(3)
"جامع الأصول"(12/ 532).
(4)
قال في "فيض الباري"(3/ 169): اختلف الناس في وجوب الحج، هل هو على الفور أو =